مايو 18, 2025
تصعيد إسرائيلي خطير في قطاع غزة: الاحتلال يوسّع عدوانه ويطلق مرحلة جديدة بهدف القضاء على ما تبقّى من مظاهر الحياة
مشاركة
تصعيد إسرائيلي خطير في قطاع غزة: الاحتلال يوسّع عدوانه ويطلق مرحلة جديدة بهدف القضاء على ما تبقّى من مظاهر الحياة

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات التصعيد العسكري الإسرائيلي المتصاعد ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والذي بلغ مرحلة جديدة من الفظاعة مع إعلان جيش الاحتلال شن هجمات واسعة تمهيدًا لتوسيع عدوانه، في إصرار على مواصلة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

ووفق متابعة طاقم المركز، فقد شهدت الأيام الثلاثة الماضية، تصعيدًا إضافيًا في حجم الكثافة النارية من قوات الاحتلال عبر شن الغارات والأحزمة النارية وقصف المنازل والخيام على رؤوس ساكنيها، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من  المدنيين، بمن فيهم أطفال ونساء.

وجاء التصعيد بالتزامن مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء يوم الجمعة 16 مايو عن شن هجمات واسعة ونقل قوات للاستيلاء على المزيد من المناطق داخل القطاع غزة ضمن ما أسماها “مراحل بداية حملة عربات جدعون”،1 بحجة تحقيق أهداف الحرب المتواصلة بوتيرة متصاعدة للشهر العشرين على التوالي.

إن هذا الإعلان يدلل من جديد على نوايا الاحتلال الواضحة بمواصلة تدمير البنية التحتية المدنية وسحق السكان المدنيين في قطاع غزة، في إطار حرب إبادة ممنهجة مكتملة الأركان، ترتكب على مرأى ومسمع من العالم.

ووفق المتابعة الميدانية لباحثينا، فقد بدأت قوات الاحتلال صباح يوم الأربعاء الموافق 15/5/2025، بتوسيع هجومها العسكري في محافظة شمال غزة، حيث توغلت بعدة مناطق سكنية عاد إليها السكان بعد وقف إطلاق النار الذي أنهته إسرائيل من جانب واحد في 18 مارس 2025.

وتركز الهجوم البري من قوات الاحتلال في مناطق السلاطين والعامودي والواحة بمدينة بيت لاهيا، كذلك قرية أم النصر، ومناطق واسعة من مدينة بيت حانون، والأطراف الشمالية لمنطقة بئر النعجة بجباليا، وذلك تحت غطاء مكثف من الطيران الحربي الذي شن غارات عنيفة جدا، وكذلك عبر الطائرات المسيرة التي تطلق النار بشكل كثيف في عدة مناطق. وهاجم الطيران الحربي لقوات الاحتلال الإسرائيلي عددًا كبيرًا من المنازل والخيام على رؤوس النازحين فيها، حيث أسفر ذلك عن مقتل 25 مواطنًا يوم الخميس 15/5/2025، وفي اليوم التالي قتل 71 مواطنًا. كما قتل 10 مواطنين يوم السبت 16/5/2025، فيما قتل 15 حتى صباح الأحد 18/5/2025، وغالبية هؤلاء الضحايا كانوا من النساء والأطفال، وهم ممن جرى وصولهم لمستشفيي العودة والإندونيسي، فيما لا يزال العشرات من القتلى تحت أنقاض منازلهم أو في الشوارع، لم تتمكن طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية من انتشالهم بسبب قلة الإمكانيات وخطورة الأماكن.

وصباح يوم السبت الموافق 17/5/2025، توقف المستشفى الإندونيسي الحكومي شمال غزة، عن العمل بعد محاصرته وإطلاق النار من طائرات الاحتلال المسيرة، واضطر الطاقم الطبي والإداري والمرضى لمغادرته باتجاه مستشفى كمال عدوان وهو غير مؤهل نتيجة الاستهدافات السابقة من قوات الاحتلال، حيث إن المباني جميعها تعرضت للحرق والتدمير.

