أبريل 14, 2024
هروبا من مرار التجويع وصولا لمرار العيش في الخيام
مشاركة
هروبا من مرار التجويع وصولا لمرار العيش في الخيام

نهى جهاد محمد غانم، 30 عاما، متزوجة وأم ل ٣ أطفال، سكان بيت لاهيا العطاطرة والآن نازحة في رفح جنوب قطاع غزة.

أنا متزوجة من أنور عبد المعطي مصطفى غانم، ولدينا 3 أطفال: عبد المعطي 7 سنوات، رقية 5 سنوات، وركان سنة واحدة.

عندما بدأت الحرب في 7 أكتوبر2023 كنت في منزل والدي في مشروع بيت لاهيا ونحضر أنفسنا لوجود فرح في منزل أهلي، وفي ذلك اليوم بدأت الصواريخ تخرج من جميع الجهات فبقيت في منزل والدي بناء على طلبه في ظل غياب زوجي الذي يعمل في إسرائيل.

كان الوضع في غاية الرعب خصوصا بعد نزوح عدد كبير من السكان من المنطقة. لم نعان في الفترة الأولى من أي مشكلة مع الغذاء بسبب توفير والدي معظم الأغذية والطحين في المنزل، ولكن الخوف الحقيقي كان من القصف العشوائي للمناطق دون سابق إنذار.

قبل بدء الهدنة (24 نوفمبر 2023) بأسبوع قصفت مدفعية جيش الاحتلال في ساعات الفجر مدرسة تل الربيع وتل الزعتر وهي ملاصقة لمنزل والدي الذي كنا فيه دون سابق إنذار، ما أدى إلى وقوع إصابات وشهداء بين النازحين في المدرستين وقصف أكثر من منزل في محيط المنطقة المتواجدين فيها.

من شدة الخوف أصبحنا نردد الشهادتين ونظن بأن المنطقة سيتم قصفها بالكامل علينا. عشنا ليلة في غاية الرعب، رأينا الشهداء جراء القصف ومنهم من تم حرقه جراء القذائف في مدرسة تل الزعتر والإصابات في مدرسة تل الربيع الملاصقة لها.

في الساعة الخامسة فجرا، بعد أن طل النهار قليلاً، حملنا أغراضنا وهربنا إلى عيادة الوكالة في معسكر جباليا وبقينا إلى جانب أختي في خيمة نصبتها في زاوية في الطابق الثالث من العيادة. وبعد يومين من نزوحنا توغلت قوات الاحتلال في مشروع بيت لاهيا وعلمنا انه تم تدمير منزل والدي جزئيا.

كنا نعتمد في أكلنا في عيادة الوكالة على التكيات والطعام الذي يتم تقديمه فيها وكنا في داخل الخيمة أكثر من 20 شخصا في زاوية صغيرة من العيادة.

كنت في ذلك الوقت أقوم بالتواصل مع زوجي ولكن منذ نزوحنا على العيادة لم أعلم شيئا عن زوجي وفيما بعد علمت بأنه تم اعتقاله عندما أراد الرجوع لغزة وبقي معتقلا 30 يوما لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وعند اعلان الهدنة، عدنا لمنزل والدي فوجدنا به أضرارا بليغة. قمنا بتنظيف مكان سليم في المنزل لم تصله قذائف المدفعية ومكثنا فيه. وفيما بعد علمنا أيضا أنه تم اعتقال والدي وهو أيضا من عمال اسرائيل عند مروره عن حاجز متوجها للضفة بحثا عن مكان آمن وأمضى مدة 30 يوما معتقلا لدى قوات الاحتلال.

كنت أقوم بدور الأم والأب في ظل غياب زوجي والخوف الذي أعيشه من القصف ونقصان الموارد في قطاع غزة.

عند عدم تجديد الهدنة واستئناف القصف في 1 ديسمبر 2023، نزحنا مرة أخرى لعيادة الوكالة، ولكن من كثرة النازحين في عيادة الوكالة لم نجد مكانا للبقاء فيه. قام والد زوجي بأخذي من العيادة إلى منزل في منطقة المشاهرة في غزة، وبقينا مدة شهر تقريبا. كان الحصول على الطعام والمياه صعبا جدا في ظل عدم وجود عمل وكل المتواجد كان بعض المعلبات، كنا بصعوبة نحصل على الطعام ولم يكن يتوافر مياه شرب أو حتى المياه العادية فكنا نقوم بشرائها عند توفرها وفي بعض الأحيان تتوفر للتعبئة بالمجان.

ابني البالغ من العمر سنة يعاني من نزلات معوية متكررة وإسهال متواصل وكنت أخاف أن يصيبه الجفاف بسبب قلة الأكل والسوائل المتوفرة في غزة ولا يوجد أطباء للجوء إليهم لمعالجة صغيري ولا يوجد مقومات في المكان لأحافظ على حياته، فكنت أرى وزنه ينقص بالتدريج وليس بيدي حيلة.

ثم نزحنا من منطقة المشاهرة بسبب قيام قوات الاحتلال بالدخول لمنطقة الدرج والتفاح وقمنا بالنزوح لمنطقة الميناء، غرب غزة. وكان يتواجد في محيط الميناء دبابات جيش الاحتلال فكنا نبعد عنهم مسافة بسيطة وكان يحيط بالمنزل الذي كنا فيه 4 مدارس، ولكن أطلقت قوات الاحتلال القذائف على مدرسة يملؤها النازحون ونجم عن قصفها عدة إصابات وشهداء بالمكان. ولكن مع عدم شعورنا بالأمان بعد ان تم قصف المدرسة نزحنا مرة أخرى إلى منطقة المشاهرة هربا من الموت المحيط بالمكان مع انعدام الأكل والمياه في المكان في ظل ظروف صعبة جدا خلال 15 يوما فكنا نطبخ وجبات الأرز ومع انقطاع الطحين كنا نشتري القمح ونطحنه ونقوم بعمله فطير لتوفير الأكل قدر المستطاع وتوزيع الفطير على الموجودين وكلا حسب توفيره للطعام ليبقى معه أطول فترة ممكنة.

فكنا نقوم بالصيام لتوفير الطعام وكنت أعاني من قلة الحليب المدر لطفلي وصغيري يبقى بلا غذاء ويبكي طوال الوقت من قلة الحليب الموجود في صدري جراء انعدام الغذاء فكنت أقوم بطحن الأرز لصغيري وأحاول إطعامه إياه ولكنه رفض الأكل.

ثم نزحنا إلى معسكر جباليا مرة أخرى بسبب اكتظاظ النازحين في المنزل المتواجدين فيه وبسبب انعدام الطعام في المكان ورغبة والد زوجي بالتوجه إلى منزلنا في منطقة تل الذهب على أمل الوصول والحصول على ما هو متواجد في المنزل من طعام وشراب.

فتوجهنا مرة أخرى لمعسكر جباليا لمنزل أحد الأقارب. كنا نعيش وسط أوضاع صعبة جدا لا طعام ولا مياه. كنا نقوم بشراء كسبة الأرانب وذرة الحمام لطحنها وعملها طحين لنقوم بخبزه لسد جوعنا. ولكن بسبب ازدياد الوضع سوءا والمعاناة تزايدت والأسعار خيالية للبضائع وأجسادنا نحلت من قلة الطعام وسوء التغذية فقررت النزوح للجنوب حيث زوجي الذي أفرج جيش الاحتلال عنه في رفح ومنعه من التوجه للشمال.

تواصلت مع زوجي وقمت بالتوجه للجنوب في شهر 3/2024. كانت الأمور ميسرة إلى حد ما في طريقي للجنوب بسبب أنني امرأة مع أطفال ووصلت للجنوب وفي الوقت الحالي اسكن في خيمة مع زوجي وأبنائي في ظروف قاسية جدا.

زوجي لا يستطيع السير على قدميه كثيرا بسبب قيام جيش الاحتلال بتعذيبه بالكهرباء ونعتمد في طعامنا على التكيات القريبة من المكان ونقوم بمشي مسافات لتعبئة المياه.

ابنائي مصابون بنزلات معوية والاسهال المتواصل بسبب الوضع واقوم بإعطاء ابني ذو ال 7 سنوات مكملات غذائية

يزداد الوضع صعوبة مع مرور الوقت ما تبقي في حوزتي من مال ينفد ولا يوجد عمل والأوضاع تزداد سوءا والقصف يقترب كل يوم منا. أصبحت أعيش في خوف من فقدان أحد من عائلتي ولا نعلم ما هو مصيرنا في رفح بعد تهديدات جيش الاحتلال بالدخول البري لمنطقة رفح والتي كان يدعي بأنها منطقة امنة وقد نزح اليها غالبية سكان شمال قطاع غزة.