رشدي زياد رشدي الظاظا، 32 عامًا، سكان حي الزيتون في غزة.
أنا متزوج من السيدة هديل الدحدوح، 25 عامًا ولدينا طفلان، هما محمد، 4 سنوات، وزين سنة واحدة.
بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وكانت الأمور ما تزال صعبة مع استمرار القصف وسقوط الآلاف من الشهداء والجرحى، وتدمير المنازل والاعتقال.
في أول اسبوع من الحرب زادت قسوة الاحتلال وهدد السكان (اعتبارًا من 13 أكتوبر) بإخلاء شمال القطاع والذهاب إلى الجنوب، ولكننا قررنا البقاء في غزة.
بعد اليوم العاشر من العدوان، قصف الاحتلال عماراتنا المكونة من عدة طوابق عبارة عن شقق منفصلة. استهدف القصف الشقة المقابلة لشقتي، مما أدى إلى إصابة شقيقي محمود، وكانت إصابته في ظهره وإصابة براءة، زوجة أخي الآخر، وكانت حاملاً في الشهر التاسع مما نتج عنه إصابتها بجروح في ظهرها ما أثر على حملها.
مع اشداد القصف اضطررنا للنزوح من منزلنا إلى بيت خالي، في منطقة الشمعة، وكان يوجد في البيت أكثر من عائلة نازحة واستمر وجودنا هناك 20 يومًا. ونتيجة صعوبة الوضع رجعنا إلى بيت اهل زوجتي في منطقة الزيتون.
بدأت العملية البرية لقوات الاحتلال تتوسع وتقترب من مكان نزوحنا، فاضطررنا إلى النزوح إلى بيت جيراننا من عائلة المغربي.
بتاريخ 6 ديسمبر، حاصرت قوات الاحتلال المنزل الذي نقيم فيه، وأطلقت العديد من القذائف العشوائية وقنابل الغاز ولم نستطع تحمل راحته وخصوصًا الأطفال، وقمنا بوضع مناديل مبللة لحماية أنفسنا من الرائحة حتى لا يصاب أحد بمكروه.
كما أطلقت طائرات الكواد كابتر الرصاص في محيط المنزل، وبعدها بلحظات فجرت قوات الاحتلال سور المنزل، ليداهم الجنود المنزل ومعهم أسلحة قنص أشهروها نحونا. تحدث والدي مع الجيش باللغة العبرية حيث طلبوا منا إخلاء المنزل فورًا. خلال ذلك دفعوني على الأرض، ووضع أحد الجنود حذاءه على رأسي، وقال لي أحد الجنود بصوت عالٍ: أنت من النخبة. فرددت عليه أنني مدني، زلمة أرزقي أعمل في البناء.
اقتادني الجنود مع أربعة آخرين، منهم والدي، إلى مكان آخر بعد تقييد أيدينا، حيث اقتادونا إلى منزل آخر لعائلة حجاج بشارع السكة أول الشجاعية، وكان الجنود يستخدمونه كموقع لهم. بعضهم أخضعونا نحن والنساء لعملية تفتيش. منزل حجاج مكون من 3 طوابق وحولوه إلى مركز ومقر للتحقيق. تم اقتيادي إلى الطابق الثالث، وطول فترة صعودي كنت أتعرض للضرب على أنحاء جسمي مما أدى إلى كسور في ريش صدري، بسبب الضرب المبرح الذي كان بالأيدي والأرجل وأعقاب الأسلحة. عند وصولي لغرفة التحقيق، سألني أحد ضباط التحقيق هل يوجد ألم، فأجبته، نعم، بعدها وضع الضابط كمية تراب في فمي، ثم أسقاني مياه قسرا، بهدف تعذيبي، وتسبب ذلك في مشكلة صحية لي حيث كنت أتنفس بصعوبة بسبب سكب الماء فوق التراب في فمي. ثم نقلوني إلى غرفة أخرى في الطابق نفسه، كنتُ مقيد اليدين والرجلين، ومعصوب العينين، وسألني الضابط الموجود: هل تريد العودة إلى أولادك؟ قلت له نعم. قال: يجب عليك الاعتراف والإجابة على الأسئلة بشكل عاجل. وكانت أسئلته تتركز حول 7 أكتوبر وأين كنت. وعندما أخبرته أنني مدني ولا أعرف شيئا نقلني إلى غرفة أخرى للتعذيب. كانت عملية التعذيب عملية ضرب استمر 3 ساعات في مناطق مختلفة في جسدي، ضربوني على رأسي وأعضائي التناسلية وجوانبي بأيديهم والأرجل والأسلحة، وكنت أشعر بألم شديد جدًا.
بعد عملية الضرب، أحضر شاشة حاسوب وفتح عليها خارطة تبين تفاصيل منطقتنا التي أسكن فيها بشكلٍ واضح وسألني عن بعض الأشخاص والامكان في المنطقة. وخلال ذلك كانوا يساوموني بأن أدلي بمعلومات كي أخرج وأعود لأبنائي والتوجه للجنوب، وكنت أبلغهم أنني لا أعرف شيئا لأنني مدني وفي عملي.
بعدها أخرجوني من الغرفة وأجبروني على المشي على شرائح من الزجاج المكسر والمنتشر على الأرض، ما تسبب بجروح في رجلي مع ألم ونزيف دم من تلك الجروح. بعدها أحضر الضابط زوجتي وطلب منها أن تطلب مني الاعتراف وأن أقول الحقيقة وإلا سوف يتم إعدامنا.
بعدها أرجعني إلى غرفة التعذيب، ليعود إلى ضربي بعنف وشدة بالسلاح على رأسي وأكتافي إضافة إلى لكمات في كل أنحاء جسمي مع السب والشتم واستمر ذلك حوالي ساعة ونصف. كل ذلك كان يجري وأنا عاري الجسد إلاّ من اللباس السفلي (البوكسر)، فقلت لهم إنني أشعر بالبرد، فقام أحد الجنود بإحضار كيس من الرز وأفرغ ما فيه على رأسي. وعندما طلبت منهم الذهاب إلى الحمام كان يقول اعملها على الأرض مكانك، وهذا ما قيل أيضًا لباقي المعتقلين المحتجزين في المكان.
بعدها تم نقلنا عبر مدرعة إسرائيلية إلى مكان لا أعرف أين، لكنه منزل في قطاع غزة، كان من الواضح أنهم حولوه إلى موقع عسكري، وكانت فترة تواجدنا داخل هذا الموقع 3 أيام وكان يتكرر فيها تعريضي للضرب الشديد. ونتيجة لذلك خاصة مع ضربي المتكرر على رأسي بدأت أعاني من الهلوسة. وسحبوا مني عينة دم وأجروا تحليلا، وكذلك سحبوا من زوجتي، وألبسوني ملابس عبارة عن ترنق لون سكني. وجرى نقلنا إلى سجن داخل إسرائيل عبارة عن بركس، كان يوجد به حوالي 100 معتقل، وهناك خضعت للتحقيق أيضًا. نقلت إلى أكثر من سجن لا أعرف ما هي ولا أين، وفي كل مرة كان هناك جولات تحقيق وضرب في أنجاء الجسم. طول تلك الفترة لم يتم عرضي على محكمة أو محامي أو قاضي، كنت أشعر أن اعتقالي والبقية عبارة عن عملية انتقام.
ذهابنا إلى الحمام كان معاناة، فعندما أطلب منهم الذهاب يقول انتظر ويسمح بذلك مرة واحدة، وكان الحمام صغيرا يفتقد لمعايير النظافة.
أفرج عني من سجن النقب بعد عملية اعتقال استمرت 37 يومًا، (لا يذكر التاريخ ،لكن بداية يناير 2024) وكانت حالتي الصحية صعبة بسبب ما تعرضت له من تعذيب وضرب، فطوال مدة الاعتقال كنت كبقية المعتقلين مقيداً من الرجلين واليدين.
جرى الإفراج عني عبر معبر كرم أبو سالم أنا وحوالي 70 معتقلا ومن هناك نقلت إلى مدرسة السلام التي تتخذ مركز إيواء. عندما أفرجوا عني لم يعيدوا لي بطاقة الهوية ولا الهاتف ولا النقود التي كانت معي وهو وأمر تكرر مع البقية.
عندما أفرج عني لم أكن أعرف شيئا عن طفليّ، ولاحقا علمت أنهما موجودان عند أقارب لنا في شمال غزة. وبتاريخ 26/1/2024 تم الإفراج عن زوجتي وكان وضعها صعبًا حيث تعرضت للتعذيب، ولاحقًا استطعنا قبل نحو أسبوعين أن نجتمع مع طفلينا حيث أحضرهما أحد أقاربنا مع النزوح الجديد نتيجة الجوع في شمال غزة، وحاليا نعيش في خيمة ونعاني من أثر الحرب والحصار.