يوليو 24, 2024
فقدت جنيني وزوجي معتقل وطفلتي مفقودة
مشاركة
فقدت جنيني وزوجي معتقل وطفلتي مفقودة

ريم كريم موسى سويركي/عجور، 23 عامًا، متزوجة وأم لطفلين، سكان غزة.

بتاريخ 7/10/2023، بينما كنت في منزلي في تل الهوا غرب غزة سمعت صوت انفجارات قوية جدا لا أعلم مصدرها ولا أين مكانها، شعرت بالخوف الشديد وكنت لا أعرف ماذا أفعل. حضنت طفليّ: ماسة 5 سنوات ووائل 4 سنوات، ومكثت أنا وإياهما وزوجي بمنزلنا حتى 314/10/202 حيث علمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطلب من سكان مدينة غزة والشمال النزوح إلى جنوب وادي غزة.

بعد أسبوع نزحنا إلى مستشفى القدس بتل الهوا ومكثنا فيها يومين وكان الوضع يزداد سوءًا، أصوات الأحزمة النارية لا تتوقف وطائرات الاستطلاع لا تغادر المكان إلى أن اصبح الوضع لا يمكن التعايش معه. نزحنا مرة أخرى إلى منزل عمة زوجي  في حي الدرج بغزة، ومكثنا به مدة أسبوعين تقريبا. وأثناء تواجدنا في المنزل قام الاحتلال بقصف العمارة الملاصقة للمنزل الذى نزحنا إليه وكان يوجد بالمكان شهداء من بينهم أطفال ونساء وأصبحت المنطقة خطيرة جدا، فنزحنا للمرة الثالثة لمحيط مجمع الشفاء الطبي في شارع أبو حصيرة، وكان ذلك في نهاية شهر أكتوبر ومكثنا به مدة أسبوع. لم أستطع الابتعاد عن أهلي أكثر وهم كانوا نازحين في مستشفى القدس، فعدت أنا وأبنائي لكن زوجي بقي مع أهله، أما أنا نزحت عند أهلي بمستشفى القدس لمدة أسبوع وكان زوجي يزورنا ويلبى احتياجاتنا. في اليوم السابع بتاريخ 5/11/2023 علمت بنبأ استشهاد أخي وابن عمى أثناء تفقدهم لمنزل عائلتي وإحضار بعض المستلزمات. بعد حوالي نصف ساعة من استشهادهما استطاعت سيارات الإسعاف إجلائهما إلى مستشفى الشفاء بغزة، ونظرا لخطورة الوضع في تل الهوا لم يذهب أهلي إلى مستشفى الشفاء وقام زوجي لقربه من مستشفى الشفاء بدفنهما بأرض لعائلة البطش بالشجاعية. بعد يومين طلب الاحتلال إخلاء مستشفى القدس، وعندما سألنا الصليب الأحمر أبلغنا بأن الخروج يكون على مسؤوليتنا وكان الوضع خطيرا ومرعبا، وأبلغت زوجي بأننا سنعود إلى حي الدرج عند عمته، وأهلي نزحوا عند أختي، ومكثنا عند عمة زوجي من 12/11/2023 حتى 31/12/2024.

بعد استشهاد شقيقي بـ 9 أيام بتاريخ 14/11 /2023، جاءنا خبر استشهاد شقيقي زوجي الاثنين (أحمد وائل طلال عجور 22 سنة، ومحمد 20 سنة) حيث كانا ذهبا لإحضار أغراض من المستشفى بعد تردد أنباء عن انسحاب قوات الاحتلال واستشهدا هناك قبالة مدارس الوكالة.

ونحن في منطقة حي الدرج في المنطقة التي نزحنا إليها حدث قصف شديد لا نعلم أين ونظرا لشدة القصف في المكان مكثنا أنا وزوجي وأبنائي ودار عمي وعمة زوجي، ما يقارب 25  شخصاً، في زاوية في غرفة في البيت وجراء القصف الشديد امتلأ البيت بالغبار وأصبحنا لا نستطيع رؤية بعضنا من كثرة الغبار. وبعد انقشاع الغبار تبين أنه قصف لبوابة مدرسة يافا القريبة منا، وكان هناك شهداء وجرحى. وطلب جيش الاحتلال إخلاء المنطقة والتوجه لغرب غزة فخرجنا من البيت وطول الطريق والقصف فوق رؤوسنا والشهداء رحمة الله عليهم على الأرض والمصابين ورائحة الدم والبارود تملأ المكان. كنت أحضن أطفالي وخايفة عليهم وأدعو ربنا يسلمنا جميعا ووصلنا لبيت أبو جهاد عجور في شارع أبو حصيرة الذي نزحنا إليه سابقا. طول فترة مكوثنا كنا نشعر بالجوع والأرق الخوف من كل شيء، وانعدام الأمان وكنا نسمع الاشتباكات والقصف. في منتصف شهر رمضان تقريبا يوم الأربعاء الساعة الثانية ليلا كنا مستيقظين لتناول السحور، سمعنا صوت شيء وقع / صوت انزال ، احنا فكرنا أنها شاحنات مساعدات، زوجي حكى هذا الجيش دخل المنطقة. نفس اليوم (يوم الأربعاء) الساعة السادسة صباحا كان في سيدة أرملة ساكنة بجوار العمارة إللي نزحنا اليها  كانت فاتحة بسطة لأولادها يبيعوا فيها، ابنها احمد ما كان يعرف أن الجيش في المنطقة، بمجرد ما فتح باب البيت تم قنصه واستشهد وخرجت أمه على الصوت وصارت تنادى احمد فتم قنصت الأم واستشهدت، واهل زوجي شاهدوها من الشباك ملقاة على بطنها وانا خفت أشاهد المنظر. كانت هذه أصعب أيام حياتي من 17/3 حتى 24/3. أدركت أننا محاصرون وصار جيش الاحتلال ينادى بمكبرات الصوت ممنوع تفتحوا شبابيك او أبواب. أنا خفت كتيرا واحتضنت أولادي وسمعت صوت نساء وأطفال تصرخ فزاد الرعب عندي، وكان صوت القصف لا يتوقف وطائرات الكواد كابتر تطلق نيرانها في كل مكان وقنابل الانارة لا تفارق ليل غزة. كنا حوالي 40 شخصا نجلس في ممر المنزل لاعتقادنا أنه أكثر مكان آمن.

غرفة البيت كانت شمالية، انهار جدارها لأن منزل السيدة التي تعرضت للقنص تعرض للقصف وكان تحت مصنع ستائر حيث اشتعلت النيران فيه، ونتيجة لذلك انهار جدار الممر أيضًا عندنا. إثر ذلك قسمنا حالنا قسمين انا وزوجي وأولادي وجد زوجي، طلال عجور 73 عاما، وجدة زوجي فاطمة الحتو 70عاما، وعمه  المصاب عبد الله عجور 29 ، بقينا في مكاننا بنفس الدور بالعمارة (الدور الأول)، احنا ما رضينا نطلع فوق لأن الوضع خطير في الطوابق العلوية وأهل زوجي صعدوا للدور الثاني  في العمارة رغم انه كان مدمر لكن الصالون كان يمكن الجلوس فيه.  

كنا نذهب للحمام بحذر وزحفا وكانت أغلب جدران المنزل مدمرة من القصف. عم زوجي (عبدالله)  ذهب إلى الحمام الباب فقع بوجهه لأنه صار قصف قرب البيت. شعرنا بالخوف علمًا أنه كان مصاب و برجله بلاتين، فكرنا صار اله اشي لأنه مصاب سابق كنا نبكي حينها.

كل دقيقة تمر علينا نسمع صوت القصف وجنازير الدبابات وطائرات الكواد كابتر، كنا صائمين ولم يكن هناك مياه ونحن حوالي 40 شخصا، كانت تأتينا زجاجة مياه من الشباك من دار جيراننا لنا كلنا. كنا بصعوبة نخبز بعد إشعال القطن نعمل 10 فراشيح وكنا نشرب المياه المالحة، ونتيمم للصلاة لعدم وجود الماء.

الاحد 24/3 الساعة 6 الصبح آخر يوم بالحصار كنا ننام لابسين ملابسنا كاملة من خوف الجيش يدخل علينا، سمعنا صوت كلب خلف بيت جيراننا، زوجي حكى يبدو الجيش داخلين علينا حضروا حالكم

فأنا سندت حالي وقعدت بجوار باب الغرفة المفتوح. فتحنا الباب لخوف يقع علينا من القصف، واشتد القصف واطلاق النار من الكواد كابتر، فجأة اطلعت على حالي لقيت بطني دم  وانا كنت عارفة أنني حامل أبلغت زوجي طلال انا تصاوبت في بطنى  وهو حكى لي أنه أصيب برجليه وكان ابني تحت رجلين ابوه  وكان منيح ونظرت على طفلتي ماسة وجدتها ملقاة بجواري ومتشنجة وصرت أصرخ وأحكي للجنود الذين تأكدت أنهم دخلوا المنزل وأحكي لهم تعالوا الطفلة  مصابة وأصرخ لينقذوا طفلتي. الجنود حكوا لي اطلعى أنت وابنك وبقي زوجي بالغرفة.  وبعد ما طلعنا الجندي برة، قام الجندي بخلع كامل ملابسها لطفلتي ماسة ووجد الإصابة تحت كتفها اليمين، وضع لها مشد ورجعت انا وابنى على الغرفة ووجدت كل الدنيا دم الحرامات والسرير بعدها أخذ الجنود ابنى على المطبخ. أهل زوجي كانوا بالمطبخ. بعدها سألت الجندي ماذا ستفعل لي أنا وزوجي مصابين، أنا من الخوف رفعت عن بطني ليشاهد الإصابة والدم النازف حكى لي روحي على مستشفى الشفا، وجاء جندي من المطبخ حكى لي شو اسمك أبلغته ثم طلب مني التوجه على الجنوب فورا، قلت له وزوجي المصاب صار يصرخ عليه وتكلم بالعبري لكن ما فهمت اشى ورفع السلاح حكيتله بدي ابني طيب فأحضره. نزلت على الدرج وجدت كله جنود ولابسين الزي العسكري والسلاح معهم.

خفت امشي وحدي بدون زوجي وبنتي وغير قادرة امشي لحالي من الإصابة والارهاق والتعب  

شاهدت المنطقة وبيوت كتير مدمرة بنص الشارع كانت الدبابة متوقفة والجندي عليها وأشار لي أن أتجه للجنوب وتوكلت على الله ومشيت شارع أبو حصيرة يوم الاحد 24/3/2024 الساعة 7 صباحا. كان هناك شهداء على باب البيت وفى الشارع المناظر بتخوف والدور محروقة الجو أبيض بغبرة من مشي الدبابات وبيوت واقعة وشهدا على الأرض. 

بعد ما مشيت شارع أبو حصيرة باتجاه الغرب لشارع البحر وأنا بنزف وجدت قماشة بيضا فكرت أمسكها أو أضعها على جرحي فوضعتها عليه، وانا تعبانة وخايفة والدبابات تمشي وأنا أجري وخايفة بأي لحظة ممكن أنطخ وصرت أنظر إلى الأبراج التي كان أقاربي يسكنوها وأقول في نفسي معقول يوجد ناس فيها.

كنت أشاهد قناصة على الأبراج وجيش في الشوارع وعلى بلكونات الدور وكنت متحيرة أين أذهب وابني يبكي وتجاوزت منطقة المينا والشيخ عجلين وأنا أفكر معقول يغمى علي ويبقى ابني وحده.  خفت يغمى عليه لانوا النا أسبوع ونحن صيام والأكل قليل وأنا حامل. مشيت الطريق وأنا عندي ضعف نظر وكنت أسأل ابني ياماما شايف دبابة. فكرت في حاجز يعني انا ما اخدت نظارتي ولا جوالي ولا مصاري ولا اشي.

ابني كان مصابا في يده شظية وانا مش شايفاه لانه لابس شتوى شفت الحلابة (الحاجز الإسرائيلي) وأنا لا أعرف ماذا هي. شاهدني الجنود، وكانت الحلابة دون جنود فتقدمت حتى وصلت المكان الذي يجد به الجنود، حملت ابنى وحكى لي الجندي عبر مكبرات الصوت  انتي يلى  ماسكة البيبى  ارجعي ارجعي ارجعي. رجعت وحكى لي توقفي وطلب مني التحرك في مسار معين وطلب مني النظر إلى كاميرا كانت موجودة وبعدها سمح لي بالمرور من الحلابة.

انا ما بعرف الجنوب بحكي معقول وصلت؟  صرت احكي ادخل من هنا ادخل هنا دخلت من شارع صار قصف قريب منى كتير والدنيا كلها صارت  دخنة و رجعت فحكيت خلص راح أمشي بطريق البحر وشاهدت حد تبع كارة صرت  اصرخ وأحكيله انا مصابة وصلني أي مكان وبعطيك أي اشي وركبت معه أنا وابني ومع كل  مطب اتوجع و احكي خلص  تقريبا راح الحمل. وصلت المطبخ العالمي ونزلني وكان في صحافة وحكيتلهم انه دخلوا علينا بوحشية، والمطبخ العالمي حكولهم البنت تعبانة خلص  وقعدوني وأعطوني أنا وابنى أكل، وأحضروا لي إسعاف و سألني المسعف اذا بعرف حد بالجنوب كان لي اخوة شباب بالجنوب.

 أخذوني بسيارة الإسعاف إلى مستشفى العودة وتطمنوا على البيبي ببطني وعلى ابني وائل وتبين أن وضعي منيح. اتصلوا على  المسعف الذي أحضرني إلى المستشفى وأخدني على بيته  بالنصيرات وفطرني وما قصروا معايا وأعطوني ملابس، واتصلت على اخوتي (نزحوا للجنوب بعد استشهاد أخي)  لكن الجوالات مغلقة  اكتر من مرة دايما مغلقة وما بعرف انه اهلي نازحين على الجنوب فكرتهم استشهدوا او لسا بمنطقة العباس بغزة،  وأهل زوجي ما كنت بعرف انهم بخير فكرتهم كمان استشهدوا. نمت على الساعة 10 و انا نايمة أهلوس بابنتي ماسة. الساعة 2 فجرا اتصل إخوتي على الرقم وتطمن علي، ثم جاءت أمي ووالدي وأخي وأخذوني من عند الناس، وكان أهلي نازحين في رفح عند أصحاب أخي وانا ما كنت بعرف لأنه ما  كان في اتصالات مطلقا. بالوقت هذا كنت لا أعرف شيئا عن زوجي وابنتي، ولاحقا تواصلت مع أهل زوجي فأبلغوني أنهم لا يعرفون شيئا عنهم.

وأثناء نزوحي برفح جرحي التهب مع أنني كنت أغير يوميا، صرت اتابع بالمستشفى الاماراتى. ابني حالته النفسية صارت صعبة و ابني صار عنده تبول لا إرادي. بعد تقريبا شهر، فقدت الأمل بزوجي وبنتي لأنه أهل زوجي أخرجوهم كلهم من المنزل وهو كنت أفكر أنهم يمكن قصفوا عليهم الدار (زوجى وبنتى). كانت هذه الأيام صعبة كتير في حياتي  لأنه مصير زوجي وبنتي مجهول. يوم 20/4/2024 اتصل والد زوجي على ابويا وحكى له طلال بخير هو عايش لكنه معتقل عند الاحتلال، وطلال زوجى معطي رقم جوز عمته لأسير مفرج عنه ليطمئننا.

بعد ما مكثت شهر برفح نزحت على الزوايدة بعد ما طلب الاحتلال إخلاء رفح. أثناء نزوحي من رفح للزوايدة أصابني مغص شديد وتعبت نفسيتي لأنه اللي صار معي كتير صعب واتحطمت. امي صارت تصبرني وعرفت انو نبض الجنين متوقف وأنا كنت خايفة من الإجهاض لأني أنا أصلا مصابة. بعد نزوحي للزوايدة توجهت إلى مستشفى العودة بالنصيرات يوم خميس وحكى الدكتور لازم نعملك عملية اجهاض لأنه نبض الجنين متوقف، وحدد لي موعدا يوم السبت لعملية الإجهاض.  حدث معي يوم الخميس ليلا الساعة الثانية مغص شديد وعرفت انه بداية الإجهاض وكلمت الإسعاف، وقبل ما تصل سيارة الإسعاف نزل الجنين في الخيمة (اجهضت وانا في الخيمة) وأخدنا الجنين معنا على المستشفى وكان عمر 4 شهور ونص ومن المستشفى عرفنا انه كان ولد وأخذوني للتنظيفات و6 صباحا حكوا لي خروج، والحمد لله مشيت الأيام لحد ما وصلنا لليوم. حاولت كتير التواصل مع الصليب حتى يعرفوا شيء عن زوجي  وبنتى حكوا ممكن انتي تعرفي أخبار عنه قبلنا وفعلا عرفت انه بالسجن قبلهم . انا بنتي شجاعة جدا السنة هاي سجلتها بالروضة وأتمنى تكون بخير وسلامة.