وأدى توسع الهجوم، الى نزوح عشرات آلاف المواطنين من سكان محافظة شمال قطاع غزة، عبر وسائل نقل متعددة منها عبر شاحنات ومركبات وعربات تجرها حيوانات ومنهم من نزح سيرا على الأقدام، حيث كانوا ينزحون تحت نار القصف الإسرائيلي، وقتل عدد منهم في الطريق، وكانوا يهيمون على وجوههم في الشوارع بحثًا عن مأوى جديد بعد أن اضطروا مجددا للنزوح وهم جياع. كما تبقت العشرات من العائلات في أماكنها بسبب عدم توفر مقدرة مالية للنزوح، كذلك العامل النفسي للنزوح، حيث إن العائلات فقدت الأمل بالعثور على مأوى أو مكان آمن مع استباحة قوات الاحتلال كل شبر في قطاع غزة.

وقد توجهت العائلات النازحة لمدينة غزة، المكتظة أساساً بالنازحين، في ظل غياب أدنى مقومات البقاء، بما في ذلك عدم توفر الماء والغذاء وأماكن للإقامة، وباتت مئات العائلات تفترش الارض، أو اقامت خيامها وسط الشوارع العامة.

وبالتزامن مع تصعيد العدوان على شمال غزة، كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجماتها في سائر قطاع غزة، فمنذ يوم الخميس 15/5/2025، نفذت طائرات الاحتلال غارات مكثفة شرقي دبر البلح، في المحافظة الوسطى، وكذلك على بلدة القرارة، شمال شرقي خانيونس، ما أجبر غالبية السكان فيهما على النزوح قسرًا، فيما قصفت عددًا من المنازل على رؤوس سكانيها، وتعذر وصول طواقم الإسعاف إليها. وصباح السبت وسعت قوات الاحتلال هجومها البري شرقي دير البلح وسط قصف عنيف، وبات كل من يتحرك على طريق صلاح الدين من القرارة إلى شمال دير البلح عرضة للاستهداف من طائرات الاحتلال.

وفي تصعيد خطير، هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، منذ حوالي الساعة 11:20 مساء السبت 17/5/2025 حتى صباح اليوم التالي، عدة خيام للنازحين وشقة سكنية في منطقة المواصي، غربي خانيونس. أسفر ذلك عن مقتل 51 نازحا منهم 15 امرأة و20 طفلا، وأصيب العشرات بجراح مختلفة أحدهم الصحفي محمد الخطيب. والقتلى من عائلات حجازي، طباسي، الشاعر، أبو نجا، والأخرس، والزيناتي، فيما أصيب العشرات بجراح مختلفة.

وقصفت طائرات الاحتلال عند حوالي الساعة 12:00 من اليوم الأحد، مجموعة مواطنين في حي الغوافير في بلدة القرارة، شرقي خانيونس، خلال توجههم لإحضار مواد تموينية وطعام من منازلهم التي نزحوا منها، ما أدى إلى مقتل الشقيقين عاطف ووليد إبراهيم عبد الغفور، 35 و29 عامًا، وإصابة عمهما بجروح.

وقصفت طائرة مسيرة إسرائيلية عند حوالي الساعة 02:00 من يوم السبت 17/5/2025 خيمة داخل ساحة مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، ما أدى إلى مقتل المواطن خليل ابراهيم عبد الفتاح أبو شميس، 48 عاماً.

وهاجمت طائرات قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 15:00 من اليوم نفسه، منزلًا لعائلة أبو لبدة المأهول بالسكان في منطقة المحطة في دير البلح، ما أدى إلى مقتل 10 مواطنين، بينهم 7 أطفال أحدهم حديث الولادة، وامرأتان، وأصيب طفل بجروح بالغة الخطورة.

ويأتي هذا التصعيد في الهجوم والقتل الجماعي، مع مواصلة تدمير البنية الصحية بالكامل، وإخراج المستشفيات عن الخدمة، دليلا على إصرار الاحتلال على تنفيذ استراتيجية إبادة متكاملة ضد سكان قطاع غزة.

ويرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هذه الجرائم الفظيعة تمثل دليلًا إضافيًا على أن صمت المجتمع الدولي وتواطؤه وفّرا لقوات الاحتلال بيئة آمنة للإفلات من العقاب، ما شجعها على المضي قدمًا في جرائمها المتكررة ضد المدنيين والمنشآت الطبية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

ويدعو المركز إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.


  1. الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، افيخاي ادرعي، الصفحة الرسمية على منصة اكس، 16 مايو 2025. الرابط:
    https://x.com/AvichayAdraee/status/1923481371558785191 ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *