أغسطس 8, 2024
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تقدم ملاحظاتها كأصدقاء للمحكمة الجنائية الدولية حول اتفاقية أوسلو
مشاركة
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تقدم ملاحظاتها كأصدقاء للمحكمة الجنائية الدولية حول اتفاقية أوسلو

بتاريخ 6 أغسطس/آب 2024، قدمت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية  مؤسسة الحق، ومركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان—  ملاحظاتها المكتوبة المشتركة كأصدقاء للمحكمة وفقًا للمادة 103(1) من القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات للمحكمة الجنائية الدولية، ووفقاً لقرار الدائرة التمهيدية الأولى الصادر بتاريخ 22 يوليو/تموز 2024، والذي وافق على طلبات عدد من الدول والمؤسسات الدولية والمؤسسات غير الحكومية والخبراء الأفراد لتقديم ملاحظات مكتوبة للمحكمة.

جاءت هذه الملاحظات المكتوبة بعد موافقة المحكمة على طلب المملكة المتحدة (بريطانيا) تقديم ملاحظات قانونية بصفتها “صديقة المحكمة”، حيث ادعت المملكة المتحدة أن “مسألة اتفاقية أوسلو تشكل جزءًا أساسياً من قرار الدائرة التمهيدية الأولي بشأن الاختصاص في معالجة طلب إصدار أوامر اعتقال”، وبالتالي، ينبغي على المحكمة أن تنظر”في مدى إمكانية ممارستها لولايتها القضائية على المواطنين الإسرائيليين، في الظروف التي لا تستطيع فيها فلسطين ممارسة الولاية القضائية الجنائية عليهم بموجب اتفاقية أوسلو.” وجاء طلب المملكة المتحدة عقب الإعلان العلني غير المعتاد للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن طلب مكتبه إصدار أوامر اعتقال قبل صدورها من قبل الدائرة التمهيدية.

إن اتفاقية أوسلو لا تمنع أو تحد من ممارسة المحكمة لولايتها القضائية، بما في ذلك على المواطنين الإسرائيليين، فيما يتعلق بالجرائم التي تدخل في نطاق اختصاصها والمرتكبة على أرض دولة فلسطين. كما أنها لا تشكل جزءًا من قرار الدائرة التمهيدية بشأن طلب المدعي العام إصدار أوامر اعتقال. على هذا النحو، أساءت المملكة المتحدة تفسير قرار الدائرة التمهيدية لعام 2021 بشأن نطاق ولايتها الإقليمي، حيث وجدت الدائرة أن “الولاية الإقليمية للمحكمة في الحالة في فلسطين تمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.” علاوة على ذلك، أكدت الملاحظات أن “الإذن بطلب المملكة المتحدة، وكذلك الطلبات اللاحقة الأخرى، في هذه المرحلة بالذات من إجراءات المادة 58 من القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات للمحكمة الجنائية الدولية وبصفة فردية كان غير ضروري وغير مبرر بالإشارة إلى الظروف الاستثنائية، وقد تسبب في تأخير غير مبرر في الإجراءات.”

كما أشارت المؤسسات إلى أن طلب المملكة المتحدة لم يكن ليتم دون تصريح المدعي العام، وأنه يتعين على الدائرة التمهيدية “ضمان التزام المدعي العام بتعليماتها باستمرار، خاصة عندما تكون أفعاله قادرة على التأثير على سير العدالة ونزاهة [الإجراءات قبل البت بها]، عملاً بالمادة 58 من نظام روما الأساسي.” كما أكدت المؤسسات أنه ينبغي على الدائرة “بصفتها الحارس القضائي لسير العدالة ونزاهة الإجراءات، النظر في معالجة عدم امتثال المدعي العام لتعليماتها: لكي تحافظ المحاكم على ثقة الجمهور التي لا غنى عنها، كما يجب أيضًا أخذ مسائل التنظيم الداخلي بعين الاعتبار.”

وقد حذرت المؤسسات المحكمة من أن السماح بتدخلات أصدقاء المحكمة في “الإجراءات الخاصة بالمادة 58 التي تتم بناءً على طلب طرف واحد، يتسبب في تأخير غير مبرر ويخلق فعليًا شكلًا من أشكال إجراءات التقاضي الموازية (إجراءات ضمن إجراءات)،” والتي لا أساس قانوني لها بموجب الإطار القانوني للمحكمة. وإذ تلاحظ على وجه الخصوص أن “ادعاءات المملكة المتحدة بأن “مسألة اتفاقية أوسلو تشكل جزءًا أساسياً من واجب الدائرة بموجب المادة 19(1) لتأكيد أنها تمتلك ولاية قضائية، هي زائفة ومضللة”، محذرة الدائرة من أن “أي فحص من قبل الدائرة التمهيدية يتجاوز ما هو مطلوب وفقاً لنظام المحكمة يمكن النظر له بأنه جاء نتيجة لطلب المملكة المتحدة،  مما يعرضها لخطر ظهورها تحت ضغط سياسي لا مبرر له”.

كما ذكرت المؤسسات أيضاً في ملاحظاتها بأن الخطأ في حجة المملكة المتحدة– التي يبدو أنها مبنية على القاعدة القانونية ‘nemo dat quod non habet’، بمعنى أنه لا يمكن لأحد أن يعطي ما لا يمتلكه – ينشأ من تجاهلها لأثر قانون الاحتلال، وافتراضها أنه نتيجة لاتفاقية أوسلو، فإن السلطة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) تحرم بالضرورة الدولة المحتلة (فلسطين) من حقوقها السيادية، بما في ذلك ولايتها القضائية الكاملة. وأشارت إلى أنه علماً بأنه وعلى الرغم من أن اتفاقية أوسلو تقيد الولاية القضائية التنفيذية لدولة فلسطين، إلا أنها لا يمكن أن تؤثر على الولاية القضائية ذاتها لدولة لفلسطين، بما في ذلك القدرة على منح الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية. وأكدت الملاحظات أن الولاية القضائية الإلزامية لدولة فلسطين تعكس سيادتها و”سلطتها القانونية المعترف بها دوليًا”.

وشددت الملاحظات على أن “اتفاقية أوسلو تشكل ‘اتفاقاً خاصاً’ “بالمعنى  المقصود في اتفاقية جنيف الرابعة” وبالتالي، “لا يمكن أن تحرم ‘الأشخاص المحميين’ من حقوقهم.” كما أعادت التأكيد على أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني في فلسطين قد حكم بوضوح بأن “إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على اتفاقية أوسلو لممارسة ولايتها القضائية في الأرض الفلسطينية المحتلة بطريقة تتعارض مع التزاماتها بموجب قانون الاحتلال.”

خلصت الملاحظات إلى أنه “لا يمكن إعادة صياغة قواعد نظام روما الأساسي بموجب أحكام اتفاق ثنائي، ولاسيما بين السلطة القائمة بالاحتلال وممثلي شعب محتل، على نحو يتعارض مع المبادئ والأهداف الأساسية التي أنشئت من أجلها المحكمة، فضلاً عن حق الشعب الفلسطيني المحمي في تقرير مصيره.” وأخيراً، أشارت الملاحظات إلى أن “أمر التوقيف الحالي مقيد في نطاقه بشكل غير مبرر”، و”دعت إلى إدراج جرائم الإبادة الجماعية في نظام روما الأساسي، والفصل العنصري، والجرائم المتعلقة بالمستوطنات بما في ذلك النقل المباشر أو غير المباشر للمستوطنين إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، ضمن التهم الموجهة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الدفاع غالانت”، مشددة على أن جريمة الإبادة الجماعية “تُرتكب دون توقف أو ندم.”