يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات جريمة الاغتيال التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي أسفرت عن مقتل صحفي فلسطيني وزوجته وابنته بينما كانوا يسيرون بالقرب من منزلهم في دير البلح. ويرى المركز أن استمرار استهداف وقتل الصحفيين بشكل متصاعد يظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن القتل عمدي ومقصود بهدف ترهيبهم وتخويفهم ومنعهم من نقل الحقيقة للعالم، وهو جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. كما يؤكد المركز أن استمرار إفلات قوات الاحتلال من العقاب يشجعها على ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الصحفيين وعائلاتهم دون رادع.
ووفقاً لمعلومات المركز، أطلقت حربية إسرائيلية مساء يوم أمس الأربعاء الموافق 23 ابريل 2025، صاروخاً استهدف الصحفي سعيد أمين أبو حسنين، 42 عاماً، بينما كان برفقة زوجته أسماء جهاد أبو حسنين، وابنته سارة، 15 عاماً، وهم يسيرون في شارع البيئة، وسط مدينة دير البلح، مما أدى الى مقتلهم جميعاً. وكان الصحفي حسنين يعمل في مجال هندسة الصوت والدمج الصوتي (المكساج) في إذاعة صوت الأقصى في غزة.
وبذلك يرتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا من السابع من أكتوبر 2023، إلى (212) صحفياً، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، وهو العدد الأعلى في العالم منذ بدء الإحصاء للقتلى الصحفيين في العام 1992. بين هؤلاء القتلى (13) صحفية. وقتل الغالبية العظمى من الصحفيين خلال غارات جوية، سواء من الطائرات الحربية، وطائرات الاستطلاع، بينما قتل آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة. العدد الأكبر من الشهداء الصحافيين قتلوا هم وعائلاتهم خلال عمليات استهدفت منازلهم، فيما قتل صحفيونً خلال جرائم القصف العشوائي على امتداد حرب الإبادة المستمرة، وقتل صحفيون خلال استهداف مباشر، فيما قتل آخرون خلال قيامهم بمهام صحفية. كما أصيب خلال العدوان (194) صحفياً آخرون في ظروف مختلفة. هذا عدا عن نشطاء التواصل الاجتماعي الذين استهدف الاحتلال عددا كبيًرا منهم ودأب على التحريض عليهم وتهديدهم بالقتل إذا لم يصمتوا.
يؤكد المركز أن استهداف الصحفيين/الصحفيات جاء بهدف الاستفراد بالضحية وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيات والمدنيين في قطاع غزة. ولذلك نطالب المجتمع الدولي بإدانة استهداف العاملين بالصحافة بشكل علني، والضغط على دولة الاحتلال لوقف استهدافهم بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيات والمدنيين بمن فيهم الصحفيات والصحفيين في قطاع غزة.
ويؤكد المركز أن القتل العمد للصحفيين/ات يعد جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة. كما يعد حرمانًا تعسفيًّا من الحياة وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويستوجب مساءلة مرتكبيه. كما ويعد استهداف الصحافة اعتداء على الحق في حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وإزاء ذلك، يطالب المركز المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لوقف استهداف الصحفيين بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيين/ات بما فيهم للصحفيات والصحفيين في قطاع غزة، وتفعيل أدوات الضغط على سلطات الاحتلال بوقف جرائمها والامتثال لقواعد القانون الدولي، وحماية المدنيين. كما ونطالب أجسام الصحافة الدولية منها الاتحاد الدولي للصحفيين بالتحرك العاجل للضغط على الاحتلال محاسبته على قتل واستهداف الصحفيات والصحفيين في فلسطين وبالتحديد في قطاع غزة.
كما يدعو المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتسريع باتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق بالجرائم المرتكبة على إقليم دولة فلسطين، بما فيها جرائم قتل الصحفيين/ات، الذين يدفعون حياتهم ثمنًا لإظهار الحقيقية، والمضي بالخطوات اللاحقة، وخصوصًا، أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف. كما ندعو المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير بالأمم المتحدة إلى تعزيز وتكثيف الجهود لحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والتحقيق في جرائم الاحتلال المقترفة بحق الصحفيين ووسائل الاعلام في الأرض الفلسطينية المحتلة.