رائدة حمدان رشدي دغمش، 33 عاماً، سكان حي تل الهوا في غزة
في حوالي الساعة التاسعة صباح يوم السبت 9 ديسمبر 2023، بينما كنت داخل المطبخ في بيتنا أجهز الفطور إذ بصوت انفجار كبير، رأيت جدران المطبخ تنهار على رأسي، ومن ثم حل الظلام ولم أر شيئاً. صرخت من شدة الألم وإذ بصوت أختي تناديني وتسألني: هل أنت بخير؟ هرعوا باتجاهي وأزالوا الحجارة من على جسدي، وكانت رجلي مكسورة، والجلد مفتت تماماً، وكان لدي زيف شديد جدا. نقلوني إلى المستشفى الأردني في غزة بسيارة، لصعوبة التواصل مع الإسعاف. في المستشفى حاولوا ضم العظام على بعض والتعامل مع الإصابة ووضع ضماد. لم يكن هناك تصوير إشعاعي، وأخبروني بضرورة نقلي إلى المستشفى المعمداني من أجل التصوير الإشعاعي. وهناك أخبروني بضرورة نقلي إلى مشافي الجنوب حتى يستطيعوا التعامل مع حالتي حيث لا أطباء في غزة ولا تتوفر أية معدات طبية.
كانت سيارة الإسعاف بانتظاري، ويجب أخذ قرار سريعا بالذهاب. لم يكن لدي خيار آخر، ولا أملك أي مقتنيات. خرجت فقط ببطاقة هويتي الشخصية أنا وأختي وذهبنا معاً، خرجنا الساعة الثانية ظهراً. كان هناك سبعة ناقلات إسعاف أمامنا وخلفنا سيارتين للأنروا، وتحركنا عبر شارع صلاح الدين باتجاه الجنوب. وصلنا إلى مفترق الشهداء (نتساريم) حيث كانت تتمركز قوات الاحتلال، وأوقفوا ناقلات الإسعاف ودخلوا علينا في المركبات بأسلحتهم. طلبوا مني رفع رأسي، حيث كنت أستلقي على الفراش، ثم أنزلوا كل من كان متواجدا من طواقم الإسعاف ومرافقي المرضى وفتشوا المركبات وحققوا معنا، وطلبوا مني رفع الغطاء الذي كنت أغطي به إصابتي وطلبوا مني إخراج هويتي.
وأكملت الحديث أختها نجوى دغمش:
أنزلوني من الإسعاف.. كنت خائفة وأتشاهد، حيث اعتقدت أن الموت حتمي. طلبوا مني إخراج الهوية الشخصية وأخبرني الجندي موجهاً سلاحه نحوي بقراءة رقم الهوية. لم أكن أملك نظارتي، فأخبرته أنني لا أرى الأرقام، فصرخ علي وطلب من مسؤول الإسعاف قراءتها فقرأها له. ثم أجبرني على خلع حجابي وقام بتصويري بكاميرات يحملونها وأخبرني أن أقف بعيدا. رأيت أمامي اعتقال بعض الرجال والنساء المرافقين للمرضى. كما أنهم اعتقلوا أحد رجال الإسعاف حيث طلب منه أحد جنود الاحتلال التوجه بعيداً لاعتقاله وأخبروه أنه يعمل في مستشفى شهداء الأقصى. ثم سمعت أحد الجنود ينادي باسمي وأخبرونا بالانطلاق. أوقف سائقو الإسعافات المركبات اعتراضاً على اعتقال زميلهم، ولم تتحرك أي مركبة سوا التي نركبها لأن عجلاتها مفرغة من الهواء فيجب أن تتحرك لنفخ العجلات. انطلقنا من الحاجز بعد تأخير أربع ساعات لنصل إلى مستشفى أبو يوسف النجار الساعة التاسعة مساءً. لم نعلم ما الذي حصل مع مركبات الإسعاف ومع جميع من بقي داخل المشفى.
أجروا عملية وتركيب بلاتين لرجل اختي ومتابعة حالتها يوم الأربعاء الموفق 3 يناير 2024، ثم كتبوا لها خروج من المستشفى لحالة لعدم الاتساع.
أنا وأختي المصابة لوحدنا لا نعرف أحدًا، وأهلنا جميعهم ما زالوا في محافظة غزة لا نعلم عنهم شيئا، حيث لا نستطيع التواصل معهم.
خرجنا متوجهين إلى مراكز الايواء في مدارس الأونروا أخبرنا بها سائق سيارة وهي مدرسة تل السلطان في رفح. مكثنا داخل المدرسة يومين، وساءت حالة أختي، حيث أصابها التهابات. أخبرنا المسؤول عن مركز الايواء أن حالتها صعبة وأنها ستتلقى العديد من الصعوبات ببقائها داخل المدرسة، وطلب منا العودة إلى المشفى. رجعنا إلى المشفى حيث لا مكان لنا للذهاب إليه ونحن ما زلنا هنا داخل المشفى، تبقى أختي على سرير في ممرات المشفى نعاني العديد من الصعوبات حيث أدنى أساسيات الحياة غير متوفرة، حيث إنني لم استحم حتى يومنا هذا بسبب عدم توفر أماكن للاستحمام أو أي مواد تنظيف أو حتى ملابس شخصية.
نسخة تجريبية