المرجع: 147/2012
التاريخ: 3 ديسمبر 2012
التوقيت: 13:00 بتوقيت جرينتش
يتزامن اليوم العالمي للمعاق، الذي يصادف اليوم، الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2012، مع استمرار معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة فلسطين المحتلة، الناجمة عن استمرار ممارسات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين المدنيين وممتلكاتهم، وعن استمرار الانقسام الداخلي منذ منتصف عام 2007، وتأثيره على أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة. إن إعلان اليوم العالمي للمعاق، جاء لتأكيد ضرورة احترام وتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة أنحاء العالم، وهي الحقوق المستندة على المبادئ العامة لحقوق الإنسان، بما فيها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي تكرس تحقيق المساواة التامة بين جميع أفراد البشر، دون أي تمييز قائم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الأصل الاجتماعي.
إن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي اقترفتها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، لم تكن بمنأى عن الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد تعرضوا شأن بقية السكان المدنيين لانتهاكات جسيمة، فمنذ مطلع العام 2012، قتلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي 4 من الأشخاص ذوي الإعاقة، بينهم طفل. فقد ادعت القوات المحتلة اقتراب أحد المعاقين (يعاني من نوبات صرع وإغماء) من الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وأطلقت نحوه النار بغزارة، ما أدى إلى إصابته بعدة أعيرة نارية في مختلف أجزاء جمسه ووفاته على الفور.
وقتل الثلاثة الآخرون (معاقان ذهنياً ومعاق حركياً) أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة، خلال الفترة 14/11-21/11/2012. فقد قتل الأول جراء تعرضه للقصف من طائرات الاحتلال بشكل مباشر، بينما قتل الثاني عندما استهدفت طائرات الاحتلال أرضاً زراعية مجاورة لمنزله، مما أدى إلى وفاته داخل منزله، وقتل الثالث وهو طفل معاق حركياً جراء إصابته بشظايا صاروخ سقط أمام منزله. وتدلل الانتهاكات واسعة النطاق لحق الفلسطينيين ذوي الإعاقة في الحياة والأمن والسلامة والشخصية، وخاصة خلال فترة العدوان، على أن القوات المحتلة لم تسع لبذل أي جهد، ولو في الحدود الدنيا، لتجنب إيقاع مزيد من الضحايا بين صفوف المدنيين الفلسطينيين عموماً، والأشخاص ذوي الإعاقة منهم على وجه الخصوص، وذلك على الرغم من مصادقة إسرائيل على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي دخلت حيز التطبيق قبل أكثر من 4 أعوام ( في 3 أيار/ مايو 2008 ).
إن العدوان الحربي الأخير سيزيد عدد المعاقين بشكل كبير، جراء نوع الإصابات التي تعرض لها المواطنون في قطاع غزة، وأنواع الأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. فقد أصيب خلال فترة العدوان نحو 1000 مواطن، من بينهم 274 طفلاً و162 سيدة، وتعرض العديد منهم لحالات بتر في الأطراف، وإصابات في حاستي السمع والبصر، فضلاً عن الإضرار النفسية التي تعرض لها عدد كبير من سكان القطاع. جدير بالذكر أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة يبلغ 38 ألف شخصا (أي 2.4% من مجمل السكان)، وتبلغ نسبة الإعاقة بين الذكور 2.9% مقابل 2.5% بين الإناث.
ووفقاً لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فقد ارتفع عدد الضحايا في صفوف الفلسطينيين ذوي الإعاقة، منذ بداية الانتفاضة في التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2000، وحتى اليوم إلى 95 معاقاً، من بينهم 16 طفلاً و7 إناث. كما أصيب خلال انتفاضة الأقصى ما يزيد عن 110 أشخاص من المعاقين بالأسلحة النارية التي تستخدمها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي.
ولم تسلم مؤسسات رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة خلال فترة العدوان على قطاع غزة، فقد تعرضت العديد منها للقصف المباشر وغير المباشر أسوة بباقي المنشآت المدنية في القطاع. وأدى قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمجمع فلسطين الرياضي إلى تدميره بشكل كامل، بما في ذلك تدمير مقر اللجنة البارالمبية الذي تقدم خدماتها للرياضيين من ذوي الإعاقة. كما أدى قصف نادي الجزيرة الرياضي إلى تدمير صالة رياضية تحتوي على العديد من الأجهزة الرياضية التي تخدم شريحة المعاقين الرياضيين والشباب والناشئين .
ويقبع في السجون الإسرائيلية 85 شخصاً من ذوي الإعاقة الجسدية والنفسية، يعيشون أوضاعاً صحية قاسية في ظل سياسة الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز داخل السجون. ويعاني بعضهم من شلل أو ضمور في العضلات، وقد تعرض عدد منهم إلى بتر أعضاء من جسده بعد تعرضهم لإصابات قبل أو أثناء عملية اعتقالهم. كما تعرض الكثير منهم لعلميات الابتزاز والمساومة على العلاج خلال استجوابهم والتحقيق معهم على يد المحققين الإسرائيليين.
على الصعيد الداخلي، ما يزال المعاقون الفلسطينيون يعانون بسبب غياب تطبيق نصوص قانون حقوق المعاق الفلسطيني رقم 4 للعام 1999، الذي يمنحهم حقوقهم في مجال الخدمات الصحية وخدمات التأهيل والرعاية والتعليم والتشغيل، فضلاً عن حقوقهم في مجال الترفيه والرياضة والمشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع. وما يزال المعاقون ينتظرون إصدار بطاقة المعوق، والتي تحتوي على سلة الخدمات الرئيسية في مجال الصحة والتأهيل والتدريب والتعليم، وذلك منذ أكثر من 12 عاماً.
ان مستوى تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم يزداد تدهوراً في ظل استمرار حالة الانقسام الداخلي، ووجود حكومتين مختلفتين في غزة ورام الله، وهو ما يعيق بشكل جدي تعديل السياسات والإجراءات والتشريعات والأنظمة التي تحول دون تمتع المعاقين بحقوقهم، وتحديداً تلك التي تتناقض مع قانون المعاق الفلسطيني بشكل خاص، والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق المعاقين بشكل عام.
وانعكست حالة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 6 سنوات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمعاقين الفلسطينيين، حيث باتوا وأفراد أسرهم يعانون جراء ذلك من الفقر المدقع وحرمانهم من العديد من خدمات التأهيل والرعاية، ونقص الأجهزة الطبية اللازمة للعديد منهم.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وبمناسبة اليوم العالمي للمعوق، فإنه: