إبراهيم عبد الفتاح أحمد أبو سعيد، 40 عامًا، أرمل ولدي 3 أطفال، سكان الحي النمساوي في خانيونس.
أسكن في الطابق الأول لمنزلي المكون من طابقين، ومساحته 90 م2، ويسكن في الطابق الأرضي أخي، محمد 44 عاما، وزوجته وأبناؤهما.
بعد انطلاق الحرب على غزة في 7/10/2023، مكثنا في منزلنا، وكنا نسمع القصف والغارات في أرجاء المدينة. بعد انتهاء الهدنة الإنسانية في 1/12/2023، وبدء العملية العسكرية الإسرائيلية في خان يونس، وتقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي مع مرور الوقت إلى منطقتنا، نزحنا فجر17/1/2024، إلى المواصي غرب خانيونس. وفي 4/3/2024، تراجعت قوات الاحتلال الاسرائيلي وآلياته عن منطقتنا، فعدنا جميعاً بتاريخ 10/3/2024 إلى منازلنا أنا واخوتي وعوائلنا. في حوالي الساعة 2:00 فجر يوم الأحد 24/3/2024، ( كان شهر رمضان)، تقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المنطقة مجدداً بعد إطلاقها أحزمة نارية، وحاصرت مستشفى مجمع ناصر الطبي والحي الذي أسكنه، وصعد جنود الاحتلال القناصة بعض منازل الجيران التي لا تبعد عنا ما لا يزيد عن 10 أمتار (منازل خالد صيام وجبر صيام، وحسين العويني)، واتخذتها أماكن تمركز لهم. وأثناء ذلك نزح معظم أقاربنا في المنطقة إلى منزلنا، حتى أخي مسعود، 36 علما، الذي يسكن ملاصق لنا من الجهة الجنوبية، لجأ عندنا، وكان عددنا ما يقارب 70 فرداً، منهم نساء وأطفال، ولم نستطع بعدها الخروج ومغادرة المكان. في حوالي الساعة 1:30 مساء كانت الجرافة تقوم بتجريف منزل عمتي خديجة العناني، 62 عاما، فخرجوا من منزلهم، وكان عددهم 6 أفراد يرفعون رايات بيضاء وجاؤوا إلى منزلنا وصاروا يطرقون الباب، فنظرت أنا وزوجتي سهاد سعيد إبراهيم أبو سعيد، 34 عاما من نوافذ شقتنا وشاهدت القناصة يعتلون منزل د. خالد صيام المكون من 5 طابق مع الأرضي، وفتحنا الباب لعائلة عمتي، حيث كنت قد نزلت انا وزوجتي وأبنائي. وفي تلك الأثناء أطلق جنود الاحتلال النار تجاههم فأصيب ابن عمتي هاني اكرم العناني، 31 عاما، بعيار ناري في رقبته إصابة طفيفة فقمنا بعلاجه. بعد ذلك صعدت أنا وزوجتي وأبنائي إلى شقتنا في الطابق الأول، ومباشرة فور صعودنا أطلق جنود الاحتلال النار تجاه شقتنا ونوافذها، فقامت زوجتي بحماية أبنائها بجسدها حتى لا يصابوا فأصيبت هي بـ 5 أعيرة نارية في ظهرها فحملتها أنا وشقيقيها هاني وإبراهيم سعيد بربخ، 31 و36 عاما، وكانا عندي في الشقة، ونزلنا بزوجتي إلى الطابق الأرضي، ونزل أبنائي معي. حاولنا أنا وإخوتي وشقيقيها الخروج بها والذهاب بها إلى المستشفى الأردني الميداني الذي يبعد عنا حوالي 150 مترا جنوبا، إلا أن جنود الاحتلال أطلقوا النار علينا مباشرة فاضطررنا إلى العودة للمنزل، وكانت زوجتي في تلك الأثناء قد فارقت الحياة فقمنا بلفها بحرام ووضعناها عند درج المنزل. بقينا محاصرين وبدأنا نناشد الصليب الأحمر من خلال أهلي الموجودين في المواصي، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لإخراجنا من المنطقة، وبقينا محاصرين في المنزل وجثة زوجتي معنا. وفي حوالي الساعة 12:00 ظهر اليوم التالي الاثنين 25/3/2024، اتصل أخي أيمن وأبلغنا أنه سيتم إخراجنا من المنطقة عصرا حسب ما أبلغه الصليب الأحمر. في حوالي الساعة 3 مساء سمعنا صوت طائرة كواد كابتر تنادي على المحاصرين في منازل الحي الخروج إلى أماكن تمركز الجيش، فقمنا بوضع جثة زوجتي في غرفة نوم أخي محمد، وخرجنا باتجاه الجنوب حيث المستشفى الأردني الميداني ثم إلى الغرب للوصول إلى المواصي. سرنا مسافة حوالي 700 متر، بالقرب من المقبرة التركية، فلحقت بنا طائرة الكواد كابتر الإسرائيلية، وأمرتنا بالرجوع إلى مكان تمركز قوات الاحتلال عند مجمع ناصر الطبي وإلاّ سيتم إطلاق النار علينا. عدنا فوجدنا الجنود عند منزل خالد صيام حيث منازلنا، فقام جنود الاحتلال الاسرائيلي، بفصل النساء والأطفال على جهة والرجال على جهة أخرى، ثم أمرنا الجنود أمام النساء بخلع ملابسنا ما عدا البوكسر، وكذلك أمر النساء بخلع ما على رؤوسهن ليتأكد أنهن نساء وبعدها أمرهن والأطفال بالذهاب غرباً باتجاه المواصي. كان عددنا 50 شخصا، وضعونا في ممر عرضه متر ونصف بين منزلي جبر صيام وابو عزب، وبعد ساعة ونصف قام الجنود بتصويرنا وأخذوا بياناتنا الشخصية فردا فردا وأدخلونا غرفة في الطابق الأرضي، ونحن بالبوكسر داخل منزل جبر صيام الذي كانوا اعتلوه واتخذوه ثكنة عسكرية. بعد ساعتين أخرجونا من المنزل وأمرونا بارتداء ملابسنا ومن ثم قيدوا أيدينا بقيود بلاستيكية وعصبوا أعيننا بقطعة قماش برتقالية اللون، واقتادونا من بين المنازل إلى نادي خدمات خان يونس ووضعونا في صالة النادي الصغيرة وأمرونا بخلع ملابسنا ماعدا البوكسر وأجلسونا على الأرض المتناثر عليه الزجاج. كنا صائمين، وبعد أذان المغرب أحضروا لنا عبوة ماء لتر ونصف وكل واحد يشرب شربة واحدة، ولم يحضروا لنا الطعام للإفطار، وفي حوالي الساعة 8:00 مساء كتب الجنود أرقاما على أيدينا وصدورنا ورؤوسنا، وفكوا قيودنا والعصبة عن عيوننا وأمرونا بارتداء الملابس ومن ثم أعادوا تقييدنا وعصب أعيننا. وبعد ساعة جاء الجنود واقتادوا 30 معتقلا كان منهم أخي مسعود ومحمد وجاري هشام الرملاوي وبقيت أنا وحوالي 15 فردا في الصالة التي مكثنا بها حوالي يومين. بعد يومين نقلونا إلى منزل أحمد الحيلة بجوار نادي الخدمات، وأثناء تواجدنا في المنزل كانوا يعتدون علينا بالضرب ببساطيرهم كلما طلبنا منهم شيئا، مثل الذهاب للحمام أو النوم. بعد يومين تم الإفراج عني أنا وخمسة آخرين، وأمرونا بالتوجه إلى رفح وهددونا بأنه إذا غيرنا الطريق سيتم اعدامنا. وسرنا إلى إن وصلنا منطقة الشاكوش شمال رفح، ومن هناك ذهبت إلى مواصي خان يونس عند خيمة خالتي نزيهة ابو سعيد 60عاما.
بتاريخ 30/3/2024، تراجعت قوات الاحتلال عن المنطقة فتوجهت إلى المنزل انا وخالي وابنائه وخال زوجتي وعمها، وقمنا بدفن زوجتي بالمقبرة الغربية الخاصة بالعائلة وعدت إلى خيمة خالتي. صباح 8/8/2024، انتهت العملية البرية العسكرية بخان يونس، وأفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن أخوتي محمد ومسعود، وعلمت منهما إنه تم استخدامها طوال فترة اعتقالهما كدروع بشرية. وبعد أكثر من أسبوع عدنا إلى منازلنا وقمنا تنظيفها، وما زلنا فيها حتى الآن.
نسخة تجريبية