رغم إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة منذ صباح يوم الأحد الموافق 19/1/2025، واصلت آلة الحرب الإسرائيلية حصد المزيد من أرواح الفلسطينيين، فيما بدأت تتكشف أكثر فأكثر معالم المأساة وأن ما تم توثيقه ونشره على مدى نحو خمسة عشر شهراً من جريمة الإبادة الجماعية هو غيظ من فيض.
ويتضح من جملة جرائم إطلاق النار التي وثقها باحثونا خلال الأيام الماضية، تعمد قوات الاحتلال إطلاق النار تجاه المواطنين وقتلهم، خلال تفقدهم منازلهم المدمرة قرب أماكن تمركز تلك القوات التي تتراوح بين 400 إلى 1000 متر على امتداد حدود قطاع غزة الجنوبية والشرقية والشمالية، دون وجود أي تهديد وخطر على حياة الجنود. أسفرت تلك الاعتداءات عن مقتل 43 مواطنًا منهم 7 أطفال وامرأتان ومسن، وإصابة آخرين بجروح.
في ما يلي أبرز الجرائم التي رصدها باحثونا منذ الأحد الماضي:
في يوم الأحد 19/1/2025،أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة لمسافات تتراوح ما بين 400 م إلى 1000م في عمق مدينة رفح، قبالة الحدود بين مصر وقطاع غزة جنوب مدينة رفح، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه المواطنين الذين عادوا بالآلاف الي المدينة في اليوم الأول لسريان وقف إطلاق النار من أجل تفقد منازلهم بعد النزوح عنها منذ شهر مايو 2024. أسفر إطلاق النار تجاههم عن مقتل 10 مواطنين، أحدهم طفل.
صباح اليوم نفسه، قتل 15 مواطنًا، منهم امرأتان وطفل، جراء إطلاق قوات الاحتلال قذائف وأعيرة نارية تجاه مواطنين وصلوا لتفقد منازلهم في بلدة خزاعة شرق خانيونس.
كما قصفت طائرات الاحتلال 3 مركبات، وسط خانيونس، ما أدى إلى مقتل 11 مواطنا، بينهم 3 أطفال، من ركاب المركبات والمارة في المكان، وأصيب آخرون بجروح، منهم مسعفة في الهلال الأحمر حيث كانت بسيارة إسعاف تصادف مرورها من المكان.
يذكر أنه خلال هذا اليوم، تضاربت الأنباء حول موعد تنفيذ إطلاق النار، إذا أعلنت وسائل الإعلام أن الموعد هو الساعة 08:30 صباحًا، ومنذ قبيل هذا الموعد بدأ المواطنون العودة إلى مناطق سكناهم، في حين أعلن الاحتلال بدء التزامه بوقف إطلاق النار منذ الساعة 11:15 صباحا. وغالبية حوادث القتل التي ارتكبها الاحتلال خلال هذا اليوم وقعت بين الموعدين.
في يوم الاثنين، 20/1/2025، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة في عمق مدينة رفح قبالة الحدود بين مصر وقطاع غزة جنوب مدينة رفح، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه السكان الذين عادوا بالآلاف الي المدينة في اليوم الثاني لسريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة. أسفر إطلاق النار عن مقتل مواطنين، أحدهما طفل أصيب قرب دوار النجمة في رفح على بعد حوالي 900 متر من تمركز قوات الاحتلال، والآخر قرب مبنى البلدية على بعد 500 متر من تمركز تلك القوات.
في يوم الثلاثاء 21/1/2025، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على الحدود المصرية الفلسطينية، مقابل حي تل السلطان جنوب غرب مدينة رفح، عند حوالي الساعة 02:00 مساء، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه السكان الذين عادوا لتفقد منازلهم، مما أسفر ذلك عن مقتل رجل مسن يبلغ من العمر 73 عاما.
في يوم الأربعاء 22/1/2025، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب مدينة رفح، عند حوالي الساعة 01:00 مساء، نيران أسلحتها الرشاشة من خلال رافعة ومن طائرات كواد كابتر حلقت في المكان تجاه ما تبقى من منازل السكان في مخيم الشابورة الواقع على بعد حوالي 1000م شمال الحدود المصرية. أسفر ذلك عن مقتل مواطن وإصابة 4 آخرين أثناء تنظيفهم منزلا من آثار الركام جراء تدمير بعض المنازل من حوله. وذكر شهود عيان أن المواطن قتل عندما صعد إلى المنزل لإسعاف المصابين الاربعة وعندما حاول نقل أحدهم أطلقت قوات الاحتلال النار تجاهه وأصابته بعيار ناري في رأسه. وصباح اليوم التالي أعلنت المصادر الطبية في مستشفى غزة الأوروبي عن وفاة أحد المصابين، متأثرا بإصابته بعيار ناري في الصدر.
في يوم الخميس 25/1/2025، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة خارج محور صلاح الدين على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب مدينة رفح، عند حوالي الساعة 11:00 صباحا، نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها تجاه ما تبقى من منازل السكان في حي تل السلطان جنوب غرب مدينة رفح. أسفر ذلك عن مقتل طفل يبلغ من العمر 10 أعوام، وشقيقه البالغ من العمر 20 عاما، واحتراق جثتيهما جراء قصف شقة لعائلتهما مستأجرة في عمارة تبعد حوالي 900 م عن الحدود المصرية الفلسطينية.
وخلال الأيام الخمسة الماضية، انتشلت طواقم الدفاع المدني جثامين 166 قتيلا فلسطينيا أغلبهم من رفح، وغالبيتهم كانوا عبارة عن جثامين متحللة، في حين تستمر أعمال البحث بإمكانيات بسيطة وبدائية عن آلاف المفقودين، غالبيتهم جثامين تحت الأنقاض، ما يتطلب إدخال معدات وطواقم متخصصة للمساعدة في انتشالها والتعرف عليها.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إذ يدين هذه الجرائم المستمرة، فإنه يؤكد ضرورة إلزام الاحتلال بوقف جرائمه بما فيها القتل دون أي مبرر، وتسهيل إدخال المعدات والطواقم المتخصصة لانتشال جثامين القتلى.
ويؤكد المركز أن أجواء الحصانة والإفلات من العقاب والدعم الغربي العسكري والسياسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، هي جميعها عناصر داعمة ومشجعة لإسرائيل على الاستمرار في اقتراف جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، مشددا على ضرورة تفعيل إجراءات المساءلة والمحاسبة للاحتلال على جرائمه المستمرة.