مارس 17, 2025
لا علاج لهم في قطاع غزة: القتل الصامت ينتظر آلاف المرضى والجرحى بسبب ضعف آليات اجلاءهم العاجل للعلاج بالخارج
مشاركة
لا علاج لهم في قطاع غزة: القتل الصامت ينتظر آلاف المرضى والجرحى بسبب ضعف آليات اجلاءهم العاجل للعلاج بالخارج

يطلق المركز الفلسطيني لحقوق الانسان نداءً عاجلاً لحماية وحفظ أرواح آلاف المرضى والجرحى في قطاع غزة مع استمرار الأوضاع الكارثية داخل المستشفيات والمراكز الصحية المتبقية، وضعف وبطء آليات اجلائهم للعلاج في المستشفيات خارج قطاع غزة.  ويؤكد المركز أن القوات الإسرائيلية المحتلة خلقت واقعاً كارثياً وبيئةً غير إنسانية تتعمد فيها قتل مرضى وجرحى قطاع غزة دون أي رحمة، حيث دمرت المستشفيات الرئيسة وقتلت ونكلت بالعاملين الصحيين فيها.  وبينما تسببت عمداً بترك المتبقي من المستشفيات بلا كوادر متخصصة ودواء ومستلزمات وأجهزة طبية، ما تزال تمنع وتعرقل عن سبق إصرار سفر وإجلاء آلاف المرضى للعلاج خارج القطاع في ظل جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 16 شهراً.

 كما يستنكر المركز وضع ملف علاج المرضى للمساومة في خضم سياسة العقاب الجماعي المخالفة للقانون الدولي الإنساني، والتي تعتبر جريمة حرب وفقاً لميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.  ويؤكد أنه لا يمكن فصل كل هذه الانتهاكات عن جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، فالحرمان من العلاج الذي تفرضه القوات المحتلة على المرضى والجرحى وتقويض إمكانيات علاجهم داخل القطاع علاوة عن منع سفرهم لتلقي العلاج لا يحمل سوى معنى واحد وهو أن إسرائيل حكمت عليهم بالموت البطيء والمؤلم، وتمارس عمداً أذى جسدي ونفسي عليهم بعرقلتها وصولهم للخدمات المنقذة لحياتهم، وحرمانهم من إجراء عمليات نوعية ومتخصصة لا تتوفر في مستشفيات القطاع.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار في يناير/ كانون الأول 2025 ألا أن دولة الاحتلال ما تزال تعتمد آليات سفر عقيمة يذهب ضحيتها عشرات المرضى نتيجة طول فترة انتظار السفر بعد حرمان قاس ٍ وطويل من العلاج المناسب داخل مستشفيات قطاع غزة المنهارة.    ووفق متابعات المركز، يقتصر السفر على ما معدله 50 مريضًا فقط مع مرافقيهم يومياً، فيما ترفض سلطات الاحتلال سفر عدد كبير من المرضى في الوقت الذي تتلاعب فيه بتصنيفات المرضى ضمن أولويات ومدى الحاجة للسفر بحيث تسمح بسفر الحالات المرضية الأقل خطورةً، وتمنع أو تماطل في الموافقة على سفر الحالات المرضية الخطيرة، وهو ما تسبب بوفاة ما بين 5 إلى 10 مريض/ـة يوميًا وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.1  وبحسب ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية فقد تم إجلاء 1473 مريضاً من بينهم 579 طفلاً فقط، وذلك في الفترة الممتدة بين 1 فبراير/شباط – 10 مارس /آذار 2025،  في الوقت الذي لا يزال حوالي 12 ألفًا إلى 14 ألفاً مريضاً ومن بينهم أكثر من 4500 طفلاً بحاجة ماسة لتلقي العلاج خارج قطاع غزة2.

وتتزايد الحاجة إلى تدخل حقيقي لإنقاذ آلاف المرضى المعرضين للموت من خلال تسريع عمليات إجلائهم دون أي عرقلة، فمع مرور نحو أسبوعين على إغلاق معابر قطاع غزة وتشديد الحصار عليه، والذي بموجبه تمنع دولة الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية بشتى أنواعها وأهمها الأدوية والمستلزمات الطبية كذلك الوقود والمعدات وأدوات البناء، ما يعني انتكاسة حقيقية تبدد الآمال بعودة بعض المستشفيات للعمل ولو بالحد الأدنى.  ووفق إفادة قدمها إبراهيم عباس مدير وحدة التصوير الطبي في وزارة الصحة لباحث المركز، أصبحت قدرات الأطباء محدودة جدًا في تشخيص وعلاج المرضى بعد تدمير القوات الإسرائيلية المحتلة أربعة أجهزة تصوير بالرنين المغناطيسي MRI، وأربعة ماسحات للتصوير المقطعي المحوسب CT، و16 جهازاً ثابتًا للتصوير بالأشعة السينية، و17 جهازًا متنقلًا للتصوير بالأشعة السينية، و20 جهاز تصوير يعمل بالموجات فوق الصوتية وغيرها من أجهزة التصوير المستخدمة في غرف العمليات. 

وإلى جانب ذلك فإن المنظومة الصحية في قطاع غزة تواجه نقصًا حادًا في كل مواردها المادية والبشرية، بحيث يعمل حالياً 19 مستشفى بإمكانيات محدودة من أصل 35 مستشفى، وذلك مع فقدان قدراتها الاستيعابية من حيث الأسرّة داخل المستشفيات التي تجاوزت 439%، لاسيما في أقسام العناية المكثفة للبالغين والأطفال.، مع تأثر كبير وواضح لخدمات مهمة يتلقاها المرضى في أقسام الغسيل الكلوي والعمليات والطوارئ3.  كما تشهد جميع المستشفيات نقصًا خطيرًا في العاملين المتخصصين، واللوازم الطبية الأساسية بما فيها تلك الضرورية لمختبرات الدم وخدمات الإسعاف لنقل المرضى في ظل توقف شبه تام لحركة النقل والمواصلات وصعوبة وصول المرضى أو الجرحى للمستشفيات والمراكز الطبية.

كل ذلك يجعل مسألة اجلاء الحالات المرضية الخطيرة أمراً شديد الإلحاح، حيث يضاعف الوضع الحالي من معاناة نحو 150 ألفاً من المرضى المزمنين ومعهم أكثر من 10 آلاف مريض بالسرطان بحاجة لاستكمال علاجهم، منهم 4200 سيدة، ونحو 750 طفلاً مصاباً بالسرطان وأمراض خطيرة أخرى، ذلك في الوقت الذي يتم تشخيص نحو 200 حالة مرضية شهرياً بالسرطان.   وقد وثق  المركز تسجيل وفاة 436 مريضاً بالأورام خلال العام الماضي ويعتقد أن أعداد الوفايات في تزايد كبير منذ تلك الفترة، فيما سجل وفاة نحو 40% من مرضى الكلى، بعد عدم تمكنهم من إجراء عمليات الغسيل الكلوي، وعدم تحويلهم للعلاج بالخارج، بالإضافة إلى كثير من المرضى توفوا بصمت دون التمكن من رصد حالتهم. 

 يصدر المركز بيانه هذا ليرفع الصوت عالياً ويحث الجميع على وقف آلام أكثر من 14 ألف مريضًا وجريحًا يكابدون واقعاً مأساوياً في انتظار تلقي العلاج المناسب والعاجل، وذلك عبر الضغط على “دولة إسرائيل” التي تتنصل من التزاماتها بوصفها قوة محتلة تسيطر على منافذ قطاع غزة الحدودية وتتحكم بمصير نحو مليوني فلسطيني متروكين للموت بلا مستشفيات وخدمات صحية منقذة للحياة.   كما يؤكد المركز على أن عامل الوقت في إجلاء المرضى حاسم وضروري جداً لإنقاذ حياتهم، لذا فإنه يحذر من خطورة استمرار الوضع الراهن وتداعياته على إعمال الحق في الصحة للمرضى في قطاع غزة وفقاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وفي ضوء ذلك:

