مقدمة
أصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بتاريخ 5 مارس 2020، بإعلان حالة الطوارئ لمدة 30 يوم في فلسطين، لمواجهة انتشار وباء کورونا (COVID-19) في الأرض الفلسطينية. وأعطى القرار رئيس الوزراء وجهات الاختصاص صلاحية “اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن فيروس كورونا وحماية الصحة العامة وتحقيق الأمن والاستقرار.” وبموجب هذا الاعلان أصدر رئيس الوزراء عدة قرارات تمحورت حول إغلاق المؤسسات التعليمية وبعض المؤسسات الرسمية الأخرى، وفرض قيود على حرية الحركة والتعبير وقيود تتعلق بالحجر الإلزامي وغيرها من القيود ذات العلاقة.
يعمل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من خلال هذا المنشور على تبيان الصلاحيات الاستثنائية التي تخولها حالة الطوارئ للجهات التنفيذية، وحدود هذه الصلاحيات، والحقوق والحريات التي لا يجوز المس بها في حالة الطوارئ. ويستند المركز في ذلك إلى التزامات فلسطين الدولية بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، وكذلك القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003، وخاصة الباب السابع الخاص بتنظيم حالة الطوارئ. ويؤكد المركز، في هذا السياق، على مبدأ عام وهو وجوب استخدام الصلاحيات الاستثنائية في أضيق نطاق، وأن لا تستغل بأي شكل من الأشكال ضد المعارضة السياسية أو للإضرار بالمواطنين أو ممتلكاتهم. فيما يلي منشور توعوي يهدف إلى رفع الوعي لدى الجمهور والجهات الحكومية والتنفيذية بصلاحيات وقيود حالة الطوارئ من خلال الإجابة عن الاسئلة التالية:
- ماهي حالة الطوارئ؟
- ما هي شروط حالة الطوارئ وفق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والقانون الفلسطيني؟
- ما هي أبرز الحقوق التي يجوز تقييدها ونطاق هذا التقييد؟
أولاً: ما هي حالة الطوارئ؟
هي حالة استثنائية يتم الإعلان عنها من قبل السلطة المختصة في الدولة عند وجود خطر يتهدد حياة الأمة، وتجيز للدول، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد ببعض الالتزامات المتعلقة باحترام حقوق الإنسان.
ثانيا: ما هي شروط حالة الطوارئ وفق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والقانون الفلسطيني؟
- أن تكون وفق القانون المنظم لحالة الطوارئ. (الباب السابع من القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003)
- ألا تتجاوز مدة 30 يوما،ً قابلة للتجديد بموافقة ثلثي المجلس التشريعي. (المادة 110 من القانون الأساسي) (ملاحظة: يقوم الرئيس الفلسطيني مقام المجلس التشريعي بعد حله، ويستند في ذلك إلى المادة 43 من القانون الأساسي).
- تحديد الهدف والمنطقة والفترة الزمنية التي تشملها حالة الطوارئ. (المادة 110 من القانون الأساسي)
- مراجعة الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل المجلس التشريعي عند انعقاده. (المادة 110 من القانون الأساسي).
- عدم جواز فرض قيود على الحقوق والحريات الأساسية إلا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم إعلان حالة الطوارئ. (المادة 111 من القانون الأساسي).
- أي توقيف يجب أن يراجع من قبل النائب العام خلال 15 يوماً من تاريخ التوقيف، ومن حق الموقوف توكيل محامٍ. (المادة 112 من القانون الأساسي).
- أن تكون في أضيق نطاق من حيث المكان والزمان والإجراءات الاستثنائية.
- ألا تتخذ تدابير تنافي التزامات فلسطين الدولية الأخرى.
- أن تعلم الدول الأعضاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بأسباب ومدة ومكان حالة الطوارئ.
- ألا تتضمن تدابير تنطوي على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
- ألا تمس الاجراءات المتخذة ببعض الحقوق، فيما ياتي أبرزها:
- الحق في الحياة (ويستثنى من ذلك حالة صدور حكم بالإعدام بعد محاكمة عادلة من محكمة مختصة مستوفية للإجراءات السليمة، مع التأكيد على رفض المركز الفلسطيني لحقوق الأنسان التام لهذه العقوبة اللاإنسانية)
- الحق في عدم التعرض للتعذيب.
