يوليو 30, 2025
مقتل مدافع عن حقوق الإنسان بجريمة إطلاق نار ارتكبها مستوطن في الخليل والقضاء الإسرائيلي يتواطأ بالإفراج عنه
مشاركة
مقتل مدافع عن حقوق الإنسان بجريمة إطلاق نار ارتكبها مستوطن في الخليل والقضاء الإسرائيلي يتواطأ بالإفراج عنه

يُدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات إقدام مستوطن مسلح على قتل مدافع عن حقوق الإنسان، بإطلاق نار مباشر غير مبرر، خلال توثيقه أول أمس اعتداءات المستوطنين في الخليل جنوب الضفة الغربية. رافق الجريمة سلسلة من الانتهاكات الجسيمة من قوات الاحتلال والمستوطنين تمثّلت في الاعتداء على السكان المدنيين، واعتقال عدد منهم، ومصادرة ممتلكات خاصة، ومنع الطواقم الصحفية والحقوقية من الوصول للموقع، وفرض إغلاق عسكري على المنطقة.

تأتي هذه الجرائم في سياق المحاولات المتواصلة من المستوطنين، تحت حماية قوات الاحتلال، لإجبار السكان الفلسطينيين على الرحيل عن أراضيهم في جنوب محافظة الخليل، حيث تشهد المنطقة إجراءات مكثفة من سلطات الاحتلال تهدف إلى ترحيل سكان مسافر يطا، ومنطقة أم الخير، والتجمعات البدوية في مسافرها الشرقية (البادية)، من خلال انتشار البؤر الاستيطانية واعتداءات المستوطنين المستمرة.

تفاصيل الجريمة والانتهاكات المرافقة:

وفقاً لإفادات شهود عيان والمعلومات التي جمعها طاقم المركز، عند حوالي الساعة 17:00 من يوم الاثنين الموافق 28/7/2025، اقتحم مستوطنون مسلحون، برفقة حفّار جنزير، قطعة أرض في مدخل خربة أم الخير، شرقي مدينة يطا، جنوب محافظة الخليل، استولوا عليها سابقاً بزعم أنها “أراضي دولة”، تقع قرب منزل المواطن سالم الهذالين، ومبنى المجلس القروي، ومركز الأطفال المجتمعي. وكان المستوطنون قد شرعوا منذ فبراير الماضي بأعمال تجريف وزراعة في الأرض، ونصبوا فيها مبنى متنقل وكاميرات مراقبة. وصل المستوطنون برفقة الحفار من مستوطنة “كرمئيل”، المقامة على أراضي المواطنين، ومرّ عبر الطريق الداخلي بين المساكن، ثم بدأ بأعمال الحفر في الأرض المستولى عليها. وعند اعتراض السكان خشية تدمير خطوط المياه والكهرباء المغذية للتجمع، دار نقاش مع أحد المستوطنين ويدعى “ينون ليفي”، وهو من قادة المستوطنين في جنوب الضفة الغربية، سبق أن فُرضت عليه عقوبات من الإدارة الأميركية لتورطه في هجمات استيطانية.1 في ساعات المساء، غادر الحفار الموقع عبر طريق فرعي يخترق أراضٍ خاصة تابعة لعائلة الهذالين، ومحاطة بسياج معدني ومزروعة بالأشجار. وخلال محاولات المواطن أحمد الهذالين (29 عاماً) اعتراض مساره، تعرّض للضرب بذراع الحفار وسقط مغشيًا عليه. لاحقًا، وأثناء التجمهر، أقدم المستوطن “ليفي” على إشهار مسدسه وإطلاق النار باتجاه المواطنين، دون أي مبرر ورغم عدم وجود أي خطر أو تهديد جدي على حياته أو حياة باقي المستوطنين، ما أدى إلى إصابة المواطن عودة محمد خليل الهذالين (31 عاماً) وهو مدافع عن حقوق الإنسان، بعيار ناري في صدره، أثناء توثيقه للجريمة بهاتفه المحمول، من خلف سياج يبعد عن المستوطن قرابة 42 مترًا عن المكان، قبل أن يعلن عن وفاته بعد نحو 3 ساعات.

وأظهر مقطع فيديو المستوطن وهو يطلق النار دون أي مبرر تجاه المواطنين الذين كان أحدهم يعمل أساسا على إرجاعهم للخلف لتجنب الاحتكاك المباشر مع المستوطن.

وفي روايته لما حدث أفاد علاء الهذالين لباحث المركز بما يلي:

“عندما وصل المستوطن “ينون ليفي” إلى المكان. كان السكان يصرخون عليه، فأشهر مسدساً من جانبه. كنت أحاول تصوير المستوطن الذي أشهر سلاحه، لكنه هاجمني وأسقط الهاتف من يدي. وفجأة، أطلق رصاصة واحدة، أعقبها عياران ناريان آخران، بينما كنا نحاول إبعاد الأهالي من الطريق، وكان الحفار قد دخل إلى المستوطنة. في تلك اللحظة، سمعت صراخاً يقول: “عودة! عودة!”، وعندما التفتُّ، كان الأهالي يركضون باتجاه حديقة مركز أم الخير المجتمعي، ولحقت بهم. كان عودة ملقى في ساحة الحديقة، ينزف بغزارة من صدره وفمه. وتبيّن لاحقاً أن إحدى الرصاصات التي أطلقها المستوطن أصابت عودة أثناء تصويره ما كان يجري، من مسافة تُقدّر بنحو 40 متراً، من خلف سياج معدني مثبّت كجدار حول الحديقة. حاول عدد من النشطاء الأجانب تقديم الإسعاف الأولي له لمدة دقيقة ونصف، ثم قمنا بحمله والسير به مسافة 120 متراً حتى وصلنا إلى مدخل مستوطنة كرمئيل، حيث اعترضنا المستوطن نفسه، ومنعنا من الدخول، وكنا نطالب بوصول سيارة إسعاف. وبعد نحو 4 دقائق، وصل طاقم إسعاف إسرائيلي إلى البوابة وتم نقل عودة إليهم، بينما حاولت والدته، الحاجة خضرة، الصعود مع ابنها في سيارة الإسعاف، وهي تبكي وتصرخ، لكن المستوطن “ينون ليفي” هاجمها وضربها على رأسها، ما أدى إلى سقوطها أرضاً. في تلك اللحظة، وصلت دورية للجيش إلى المكان، وقام الجنود بمهاجمة السكان وإطلاق النار في الهواء، وقنابل الصوت والغاز بكثافة، ما أجبرنا على التراجع، وتم احتجازنا في خيمة داخل الخربة. ولم تمضِ فترة طويلة حتى وصلت قوة أخرى من الجيش برفقة المستوطن “ينون ليفي”، وبدأ بتفقد الشبان والإشارة إليهم، حيث جرى اعتقال خمسة شبان ونقلهم إلى جهة غير معلومة، فيما تراجعت القوة وتمركزت عند مدخل المستوطنة. وفي حوالي الساعة 8:00 مساءً، أُبلغنا من الارتباط الفلسطيني أن سلطات الاحتلال أبلغتهم أن عودة قد فارق الحياة في مستشفى “سوروكا” بمدينة بئر السبع داخل إسرائيل”.

يذكر أن الضحية عودة الهذالين معلم مدرسة وناشط حقوقي يوثق انتهاكات المستوطنين لمصلحة منظمات حقوقية مختلفة، في منطقة أم الخير ومسافر يطا وكان أحد المشاركين في إنتاج الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار بعنوان No Other Land، الذي يوثّق انتهاكات المستوطنين والتهجير القسري في منطقة مسافر يطا.

وفي تطور ذي صلة، وخلال الـ 48 ساعة التي تلت مقتل المواطن عودة الهذالين، اقتحمت قوات الاحتلال الخربة فجر يوم الثلاثاء 29/7/2025، برفقة المستوطن “ليفي”، وأجرت تمثيلاً للجريمة. في اليوم ذاته، أعادت قوات الاحتلال السماح للمستوطنين بإدخال الحفار لاستكمال أعمال التجريف، تحت حماية تلك القوات. كما أعلنت الخربة “منطقة عسكرية مغلقة”، وداهمت بيت عزاء الهذالين، وطردت الصحفيين والمعزّين والنشطاء من المكان باستخدام القوة، وإطلاق قنابل الصوت. ورفضت سلطات الاحتلال تسليم جثمان الضحية، مشترطة عدم دفنه في الخربة أو إقامة بيت عزاء، وهو ما رفضته العائلة. وفي إطار الحملة نفسها، اعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم الأربعاء الموافق 30/7/2025، 8 شبان من سكان الخربة، وداهمت مقر المجلس القروي. وصادرت 3 حواسيب، أحدها لمتضامن أجنبي، إلى جانب حقيبة تحتوي على الوثائق القانونية الخاصة بالأراضي والمخططات التفصيلية للتجمع.

وفي خطوة تعكس تواطؤ القضاء الإسرائيلي في حماية المستوطنين، أصدرت محكمة الصلح في مدينة القدس، قرارا بالإفراج عن المستوطن “ينون ليفي”، وأخضعته للإقامة الجبرية في البؤرة الاستيطانية التي يقيم فيها، والواقعة بالقرب من قرية زانوتا، جنوب الخليل، وهي القرية التي اضطر سكانها إلى النزوح بفعل الهجمات التي نفذها ليفي وغيره من المستوطنين ضدهم، وهي عقوبة مخففة لا ترقى إلى حجم الجريمة التي ارتكبها. يذكر أن البؤرة التي طلب منه البقاء فيها تعرف باسم “حفات ميتاريم”، ويفترض بموجب القرار أن يبقى فيها قيد الإقامة الجبرية حتى يوم الجمعة المقبل. 2  يُشار إلى أن المستوطن المتطرف ينون ليفي يملك شركة حفريات تُستخدم في خدمة المشاريع الاستيطانية في جنوب الضفة الغربية، وقد أقدم على نقل ملكية الشركة إلى اسمي شقيقيه بعد فرض العقوبات الأمريكية عليه، والتي أعلنت عنها حكومة الرئيس جو بايدن في فبراير من العام 2024. 3

وتشهد خربة أم الخير التي تحاصرها مستوطنة “كرمئيل” من الناحية الغربية والجنوبية، ويقطنها 37 عائلة فلسطينية مكونة من 300 مواطن، غالبيتهم أطفال، مضايقات مستمرة من قوات الاحتلال والمستوطنين من أجل إجبارهم على الرحيل، كان أخطرها على التجمع أمر عسكري أصدره جيش الاحتلال بتاريخ 1/9/2024، ويحمل رقم (ت/75/24) بالاستيلاء على 767 مترًا مربعًا من أراضي القرية، حتى نهاية عام 2026. تقع الأرض في الحي الشمالي (حي الحاج شعيب) ولاحقًا، في 2/2/2025، استولى مستوطنون على أرض للمواطن سالم الهذالين، وأخرى لعائلة عوض في الجهة الشرقية، حيث جرفوا الأرض، ما أدى لأضرار في ممتلكات المواطنين. وأفدم المستوطنون على زراعة نحو 4 دونمات بأشتال الزيتون، وأحاطوا المنطقة بسياج، ووضعوا كرفانًا ومقاعد وسياجًا، ويدّعون أن الأرض “أراضي دولة” استأجروها من الحكومة الإسرائيلية، ويتواجدون فيها بشكل دائم، ويقيمون حفلات صاخبة ليلًا، ونصبوا كاميرا مراقبة فيها قبل نحو شهرين. كما يتجول المستوطنون الرعاة أيضًا يوميًا قرب منازل السكان، ما شكّل حصارًا فعليًا على الخربة من جهاتها الاربعة. وهي كحال مناطق يطا الجنوبية والشرقية التي تحاصرها المستوطنات والبؤر ويستولي المستوطنون على أراضيهم ويمنعونهم من الوصول إليها.

وتُعد جريمة مقتل المواطن هذالين، الثالثة التي تُسجّل من مستوطنين أو قوات الاحتلال في محافظة الخليل خلال الأيام الخمسة الماضية؛ إذ أقدم أحد المستوطنين، القاطنين في البؤرة الاستيطانية “خفات يهودا” جنوبي بلدة الظاهرية، على إطلاق النار تجاه المواطن وديع محمد عثمان سمامرة (19 عامًا)، من بلدة الظاهرية، بتاريخ 25/7/2025، ما أسفر عن مقتله قرب البؤرة، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن. يذكر أنه لم يتوفر شهود عيان على هذه الواقعة، حيث تقع البؤرة في منطقة تبعد حوالي 1500 متر عن أقرب تجمع فلسطيني.

وفي 27/7/2025، أطلق جنود الاحتلال المتمركزون على مدخل مدينة الخليل الشمالي (رأس الجورة)، النار تجاه المواطن محمد سامر سليمان الجمل (27 عامًا)، من سكان مدينة حلحول شمالي محافظة الخليل، بدعوى محاولته إلقاء الحجارة على الجنود.

يؤكد المركز أنّ جرائم القتل ومجمل أعمال العنف والاعتداءات التي يرتكبها المستوطنون ليست حوادث عرضية أو معزولة، بل تعكس سياسة منهجية تجري بحماية قوات الاحتلال وتواطؤ القضاء الإسرائيلي الي يمتنع كالعادة عن اتخاذ أحكام رادعة بحق المستوطنين، فيما تجري كل أعمال العنف بهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين لحساب التوسع الاستيطاني غير المشروع، الذي يشكل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي.

إنّ استمرار الإفلات من العقاب، والصمت الدولي المريب، يشجّع قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين على مواصلة هذه الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وتكريس واقع الاستعمار الاستيطاني على الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي، بما فيها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ويذكر المركز بقرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، والذي أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هو غير قانوني، وألزم دولة الاحتلال بإنهاء وجودها غير المشروع فورًا، ووقف جميع الاعتداءات الاستيطانية، بما في ذلك إخلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة.

إنّ هذه الجرائم تُعدّ جرس إنذار إضافي للمجتمع الدولي، بضرورة التحرك الفوري والفعّال لوقف جرائم الاحتلال والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

ويدعو إلى التحرك الجاد لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب أمام العدالة الدولية، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، ويؤكد أن استمرار الصمت الدولي يُعد تواطؤًا غير مباشر، ويغذي ثقافة الإفلات من العقاب، ويشجع على ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.


  1. https://www.theguardian.com/world/2024/apr/19/extremist-israeli-settlers-sanctions-eu-us?utm_source=chatgpt.com ↩︎
  2. https://www.timesofisrael.com/sanctioned-settler-accused-of-killing-palestinian-activist-released-to-house-arrest/?utm_source=chatgpt.com ↩︎
  3. https://x.com/dror_etkes/status/1950097551895449901?s=46 ↩︎

14 Comments

  1. […] في 28/7/2025، قتل مستوطن مسلح المدافع عن حقوق الإنسان عودة محمد خليل الهذالين،31 عاماً، بإطلاق نار مباشر، خلال توثيقه أول أمس اعتداءات المستوطنين في الخليل. المزيد من التفاصيل في هذا البيان. […]

  2. order enclomiphene cost tablet

    order enclomiphene cheap pharmacy

  3. générique kamagra pharmacies canada

    generique kamagra gratuit buy online

  4. ordering androxal cheap online no prescription

    buy cheap androxal generic a canada

  5. buy dutasteride no prescription

    discount dutasteride buy in australia

  6. order flexeril cyclobenzaprine generic london

    ordering flexeril cyclobenzaprine canada internet

  7. order gabapentin generic from canadian pharmacy

    how to buy gabapentin medication interactions

  8. buy cheap fildena cheap australia

    how to order fildena buy uk no prescription

  9. order itraconazole price in canada

    online order itraconazole generic health

  10. online order staxyn usa buying

    discount staxyn generic drug india

  11. buying avodart cost insurance

    avodart overnight no script

  12. buy xifaxan generic tablets

    buy cheap xifaxan generic equivalent

  13. cheap rifaximin australia buy online

    order rifaximin australia purchase

  14. příští den kamagra

    kamagra online bez lékařského předpisu nebo členství

اترك رداً على staxyn purchase on line no prescription fast delivery إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *