أغسطس 13, 2024
هكذا انهالت القذائف على مركز النزوح
مشاركة
هكذا انهالت القذائف على مركز النزوح

زينب أحمد محمد الخالدي، سكان شمال غزة منطقة السودانية، باحثة ميدانية متطوعة في وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

في 7/7/2024، كعادتنا اليومية نتوجه الى مراكز الإيواء ومراكز تقديم الرعاية الصحية كالمستشفى المعمداني او مستشفى كمال عدوان من أجل توثيق الانتهاكات التي يتم ارتكابها بحق الأطفال في شمال غزة.

وفى حوالي الساعة 6:00 مساء تقريباً، خرجت من مستشفى المعمداني وتوجهت إلى مدارس الدرج المشتركة التابعة لوكالة الأونروا بالقرب من موقف جباليا، والتي لا تبعد عن مستشفى المعمداني مسافة قصيرة، حيث تعد هذه المدارس أكبر مدارس الإيواء المكتظة بالنازحين من مختلف مناطق شرق غزة.

عند وصولي لمدخل المدرسة الأول من الجهة الجنوبية بحوالي 10 أمتار، تغيرت مجريات الأمور فجأة، حيث أطلقت طائرات الاحتلال أكثر من 6 صواريخ في محيط المنطقة، على بعد مسافة ١٥٠ مترا فقط من محيط المدارس باتجاه الشرق، أي قبل ما يعرف بسوق البسطات، مما تسبب بحالة كبيرة من الخوف والهلع بين النازحين والأطفال والنساء منهم بشكل خاص.

رغم ذلك أكملت طريقي ودخلت المدرسة لممارسة عملي وتعبئة استمارات خاصة بالأطفال المصابين خلال الحرب. كنت أعتقد أن المدرسة أكثر أمانا لأنها تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ولأنها من الأعيان المدنية المحظور استهدافها في القانون الدولي وتعتبر مشمولة بالحماية، وـآثرت البقاء مع جموع الناس من النازحين داخل المدرسة.

أثناء تواجدي داخل المدرسة باشرت تعبئة عدد من الاستمارات وأخذ عدد من الإفادات من السيدات المتواجدات في المدرسة، مع استمرار حالة الترقب والحذر.

في حوالي الساعة 6:30 تقريبا بدأت القذائف تنهال على المدرسة، أكثر من ٧ قذائف سقطت على ساحة ومباني المدرسة في الطابقين الثالث والرابع.

سرعان ما بدأت جموع النازحين داخل المدرسة بالهروب والخروج منها، خرجوا بشكل كبير جدا ومتدافع، حتى خلال خروجنا لم تتوقف أصوت القذائف.

لا أعلم كيف كنت أركض مع جموع الناس، لا أحد يعلم ماذا يحدث، وأين يذهب. وعند وصولي لبداية شارع يافا من منطقة السدرة، سقطت قذيفة في محيط المكان لا اعلم مكانها، لتتناثر شظاياها على الناس الهاربين من خطر الموت.

سقطت على الأرض، حيث وصلت الشظايا الحارقة لرجلي أسفل الركبة كأنّها قطع سوداء حرارتها مرتفعة جدا تلتصق بالجسم وتسبب حروق وجرح ،كانت تشبه الحديد المنصهر لونها أحمر وأسود.

حاولت مواصلة السير والخروج من المنطقة بمساعدة عدد من النازحين باتجاه موقف جباليا. وهناك كان عدد من الشهداء والإصابات على الأرض كلهمً نساء وأطفال، لم يلتفت أحد لهم بسبب حالة الذعر والخوف، حيث شاهدت عربة كارو تقوم بنقل المصابين إلى المستشفى المعمداني الذي تبين أنه أغلق بسبب أوامر الإخلاء من الاحتلال، وأبلغوهم بنقل المصابين إلى مستشفى الإندونيسي.

واستمريت بالمشي رغم إصابتي، وكانت حالة الخوف تغطي على الوجع. كنت أهرب بسرعة مع الناس وأبكي من شدة التعب والخوف، وتمكنت من الوصول لمفترق الصحابة، حيث كانت طائرات الكواد كابتر منتشرة بالمكان بشكل غير مسبوق على ارتفاعات منخفضة جدا، وتطلق نيرانها بشكل عشوائي. كان المشهد يشبه أهوال يوم القيامة، الجميع يهرب بنفسه بحثا عن طوق النجاة.

عندما وصلت منطقة ضبيط، كان الاتصال جيداً، لم اتمكن بعدها من السير من شدة الالم والوجع، وتواصل معي عدد من الزملاء للاطمئنان عليّ، حيث تم نقلي لعيادة أصدقاء المريض. وبعد أقل من ساعتين سمعت صوت قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف في محيط منطقة الجامعات، حيث قررت الخروج والتوجه شمالاً باتجاه منطقة الصفطاوي.