بعد قتل 13 فلسطينيينًا منهم ثلاثة أطفال في نابلس وطولكرم
مؤسسات حقوق الإنسان تدين تصاعد جرائم قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية
تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات استمرار جرائم القتل بما فيها الإعدام خارج نطاق القانون التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية، والتي أسفر أحدثها عن استشهاد 13 فلسطينيي منهم ثلاثة أطفال، في حادثين منفصلين في نابلس وطولكرم.
يأتي ازدياد جرائم القتل التي تقترفها قوات الاحتلال في الضفة الغربية في وقت تستمر فيه تلك القوات الاحتلال في هجومها العسكري الواسع على قطاع غزة، بما في ذلك ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، التي بدأت تتكشف فصولها منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر.
ووفقاً للمعلومات التي جمعها باحثونا، فقد قتلت قوات الاحتلال، خلال هجوم عسكري على مدينة طولكرم ومخيمي طولكرم ونور شمس، والذي استمر من الساعة الرابعه من فجر الأربعاء 17 يناير وحتى حوالي الساعة الحادية عشرة من ليلة يوم الخميس 18 يناير/ كانون الثاني 2024، ثمانية فلسطينيين من بينهم ثلاثة أطفال بالإضافة إلى قتل خمسة فلسطينيين قتل مستهدف في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من مدينة نابلس، وذلك خلال ساعات فجر يوم الأربعاء 17 يناير/ كانون الثاني 2024م.
وفي التفاصيل، فإنه وعند حوالي الساعة 1:30 من فجر الأربعاء، هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم بلاطة للاجئين شرقي مدينة نابلس، بمساندة طائرات مسيّرة، واندلعت مواجهات تخللها اشتباكات مع مقاومين فلسطينيين. عند الساعة 3:30 صباحًا انسحبت القوة بشكل ظاهري من المخيم المذكور، وبقيت الطائرات المسيرة تحوم في سماء المدينة، وبعد 10 دقائق، أطلقت طائرة مسيّرة صاروخًا نحو مركبة فلسطينية كانت تسير على شارع جمال عبد الناصر عند مفرق شارع القدس المتاخم لمخيم بلاطة من الجهة الجنوبية الغربية، أصاب المركبة، وأدى إلى احتراقها بمن فيها. بعد أقل من خمس دقائق دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات كبيره ترافقها جرافة إلى منطقة استهداف المركبة وحاصرتها ومنعت طواقم الإسعاف الفلسطينية من الاقتراب منها، وأحضرت الجرافة التراب من قطعة أرض مجاورة ووضعته على المركبة المستهدفة بهدف إخماد النيران فيها، ومن ثم سحبتها من تحت التراب، وأخرج الجنود عددًا من الجثامين المتفحمة من داخلها، ووضعوها في أكياس سوداء واحتجزوها معهم إلى جانب مصادرة المركبة، وانسحبوا بعد حوالي ساعتين من تنفيذ الجريمة. بعد انسحابهم تجمع أشخاص في المكان ووصلت طواقم إسعاف انتشلت جزء من أشلاء أحد الضحايا في المكان المستهدف وجمعت بقايا أشلاء تناثرت على الشجر وفي الشارع العام.
ولاحقا نشرت قوات الاحتلال مقطع فيديو لاستهداف المركبة وأعلن أن الجيش وجهاز الشاباك قيامهما باستهدف الناشط في مخيم بلاطة عبد الله أبو شلال.
وتبين لاحقًا، أن الشهداء من أفراد المقاومة وهم: عبد الله علي سعيد شلال، 29عاماً، ومحمود يوسف محمد أبو حمدان،31عامًا، والشقيقان يزن نجمي، 29عامًا، وسيف نجمي 32عاماً، ومحمد جمعه محمد القطاوي، 40 عامًا، وجميعهم من سكان مخيم بلاطة، وكانوا يستقلون مركبة من نوع سكودا.
