سندس وائل عارف شملخ، 21 عامًا، سكان الشيخ عجلين بغزة، نازحة الى مستشفى الشفاء.
في 15 أكتوبر 2023، أي بعد أسبوع من بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قصف جيش الاحتلال كورنيش البحر القريب جداً من منزلنا بصاروخ من الطائرات الحربية دون أي إنذار للسكان المحيطين به.
بدأ الذعر والقلق ينتابنا فجهزنا حقائب النزوح وتجمعنا في الطابق الأرضي، وفي حوالي الساعة التاسعة مساءً سمعنا صوت الناس تهرب وتصرخ متجهين إلى جنوب القطاع، فقد اتصل جيش الاحتلال على أحد جيراننا وأمهله ساعتين فقط لإخلاء المنطقة.
خرجنا خلال دقائق معدودة، البعض منا كان حافي القدمين يمشي على الزجاج والحجارة، والدم ينزف من أرجلهم، حتى وصلنا مستشفى القدس في حي تل الهوى في مدينة غزة ومكثنا هناك لمدة شهر.
خلال مكوثنا في مستشفى القدس، وزعوا علينا مساعدات بعضها منظفات والبعض الآخر معلبات. كنا في البداية نشتري الخبز من مخبز خيرات الشام ومخبز اليازجي الواقعان في منطقة تل الهوا إلى أن قصفهما الاحتلال.
لم يكن لدينا طحين، أصبحنا نأكل الأرز المطهو من مطبخ برشلونة، أيام قليلة ثم قصف الاحتلال المبطخ، فأصبحنا لا نملك طحين ولا أرز ولا حتى غاز للطهي، بدأنا نأكل المعلبات بالملعقة دون أن نشعر بالشبع.
أما المياه فقد كنا نشرب المياه المالحة من الصنبور ونصاب بالعديد من الأمراض والنزلات المعوية دون أن نجد أدوية للعلاج.
خلال هذا الشهر كان هناك عدة أحزمة نارية قريبة جداً من المستشفى، وحوصرنا فيه وأصبح من الصعب الخروج منه. وفي هذه الأيام وبعد انتهاء المعلبات عشنا حوالي عشرة أيام في جوع شديد لا أستطيع نسيانه، خلالها كان طاقم الإسعاف الذي يذهب إلى مستشفى الشفاء يحضر لنا بعض التمر لنأكله.
في 30 أكتوبر 2023، قصف جيش الاحتلال الاسرائيلي برجا قريبا من مستشفى القدس فتطايرت الشظايا علينا ولكن دون وقوع إصابات في عائلتي “الحمد لله”.
وفي يوم لا أذكر تاريخه تحديداً، تبرع أحد النازحين لنا بالقليل من الطحين، وصعدت على الطابق العاشر كي أخبز، فإذا بقناص الجيش يطلق النار على رؤوس شباب وبنات مدنيين قد أطلوا من شباك المستشفى، فوقعوا شهداء في لحظتها. تركت الخبز وهربت في لمح البصر من هول المشهد.
في 14نوفمبر 2023، أُبلغ مدير مستشفى القدس بأنه سيتم إخلائها في اليوم التالي الساعة العاشرة صباحاً، فاستعدينا للنزوح.
أثناء صباح اليوم التالي متجهين من شارع أبراج تل الهوى، قام قناص جيش الاحتلال بإطلاق النار تجاه عدة أشخاص كانوا يمشون أمامنا فارتعبنا وعدنا إلى المستشفى ركضاً نبكي من شدة الخوف.
بعد وقت قصير قاموا بتأمين ممر لخروجنا من المستشفى، حملنا فراشنا على عجل ومن شدة الخوف كدنا أن نتركهم، مشينا ما يقارب ساعتين حتى وصلت مع عائلتي إلى منطقة الصحابة، وقد رفضنا الذهاب إلى جنوب قطاع غزة فلا يوجد لنا أقارب هناك وسنمكث في الشارع إن ذهبنا.
كانت منطقة الصحابة في ذلك الوقت تشهد هدوءا نسبيا، والأهم من هذا كله أنه كان هناك سوق نستطيع شراء المواد الغذائية منه.
في 3 ديسمبر 2023 شن جيش الاحتلال حزاما ناريا شديدا في المنطقة ليلاً أصابنا الرعب لساعات طويلة، وما إن حل الصباح حتى قررنا النزوح إلى مستشفى الشفاء الطبي، فقد سمعنا من الجيران أن جيش الاحتلال ألقى مناشير تفيد وجوب توجهنا إلى منطقة غرب غزة.
بدأنا نعاني من جديد في هذا المركز للإيواء من عدم توفر مياه صالحة للشرب ولا حتى للاستخدام اليومي فهي مياه بحر شديدة الملوحة تصيبنا بالحكة الشديدة.
ونعاني من حالة جوع شديدو، حيث نأكل وجبة واحدة مكونة من الأرز فقط، والذي شح وجوده في السوق هذه الأيام.
سوء التغذية وكثرة المشقة في الأعمال المعيشية اليومية التي ازدادت صعوبة لعدم توفر المياه والكهرباء يجعلني أعاني من دوار بشكل مستمر.
نسخة تجريبية