يونيو 2, 2025
بعد تدميرها مركز نورة الكعبي في شمال قطاع غزة: إسرائيل تمعن في ارتكاب جريمة إبادة بحق مرضى الغسيل الكلوي
مشاركة
بعد تدميرها مركز نورة الكعبي في شمال قطاع غزة: إسرائيل تمعن في ارتكاب جريمة إبادة بحق مرضى الغسيل الكلوي

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تدمير القوات الإسرائيلية المحتلة مركز نورة الكعبي لغسيل الكلى التابع للمستشفى الإندونيسي في محافظة شمال قطاع غزة، خلال عمليتها العسكرية المستمرة، ويعتبر ذلك جزءًا لا يتجزأ من سياسة ممنهجة تُفضي إلى تسريع إبادة المرضى لا سيما بعد التسبب بوفاة 41% من مرضى الغسيل الكلوي منذ أكتوبر2023.  المركز إذ يُحمّل دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تدهور أوضاع مرضى الفشل الكلوي، فإنه يعتبر صمت المجتمع الدولي حيال تكرار جرائم استهداف وتدمير المنشآت الطبية نسفًا لمبادئ حقوق الانسان، وينطوي على مشاركة ضمنية في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان قطاع غزة.

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطيني يوم أمس الأحد، 1يونيو2025، بأن قوات الاحتلال نسفت مبنى مركز نورة الكعبي لغسيل الكلى التابع للمستشفى الإندونيسي، وهو المركز الوحيد الذي يخدم مئات المرضى في محافظة شمال قطاع غزة1.  وكان المركز قد تضرر بسبب استهداف الاحتلال له عدة مرات، حيث تسببت الهجمات السابقة بإتلاف أجهزة الغسيل الكلوي فيما عدا 8 أجهزة فقط ظلت تعمل بكفاءة منخفضة إلى أن تم إخراج المركز عن الخدمة خلال مايو2025، قبل أن يتم نسفه وتدميره بشكل كامل يوم أمس.2

ويؤكد المركز بأن هذه الجريمة تأتي في سياق تكثيف القوات المحتلة لهجماتها على المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة، والتي من ضمنها استهدف مراكز غسيل الكلى في مختلف أنحاء القطاع طوال 20 شهراً من الهجمات الاسرائيلية، حيث تم تدمير أو إخراج ستة من أصل سبعة مراكز عن الخدمة، بما في ذلك أربعة مراكز في محافظتي غزة والشمال، ومركزان في محافظتي الوسطى والجنوب.  

ووفق تقرير سابق أصدره المركز فقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن تدمير 78 جهاز غسيل كلى من أصل 140 جهازًا، ما أدى إلى تقليص الخدمات المقدمة للمرضى إلى النصف، وتشهد مراكز غسيل الكلى الحالية تكدسًا هائلًا للمرضى نتيجة عملها بأجهزةٍ متهالكة، وسط عجز في توفير مصادر الكهرباء لها، وندرة الحصول على المياه النقية والمواد الدوائية الأساسية، وهو ما يهدد حياة المرضى بشكلٍ متسارع.   وقد أدت هذه الظروف القاسية إلى وفاه 472 مريضاً بالفشل الكلوي بسبب الحصار الإسرائيلي وتدمير المراكز الصحية، ليتردد على خدمات الغسيل الكلوي نحو 728 مريضًا، موزعين على 4 مراكز أُعيد تشغيلها رغم الأضرار الجسيمة، هي: مستشفى الشفاء بمدينة غزة (280 مريضًا)، مستشفى الزوايدة الميداني (50 مريضًا) وسط قطاع غزة، مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس (260 مريضًا)، ومستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح (138 مريضًا).3

يحمل المركز الاحتلال المسؤولية الكاملة عن نتائج هذه الأعمال التي تُعَدُّ جرائم حرب بموجب المادة 18 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تحظر استهداف المنشآت المدنية الخالية من الأهداف العسكرية.  كما يؤكد بأن الحرمان المتعمد من الوصول إلى العلاج الطبي المنتظم لمرضى الفشل الكلوي يشكل جريمة ضد الإنسانية، بما يتوافق مع التعريف الوارد في النظام الأساسي نفسه، ويحتوي على عناصر الإبادة الجماعية حين تنطوي عليه نية إقصاء أو تدمير جزء من مجموعة مدنية عبر حرمانها من الخدمات العلاجية الحيوية، وهو يعتبر من ضمن الأفعال المحظورة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.

كما يرى المركز في تواتر استهداف المنشآت الطبية في محافظة شمال قطاع غزة، وإفراغها من الخدمات الصحية التخصصية، يأتي ضمن محاولات إحكام الحصار وتهجير السكان قسريًّا، ويقترن بنيّة مبيتة للتدمير المادي ضمن الأفعال المكوِّنة لجريمة الإبادة الجماعية التي نصت عليها المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948،  كما يعد ذلك خرقًا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر التهجير القسري للأفراد المحميين لما يشكله ذلك من تهديد مباشر لحياة المرضى وفقًا لمعايير الحق في الحياة والحق في الصحة المنصوص عليهما في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي ضوء ذلك، يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه وقف هذه الانتهاكات التي ترتقي إلى جرائم حرب وجريمة إفقار متعمد وحرمان من الرعاية الصحية، ويؤكد على ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على سلطات الاحتلال لفتح ممرّاتٍ إنسانية آمنة تُمكّن من وصول معدات غسيل الكلى والوقود والأدوية لإنقاذ ما تبقى من المرضى فورًا. كما يدعو المركز إلى تفعيل آليات المساءلة الجنائية الدولية لتحريك الدعوى ضد القادة العسكريين والسياسيين المسؤولين عن هذه الجرائم، وضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والالتزام بحماية المنشآت الطبية والمرضى والكوادر الطبية.


  1. وزارة الصحة الفلسطينية، تصريح صحفي، 1 يونيو 2025، رابط إلكتروني: https://www.facebook.com/share/p/1P8Y3Vf7QU/ ↩︎
  2. إفادة قدمها أ.زاهر الوحيدي، وحدة المعلومات الصحية بوزارة الصحة، 2 يونيو 2025. ↩︎
  3. المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، تقرير مرضى الفشل الكلوي في قطاع غزة بلا رعاية صحية، مايو2025، رابط إلكتروني:
    https://pchrgaza.org/wp-content/uploads/2025/05/Kidney-Failure-Patients-Without-Healthcare-AR.pdf ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *