المرجع: 98/2022
التاريخ: 6 أغسطس 2022
التوقيت: 14:00 بتوقيت جرينتش
في ظل تواصل العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة، تشهد الأوضاع الإنسانية تدهوراً خطيراً يهدد استمرار عمل أغلب القطاعات الحيوية، ومن أبرزها الصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي والخدمات العامة.
ويتزامن العدوان الحربي الإسرائيلي مع استمرار إغلاق معابر قطاع غزة أمام حركة الأفراد والسلع، وهو ما ينذر بتدهور كارثي على كافة الصعد. ويعتبر ذلك تكريساً لسياسة العقاب الجماعي بحق أكثر من مليوني مواطن فلسطيني يسكنون القطاع، وانتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. ويؤكد تصريح وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس الذي أدلى به لوسائل الإعلام بتاريخ 3/8/2022، والذي يربط بين الأوضاع الإنسانية والمعيشية لسكان القطاع وبين الأوضاع الأمنية، استمرار النهج الإسرائيلي القائم على العقاب الجماعي والانتقام من السكان المدنيين.
على صعيد الأوضاع الصحية، تواجه المنظومة الصحية في قطاع غزة العدوان الإسرائيلي الجديد بمستشفياتٍ تعاني عجزاً في الطواقم الطبية المتخصصة، ونقصاً مزمناً في قائمة الأدوية الأساسية، بواقع 219 صنفاً دوائياً من أصل 522 صنفاً، أي ما نسبته 40 % من القائمة. كما تشهد المستشفيات عجزاَ في المستلزمات الطبية بنسبة 32%، وعجزاً بنسبة 60% من لوازم المختبرات وبنوك الدم. كذلك تمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخال 24 جهازاً طبياً ضرورياً إلى قطاع غزة، من ضمنها أجهزة الأشعة التشخيصية. ويماطل الاحتلال في إدخال قطع الغيار اللازمة لصيانة الأجهزة الطبية المتعطلة في المستشفيات، وأهمها أجهزة المناظير الجراحية، والمقدح الهوائي المستخدم في تثبيت الكسور المعقدة، وأجهزة الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي. وتعتبر هذه الأجهزة عيناً للأطباء والجراحين خلال إجراء العمليات الطارئة للمرضى، خصوصاً جرحى العدوان الإسرائيلي المستمر. ويزيد استمرار عرقلة توريد الأدوية والأجهزة الطبية وقطع الغيار للأجهزة المتعطلة من صعوبة عمل الطواقم الطبية في أقسام الطوارئ وغرف العمليات والعناية المركزة لتقديم الرعاية الطبية للجرحى.
كذلك لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع لليوم الخامس على التوالي المئات من مرضى السرطان وجرحى العدوان الحالي الذين أصيبوا بجراح خطيرة، ممن لا يتوفر لهم علاج في مشافي قطاع غزة، من السفر للعلاج أو لاستكمال علاجهم في مستشفيات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة أو المستشفيات الإسرائيلية، ما يعرض حياتهم للخطر الشديد، وقد يفضي إلى الوفاة. ووفق بيانات هيئة الشؤون المدنية، يسافر ما معدله 100- 120 مريضاً بشكل يومي للعلاج خارج قطاع غزة، ومع استمرار إغلاق معبر بيت حانون “ايريز” في وجه هذه الحالات فإننا أمام سيناريو قتل متعمد لعشرات المرضى، في ظل عجز المنظومة الصحية في قطاع غزة عن تقديم الخدمات العلاجية لهم، نتيجة نقص الكادر الطبي المتخصص، والنقص المزمن في الأدوية والمستلزمات الطبية وخاصة العلاج الإشعاعي والمواد المخبرية اللازمة لإجراء الفحوصات التشخيصية.
وفي تطور خطير، أعلنت شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة عن توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن العمل بالكامل في الساعة 12 من ظهر اليوم السبت 6/8/2022 بسبب حظر توريد الوقود اللازم لتشغيلها نتيجة إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري. ومع توقف عمل المحطة، سينخفض التيار الكهربائي المتوفر في القطاع إلى 120 ميغاوات فقط، مقابل حاجة فعلية تصل إلى 500 ميغاوات خلال الصيف، أي بنسبة عجز يصل إلى 76%. وهكذا سينخفض توصيل التيار الكهربائي إلى أقل من 4 ساعات يومياً مقابل 12 ساعة قطع، وتعتبر هذه الكمية من الطاقة الكهربائية غير كافية أبداً لقيام المرافق الحيوية بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
وينذر عجز التيار الكهربائي بانقطاع إمدادات مياه الشرب عن المواطنين لفترات طويلة، وتوقف عمل محطات التحلية، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وهو ما قد يتسبب بحدوث مكرهة صحية خطيرة جراء سيول المياه العادمة، وستؤدي في حال تفاقمها إلى انتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين، إضافة إلى إعادة تلويث الخزان الجوفي.
وقد أعلن د. أشرف القدرة، مدير العلاقات العامة والإعلام بوزارة الصحة في غزة، في مؤتمر صحفي عقده ظهر اليوم، عن قرب توقف الخدمات الصحية بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن الوزارة بحاجة إلى 2500 لتر وقود كل ساعة لتشغيل مرافقها، وأن كمية الوقود المتوفرة حالياً لديها ستنفذ خلال 72 ساعة. وأكد د. القدرة أن انقطاع التيار الكهربائي يشكل تهديد خطير على عمل الأقسام الحيوية في المستشفيات خاصة أقسام الطوارئ والعناية المركزة والعمليات الجراحية وأقسام الغسيل الكلوي والمختبرات وحضانات الأطفال والمغاسل وأنظمة الأوكسجين والغازات الطبية.
كذلك يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على العمليات الجراحية المجدولة في أقسام العمليات، والتي كان يبلغ متوسطها قبل بدء العدوان الإسرائيلي 3864 عملية شهرياً، تتراوح بين صغرى ومتوسطة وكبرى، يتم إجرائها في (48) غرفة عمليات موزعه على مستشفيات قطاع غزة. ويشكل ذلك خطراً على المرضى في أقسام العناية المركزة، التي يبلغ نسبة انشغال الأسرة فيها نحو 80%، ويعيش هؤلاء المرضى على أجهزة التنفس الصناعي. كما يؤثر انقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير على أقسام غسيل الكلى في مستشفيات القطاع، والتي يتوافر فيها 131 جهاز غسيل كلى فقط، تخدم 923 مريضاً في محافظات قطاع غزة.
في ذروة هذا التصعيد الخطير، وفي ظل تعطل الحياة في قطاع غزة بصورة شبه كلية، وازدياد الأوضاع الإنسانية تردياً وتفاقماً، وتعاظم معاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني يقطنون في القطاع، فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: