المرجع: 27/2018
التاريخ: 27 فبراير 2018
التوقيت: 12:40 بتوقيت جرينتش
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إجراءات بلدية الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الممتلكات المسيحية في مدينة القدس الشرقية المحتلة، من خلال فرض ضريبة الأملاك (الأرنونا) على أملاك الكنائس من أبنية وأراضٍ وقفية. ويؤكد المركز أن تلك الإجراءات تندرج في إطار استهداف المقدسات المسيحية في المدينة المحتلة، والتمهيد لمصادرة ممتلكاتها لصالح مشاريعها الاستيطانية في حال رفضت الكنائس الانصياع لهذا القرار. ويؤكد المركز مجدداً على أن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بتاريخ 6/12/2017، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، أعطى الضوء الأخضر لسلطات الاحتلال لاستباحة الأرض الفلسطينية لصالح المشاريع الاستيطانية، وفي مقدمتها مدينة القدس المحتلة. ويدعو المركز المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لوقف جرائم قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته.
واستناداً لمتابعات المركز، ففي حوالي الساعة 12:00 ظهر يوم الأحد الموافق 26/2/2018، أعلنت الطوائف المسيحية إجماعها على إغلاق كنيسة القيامة في البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة حتى إشعاراً آخر. جاء ذلك احتجاجاً على قرار بلدية الاحتلال في المدينة المحتلة فرض ضرائب على أملاك الكنائس فيها. تدعي بلدية الاحتلال أن ديون الكنائس المسيحية في المدينة تجاوزت (190) مليون دولار عن (887) عقاراً تابعاً لها، دون تحديد الفترة الزمنية التي تراكمت فيها كل هذه الديون.
وتبع هذا الإجماع إغلاق فعلي لباب الكنيسة الأثري المصنوع من الخشب، ونفّذه اثنان من أبناء عائلتي جودة ونسيبة المسئولتين عن عملية فتح وإغلاق الكنيسة، حيث صعد وجيه نسيبة على سلم إلى أعلى الباب الخشبي، وأغلقه حتى إشعار آخر، وسط استياء السياح المسيحيين الذين وصلوا إلى المدينة قاصدين زيارة كنيسة قيامة السيد المسيح وقبره المقدس. هذا وكانت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الكنيست الإسرائيلي قد عبرت عن نيتها مناقشة قانون يتيح لسلطات الاحتلال مصادرة أراضٍ باعتها الكنائس منذ العام 2010، وكذلك نية بلدية الاحتلال في مدينة القدس جباية ضريبة “أرنونا” من الكنائس.
وعقب إغلاق كنيسة القيامة، عمّم رؤساء الكنائس في المدينة بياناً هاجموا فيه الخطوات الأخيرة التي تنوي سلطات الاحتلال اتخاذها، والتي تستهدف الكنيسة، واعتبروا أن هذه الخطوات هي استهداف ممنهج للأقلية المسيحية في الأراضي المقدسة. وجاء في البيان: “نتابع بقلق شديد الهجمة الممنهجة ضد الكنائس والأقلية المسيحية في الأراضي المقدسة من خلال خرق واضح وكسر الستاتيكو (النظام). وأشار البيان إلى أن سلطات الاحتلال “تقوم بخطوات غير مسبوقة وتخرق اتفاقيات قائمة والتزامات واتفاقيات دولية، والتي تبدو كمحاولات لإضعاف الوجود المسيحي في القدس”. ووقع على البيان كل من: بطريرك الروم الأرثوذكس، ثيوفيلوس الثالث، بطريرك الأرمن، نورهان منوجيان، والمطران فرانشيسكو باتون.
ويعد هذا الإغلاق هو الثاني في تاريخ كنيسة القيامة، وكان الإغلاق الأول بتاريخ 27 أبريل/نيسان 1990، حيث أغلقت الكنيسة أبوابها لمدة 48 ساعة احتجاجا على احتلال أعضاء من الجمعية الاستيطانية “عطيرت كوهنيم” مبنى الضيافة في دير “مار يوحنا” المقابل للكنيسة، وهو ملك لبطريركية الروم الأرثوذكس، وذلك بعد مضي أسبوعين على احتلال المبنى، وفشل كل مساعي خروجهم منه. وذكر الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، الأب عيسى مصلح، أنه بعيدا عن هذين الإغلاقين بقيت أبواب الكنيسة مفتوحة، ولم تشهد إغلاقا على الإطلاق، باستثناء توقف الصلوات في أوقات الحروب والزلازل. وتتشارك الطوائف المسيحية الشرقية والغربية الصلاة والعبادة في كنيسة القيامة التي بنيت فوق “الجلجلة”، وهي مكان الصخرة التي صُلِبَ عليها السيد المسيح عليه السلام، حسب المعتقد المسيحي، كما تحتوي على القبر المقدس مكان دفنه. وتتقاسم الطوائف المساحات والمسافات المحددة لكل منها داخل الكنيسة، وفق ما يسمي “الستاتيكو”، وهو بمثابة قانون عثماني ما زال معمولا منذ عام 1852 حتى اليوم، وُضع لتثبيت حقوق كل طائفة وجماعة دينية في القدس عموما، وفي كنيسة القيامة على وجه الخصوص، وتحدد من خلاله كيفية استخدام كل طائفة للمساحة المخصصة لها.
ويوجد في كنيسة القيامة دير للكاثوليك، وآخر للروم الأرثوذكس، وثالث لطائفة اللاتين، ورابع للأرمن، أما الأقباط فلهم دير وكنيسة القديس أنطونيوس، ويقعان خارج كنيسة القيامة، في حين يقيم الأحباش في دير السلطان على سطح كنيسة القديسة هيلانة، ويقيم السريان صلواتهم وفقاً للستاتيكو في دير القديس مرقس، وهو معبد للأرمن قريب من القبر المقدس. ويهدف قرار إغلاق الكنيسة حتى إشعار آخر إلى ثني بلدية الاحتلال عن قرارها فرض الضرائب المقدرة بمئات ملايين الدولارات، لما للكنيسة من مكانة دينية عند مسيحيي العالم، يحجون إليها من كل بقاع الأرض. وتقدر أملاك الكنيسة المسيحية بنحو 32% من مساحة البلدة القديمة في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وتشمل هذه النسبة إلى جانب أماكن الصلاة والعبادة، نحو 130 مؤسسة، وعشر مدارس، وأربعة مستشفيات، وغيرها من العقارات.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وإذ يدين إجراءات حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة في مدينة القدس المحتلة، والتي تندرج في إطار تهويدها بشكل كامل، وتغيير معالمها التاريخية، فإنّه يذكّر المجتمع الدولي بانتهاك قوات الاحتلال لقواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، وقرارات مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها قرار المجلس المذكور رقم (2334) بتاريخ 23/12/2016، والذي أكد على عدم شرعية المستوطنات التي أقيمت على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية.
وبناءً على ما تقدم، فإنّ المركز: