المرجع: 92/2012
التاريخ: 29 أغسطس 2012
التوقيت: 11:30 بتوقيت جرينتش

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، ويعرب عن قلقه العميق جراء تصاعدها، والتي أسفرت عن اعتقال صيادين اثنين، وألحقت أضراراً بالغة في قارب صيد تعود ملكيته لصياد من قطاع غزة، في حادثتين منفصلتين وقعتا فجر وصباح يوم أمس في مياه شمال قطاع غزة.

ووفقاً لتحقيقات المركز، ففي حوالي الساعة 6:45 من صباح يوم أمس الثلاثاء، الموافق 28/8/2012، قامت قوات البحرية الإسرائيلية المتواجدة قبالة شاطئ بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، باعتقال صيادين اثنين، أثناء مزاولتهما لمهنة الصيد، وذلك على بعد نحو 300 م من الشاطئ، قبالة منتجع الواحة السياحي. وقد قامت تلك القوات بإطلاق النار الكثيف باتجاه قارب صيد(حسكة مجداف)، تعود ملكيته للصياد كامل ديب الأنقح، 60 عاماً، والذي كان يبحر برفقة نجله الفتى محمود، 16عاماً، وكلاهما من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وأفاد كامل الأنقح باحث المركز بما يلي:

” نزلت بقاربي برفقة ابني محمود، 16 عاماً، إلى مياه البحر للصيد، وذلك عند الساعة الخامسة فجر يوم أمس الثلاثاء. ومكثنا في البحر حتى الساعة السادسة والربع صباحاً، حيث جمعنا شباك الصيد، وغادرنا باتجاه الشاطئ، مقابل منتج الواحة السياحي. وفي حوالي الساعة السادسة والنصف فوجئت وابني، وكنا على بعد نحو 300 متراً من الوصول إلى الشاطئ، بزورقين مطاطيين إسرائيليين قادمين بسرعة حولنا، واستدارا حول قاربي. شاهدت خمسة جنود في كل قارب، وبدأ عدد منهم يطلق نيران أسلحتهم فوق رؤوسنا وبشكل مكثف. صرخ أحد الجنود وطلب مني التوقف، بينما استمر إطلاق النيران، وأصبت بالرعب والخوف الشديدين أنا وابني، واضطررت إلى التوقف. تقدم زورق وصار على مسافة عدة أمتار، وأمرنا جندي بخلع ملابسنا والسباحة نحو زورقه، فيما كان الزورق المطاطي الآخر يدور خلفنا. خلعت وابني ملابسنا وسبحنا حتى الزورق، حيث قام الجنود بربط أيدينا. وقام جندي آخر بعصب أعيننا، وشاهدت جندياً ينزل من الزورق الآخر إلى قاربي، ويقطره بحبل ثم سار الزورق الذي وضعنا فيه لمدة تزيد عن ساعتين. بعد ذلك نقلنا إلى مقر أمنى قرب شاطئ البحر، وقابلنا ضابط وحقق معنا حتى الساعة العاشرة والنصف تقريباً. واقتادنا الجنود بعد أن ألبسونا ملابس بجيب إلى مكان مجهول، وفي حوالي الساعة 12 ظهراً وصلنا إلى مكان عرفت أنه معبر إيريز، حيث احتجزنا الجنود في غرفة حتى الساعة الثانية بعد الظهر. وجرى التحقيق معنا عن أسمائنا الشخصية وعملنا في الصيد. وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر جرى إخلاء سبيلنا، ورفض الجنود إعادة القارب ومعدات الصيد لي. وكان ابني محمود في وضع نفسي سيء، حيث كان يعاني اضطراباً وخوفاً شديداً بسبب ما تعرضنا له.”

وفي حادث منفصل، وقع في تمام الساعة 10:50 من صباح اليوم الثلاثاء الموافق 28/8/2012، قام قاربين من قوات البحرية الإسرائيلية المتواجدة قبالة شاطئ منطقة السودانية ببلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، بمحاصرة 6 قوارب صيد فلسطينية، كانت تبحر على بعد 400 متراً فقط من الشاطئ. وقد أفادت الناشطة الإيطالية روسا سكيانيو، والتي كانت تتواجد على شاطئ البحر مقابل منطقة الحادثة، أنها شاهدت زورقين حربيين، تابعين لقوات البحرية الإسرائيلية المحتلة، تصلان على بعد عدة أمتار فقط من ستة قوارب فلسطينية، كان على متنها نحو 25 صياداً. وأضافت الناشطة الإيطالية أنها شاهدت أحد القوارب الإسرائيلية وهي تقوم بإطلاق النار تجاه أحد القوارب الستة ، وهي على مسافة لا تتجاوز 400 متر من الشاطئ. وأضافت سكيانو أن قوات البحرية الإسرائيلية طاردت الصيادين لمدة ربع ساعة تقريباً، ما اضطر الصيادين إلى الهرب والخروج من البحر.

وأفاد محمد محمود حجازي اللوح، 21 عاماً، والذي كان يقود أحد القوارب الستة، والذي تعود ملكيته للصياد كامل توفيق بكر، 52 عاماً، أنه فوجئ بزورقين إسرائيليين على متنهما عدد من الجنود، ويقتربان لمسافة أمتار من القارب الذي كان على متنه برفقة ثلاثة صيادين آخرين. وقال اللوح أن أحد الجنود طلب منه التوقف فرفض الانصياع وسط إطلاق نيران من احد القوارب الإسرائيلية تجاه مقدمة القارب، وحصار القارب الإسرائيلي الآخر لمدة ربع ساعة تقريباً. وأضاف اللوح أنه استدار بقاربه للهرب، رغم تعرض القارب لإطلاق النار المباشر، ونجا الصيادون الذين كانوا على متنه من النيران بأعجوبة، ولاذوا بالفرار إلى خارج مياه البحر. وأضاف اللوح أنه تمكن من الإفلات من الزوارق الحربية الإسرائيلية، رغم أنهم كانوا على بعد 400 متراً فقط من الشاطئ. وأضاف اللوح أن القارب أصيب بخمسة أعيرة نارية في أنحاء مختلفة من جسم القارب، فيما تمكنت القوارب الخمسة الأخرى من الهرب من المنطقة هي الأخرى.

يذكر أن القوات الإسرائيلية المحتلة شددت قيودها على عمل الصيادين في بحر غزة، بما في ذلك حرمانهم من حقهم في ركوب البحر وممارسة مهنة الصيد منذ العام 2000. وقد قامت تلك القوات بتقليص المسافة المسموح لصيادي القطاع الصيد فيها في بحر غزة من 20 ميلاً بحرياً، وهي المسافة المتفق عليها في الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى 6 أميال بحرية طيلة العام 2008. وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منع الصيادين الفلسطينيين من تجاوز مسافة 3 أميال بحرية داخل بحر قطاع غزة منذ العام 2009، وفي بعض الأحيان قامت تلك القوات بمطاردة الصيادين في مسافة ألـ 3 أميال، وفرضت واقعاً يحرمهم من الوصول إلى الأماكن التي تتكاثر فيها الأسماك بعد تلك المسافة، ما أدى إلى فقدانهم لـ 85% من دخلهم بسبب حصرهم في تلك المسافة.

لقد حرمت الانتهاكات التي وقعت يوم أمس أكثر من ثلاثين صياداً وأصحاب قوارب من ممارسة حقهم في العمل، وفقدت أكثر من خمسين أسرة مصدر دخلها، بمن فيهم الصيادين الذين أجبروا على الفرار، أصحاب القوارب وتجار الأسماك. ولا يتوقع أن تعيد السلطات الحربية المحتلة القارب ومعدات الصيد التي صادرتهما للصياد المفرج عنه في الوقت القريب على الأقل، ما يعني فقدان مصدر رزقه وأفراد أسرته، البالغة 15 فرداً.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يدين تكرار الانتهاكات الجسيمة لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ضد الصيادين الفلسطينيين، ويرى أنها تأتي في إطار تصعيد العقوبات الجماعية ضد السكان المدنيين، وأنها تندرج في سياق محاربة السكان المدنيين في وسائل عيشهم، والمحظورة بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويدعو المركز سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي إلى:
(1) الوقف الفوري لسياسة ملاحقة واعتقال الصيادين الفلسطينيين، والسماح لهم بركوب البحر وممارسة عملهم بحرية، وإعادة القارب وأدوات الصيد التي تم احتجازها.
(2) يطالب بتعويض الصيادين ضحايا تلك الانتهاكات عن الأضرار الجسدية والمادية التي لحقت بهم.
(3) إعادة القوارب الفلسطينية المصادرة إلى أصحابها في قطاع غزة بشكل فوري، وتعويضهم عن الأضرار المادية والمعنوية التي خلفتها تلك السياسة.

لمزيد من المعلومات الاتصال على المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة: تليفون: 2825893 – 2824776 8 972 +
ساعات العمل ما بين 08:00 – 15:00 (ما بين 06:00 – 13:00 بتوقيت جرينتش) من يوم الأحد ـ الخميس