سبتمبر 29, 2024
فقدت والدتي وابني الوحيد وزوجي وأعاني من إصابتي حتى الآن
مشاركة
فقدت والدتي وابني الوحيد وزوجي وأعاني من إصابتي حتى الآن

رولا صبري محمد الدرة، 49 عاما، أعمل معدة برامج في تلفزيون فلسطين، متزوجة وأم لابن وحيد، سكان غزة، وحاليا موجودة في مصر.

تاريخ الإفادة: 23/9/2024

في حوالي الساعة 6:30 صباحا من يوم السبت الموافق 07/10/2023، تفاجأنا بسماع صوت انفجارات متتالية، فتوجهت أنا وزوجي نافذ محارب حمدان، 59 عاما، وهو كبير معدي البرامج في تلفزيون فلسطين، إلى شرفة الروف الذي نقطن فيه، فشاهدنا صواريخ تصعد من جميع الاتجاهات. وكان ابني الوحيد محمد، 18 عامًا، وهو طالب في الصف التوجيهي الفرع العلمي بمدرسة حسن الحرازين الواقع بحي الرمال، يعد نفسه للذهاب إلى المدرسة، لكن والده طلب منه المكوث والالتزام بالشقة طوال اليوم، لأن الوضع سيتوتر. بالفعل في ساعات المساء سمعنا صوت القصف وكلما نظرنا من الشرفة نرى الدخان يتصاعد من جهات متعددة، ولكن القصف بدأ يشتد ويزيد وأحزمة نارية تنفذها طائرات الاحتلال، حيث قصفت عدة أماكن مجاورة لنا. في تاريخ 09/10/2023، قررنا الخروج من البيت من شدة القصف وقربه، فانتقلنا إلى بيت أهل زوجي في مخيم المغازي، وكان الوضع أهدأ نوعا ما من مدينة غزة.  كنت قلقة على أهلي، فهم يسكنون بحي الشيخ رضوان في غزة،  وكان القصف شديدا في محيطهم، وطلب الاحتلال منهم الإخلاء لقصف أحد المنازل المجاورة لهم، فقرروا الخروج والتوجه إلى مدينة الزهرة حيث أختي رندا تقطن هناك. ولكن بعد يوم واحد بدأت طائرات الاحتلال تقصف أبراج الزهرة، فقرروا النزوح إلى بيت خالتي فهي متزوجة من المواطن محمد السوسو بمخيم المغازي، فطلبت من زوجي أن أسكن عندهم لأهتم بأمي فهي مريضة. وبالفعل ذهبت عند أهلي وكنت أهتم بوالدتي ومرت الأيام بصعوبتها في تدبير المياه وانقطاع الغاز وجلب الحطب والطهو عليه وغلاء الأسعار وشح الأدوية وغلاءها.  استمر ذلك إلى يوم  لا أذكر تاريخه، غالبا في بداية شهر نوفمبر 2023، حيث استيقظت فوجدت نفسي بين الركام  والحجارة  فوقي. نظرت حولي فشاهدت والدتي وعليها الحجارة وحاولت الاقتراب منها لإزالة الحجارة عنها، وتجمهر حولي الناس ورفعوني وتم نقلي إلى قسم الاستقبال في مستشفى شهداء الأقصى، حيث أصبت برضوض وكدمات بالغة في الساقين نتيجة قصف إسرائيلي في المربع الذي نسكن فيه.  وبعد العلاج، خرجت إلى بيت  أهل زوجي، ووالدتي وأخوتي توجهوا إلى منزل خالي أحمد محمود الدرة.

وفي تاريخ 05/12/2023، تلقينا خبر استشهاد زوجة أخي واثنين من أطفاله، فأخي محمد صبري الدرة، 45 عاما وهو موظف في الأونروا كان يقطن مع زوجته وأطفاله في حاصل إيجار بشارع أبو حسني بدير البلح، وقصفت قوات الاحتلال المكان فاستشهدت زوجته المواطنة هنادي زكي أبو غليون، 38 عاما وأبناؤها كريم محمد صبري الدرة، 11 عاما، وشقيقته غنى، 5 سنوات، فضلا عن إصابة طفليه الآخرين وهما: صبري وأنس.

وبينما نحن في هول الصدمة والفقد ومحاولة التخفيف عن أخي، ألقت قوات الاحتلال الإسرائيلي مناشير تطلب من سكان مخيم المغازي الاخلاء لأنها منطقة قتال خطيرة، وأن علينا التوجه إلى المناطق الآمنة جنوبا.

فانتقلت مع زوجي وابني وشقيق زوجي وعائلته وشقيقته وعائلتها إلى بيت من طابقين في شارع السلام بالقرب من مخبز البنا في دير البلح. أمي وإخوتي كانوا في بيت قيد الإنشاء في دير البلح أيضا، لكن أمي لم تكن مرتاحة وكانت دائما تشعر بالبرد لأن النوافذ مفتوحة وكانت تخاف الحركة داخل البيت فهو غير مبلط والأرض غير متساوية، وبعد عدة محاولات وإصرار مني أتت لتسكن معي ومعها شقيقي مصطفى وعائلته وخالي خالد وعائلته، فأنا وزوجي وابني وأهلي اخذنا الطابق الثاني، وعائلة شقيق زوجي بالطابق الأول.

كنا نحاول ان نتعايش مع الوضع وصعوباته من حالة الخوف والقلق فضلا عن المعوقات التي نحياها يوميا، وانا منهمكة بين تدبير الماء وإشعال الحطب لطهو المعلبات التي لا بديل عنها.

في حوالي الساعة 12:00 فجرا من تاريخ 07/02/2024، استيقظت وأنا طائرة بالجو ومحاطة بالنيران، ونزلت على الأرض حيث كانت فرشة اسفنجية فوقعت عليها ولكن شبكت البلوزة التي ارتديها بسيخ حديد خارج من الباطون، وأصبح جسدي مكشوفا فدعوت الله أن يسترني. وبالفعل استطعت أن أرفع جسمي وأرفع البلوزة من سيخ الحديد. وفي تلك الأثناء، اشتعلت النار في الفرشة الإسفنجية التي كنت ملقاة عليها، وكنت خلف البيت وصرت أحمي وجهي من النار وأصرخ، فحضر أحد الجيران على صوتي، وحملوني ووضعوني بسيارة الإسعاف. فقدت الوعي، واستيقظت وأنا ملقاة على الأرض في قسم الاستقبال في مستشفى شهداء الأقصى والأطباء والممرضون حولي ومعهم مقصات ينزعون بها ملابسي، حيث صرت أصرخ وأطلب منهم أن يرفعوني عن الأرض، وفقدت الوعي مرة ثانية، ثم استيقظت من جديد. كنت في غرفة وكانت أختي رندا بجانبي، سألتها عن ابني محمد وعن زوجي وعن والدتي، فأخبرتني أنهم بالغرف المجاورة مصابون. لكن علمت لاحقا بالحقيقة أنهم قد استشهدوا وهم زوجي نافذ محارب حمدان، 59 عاما، وابني الوحيد محمد نافذ حمدان، 18 عاما، ووالدتي رجاء محمود حسين الدرة، 66 عاما.  أما باقي أفراد الأسرة فقد أصيبوا بجراح. وتم نقلي إلى الغرفة المتواجد بها إخوتي المصابون. وخضعت لعدة عمليات جراحية، حيث تم استئصال جزء من الأمعاء، وعملية أخرى بالمثانة، ولخطورة حالتي تم عمل تحويلة طبية لي إلى مصر حيث غادرت غزة بتاريخ 28/03/2024، وتم علاجي في مستشفى شبراهور. والآن انا موجودة في مستشفى المنصورة الدولي، وأحتاج إلى عملية في العظم في رجلي اليمنى، لأن بها كسر وفقد لجزء من العظم، وأعاني من سقوط في القدم حيث لا أستطيع التحكم في القدم أو السير عليها، فضلا عن آثار الحروق الموجودة بالوجه واليدين والقدمين.