سعدية إبراهيم محمود أبو هربيد، 44 عامًا، متزوجة أم لسبعة أطفال، سكان بيت حانون.
أنا مريضة سرطان أسكن في مدينة بيت حانون، شمال غزة، وهي منطقة حدودية ومجرد ما يحدث تصعيد ننزح منها إلى جباليا. وهذا ما حدث بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، حيث نزحنا الساعة الرابعة عصرا إلى مدرسة حلب في جباليا. كانت معاناة كبيرة، حيث نزحت بدون حذاء ولم أتمكن من أخذ أي شيء معي سوى شنطة يد صغيرة، وذلك من شدة القصف العنيف؛ إذ كانت الأحزمة النارية لا تفارق المنطقة وكان الدخان يملأ أرجاء المكان.
خلال نزوحنا اضطررت للجلوس على أرصفة الطرقات أكثر من عشر مرات لعدم قدرتي على السير لمسافات طويلة، مشينا ما يقارب خمس ساعات لأنني كنت أمشي ببطء كوني متعبة من جرعة الكيماوي، وكنت أتوقع وفاتي في أي لحظة.
كنت أخذت آخر جرعة كيماوي في 29/9/2023، وكان المفترض يكون عندي جرعة كيماوي في مستشفى الصداقة التركي بتاريخ 10/10/2023، ولكن لم أتمكن من أخذها نتيجة الحرب.
مكثت في مدرسة حلب ثلاثة أيام فقط، وبمجرد وصولي استلقيت على الأرض، أقدامي متورمة، وكنت متعبة نفسيا وجسديا لا أقوى على الحركة ولا أستطيع التنفس. لم يكن هناك أغطية ولا فرشات ولا أكل وأنا مريضة سرطان وممنوع عليّ أكل المعلبات ولكن اضطررت لأكلها من الجوع، ولم يكن هناك أدوية أو مسكنات أستطيع أخذها والمياه مالحة وضعي كان صعبان والحمامات سيئة، وكنت أنتظر على الدور وهي أصلا غير صالحة للاستعمال.
بعد اشتداد القصف بالقرب من المدرسة ورؤية الشهداء والمصابين في المكان من شدة القصف والفسفور الأبيض والدخان الذي يملأ المكان كوننا كنا على مقربة من المستشفى الإندونيسي ووضعي الصحي لا يحتمل أن استنشق البارود أو الدخان قررنا التوجه إلى الجنوب خوفا من إغلاق الاحتلال الطريق بين الشمال والجنوب ونضطر إلى المشي على الأقدام. وبالفعل نزحنا بتاريخ 10/10/2023م إلى مدرسة دير البلح الابتدائية المشتركة.
مرضي اكتشف في 15/1/2021، حيث تبين وجود ورم لدي في الثدي وفي حينه حولت لمستشفى الرنتيسي لأخذ الجرعة الكيماوية، وأخذت 8 جرعات كيماوي، وبعد ذلك أجريت عملية لاستئصال جزء من الثدي وبعد الاستئصال حولت إلى المستشفى الاستشاري برام الله لاستكمال العلاج الكيماوي، وأجريت لاحقا تصويرًا وتبين أن الورم لا يزال موجودا، فأخذت 8 جرعات كيماوي أخرى. وبعد ذلك حولت مرة أخرى إلى مستشفى الصداقة التركي في غزة لمتابعة العلاج ومن ثم حولت لمستشفى المطلع في القدس لأخذ العلاج الإشعاعي، ومكثت هناك مدة شهر ومن ثم رجعت إلى غزة بتاريخ 28/3/2023، وبعد مكوثي ثلاثة أيام في غزة تم تصويري في مستشفى الصداقة التركي وتبين أن الورم رجع، وكتبوا لي 16 جرعة إضافية أخذت منهم فقط جرعتين. ونتيجة الحرب لم استكمل جرعاتي الكيماوية، كان هناك 10 جلسات يفترض أنني أخذتهم خلال مدة الحرب ولم أستطيع أخذهم. كنت أحتاج كل 15 يوما جرعة لصعوبة وضعي الصحي حسب البرنامج العلاجي، وعدم أخذي للجرعات ضاعف من معاناتي وتفاقم الألم وصعوبة النوم في الليل من الألم الشديد.
عندما أتيت إلى مركز الإيواء لم يكن هناك أي فرشات أو وسائد أو أغطية، ونمت على الأرض وجعلت من شنطة اليد وسادة. في ساحة المدرسة نصبنا خيمة عبارة عن شادر عندما يكون هناك أمطار نتبهدل وتغمر المياه خيمتنا والفراش الخاص بنا ولا نستطيع النوم. أصبح وجهي شاحبا، لا يوجد أكل صحي، ولا يوجد عندي مناعة، ولا يوجد أكل ولا خضروات ولا أي نوع من الفاكهة. أنا أحتاج إلى أكل صحي لكن للأسف غير متوفر. بدأت أعاني من الضغط المرتفع ولكن حتى دواء الضغط غير متوفر. من شدة البرد بدأت أشكو من وجع العظم، وأصبح عظمي يؤلمني كثيرا ولا يوجد مسكنات لذلك أصرخ من شدة الألم.
كل يوم أراجع لجنة التنسيق لسفر المرضى في مستشفى شهداء الأقصى لمعرفة موعد سفري، حيث إنني حصلت على تحويلة عاجلة إلى الإمارات العربية المتحدة في شهر نوفمبر الماضي وحتى الآن لم أتمكن من السفر لاستكمال علاجي.
نسخة تجريبية