المرجع: 54/2023
التاريخ: 13 مايو 2023
التوقيت: 08:30 بتوقيت جرينتش
لليوم الخامس على التوالي وقطاع غــزة تحت القصف في إطار عمليــة عسكريــة شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في 9 مايو 2023، وشنت العديد من الغارات التي أسفرت عن مقتل وإصابة العديد من المدنيين الأبرياء واستهداف وتدمير العديد من الأعيان المدنية، بما في ذلك منازل وشقق مدنية.
وفقًا لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حتى تاريخ إعداد هذا البيان، قُتل أكثر من 31 مواطناً، بينهم 15 مدنياً، منهم 6 أطفال و4 نساء، وأصيب أكثر من 100 مواطناً، بالإضافة إلى تدمير 30 مبنى مدني بشكل كامل وإلحاق أضراراً جزئية ب 100 مبنى آخر.
وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض عقاب جماعي على 2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة عندما أغلقت معبري بيت حانون” إيريز” وكرم أبو سالم، المعبرين الرئيسيين في القطاع، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية.
يراقب المركز بقلقٍ بالغ صمت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حول الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في سياق احتلالها غير القانوني في فلسطين. حتى الآن ومنذ توليه منصبه في المحكمة، لم يصدر المدعي العام أي بيان بشأن الوضع في فلسطين.
يدعو المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، السيد كريم خان، لإصدار بيان علني يدين فيه جرائم الاحتلال في محاولة للمساهمة في وقف العدوان المستمر، الذي أسفر عن استمرار وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واضحة، وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية.
وفي الوقت الذي يعلم المركز فيه موقف السيد كريم خان المعارض للتصريحات العلنية المتعلقة في الوضع في فلسطين كما صرَح علناً خلال اجتماع مؤتمر الدول الأطراف مع المنظمات غير الحكومية في ديسمبر2022، يدعو المركز السيد كريم خان إلى التراجع عن هذه السياسة وإعطاء الأولوية للوضع في فلسطين نظراً لمدى وخطورة الجرائم التي ارتكبت ومازالت ترتكب وأن يصدر بياناً علنياً بشكل فوري.
وفي حين أن البيانات العلنية قد لا تحقق بالضرورة الهدف المنشود، إلا أنها أثبتت نجاعتها من قبل، واستطاعت ردع الممارسات الإسرائيلية التي تساهم في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. على سبيل المثال، عندما أصدرت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بيانًا تحذيريًا بشأن مخطط الإخلاء القسري لتجمع ” الخان الأحمر” البدوي في الضفة الغربية، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك أن إسرائيل لم تخل سكان الخان الأحمر خشية من تحقيق المحكمة الجنائية الدولية. وهذا يوضح بشكل لا لبس فيه أن مثل هذه البيانات التحذيرية بمثابة رادعًا كافيًا.
إن غياب المساءلة، بما في ذلك عدم إصدار بيانات وتصريحات تحذيرية عن الجرائم المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، يعني إعطاء الحصانة لمن يرتكب جرائم الحرب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني. إن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ينذر بسقوط المزيد من القتلى والجرحى المدنيين واستهداف المزيد من الأعيان المدنية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
إن هذه ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واضحة في إطار عملياته العسكرية على قطاع غزة، فقد أثبتت العمليات السابقة، بما فيها عملية الرصاص المصبوب (2008-2009)، عملية الجرف الصامد (2014)، وعملية حارس الأسوار (2021)، أن قوات الاحتلال تتبع نمطًا منهجيًا في استهداف المدنيين والأعيان المدنية. وبما أن المدعي العام على دراية كاملة بالجرائم التي ارتكبت في إطار العملية العسكرية الجارية بالنظر للأدلة المقدمة حول العمليات السابقة، كان يجب عليه إصدار بيان استباقي يحذر فيه من ارتكاب انتهاكات قد ترتقي لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منذ إعلان السلطات الإسرائيلية بدأ هذه العملية.
كما يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في تحقيقه الجاري في الوضع في فلسطين. مضى أكثر من عامين منذ فتح المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، السيدة فاتو بنسودا، تحقيقًا في فلسطين وثماني سنوات منذ فتح التحقيق الأولي. ولم يتخذ السيد كريم خان أي خطوة في هذا التحقيق بخلاف إعلانه عن نيته زيارة فلسطين خلال عام 2023. فلم يتلق المركز، بصفته ممثلاً للضحايا، أي خطاب من مكتب المدعي العام بشأن التحقيق في فلسطين منذ تولي الأخير منصبه. ويثير التأخير في اتخاذ خطوات عملية الكثير من الشكوك انطلاقاً من كون الوضع في فلسطين واحد من أكثر النزاعات الموثقة قانونيًا في العالم.
وفي نفس الوقت، يراقب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تعامل السيد كريم خان في أوضاع أخرى، خاصة الوضع في أوكرانيا، ففي أقل من عام فتح السيد كريم خان تحقيقًا وأصدر أوامر اعتقال بحق الجناة الروس المشتبه بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا. كما تفاعل بشكل كبير مع الإعلام من خلال إجرائه العديد من المقابلات الإعلامية وإصداره تصريحات علنية على موقع المحكمة الجنائية الدولية والحساب الخاص به على تويتر فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا.
ويرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هذا الأمر مهم ليس فقط للمحكمة، ولكن لنظام العدالة الجنائية الدولية برمته. وفي الوقت نفسه، من المهم أن يتم تطبيق نفس المستوى من الاهتمام والنشاط والموارد على الأوضاع الأخرى التي تخضع للتحقيق بما في ذلك فلسطين، لتجنب تصورات الانتقائية والتسييس. فلا ينبغي أن يتنافس الضحايا على العدالة، ولا ينبغي أن يكون للمعايير المزدوجة مكانًا في العدالة.