مايو 1, 2022
في يوم العمال العالمي، عمال فلسطين يعانون بسبب الانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهم وغياب منظومة وطنية للحماية الاجتماعية
مشاركة
في يوم العمال العالمي، عمال فلسطين يعانون بسبب الانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهم وغياب منظومة وطنية للحماية الاجتماعية


المرجع: 51/2022

التاريخ: 1 مايو 2022

التوقيت: 10:00 بتوقيت جرينتش

يصادف الأول من مايو/ أيار في كل عام، يوم العمال العالمي، وهو يومٌ يحتفل به العالم، تقديراً لنضالات المدافعين عن الحقوق العمالية، وللمزيد من الضغط لتحسين الظروف المعيشية للعمال حول العالم. 

يتزامن هذا اليوم مع استمرار انتهاك حقوق العمال الفلسطينيين من قِبل دولة الاحتلال الاسرائيلي، التي تقوض حقوقهم وحرياتهم، لاسيما حقهم في العمل، حيث يستمر تقييد حرية التنقل والحركة في محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وفرض حصار غير شرعي على قطاع غزة منذ عام 2007، ومواصلة فرض العقوبات الجماعية غير القانونية.  كما يعاني العمال بسبب غياب منظومة وطنية للحماية الاجتماعية، تضمن حقوقهم في كل الظروف، لاسيما الأوضاع الاقتصادية المتدهورة حالياً في فلسطين.

يبلغ عدد العمال في فلسطين نحو مليون عامل، بواقع (630) ألفاً في الضفة الغربية و(259) ألفاً في قطاع غزة و(145) ألفاً يعملون داخل دولة الاحتلال اسرائيلي والمستوطنات1، فيما يبلغ عدد العاطلين عن العمل في فلسطين (372) ألفاً في العام 2021 مقارنة بـ (335) ألفاً في العام 2020. ويبلغ معدل البطالة في قطاع غزة (47%)، مقابل (16%) في الضفة الغربية.

يأتي هذ اليوم في ظل استمرار معاناة آلاف العمال الفلسطينيين ممن يعملون داخل دولة الاحتلال بسبب انتهاك مشغليهم الإسرائيليين لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وتغاضي سلطات الاحتلال عن الرقابة على إجراءات السلامة والحماية داخل ورش العمل.  وقد زادت معدلات حوادث العمل داخل ورش العمل في إسرائيل، وخاصة حوادث السقوط من علو، بسبب غياب إجراءات السلامة والحماية، حيث سُجلت (30) حالة وفاة للعمال الفلسطينيين خلال العامين السابقين2.  كما يعاني العمال أوضاعاً هشة ناتجة عن إلغاء تصاريحهم دون سابق إنذار بسبب الأوضاع الأمنيّة وحالات الطوارئ، ما يشجع المشغلين الإسرائيليين لهضم الحقوق المالية للعمال، وعدم دفع مستحقّاتهم الاجتماعية. 

كما يتعرض العمال لممارسات تمييزية، أهمها الفجوة الكبيرة في الأجور بين العمال الإسرائيليين والفلسطينيين، بمقدار أربعة أضعاف تقريباً، ويشكل ذلك عبئاً اضافياً على الآلاف من العمال الفلسطينيين الذين يواصلون دفع جزء من أجورهم الشهرية لسماسرة التصاريح بشكل غير قانوني، لا سيما أن سلطات الاحتلال تشجع المشغلين الإسرائيليين على انتهاك حقوق العمال الفلسطينيين بإصدارها تصاريح عمل بمسميات عديدة منها احتياجات خاصة، احتياجات اقتصادية، وتصاريح تجارية، ويدفع هذا الاجراء آلاف العمال للعمل من دون حقوق عمالية كفلتها لهم القوانين الدولية، بسبب حاجتهم الماسة للأجور.  وفي تكريس لهذا السلوك سمحت دولة الاحتلال لنحو (12) ألف عامل من قطاع غزة للعمل داخل إسرائيل بعد حصولهم على تصاريح من فئة التجار، وهي تدابير تحرم العمال الفلسطينيين من حقوقهم الاجتماعية والقانونية. 

ويعتبر وصول العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في إسرائيل عمليةً طويلة ومعقدة، حيث يضطر الكثير منهم الخروج في ساعات مبكرة جداً (بين الساعة الثالثة فجراً وحتى الخامسة صباحاً) للوصول إلى المعابر، وينتظرون بطابورٍ طويلٍ ومكتظ حتى يتم فتح أبواب المعابر.  ويستغرق وصول العامل الفلسطيني إلى مكان عمله ما بين (3-5) ساعات، ويضطر عدد كبير منهم للمبيت في أماكن عملهم، ويعودون إلى بيوتهم مع نهاية كل أسبوع فقط.

وقد عمّقَ العدوان الحربي الإسرائيلي الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو 2021 من معاناة عمال القطاع، الذين عانوا على مدار السنوات السابقة من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة الناتجة عن الأعمال الحربية المتكررة التي استهدفت المنشآت الاقتصادية، إضافة إلى المعاناة بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ العام 2007.  وخلال العدوان الحربي الأخير، فقد حوالي 5 آلاف عامل وظائفهم وأعمالهم بسبب تعرض المصانع التي يعملون بها للتدمير، كما تأثر حوالي 20 ألف عامل بصورة مباشرة وغير مباشرة.  كذلك تفاقمت الأوضاع المعيشية لعشرات الآلاف من العمال وعائلاتهم بسبب تعطل عملهم خلال فترة العدوان، الذي تزامن مع موسم الأعياد، وهو موسم تجاري مهم، ما أثر بشكل كبير على عمال المياومة في قطاعات العمل المختلفة.3

وعلى الصعيد الوطني، تفاقمت أوضاع العمال خلال السنوات الماضية، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إضافةً إلى استمرار انتهاك حقوقهم، نتيجة التهاون في تطبيق قانون العمل الفلسطيني.  ويعاني آلاف العمال بسبب غياب منظومة وطنية لحمايتهم اجتماعياً، حيث لا يستفيد من إعانات الحماية الاجتماعية في فلسطين سوى موظفي القطاع العام، في حين أن معظم عمال القطاع الخاص لا تشملهم إعانات الشيخوخة والإعاقة والوفاة وإصابة العمل والأمومة، وفي حالات الطوارئ والأزمات تظهر الحاجة لمنظومة وطنية للحماية الاجتماعية، تحفظ كرامة العمال وحقوقهم الإنسانية.

ويعاني العمال صعوبة الوصول إلى حقوقهم الواردة في قانون العمل الفلسطيني، نتيجة غياب المحاكم العمالية المتخصصة، وضعف السياسات الحكومية الخاصة بمتابعة أماكن العمل والتفتيش على أوضاع العمال فيها، فضلاً عن عدم تطبيق بعض أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية للضوابط والقيود المفروضة على عمالة الأطفال، أو القوانين المنظمة لعمل النساء، أو تلك المتعلقة بالسلامة المهنية والصحية لهم. 

كما يعيش آلاف العمال ضمن بيئة عمل صعبة، تفتقر للحد الأدنى من شروط الحماية والسلامة، ويُنتهك فيها حقهم في الحد الأدنى للأجور، رغم أنه لا يلبي متطلبات الحياة الكريمة لأسرهم، ويتطلب إعادة النظر فيه وجعله أكثر انصافاً في ظل التدهور الاقتصادي الكبير والغلاء العالمي في الأسعار الذي تتأثر به فلسطين.  وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ الحد الأدنى للأجور الفعلي في قطاع غزة (655 شيكل) مقابل (1098شيكل) في الضفة الغربية، وهو ما يعتبر أقل من الحد الأدنى المقرر قانوناً والبالغ (1880 شيكل)، حيث يتقاضى (81%) من العاملين في القطاع الخاص في قطاع غزة أجراً يقل عن الحد الأدنى للأجور، بينما تبلغ هذه النسبة في الضفة الغربية (7%) فقط.

وفي هذا اليوم، يؤكد المركز انحيازه التام ووقوفه مع العمال الفلسطينيين في مسيرة نضالهم المستمرة لانتزاع حقوقهم المشروعة، ويعبر عن كامل تقديره لسعيهم المستمر في الحصول على مستوى معيشي لائق لهم ولعائلاتهم في ظل الانتهاكات الإسرائيلية والظروف الاقتصادية الصعبة. 

وفي ضوء ذلك فإن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يطالب:

  1. المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف انتهاكاته بحق العمال الفلسطينيين، وتحمل مسئولياته كاملةً بوصفه قوة احتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
  1. السلطة الوطنية الفلسطينية باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية احتراماً لالتزاماتها الدولية الناشئة عن انضمامها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومن ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لضمان حماية وإعمال الحق في العمل لجميع الفئات العمالية بما فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة. 
  1. الحكومة الفلسطينية بضرورة العودة إلى الأحكام الراسخة في قانون العمل الفلسطيني وتفعيلها، وتعزيز صلاحيات دوائر الرقابة والتفتيش على أصحاب العمل، وضمان حصول العمال على حقوقهم المقررة بالقانون.
  1. السلطة الوطنية الفلسطينية بأهمية تطوير منظومة وطنية للحماية الاجتماعية، واعتبارها على رأس أولوياتها التشريعية، لضمان حقوق جميع الفئات بما فيها العمال في الحصول على إعانات الشيخوخة والإعاقة والوفاة وإصابة العمل والأمومة.

————————————

  1. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الواقع العمالي في فلسطين لعام 2020، صدر بتاريخ 29/4/2021، الرابط هنا ↩︎
  2. منظمة العمل الدولية، تقرير وضع عمال الأراضي العربية المحتلة، 2021، الرابط هنا ↩︎
  3. تقرير أصدره المركز بعنوان “تدمير المنشآت الاقتصادية خلال العدوان الحربي مايو2021 على قطاع غزة،28/9/2021، رابط هنا ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *