يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن استنكاره الشديد لتصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها العسكري على قطاع غزة، حيث شنّت أحزمة نارية عنيفة على محيط مستشفى غزة الأوروبي، وقصفت منازل على رؤوس قاطنيها، ما أدى إلى مقتل العشرات، في تصعيد خطير لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا، والتي تتّسع رقعتها بشكل ممنهج لتشمل استهداف العائلات والمستشفيات والمنشآت المدنية.
فجر اليوم الأربعاء الموافق 14 مايو 2025، وبعد أقل من ثلاث ساعات على إصدار سلطات الاحتلال أوامر إخلاء غير قانونية إلى سكان جباليا، ومعسكر جباليا، وأحياء تل الزعتر، الشيخ زايد، النور، السلام، والروضة شمال قطاع غزة، شنت طائرات الاحتلال غارات مكثفة ومتزامنة (أحزمة نارية) على العديد من المنازل في تلك المناطق، أسفرت عن مقتل 51 مواطنًا، بينهم 24 طفلًا و17 امرأة.
وفي التفاصيل:
عند حوالي الساعة 01:30 فجرًا، قصفت طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة النجار في مخيم جباليا، ما أدى إلى مقتل 19 مواطنًا، بينهم9 أطفال و9 نساء، إضافة إلى عدد من الجيران، فضلًا عن إصابات متعددة ووجود مفقودين تحت الأنقاض.
في التوقيت ذاته، قصفت الطائرات الحربية منزلًا لعائلة مقبل في حي الجرن بجباليا البلد، ما أسفر عن مقتل 17 مواطنًا، بينهم6 أطفال و5 نساء، إلى جانب عدد من الإصابات وعدد من المفقودين تحت الأنقاض.
كما قصفت طائرات الاحتلال شقتين سكنيتين لعائلتي خليل وأبو عودة في الطابق الخامس من مبنى سكني وسط شارع العجارمة بجباليا، ما أدى إلى مقتل 15 مواطنًا، بينهم 9 أطفال و3 نساء.
وفي سياق سياسة الاستهداف المنهجي للمستشفيات، شنت طائرات الاحتلال عند الساعة 6:15 مساء أمس الثلاثاء 13 مايو 2025، غارات بأحزمة نارية على الساحة المقابلة لقسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى غزة الأوروبي جنوب شرقي خانيونس، تبعتها غارات أخرى على محيط المستشفى. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل6 مواطنين على الأقل، وإصابة عشرات آخرين، بينهم4 صحفيين، في وقت لا تزال فيه طواقم الإنقاذ تبحث عن مفقودين تحت الأنقاض. كما لحقت أضرار واسعة بالمباني والمرافق الطبية داخل المستشفى.
وفي جريمة مزدوجة، قصفت طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة الأفغاني قرب الضابطة الجمركية شرقي خان يونس، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين. ولدى وصول طواقم الدفاع المدني لانتشال الجثامين، استهدفت طائرات الاحتلال المنزل مجددًا، ما أدى إلى إصابة اثنين من طواقم الإنقاذ.
كما قصفت طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة أبو أمونة في منطقة الفخاري جنوب خانيونس، ما أسفر عن مقتل 9 مواطنين، بينهم زوجان وأربعة من أطفالهما، وثلاثة أشقاء أطفال.
وفي تصعيد إضافي، استهدفت طائرة إسرائيلية صباح اليوم جرافة إنقاذ كانت تعمل على تسوية الحفر والبحث عن مفقودين قرب المستشفى، ما أدى إلى تدميرها وإصابة مواطنين، أحدهما صحفي. كذلك، قصفت الطائرات منزلًا غرب مستشفى غزة الأوروبي، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين.
وفي مؤتمر صحفي عقد اليوم، أعلن الدكتور عماد الحوت، مدير مستشفى غزة الأوروبي، عن توقف مفاجئ في أنظمة الكهرباء والأكسجين، ما هدد حياة المرضى داخل المستشفى، وتسبب بخروج أقسام العمليات عن الخدمة، وعدم قدرة الطواقم الطبية على إجراء عمليات جراحية للجرحى الذين تم تحويلهم لاحقًا إلى مستشفى ناصر. كما أشار إلى تصدعات وأضرار بليغة لحقت بمرافق المستشفى نتيجة القصف.
يشار إلى أن الهجوم على منطقة المستشفى جاء في الوقت الذي كان فيه 188 مريضًا ومرافقًا يتواجدون استعدادا لخروجهم تمهيدا لعلاجهم في الخارج في اليوم التالي بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة، وهو الأمر الذي تم بعد أن عاشوا ساعات صعبة للغاية.
ويأتي هذا الهجوم في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة لتعطيل وتدمير القطاع الصحي في غزة، إذ سبقه خلال اليوم ذاته استهداف مجمع ناصر الطبي، ما أدى إلى مقتل مواطنين، أحدهما الصحفي الجريح حسن عبد الفتاح إصليح، وإصابة 12 آخرين كانوا يتلقون العلاج. كما قصفت طائرات الاحتلال في 13 أبريل الماضي مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في مدينة غزة، الذي كان يعد آخر معقل طبي يخدم مليون فلسطيني في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية.
إن هذه الهجمات الممنهجة على المستشفيات والمراكز الصحية، بما في ذلك استهداف الطواقم الطبية وعرقلة عمل الدفاع المدني، تؤكد أن الهدف هو تدمير البنية الصحية بالكامل، وإخراج المستشفيات عن الخدمة، ما يُعد اغتيالًا متعمدًا لحق المدنيين في الحياة والعلاج، ويعكس إصرار الاحتلال على تنفيذ استراتيجية إبادة متكاملة ضد سكان قطاع غزة.
يرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هذه الجريمة تمثل دليلًا إضافيًا على أن صمت المجتمع الدولي وتواطؤه وفّرا لقوات الاحتلال بيئة آمنة للإفلات من العقاب، ما شجعها على المضي قدمًا في جرائمها المتكررة ضد المدنيين والمنشآت الطبية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
ويدعو المركز إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
[…] متابعات المركز، أدى الاستهداف المتكرر لمستشفى غزة الأوروبي على مدار اليومين الماضيين إلى إخراجه عن الخدمة، حيث […]