المرجع: 19/2023
التاريخ: 21 فبراير 2023
التوقيت: 01:00 بتوقيت جرينتش
في أسوأ سابقة لا تستند لأي مسوغ قانوني، استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الماضية على مبالغ مالية ومصاغ ذهبية من منازل معتقلين فلسطينيين حاليين وسابقين من القدس الشرقية المحتلة، وحجزت أرصدة بنكية لهم. ويشير المركز إلى أن ما حدث لم تقترفه أي حكومة إسرائيلية سابقة، ما يدلل على حجم الفاشية والتطرف اللذين تنتهجهما الحكومة الإسرائيلية الحالية.
جاء هذا التطور بعد قرار وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت في 10 فبراير الجاري فرض عقوبات على المعتقلين الفلسطينيين الحاليين والسابقين وعائلاتهم. وقد تضمن القرار فرض غرامات مالية على عشرات المعتقلين الفلسطينيين، بمن فيهم معتقلين من القدس المحتلة، بالإضافة إلى الحجز على ممتلكاتهم الخاصة، بذريعة تلقيهم أموالاً من السلطة الفلسطينية.
ووفق المعلومات التي جمعتها باحثة المركز في القدس، ففي ساعات يوم الخميس الموافق 16\2\2023، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات منازل المعتقلين الفلسطينيين الحاليين والسابقين في سجونها، في عدة أحياء وبلدات في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وأجرت أعمال عبث وتفتيش بمحتوياتها، واستولت على مبالغ مالية ومصاغ ذهبية ومقتنيات منها، عقب تسليم أصحابها قرارات بغرامات مالية وحجوزات على حساباتهم المصرفية.
ففي بلدة العيساوية، شمال شرقي مدينة القدس الشرقية المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال على مدار عدة أيام 34 منزلًا لمعتقلين حاليين وسابقين في سجون الاحتلال، وفرضت عليهم غرامات مالية باهظة مجموعها نحو مليونين و772 ألف شيقل، وفرضت غرامة بقيمة 78 ألف شيقل على كل من موسى وحكيم درباس، وزياد وطارق درويش، وعمران وسائد داري، وغرامة 25 ألف شيقل على فادي ووفاء عطية، وغرامة 97 ألف شيقل على محمد ناصر، ولبنى عليان، و105 آلاف شيقل على كل من وليد ونسرين عليان. كما غرّم الاحتلال لؤي وعلي محمود بـ ـ91 ألف شيقل لكل منهما، و107 آلاف شيقل بحق كل من إبراهيم وعبير درباس، و34 ألفًا لكل من عيسى وعلي درباس، وسلمت تامر وماجدة مليحات غرامة بـ 58 ألف شيقل، ومحمد ونجمة عبيد بـ114 ألف شيقل، ومفيد ويوسفية عبيد بـ55 ألفًا. أما سلطان وجنان أبو الحمص فقد غرّمتهما سلطات الاحتلال بـ 131 ألف شيقل لكل منهما، ومحمد درباس بـ 87 ألف شيقل، وصالح محمد ومحمد محمود بـ 95 ألف شيقل، وأحمد ونوال عبيد بـ 139 ألف شيقل، وندى درباس بـ 83 ألف شيقل، إضافة إلى فرض غرامة 16 ألف شيقل على كل من محمد ومجد درويش.
كما اقتحمت قوات الاحتلال عشرات المنازل في عدة أحياء وبلدات أخرى في المدينة المحتلة، وفرضت على أصحابها غرامات مالية وصادرت أموالاً ومقتنيات منها، عرف منهم: المعتقل محمد عبيدات الذي يقضي حكماً بالسجن 19 عاماً، حيث حجزت سلطات الاحتلال على حسابه البنكي، وفرضت عليه غرامة مالية بقيمة 300 ألف شيقل. كما أغلق الاحتلال الحساب البنكي الخاص بوالد الأسير بشار العبيدي، علماً أنه يقضي حكماً بالسجن لمدة تسع سنوات. كما صادرت مبالغ مالية من منزل المعتقلين السابقين إيمان الأعور ومحمد الفيراوي وحجزت على حساباتهما البنكية.
كما دهمت منازل المعتقلين احمد مناصرة، محمد عرفات عبيدات، عبيد الطويل، وجهاد الزغل، واستولت على مبالغ مالية ومصاغ ذهبي وممتلكات شخصية منها.
وترك هذا الإجراء تأثيرات مباشرة وخطيرة على المواطنين، فقد أفاد المعتقل السابق ياسر أحمد البراغيتي لباحثة المركز أنه كان يهيئ نفسه للزواج، إلاّ أن قوات الاحتلال حجزت على أمواله وأموال والده بقيمة 190 ألف شيكل، ما جعله يعزف عن فكرة الزواج، فضلاً عن تدني المستوى المعيشي للعائلة.
أما عائلة المعتقل محمد الفيراوي فقد فقدت جميع ما تملكه بعدما استولت قوات الاحتلال على مبلغ قيمته 100 ألف شيقل من منزلهم، وهي مدخرات والده بعد التقاعد، وتركتهم في وضع اقتصادي غاية في الصعوبة، وذلك حسب افادة العائلة لباحثة المركز.
يؤكد المركز أن ما حدث شكل من أشكال التعسف والعقاب الجماعي ولا يستند إلى أية قاعدة قانونية، وهو نموذج للقرارات ذات الصبغة العنصرية، التي تمتد تأثيراتها إلى المئات من عائلات المستهدفين بالحملة، وضمنهم نساء وأطفال، بما يصعب من ظروفهم المعيشية، فضلاً عن كونها تعاقب الشخص وعائلته مرتين، مرة بالاعتقال، ومرة بالاستيلاء على أموالهم، ما يعني أنها جزء من الإجراءات الإسرائيلية الرامية لخلق بيئة صعبة تجبر الفلسطينيين على الرحيل عن منازلهم ومناطق سكناهم ضمن مخططات التهجير القسري.
وإذ يدين المركز هذه الإجراءات التعسفية وجملة إجراءات العقاب الجماعي التي تفرضها قوات الاحتلال فإنه يذكّر بأنّ المادة الثالثة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، والتي تحظر العقاب الجماعي تنصّ صراحة على ما يلي: (لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.).
ويطالب المركز الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في جميع الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.