يوليو 14, 2025
جريمة مركبة في سنجل: عنف استيطاني ممنهج برعاية جيش الاحتلال يفضي إلى قتل مواطنَين بدم بارد وإصابة 27 آخرين
مشاركة
جريمة مركبة في سنجل: عنف استيطاني ممنهج برعاية جيش الاحتلال يفضي إلى قتل مواطنَين بدم بارد وإصابة 27 آخرين

في جريمة خطيرة ومركبة، أقدمت مليشيات المستوطنين على قتل مدنيين فلسطينيين أحدهما يحمل الجنسية الأميركية، بالضرب وإطلاق النار، وإصابة 27 آخرين، يوم الجمعة الماضية، خلال هجوم واسع على مشاركين في مسيرة سلمية نظمها الأهالي رفضًا لمحاولات إقامة بؤرة استيطانية جديدة على أراضيهم، في بلدة سنجل شمال شرقي رام الله، في الضفة الغربية. كما نفذوا بمشاركة قوات الاحتلال اعتداءات مباشرة على الطواقم الطبية ومركبات إسعاف تخللها اعتقال متضامنين أجانب.

تأتي هذه الجريمة وسط تصاعد غير مسبوق في جرائم المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العامين الأخيرين في كافة أنحاء الضفة الغربية.  وتتم هذه الجرائم بالتنسيق الكامل والحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي توفّر الغطاء السياسي والعسكري لمليشيات المستوطنين المسلّحة لتنفيذ اعتداءات ممنهجة على القرى الفلسطينية ومزارعيها.

ووفق إفادات شهود عيان، والتحقيقات التي أجراها طاقم على مدار الأيام الثلاثة الماضية حول الجريمة، تبين أنه عقب صلاة يوم الجمعة الموافق 11/7/2025، بدأ عشرات المواطنين من بلدتي المزرعة الشرقية وسنجل يتجمعون عند أطراف المنطقة المعروفة بـ “جبل التل الباطن،” حيث أقام المستوطنون بؤرة استيطانية، في الجهة الجنوبية من بلدة سنجل شمال شرقي محافظة رام الله، بمشاركة نشطاء حقوق إنسان فلسطينيين ومتضامنين دوليين، وذلك في إطار مسيرة سلمية احتجاجية على إقامة البؤرة الاستيطانية. عند حوالي الساعة 2:00 بعد الظهر، وصل المشاركون إلى المنطقة، وما إن اقترب الأهالي والمتضامنون من الموقع حتى بادر ما يقارب 12 مستوطنًا غالبيتهم كانوا مسلحين بمسدسات إلى مهاجمتهم بعنف شديد باستخدام العصي والهراوات والحجارة، وطاردوا المشاركين، ما أجبر الأهالي على التراجع في عدة اتجاهات.

وفق إفادات شهود عيان، حاصرت مجموعة إضافية من مليشيات المستوطنين وغالبيتهم كانوا مسلحين بمسدسات الأهالي من ثلاث جهات، إحداها من جهة الشارع المؤدي لتواجد الأهالي وكانوا يستقلّون سيارات دفع رباعي، وبدأت بملاحقة الأهالي الفارين من الهجوم الأول. خلال هذه المطاردة، حاولت سيارات الإسعاف الفلسطينية الوصول إلى المنطقة لإخلاء المصابين، وتبيّن لاحقًا أن عددهم بلغ 27 مصابًا، بينهم اثنان نُقلا إلى المشافي، وجميع الإصابات كانت نتيجة الضرب بالعصي والهراوات والحجارة. إلا أن المستوطنين اعترضوا طريق مركبة الإسعاف وحطموا زجاج إحداها بالعصي والحجارة، ما أعاق تقدمها نحو المصابين.

وعند حوالي الساعة 4:00 مساءً، أجرى المواطن محمد رزق حسن شلبي (23 عامًا) الذي كان يتواجد في المنطقة، اتصالًا هاتفيًا بوالدته، استمر نحو 20 ثانية فقط، لم يُسمع خلاله سوى أصوات صراخ وضرب، دون أن يتكلم شلبي بكلمة واحدة، ثم انقطع الاتصال فجأة. على الفور، أبلغت العائلة الارتباط الفلسطيني، والذي تواصل بدوره مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. بعد البلاغ الأول، أبلغ الارتباط العائلة أن نجلهم معتقل لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي. استمر هذا البلاغ لمدة ساعتين، إلى أن عاد الارتباط وأكد أن الشاب ليس معتقلًا ولا يوجد ضمن قوائم الجيش. مع تأكّد العائلة من فقدانه، بدأت على الفور عمليات بحث ميدانية بمشاركة الأهالي وطواقم الإسعاف، حيث تم العثور عليه حوالي الساعة 10:15 مساءً ملقى في منطقة “بير التل”، وهي تبعد حوالي 4 كيلومترات عن موقع العثور على الشهيد سيف الدين.

وُجد المواطن شلبي مفارق للحياة، وقد أصيب بعيار ناري في الصدر خرج من الظهر، وفق إفادة المسعفين، وتم نقله إلى مجمع فلسطين الطبي، حيث أُعلن عن وفاته هناك.

وعند حوالي الساعة 5:00 مساءً، ورد بلاغ عاجل إلى طواقم الإسعاف يفيد بوجود مواطن مفقود أو مصاب بشكل بالغ في منطقة “بير السرار” الواقعة بين بلدتي المزرعة وسنجل، أي في منطقة الحدث. وبتنسيق رسمي تم عبر الارتباط الفلسطيني مع قوات الاحتلال، سُمح للطواقم بالنزول إلى المنطقة. تحرك طاقم الإسعاف فورًا على الأقدام وساروا نحو 15 إلى 20 دقيقة عبر منطقة جبلية وعرة. وعند الوصول حوالي الساعة 6:25 مساءً، وُجد المواطن سيف الدين كامل عبد الكريم مصلط (23 عامًا) ملقى على الأرض في حالة فقدان وعي، لكنه كان عليه علامات حيوية ضعيفة. وقد بدت على جسده كدمات واضحة في الصدر والظهر والرأس، ناجمة عن تعرضه للاعتداء بالضرب بواسطة الحجارة والعصي. لم يكن قادرًا على النطق بوضوح، وكان يتفوه بكلمات غير مفهومة. بعد تثبيته على الحمالة، بدأ الطاقم بنقله عائدين عبر المسار نفسه، واستغرق الخروج من الوادي مجددًا نحو 20 دقيقة. قبيل الوصول إلى مركبة الإسعاف، توقف قلبه فجأة، فباشر الطاقم بمحاولة إنعاشه ميدانيًا. تم نقله على الفور إلى مركز دعاء كير الطبي في بلدة سنجل، وهناك أكد الطبيب المناوب أن حالته تستدعي تحويلًا عاجلًا إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله. جرت محاولات مكثفة لإنعاشه أثناء الطريق، وتم الوصول إلى المجمع في غضون 13 إلى 14 دقيقة، حيث أعلن عن وفاته رسميًا حوالي الساعة 7:40 مساءً. علمًا أن مسلط من سكان بلدة المزرعة الشرقية شمال شرق محافظة رام الله ويحمل الجنسية الأميركية ووصل قبل 3 أسابيع في زيارة عائلية.

تشير المعطيات الميدانية إلى أن المواطنين محمد رزق شلبي وسيف الدين مصلط، قتلا في توقيت متزامن لكن في موقعين مختلفين تفصل بينهما مسافة تقدر بـ 4 كيلومترات. وتُرجّح إفادات شهود العيان أن كليهما تعرضا للضرب والعنف الجسدي وأن أحدهما تعرض لإطلاق نار مباشر، ما أدى إلى تصفيتهما ميدانيًا على يد المستوطنين، وبغطاء واضح من جيش الاحتلال.

وأفاد أحد المصابين الذين تعرضوا لاعتداء من مستوطنين، لباحثة المركز، أنه شاهد مجموعة مستوطنين مسلحين وهم يعتدون بعنف على المواطن سيف الدين مصلط ومشاهدته المستوطنين وهم يطلقون النار في المنطقة التي عثر فيها على المواطن محمد الشلبي، وأن المستوطنين أبلغوه أن يبلغ أهالي البلدة أنهم قتلوا اثنين.

كما أفاد متضامنون أجانب أنهم تعرضوا للاحتجاز لبعض الوقت والاعتداء من مستوطنين مسلحين خلال الهجوم العنيف.

تُضاف هذه الجريمة المركبة إلى سلسلة جرائم متصاعدة نفذها مستوطنون، بدعم سياسي وعسكري رسمي من دولة الاحتلال، بما يؤكد أن ما يجري في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، يمثل سياسة ممنهجة من دولة الاحتلال ومليشيات المستوطنين لفرض وقائع على الأرض عبر الإرهاب الاستيطاني، في انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة (1949)، التي تحظر نقل السكان المدنيين التابعين لدولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة (المادة 49)، وتحظر العقوبات الجماعية، وتلزم الدولة المحتلة بحماية السكان المدنيين.

كما أن تواطؤ قوات الاحتلال، وتدخلها لحماية المستوطنين، وإطلاق النار على المدنيين العزّل الذين يدافعون عن أنفسهم، يدلل من جديد أن هذه المليشيات التي جرى تسليحها بقرارات معلنة من وزراء في حكومة الاحتلال تعمل كأذرع غير رسمية للدولة، وتتمتع بالحماية القانونية والسياسية، بما يجعل من هذه الجرائم مسؤولية مباشرة تتحملها دولة الاحتلال.

جدير بالذكر أن هذه الجريمة ليست الأولى التي يُقتل فيها مواطن يحمل الجنسية الأميركية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أو المستوطنين، دون أن تتبعها إجراءات مساءلة حقيقية من قِبل الحكومة الأميركية، التي تواصل غضّ الطرف عن استهداف مواطنيها من أصول فلسطينية أو متضامنين دوليين من حملة جنسيتها.

فقد سبق أن اغتالت قوات الاحتلال الصحفية شيرين أبو عاقلة في جنين، برصاصة متعمدة أثناء تأديتها لعملها الصحفي في مخيم جنين في أيار/مايو 2022، رغم ارتدائها السترة الواقية المميزة بوضوح. كذلك، توفي المسن الفلسطيني-الأميركي عمر أسعد (80 عامًا) بعد أن اعتقلته القوات الإسرائيلية وقيّدته وتركته ملقى في البرد القارس في قرية جلجليا شمال رام الله في كانون الثاني/يناير 2022. ولم يُحاسَب أي من المسؤولين عن مقتله حتى اليوم. وفي وقت لاحق، قتلت قوات الاحتلال والمتضامنة أيسينور إزجي إيجي Aysenur Ezgi Eygi ،خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، دون أن تحرّك الإدارة الأميركية ساكنًا، رغم أن القتيلة كانت من الناشطات الحقوقيات المعروفات في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

مرّت هذه الجرائم المتعاقبة دون أي تحرّك أميركي جدّي للمساءلة أو حتى الإدانة العلنية الصريحة، ما يعكس سياسة انتقائية فاضحة في التعامل مع حقوق الإنسان، ويؤكد ازدواجية المعايير التي تتّبعها الولايات المتحدة عندما يكون الضحايا فلسطينيين، حتى لو حملوا جنسيتها.

إن استمرار هذا النهج يضع علامات استفهام كبيرة على التزام الإدارة الأميركية بحماية حياة مواطنيها وحقوقهم، ويجعلها شريكة ضمنيًا في توفير الحصانة للإفلات من العقاب الذي تتمتع به دولة الاحتلال، مما يفتح الباب أمام ملاحقات قانونية دولية بديلة، بعد فشل سبل العدالة المحلية أو الثنائية.

يؤكد المركز أنّ ما جرى في سنجل ليس حادثًا عرضيًا، بل يعكس سياسة منهجية تستهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين لحساب التوسع الاستيطاني غير المشروع، الذي يشكل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي.

إنّ استمرار الإفلات من العقاب، والصمت الدولي المريب، يشجّع قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين على مواصلة هذه الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وتكريس واقع الاستعمار الاستيطاني على الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي، بما فيها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ويذكر المركز بقرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، والذي أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هو غير قانوني، وألزم دولة الاحتلال بإنهاء وجودها غير المشروع فورًا، ووقف جميع الاعتداءات الاستيطانية، بما في ذلك إخلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة.

إنّ هذه الجرائم تُعدّ جرس إنذار إضافي للمجتمع الدولي، بضرورة التحرك الفوري والفعّال لوقف جرائم الاحتلال والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

ويدعو إلى التحرك الجاد لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب أمام العدالة الدولية، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، ويؤكد أن استمرار الصمت الدولي يُعد تواطؤًا غير مباشر، ويغذي ثقافة الإفلات من العقاب، ويشجع على ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.

14 Comments

  1. […] في 11/7/2025، قتلت مليشيات المستوطنين مدنيين فلسطينيين، بإطلاق النار والضرب، وأصابت 27 آخرين، خلال هجوم واسع على مشاركين في مسيرة سلمية نظمها الأهالي رفضًا لمحاولات إقامة بؤرة استيطانية جديدة على أراضيهم، في بلدة سنجل شمال شرقي رام الله، في الضفة الغربية. والقتيلان هما: محمد رزق شلبي، 23 عامًا، وسيف الدين كامل عبد مصلط، 23 عامًا، ويحمل الجنسية الأميركية. المزيد من التفاصيل في هذا البيان. […]

  2. ordering enclomiphene cheap usa

    ordering enclomiphene mastercard buy

  3. où puis-je me procurer kamagra

    générique kamagra

  4. purchase androxal cost at walmart

    buy androxal generic side effect

  5. how to order flexeril cyclobenzaprine generic discount

    discount flexeril cyclobenzaprine cheap canada pharmacy

  6. get dutasteride canada with no prescription

    discount dutasteride generic is it safe

  7. buy gabapentin cheap uk buy purchase

    how to order gabapentin cheap real

  8. purchase itraconazole canada generic

    buy cheap itraconazole generic does it work

  9. buy fildena generic alternatives

    cheapest buy fildena buy safely online

  10. how to buy staxyn generic is good

    buy staxyn generic from canada

  11. how to buy avodart cheap from usa

    online order avodart cheap online canada

  12. how to order rifaximin price canada

    buy rifaximin canadian sales

  13. online order xifaxan generic extended release

    discount xifaxan generic ingredients

  14. online objednávka kamagra

    online objednávka kamagra

اترك رداً على online order androxal generic when will be available إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *