مع استمرار عجز المجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بوقف ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين/ات، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية عدوانها العسكري الواسع لليوم الـ 150 على التوالي في قطاع غزة، بما في ذلك سحق المدنيين والمدنيات تحت ركام منازلهم بعد قصفها دون إنذار مسبق، مع استمرار فرض القيود التي تنتج مجاعة قاسية خاصة شمال القطاع.
وتؤكد مؤسساتنا أن استمرار الاحتلال في ارتكاب هذه الجرائم المروعة هو نتيجة لسياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها إسرائيل في ظل الحصانة التي توفرها لها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية مع غياب آليات تنفيذية تلزمها بقواعد القانون الدولي الإنساني.
ووثق باحثونا في الأيام الماضية مزيداً من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منازل سكنية وخيمة دون إنذار مسبق في مدينة رفح، التي تواصل قوات الاحتلال تهديدها بشن هجوم عسكري واسع رغم إعلانها السابق كمنطقة آمنة، وهو ما أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والجرحى، وفيما يلي أبرز هذه الاعتداءات:
في حوالي الساعة 21:53 مساء الأحد 3 مارس/آذار الجاري، قصفت طائرات الاحتلال منزل محمد الغريب، وسط مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه. أسفر القصف عن استشهاد 6 من سكانه بينهم طفلة وامرأتان، ومنهم نازحون، وإصابة آخرين بجروح مختلفة، فيما تواصل فرق الإنقاذ البحث عن مفقودين/ات تحت الأنقاض.
وفي حوالي الساعة 19:24 من اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزل حامد ماضي في حي خربة العدس في مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه. أسفر القصف عن استشهاد 10 من سكانه، بينهم 3 أطفال و4 نساء منهم امرأة حامل، وإصابة آخرين بجروح مختلفة، وتواصل طواقم الدفاع المدني البحث عن مفقودين تحت الأنقاض.
وفي حوالي الساعة 23:05 مساء السبت 2 مارس/آذار 2024، قصفت طائرات الاحتلال منزل نعيم أبو عنزة في حي السلام جنوب رفح فوق رؤوس ساكنيه. أسفر القصف عن استشهاد 19 من سكانه، بينهم 5 نساء و8 أطفال منهم التوأمان وسام ونعيم، 6 أشهر، اللذان انتظر والداهما 11 عاماً لإنجابهما، واستشهدا مع والدهما وسام نعيم أبو عنزة، ومن بين الشهداء عدد من النازحين/ات. كما أصيب آخرون بجروح مختلفة. ولا يزال البحث مستمراً عن 3 مفقودين تحت الأنقاض.
وفي حوالي الساعة 13:41 مساء اليوم نفسه، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية صاروخين تجاه خيمة للنازحين/ات بجوار السور الشرقي لمستشفى الهلال الإماراتي للولادة في حي تل السلطان غرب مدينة رفح. أسفر القصف عن استشهاد 11 شخصًا، منهم 8 من النازحين بينهم طفل وممرض وسائق مركبة إسعاف خلال عمله في المستشفى القريب. كما أصيب آخرون بجروح مختلفة.
كما واصلت قوات الاحتلال شن غارات مماثلة على باقي أرجاء قطاع غزة، حيث ترد طواقمنا معلومات أولية عن قصف منازل وتجمعات، وفي أغلب الحالات تبقى جثامين الضحايا تحت الأنقاض أو في الشوارع، وبعضها ينتشل بعد أيام.
ورغم الإدانات الدولية الواسعة لإطلاق قوات الاحتلال النار تجاه الآلاف من المدنيين الذين كانوا بانتظار المساعدات على شارع الرشيد غرب مدينة غزة يوم 29 فبراير/شباط الماضي، وهو ما أدى إلى استشهاد 118 مدنيا وإصابة 760 آخرين وفق آخر تحديث لوزارة الصحة، واصلت قوات الاحتلال سياسة إطلاق النار هذه، واستهدفت حشداً من السكان كان بانتظار وصول المساعدات يوم أمس الأحد 3 مارس/آذار قرب دوار الكويت على طريق صلاح الدين، جنوب غزة، ما أدى إلى استشهاد مدني وإصابة 10 آخرين بجروح على الأقل.
يأتي ذلك في وقت تشتد فيه فصول المجاعة التي تضرب مدينة غزة وشمال غزة، نتيجة الحصار والقيود الإسرائيلية على وصول المساعدات بعد قرابة 5 أشهر من الحرب الدامية.
وأمس الأحد، أعلنت وزارة الصحة استشهاد 15 طفلا نتيجة سوء التغذية والجفاف في مستشفى كمال عدوان، معبرة عن خشيتها على حياة 6 أطفال آخرين يعانون من سوء التغذية والجفاف في العناية المركزة بالمستشفى؛ نتيجة توقف المولد الكهربائي والأكسجين وضعف الإمكانيات الطبية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، حتى صباح 4 مارس/آذار، عن استشهاد 30,534 فلسطيني/ة __من بينهم 13,340 طفلا و8,900 امرأة __ وإصابة 71,920 آخرين. 70 % من الضحايا من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة.
وفي ضوء ذلك، تُجدد مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، مطالبة المجتمع الدولي للعمل على إلزام إسرائيل بالوقف الفوري لعدوانها، وإلزامها بالتوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي تستهدف 2.3 مليون فلسطيني/ة في قطاع غزة، من خلال سياسة القتل الجماعي وإيقاع الأذى الجسدي والنفسي البليغ، والتدمير الشامل للمنازل والبنى التحتية ومقومات الحياة، والعقاب الجماعي المتمثل بالتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج ودفعهم إلى النزوح بعيداً عن أماكن سكناهم في ظروف تفتقر لأبسط حقوق الانسان ومن ثم استهدافهم في مكان نزوحهم وقتلهم.
ونطالب المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لإجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية الملزمة بمنع ارتكاب إبادة جماعية، ودفعها إلى اتخاذ تدابير عملية تحفظ أرواح المدنيين والمدنيات في قطاع غزة، والاقلاع عن استخدام سياسة العقاب الجماعي التي تجرمه جميع القوانين الدولية والإنسانية.
وندعو الأطراف السامية المتعاقدة على إجبار دولة إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالوفاء بكامل التزاماتها وفق المواد 55، 56 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويشمل ذلك وضع آليات مناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية بما يضمن حماية المدنيين/ات والحفاظ على كرامتهم، والضغط من أجل توفير المزيد من الممرات الإنسانية لتسهيل عمل المؤسسات الإنسانية الدولية في إيصال الكميات المطلوبة من الأغذية والأدوية للسكان في شمال قطاع غزة.
ونطالب المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة كافة إلى بذل المزيد من الجهد في توفير المساعدات الغذائية والدوائية، وكذلك المياه الصالحة للشرب في ظل تعطل أنظمة الخدمات الحكومية والبلدية مع استمرار العدوان الحربي على قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي.
نسخة تجريبية