تشير مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، أن جرائم القتل خارج نطاق القانون تنفذ وفق معلومات استخبارية من أجهزة قوات الاحتلال، ويتم قتل المستهدفين بصورة فورية، بدلاً من اعتقالهم، وبالتالي ينصب جيش الاحتلال نفسه قاضيًا ويقرر حكمًا بالإعدام وينفذه في آن.
وتواصل قوات الاحتلال استخدام هذا النمط من الجرائم الذي يصل إلى مستوى جريمة حرب في السنوات السابقة بحق الفلسطينيين، وسط صمت المجتمع الدولي وخاصة من الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، وعدم العمل على وقف تلك الجرائم واتخاذ تدابير وإجراءات عملية تجاه دولة الاحتلال، الأمر الذي يدفع تلك القوات إلى ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بحق الفلسطينيين.
ووفق المعلومات الميدانية حول الهجوم العسكري على مدينة طولكرم ومخيمي طولكرم ونور شمس، والذي استمر حوالي 40 ساعة، فقد استشهد ثمانية فلسطينيين من بينهم ثلاثة أطفال خلال فترة الهجوم المذكور. وفي التفاصيل، فإنه وعند حوالي الساعة 4:00 من فجر يوم الأربعاء 17 يناير، هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة طولكرم من جميع مداخلها باتجاه مخيم طولكرم المتاخم للمدينة، وفرضت عليه طوقًا عسكريًا محكمًا وسط تحليق للطائرات المسيرة في سماء المنطقة على ارتفاع منخفض. وشرعت تلك القوات في حملة مداهمة وتفتيش واسعة للمنازل، فيما عملت الجرافات على تجريف مدخل المخيم الشمالي وشارع مدارس الوكالة وشارع حارة العكاشة، وتخريب البنية التحتية للمخيم وأحدثت اضرارًا كبيرة في ممتلكات من مركبات ومنازل وجدران ومحال تجارية. في تلك الأثناء تجمهر عدد كبير من الشبان والفتية وحاولوا التصدي لجنود الاحتلال وأطلق جنود الاحتلال النار بكثافة صوب الشبان وكانت تسمع أصوات انفجارات داخل المخيم. وفي حوالي الساعة 10:40 صباحًا، أطلقت قوات الاحتلال طائرة مسيرة انفجرت بين مجموعة من السكان في حارة التمام وسط المخيم، ما أسفر عن استشهاد أربعة فلسطينيين، منهم ثلاثة اطفال في المكان. والشهداء هم: أحمد موسى مطلق بدو،17عاماً، ووليد إبراهيم محمد غانم، 17عاماً، وأحمد طارق نعمان فرج، 17عاماً، وأحمد معين ذيب مهدواي،36عاماً.
ومنعت تلك القوات طواقم الإسعاف من الوصول للمكان وأطلقت النار باتجاه مركبات الإسعاف والمسعفين، ما أعاق نقل جثامين الشهداء من موقع الحدث. وبعد مرور حوالي ساعه تمكنت طواقم الإسعاف من نقل جثامين الشهداء إلى مشفى ثابت ثابت الحكومي في مدينة طولكرم.
مع حوالي الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم الأول للهجوم العسكري قتل الشاب محمد مطيع محمود سليط وعمره حوالي 26 عامًا خلال اشتباك مسلح في حارة المربعة في مخيم طولكرم وترك جثمانه في موقع الإصابة والاستشهاد مدة 30 ساعة تقريبًا، حيث نقل الجثمان إلى المشفى الحكومي بعد انسحاب القوة الإسرائيلية من مخيم طولكرم ووصل الجثمان إلى المشفى بحالة تيبس. وخلال اليوم ذاته وكانت الساعة حوالي الرابعه والنصف مساءً أطلق جنود الاحتلال الرصاص نحو مجموعة من الأشخاص تواجدوا بداخل مركبة كانت تتحرك في منطقة عزية الجراد في مدينة طولكرم، وخلال محاولة سائق المركبة، وهو الشاب أشرف احمد ياسين ياسين وعمره 23 عامًا، الهرب، وفور خروجه من المركبة تعرض لإطلاق الرصاص المباشر من قبل جنود تلك القوه، ما أدى إلى إصابته واستشهاده، وقد منعت طواقم الإسعاف من نقل جثمان الشاب المذكور من موقع الحدث، ولم تسمح بذلك إلا بعد مرور حوالي 45 دقيقة على الإصابة والاستشهاد، بينما أصيب شاب وطفل اخرين تواجدا في المكان والمركبة ذاتها.