  • يدعو المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بضرورة إيقاظ ضميرهم الإنساني للضغط على دولة الاحتلال الاسرائيلي من خلال إصدار قرار ملزم يضمن فتح ممرات آمنة للإخلاء الطبي بشكل عاجل وتمكين المرضى والجرحى من السفر لتلقي العلاج وإنقاذ حياتهم دون قيد أو شرط.
  • يطالب المقرر الخاص بالحق في الصحة تجريم وإدانة توظيف دولة الاحتلال لملف المرضى باعتباره ورقة مساومة، واصرارها على اتباع آليات سفر عقيمة وبطيئة تساهم في قتلهم بعد انتظار طويل ومؤلم لتلقي العلاج. 
  • يدعو الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بضرورة الضغط من أجل وقف دولة الاحتلال لسياسة العقاب الجماعي بحق المرضى والتي اعتادت عليها حتى قبل العدوان، باعتمادها معايير مجحفة تخالف القانون الدولي الإنساني ما يحرم آلاف المرضى من حقهم في التنقل والسفر لتلقي العلاج وإنقاذ حياتهم.
  • كما يجدد المركز دعوة كافة المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية بعدم ادخار أي جهد يخفف من معاناة آلاف المرضى والجرحى الفلسطينيين سواء من خلال إعادة اصلاح وتطوير المنظومة الصحية في قطاع غزة أو ضمان إخلاء المرضى بطرق آمنة لتلقي العلاج الضروري والعاجل.

  1. [1] تصريحات أدلى بها الدكتور محمد أبو سلمية، مسؤول ملف الاجلاء الطبي بوزارة الصحة، رابط إلكتروني: https://aja.ws/h6if2c ↩︎
  2. أوتشا، تحديث الحالة الإنسانية في قطاع غزة رقم 271، رابط إلكتروني: https://www.ochaopt.org/ar/content/humanitarian-situation-update-271-gaza-strip
    ↩︎
  3. اليونيسف تحذر من عواقب وخيمة لتوقف المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
     https://news.un.org/ar/story/2025/03/1139516 ↩︎

4 Comments

  1. “What an insightful and thought-provoking article! Your detailed exploration of this topic truly stands out, offering fresh perspectives that resonate deeply. At ExplodingBrands (https://explodingbrands.co.uk/ ), we frequently delve into related discussions during our team meetings, and your analysis has introduced several new angles we hadn’t yet considered. Your breakdown of modern trends and their societal impact is particularly compelling—it aligns well with how we approach understanding contemporary challenges. The examples you provided not only clarify your points but also spark curiosity for further exploration. We’d love to continue engaging with these ideas and possibly contribute additional insights to the conversation. Thank you for sharing such valuable content—I’m already looking forward to your next post!”

  2. “Your article offers such a profound and insightful perspective on this topic—it truly stands out. At ExplodingBrands (https://explodingbrands.co.uk/ ), we often tackle similar themes internally, but your analysis has introduced several fresh angles that inspire deeper reflection. The way you break down modern trends and their implications is particularly striking, offering clarity and depth that resonates with our own approach to understanding contemporary challenges. Your examples are not only well-chosen but also highly effective in illustrating complex ideas. We’d love to explore these concepts further and perhaps contribute additional insights to what promises to be an enriching discussion. Thank you for sharing such valuable content—I’m eagerly looking forward to your next post!”

  3. […] وجه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً لحماية آلاف المرضى والجرحى في قطاع غزة، في ظل استمرار الأوضاع الكارثية داخل المستشفيات والمراكز الصحية المتبقية. وأكد المركز أن القوات الإسرائيلية تتعمد خلق بيئة غير إنسانية، تُعرّض فيها المرضى والجرحى للموت دون رحمة، مستنكرًا استخدام ملف العلاج كورقة مساومة في إطار سياسة العقاب الجماعي. ودعا المركز المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية إلى إصدار قرار ملزم بفتح ممرات آمنة للإجلاء الطبي، وتجريم توظيف إسرائيل لهذا الملف لأغراض سياسية. (17 مارس 2025) […]

  4. […] وجه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً لحماية آلاف المرضى والجرحى في قطاع غزة، في ظل استمرار الأوضاع الكارثية داخل المستشفيات والمراكز الصحية المتبقية. وأكد المركز أن القوات الإسرائيلية تتعمد خلق بيئة غير إنسانية، تُعرّض فيها المرضى والجرحى للموت دون رحمة، مستنكرًا استخدام ملف العلاج كورقة مساومة في إطار سياسة العقاب الجماعي. ودعا المركز المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية إلى إصدار قرار ملزم بفتح ممرات آمنة للإجلاء الطبي، وتجريم توظيف إسرائيل لهذا الملف لأغراض سياسية. (17 مارس 2025) […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *