مايو 12, 2025
الخطة الأمريكية – الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تخالف معايير العمل الإغاثي وتساهم في إخضاع سكان قطاع غزة لظروف معيشية قاسية بقصد اهلاكهم
مشاركة
الخطة الأمريكية – الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تخالف معايير العمل الإغاثي وتساهم في إخضاع سكان قطاع غزة لظروف معيشية قاسية بقصد اهلاكهم

يعبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة الاحتلال، لإدارة عملية توزيع المساعدات على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي سيتم تنفيذها بواسطة شركات أمريكية خاصة، تعمل تحت غطاء إنساني مزيّف، وبحماية أمنية مباشرة من قوات الاحتلال، في مناطق خاضعة لسيطرته العسكرية.  ويرى المركز أن الخطة تمثل شكلًا جديدًا من أشكال هندسة الحصار والتجويع والإخضاع التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين، في سياق جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا على التوالي، والرامية إلى تدمير القطاع وتهجير سكانه.

ويؤكد المركز أن “الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات” تخالف بشكل كامل معايير العمل الإنساني والإغاثي التي نص عليها القانون الدولي الإنساني، وتعتبر خطوة متعمدة لإقصاء المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية المحايدة، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها، وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من القيام بدورها في غزة.  كما أن الآلية لا تقدم حلًا ناجعًا للمجاعة التي تفتك بشدة بسكان القطاع، بل تمنح الاحتلال شرعية زائفة لترسيخ سياسة التجويع الإجرامية كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والاستمرار في توظيف ملف الإغاثة والمساعدات لابتزاز السكان والسيطرة على حياتهم اليومية وعلى مقومات بقائهم.

ووفقًا للخطة الأمريكية – الاسرائيلية، فإن مؤسسة غير ربحية مسجلة حديثًا في جنيف،1 ستتعهد بمهمة إدارة وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ويطلق على المؤسسة اسم Gaza Humanitarian Foundation.” 2

وتحدد الآلية مدينة رفح كمركز رئيسي لتوزيع المساعدات، ليتقاطع ذلك بوضوح مع ما ورد في الخطة التي صادقت عليها حكومة الاحتلال مؤخرًا،3 والمتمثلة في دفع السكان من كامل أنحاء القطاع قسرًا نحو الجنوب، واحتلال مناطق جديدة في القطاع والسيطرة عليها لفترة طويلة، وحشر السكان في منطقة رفح التي أصبحت مدمرة بالكامل، مما يؤكد بأن هذا المشروع يمهد الطريق بالفعل لتمرير مخطط التهجير خارج القطاع والذي أعلنت حكومة الاحتلال تبنيه في فبراير 2025، وهو ما يخالف صراحة القانون الدولي الإنساني الذي يحظر أي تغيير قسري في التركيبة الديموغرافية للأراضي المحتلة.

يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة كارثة إنسانية تتفاقم بشكل خطير، بعد إغلاق الاحتلال الاسرائيلي المعابر بشكل كلي، وحظر دخول أي شكل من أشكال المساعدات والإمدادات الاغاثية إلى القطاع المحاصر بشكل متواصل لأكثر من 70 يومًا، ومن ثم تجديد الاحتلال الاسرائيلي عمليات الإبادة والقتل والتدمير والتهجير القسري في القطاع منذ 19 مارس 2025.

وعبرت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة بوضوح عن رفضها الانخراط في عملية توزيع المساعدات بواسطة شركات خاصة، لما تنتهكه من مبادئ الحياد والاستقلال والتوزيع العادل للمساعدات.4

وفي ضوء ذلك، يؤكد المركز أن الخطة الأمريكية – الإسرائيلية تنتهك المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، والتي حددتها اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها، خاصة مبادئ الحياد والشفافية والكفاءة وفقًا للمادة 70 من البروتوكول الإضافي الأول، وهي مبادئ توجب أن تكون عمليات الإغاثة بطريقة إنسانية ومحايدة، وبعيدة عن أي سيطرة عسكرية أو اشتراطات سياسية، أو إقحام للشركات الخاصة في عملية التوزيع لما في ذلك من تعريض حياة السكان للتهديد والابتزاز، وهو ما يحرم المنظمات الأممية من أداء دورها ويعد تحايلًا على صفة الاحتلال ومسؤولياته القانونية.

وتنتهك الخطة المحتملة المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تلزم “السلطة القائمة بالاحتلال” بضمان توفير احتياجات السكان الخاضعين لسيطرتها، من المؤن الغذائية والإمدادات الطبية، وكذلك المادة 59 والتي توجب على دولة الاحتلال السماح لعمليات الإنسانية لإغاثة السكان بحرية ودون شروط إذا كان سكان المنطقة المحتلة يعانون من نقص الإمدادات.  وتتناقص الخطة جمع التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية ردًا على دعوى جنوب أفريقيا ضد اسرائيل، وبشأن ضرورة اتخاذ جميع الاجراءات الممكنة لضمان منع جريمة الابادة الجماعية، بما في ذلك منع التهجير القسري من مناطق القطاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وهو ما ينتهكه هذا المخطط بوضوح.

إن ما يجري في قطاع غزة من تجويع متعمد، وحرمان المدنيين من الغذاء والماء والرعاية الصحية، هو فعل يتم تنفيذه بقصد إهلاك السكان الفلسطينيين، بما يطابق بشكل واضح أركان جريمة الإبادة الجماعية، مما يستوجب أن يقوم المجتمع الدولي بأفعال ملموسة توقف هذه الكارثة، وتستعيد للمبادئ الإنسانية معناها، وللعدالة مكانتها.

يدعو المركز المجتمع الدولي، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية على الفور، والتدخل العاجل والضغط على الاحتلال، من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود وبشكل فوري وواسع النطاق، وتحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، بعيدًا عن أي تدخل عسكري أو سياسي من أي أطراف أخرى.

ويؤكد المركز أن الإدانة الدولية الشفوية للخطة ليست كافية، بل يجب فرض آليات ضغط حقيقية على دولة الاحتلال لإجبارها على إنهاء الحصار غير القانوني في قطاع غزة، وتعزيز دور المؤسسات الدولية وعلى رأس ذلك حماية وكالة الأونروا من أي تقويض لعملها، وتجديد الدعم لها، بصفتها المؤسسة الوحيدة القادرة على تقديم استجابة إنسانية عادلة للسكان في غزة وبما يتسق مع ولايتها الأممية والتزامات المجتمع الدولي تجاه الشعب الفلسطيني.

ويطالب المركز الدول الأطراف في نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية إلى الوفاء بالتزاماتها، حيث يتعين عليها تفعيل مذكرات التوقيف الصادرة بحق كبار قادة الاحتلال الاسرائيلي وتنفيذها، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان ملاحقتهم ومحاسبتهم على كل جرائمهم المحتملة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها اسرائيل في غزة منذ أكثر من عام ونصف، وبما ينهي حالة الإفلات من العقاب، التي لم تعد تشكل تهديدًا على حقوق الفلسطينيين فحسب، بل سابقة خطيرة تهدد النظام الدولي برمته.


  1. Geneve Solutions, “A Geneva-based foundation at the heart of Israel’s Gaza aid plan”, Link: https://genevasolutions.news/peace-humanitarian/a-geneva-based-foundation-at-the-heart-of-israel-s-gaza-aid-plan ↩︎
  2. Memo: Gaza Humanitarian Foundation (GHF): Safe Transparent Aid for Gaza, Link: www.static-cdn.toi-media.com/www/uploads/2025/05/Gaza-Humanitarian-Foundation-Memo.pdf ↩︎
  3. The New Arab, “What is Israel’s Gideon’s Chariots plan for Gaza?”, Link: www.newarab.com/news/what-israels-gideons-chariots-plan-gaza ↩︎
  4. UN Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA), “Statement by the Humanitarian Country Team of the Occupied Palestinian Territory”, Link: www.ochaopt.org/content/statement-humanitarian-country-team-occupied-palestinian-territory-principled-aid-delivery-gaza ↩︎

3 Comments

  1. […] من المساعدات إلى غزة مؤقتًا، إلى حين بدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق […]

  2. […] التي تحاول تأمينها ، إلى تهيئة الظروف لبدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق […]

  3. […] التي تحاول تأمينها ، إلى تهيئة الظروف لبدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق […]

اترك رداً على اعلان اسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة خداع جديد للمجتمع الدولي، وإمعان في جريمة التجويع والإبادة الجماعية | المركز الفلسطيني ل إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *