تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري الواسع على قطاع غزة، عبر الجو والبر والبحر، بما في ذلك قصف المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها دون إنذار مسبق وقتل وإصابة من فيها، وتدمير مقومات الحياة، في إمعان على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
واستمرت قوات الاحتلال في إصدار أوامر التهجير القسري، ومحاولة إخلاء مدينة غزة من سكانها، في وقت تواصل فيه هجومها البري غربي المدينة وتنفذ خلاله انتهاكات خطيرة، حيث وردت باحثينا معلومات أولية عن حالات قتل وتدمير في المنطقة.
وضمن سياق أوسع من الجرائم، تمكن باحثونا من توثيق عدد من الجرائم والانتهاكات الخطيرة خلال المدة من 8 – 10 يوليو/تموز الجاري، على النحو الآتي:
الأربعاء، 10 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 10:30 صباحا، ألقت طائرات الاحتلال منشورات تحدد فيها ممرات ادعت أنها آمنة ودون تفتيش تطلب من جميع سكان مدينة غزة التوجه عبرها إلى دير البلح والزوايدة وسط قطاع غزة، عبر شارعي صلاح الدين والرشيد، ما يعكس إصرار الاحتلال على إخلاء المدينة والمضي في مخطط التهجير القسري الذي طال حتى الآن غالبية سكان قطاع غزة.
وخلال هذا اليوم، وإثر انسحاب قوات الاحتلال من حي الشجاعية بعد توغل استمر 14 يومًا، انتشلت طواقم الدفاع المدني والسكان ما يقارب 30 شهيدًا، فيما تبين أن قوات الاحتلال نفذت أعمال تدمير واسعة للمنازل والبنى التحتية استكملت فيما ما سبق أن دمرته جراء القصف الجوي أو الهجمات البرية السابقة.
الثلاثاء 9 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 12:30 بعد منتصف الليل، قصفت طائرات الاحتلال بصاروخ منزلا من طابقين لعائلة بارود في شارع النخيل في دير البلح بالمحافظة الوسطى، دون إنذار مسبق، مما أدى إلى تدمير شقة سكنية بشكل كامل واستشهاد أم وطفلها.
وفي حوالي الساعة 6:00 صباحًا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا من 4 طوابق لعائلة أبو فريح، في المخيم الجديد في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، دون إنذار مسبق، ما أدى إلى تدمير المنزل على رؤوس ساكنيه. أسفر القصف عن استشهاد 17 من السكان، بينهم 11 طفلا و3 نساء ومسن. كما فُقد آخرون تحت الأنقاض.
وفي حوالي الساعة 9:00 صباحًا، قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية مجموعة من السكان قرب مسجد الصالحين في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاد 4 منهم.
وصباح اليوم نفسه، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني خروج جميع النقاط الطبية والعيادات الطارئة التابعة للجمعية في محافظة غزة عن الخدمة، وذلك بسبب إجراءات الاحتلال بالإخلاء القسري على مناطق مختلفة في المحافظة، والتي تتواجد بها النقاط الطبية والعيادات.
وفي حوالي الساعة 6:50 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال بوابة مدرسة المتنبي الجديدة (العودة)، التي تأوي مئات النازحين في عبسان الكبيرة، شرق مدينة خان يونس. وجاء القصف بالتزامن مع مشاركة عدد من النازحين في مباراة كرة قدم داخل ساحة المدرسة، ووجود تجمع للنازحين وبائعي البسطات على بوابة المدرسة. أسفر القصف عن استشهاد 23 فلسطينيا منهم 9 أطفال، و4 نساء، وإصابة 58 آخرين دخل منهم 14 في أقسام مستشفى مجمع ناصر الطبي لتلقى العلاج، وحُول آخرون إلى مستشفى الهلال الأحمر الكويتي الميداني بجوار الهلال الأحمر الفلسطيني بحي الأمل في خان يونس.
وأفاد أحد المصابين لباحثينا:
“كنت مع عدد من أقاربي أمام بوابة مدرسة المتنبي التي تؤوي نازحين، وكانت المنطقة مزدحمة بالبسطات والنازحين، كنا نجلس بالقرب من بوابة المدرسة لوجود شبكة انترنت، حيث كنا نتصفح صفحات التواصل الاجتماعي، وفجأة سمعت صوت انفجار شديد هز المنطقة، فأصبت في قدمي اليمنى وأصيب خالي بشظايا في فخذيه، وهو الآن في غرفة العمليات، واستشهد ابن خال أمي، وشاهدت عددًا آخر من المصابين ملقيين على الأرض، وجاء عدد من الشباب ونقلوني على تكتوك من مكان الاستهداف، وفي الطريق قابلتنا سيارة إسعاف أخذتني من الشبان ونقلتني إلى مستشفى مجمع ناصر الطبي، وبعدها حُولت إلى مستشفى الهلال الاحمر الكويتي الميداني في خانيونس“.
وخلال هذا اليوم أيضاً، قصفت طائرات الاحتلال شقة سكنية لعائلة كشكو قرب مفترق الصناعة جنوب مدينة غزة، ما أدى استشهاد اثنين من سكانها وإصابة 5 آخرين بجروح.
كما قصفت طائرات الاحتلال الطوابق الأخيرة من مجمع فلوريا التجاري غرب مدينة غزة، والطوابق العلوية لعمارة حسنية في شارع عمر المختار بجوار في حي الرمال غرب غزة.
الاثنين 8 يوليو/تموز 2024
أصدرت قوات الاحتلال صباح يوم الإثنين أوامر تهجير جديدة للسكان والنازحين في مناطق الصبرة، الرمال، تل الهوا والدرج في مدينة غزة، وطالبتهم بالتوجه إلى دير البلح وسط القطاع. ويشمل الأمر 14 مربعًا سكنيا، بما فيها مناطق كان السكان قد فرّوا إليها في اليوم السابق، حيث كان الاحتلال قد أصدر أوامر تهجير استهدفت خمس مربعات شرق مدينة غزة طالبتهم بالتوجه إلى غرب المدينة. وتضم المناطق المستهدفة بالتهجير 13 منشأة صحية كانت تزاول عملها حتى وقت قريب، بما فيها مستشفيان، ومركزان للرعاية الصحية الأولية وتسع نقاط طبية. وفضلًا عن ذلك، تقع أربعة مستشفيات على مقربة من المناطق التي طالها الإخلاء. ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شئون اللاجئين (أوتشا) حتى يوم 8 تموز/يوليو، أُخلي اثنان من هذه المستشفيات، وهما المستشفى الأهلي المعمداني ومستشفى جمعية أصدقاء المريض، خوفًا من تصاعد الهجوم العسكري الذي قد يحول دون إمكانية الوصول إليهما أو يفضي إلى توقفهما عن العمل. ونُقل المرضى ذوي الحالات الخطيرة إلى المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان في محافظة شمال غزة.
في حوالي الساعة 2:00 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة الحشاش في حي الحشاش شمال غرب مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاد الصحفي سلامة جمعة مسلم الحشاش، 27 عاما.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار الهجوم البري على رفح وتنفيذ أعمال تدمير واسعة النطاق للمنازل فيها منذ 7 مايو/أيار الماضي، إلى جانب تواصل معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات جراء النزوح المتكرر وانعدام مقومات الحياة والتوقف شبه التام لإدخال المساعدات وانهيار النظام الصحي. وتشتد وتيرة المجاعة في شمال قطاع غزة، حيث يعاني عشرات الآلاف من السكان والنازحين من الجوع نتيجة عدم توزيع أي مساعدات وعدم توفر أي بضائع وكذلك عدم وجود مياه صحية.
تجدد مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، تأكيدها أن استمرار إسرائيل في عدوانها وتجاهلها المطالبات بوقف الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب ونتيجة الحصانة التي توفرها بعض دول العالم الغربي المتواطئة في الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر إلى جانب الدعم السياسي.
وندعو المجتمع الدولي إلى التحرك الجاد لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وندعو المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في تحقيقاتها وإصدار مذكرات اعتقال بحق الضالعين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأخطر جريمة الإبادة الجماعية. كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
نسخة تجريبية