ومع توسيع الهجوم العسكري الموصوف على طولكرم ليشمل مخيم نور شمس أيضا استشهد الشاب محمد فيصل دواس أبو عواد وعمره 27 عامًا، والذي قتل جراء إطلاق رصاصه عليه من قبل قناص إسرائيلي خلال تواجده على سطح بناية عائلته في حي المسلخ في مخيم نور شمس، وذلك عند حوالي الساعة 9:30 من صباح يوم الخميس 18 يناير/ كانون الثاني.
واكدت التحقيقات الميدانية أيضا أن الشاب عبد الرحمن عصام إبراهيم عثمان وعمره حوالي 23 عامًا، وهو من سكان مخيم طولكرم، قد استشهد خلال مواجهات في حي البلاونه في مخيم طولكرم، وذلك عند حوالي الساعة العاشرة من صباح الخميس 18 يناير/ كانون الثاني، وبقي جثمانه ملقى على الأرض في مكان الإصابة والاستشهاد حتى حوالي الساعة السادسة من مساء اليوم ذاته، حيث شوهد بعض الجنود وهم يعملون على سحب وسحل جسد الشاب المذكور من خلال ربط ساقيه بحبل ونقله من مكان سقوطه لمسافة 3 – 5 أمتار، ثم تركوه وغادروا الموقع وهنا تمكن بعض السكان وطواقم من الإسعاف من الوصول اليه ونقله إلى مسشفى ثابت ثابت الحكومي في طولكرم.
مع انتهاء الهجوم العسكري على مخيم طولكرم ومخيم نور شمس اتضح حجم الدمار الكبير الذي خلفته الجرافات العسكرية والجنود الإسرائيليون في عدد كبير من المنازل السكنية والمحلات التجارية والبنى التحتيتة في المخيمين المذكورين فضلا عن قيام الجنود الإسرائيليون باعتقال المئات من سكان مخيم طولكرم ونقلهم إلى مراكز استجواب ميداني واحتجازهم في ظروف غير إنسانية وحاطة بالكرامة الإنسانية لساعات طويلة وإبعادهم عن منازلهم في مخيم طولكرم بحجة أنه منطقة عسكرية مغلقة طوال فترة الهجوم العسكري. وقد أطلق سراح معظمهم باستثناء حوالي 35 – 37 معتقل نقلوا لاستكمال التحقيق معهم من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي.
ووفقًا لمتابعات مؤسساتنا، فقد قتلت قوات الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس 50 فلسطينيًّا/ة، منهم 11 طفلا/ة، وامرأة واحده، إضافة لمعتقل توفي السجون الإسرائيلية، منذ بداية العام الجاري، ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين/ات منذ 7 أكتوبر الماضي إلى 361 فلسطينيًا، بينهم 93 طفلًا وثلاث نساء.
تجدد مؤسساتنا دعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال التي توسعت في الضفة الغربية وبلغت مستويات غير مسبوقة، وسط سياسة الإفلات من العقاب التي يحظى بها مرتكبوها في إسرائيل، وسط حالة من الصمت والعجز من المجتمع الدولي.
تدعو مؤسساتنا المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة ووقف ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، ونجدد مطالبتنا الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها وملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم دولية.
كما تجدد مؤسساتنا التأكيد أن التعامل مع الحالة في فلسطين لا يتأتى إلا بمعالجة جذورها، وأن هذه هي مسؤولية المجتمع الدولي ومؤسساته، وخلافًا لذلك فإن القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير يتم تصفيته من إسرائيل بمرافقة صمت دولي على جرائم الاحتلال.
نسخة تجريبية