- الحق في عدم التعرض للسجن لمجرد عدم الوفاء بالتزام تعاقدي. (مثال: أن يتم حبس مقاول لأنه لم يقم بتشييد بناء أو إصلاحه، بعد أن اتفق مع مالكه على ذلك)
- الحق في التمتع بضمانات عدم رجعية الجرائم والعقوبات، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. (ألا يعاقب أو يجرم أي شخص الا وفق قانون ساري ومنشور للجمهور)
- الحق بالاعتراف بالشخصية القانونية. (أي أن يكون معترف بالشخص أمام الجهات الرسمية في القيام بأي تصرف قانوني مثل التعاقد، التقاضي، والحصول على الوثائق الرسمية)
ثالثاً: ما هي أبرز الحقوق التي يجوز تقييدها ونطاق هذا التقييد؟
- الحق في إجراءات جزائية سليمة: الصلاحيات والقيود
- الصلاحيات الاستثنائية المخولة في حالة الطوارئ
- صلاحية التوقيف دون إذن مسبق من الجهات القضائية.
- صلاحية القبض والتفتيش دون الحاجة إلى إذن من الجهات القضائية.
- القيود على الصلاحيات
- أن يتم عرض قرارات التوقيف على النائب العام خلال 15 يوماً من يوم التوقيف.
- أن يكون إجراء القبض أو التفتيش للضرورة القصوى لتحقيق الهدف المعلن في حالة الطوارئ.
- عدم استغلال هذه الصلاحيات لقمع المعارضة أو الحريات التي لا تتعلق بحالة الطوارئ.
- حق الموقوف في توكيل محامٍ يختاره، يكون له حضور الإجراءات.
- حماية الموقوفين من التعرض لخطر الإصابة بفيروس كورونا.
- الحق في التنقل: الصلاحيات والقيود
- الصلاحيات الاستثنائية المخولة في حالة الطوارئ
- حظر التنقل داخل فلسطين (بين المدن) أو بينها وبين الدول الأخرى.
- فرض منع التجول وإجبار الناس على البقاء في المنازل، وفق ما تتطلبه إجراءات الوقاية من انتشار الوباء.
- توقيف كل من يخالف هذه الإجراءات، في حالة الضرورة القصوى.
- القيود على هذه الصلاحيات:
- أن يكون القيد بقرار أو قانون واضح، تم نشره للجمهور.
- تمكين الجمهور من الحصول على احتياجاتهم من مأكل ومشرب ودواء وغيرها من متطلبات الحياة.
- عدم التمييز في فرض الإجراءات، إلا للفئات التي يلزم تحركها لتلبية حاجات الجمهور (مثل العاملون في المجال الصحي، رجال الأمن، والعاملون في المخابز ومحطات الوقود وتجار المواد التموينية)
- الحق في التعبير: الصلاحيات والقيود
- الصلاحيات الاستثنائية المخولة في حالة الطوارئ
- فرض قيود على حرية التعبير، استناداً إلى معيار حماية الصحة العامة.
- منع نشر معلومات معينة حتى لو كانت صحيحة، ونشرها مشروع في غير حالات الطوارئ. (مثال: منع نشر أسماء المصابين بوباء كورونا)
- توقيف كل من يخالف هذه الإجراءات، في حالة الضرورة القصوى.
- القيود على الصلاحيات:
- أن يكون القيد بقرار أو قانون واضح، تم نشره للجمهور.
- لا يجوز التمييز في تطبيق هذه القيود على أي أساس.
- لا يجوز أن تشمل القيود مجرد إبداء النقد بحسن نية للإجراءات الحكومية، مع التأكيد على أن حسن النية مفترض في أي نقد، وعلى السلطات إثبات عكس ذلك إن وجد. (ويعني حسن النية هنا أن الشخص غير مدفوع من جهات معادية للدولة لإثارة الاضطرابات فيها)
- الحق في التجمع السلمي: الصلاحيات والقيود
- الصلاحيات الاستثنائية المخولة في حالة الطوارئ
- حظر كافة التجمعات السلمية سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، المفتوحة وغير المفتوحة، وفق ما تتطلبه الضرورة لمواجهة انتشار الوباء.
- حظر الدعوة للتجمعات السلمية مهما كان هدفها.
- تفريق التجمعات، ولو باستخدام القوة المتناسبة، وتوقيف المخالفين.
- القيود على الصلاحيات
- أن يكون القيد بقرار أو قانون واضح، تم نشره للجمهور.
- لا يجوز التمييز في تطبيق هذه القيود على أي أساس.
- الحق في الملكية: الصلاحيات والقيود
- الصلاحيات الاستثنائية المخولة في حالة الطوارئ
- يجوز كأصل نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة ولكن مقابل تعويض عادل أو بحكم قضائي. (المادة 21 من القانون الأساسي)
- يجوز للسلطات استخدام المنشآت الخاصة للمنفعة العامة بشكل مؤقت لأغراض الحجر الوقائي. (ملاحظة: لا يوجد في القوانين الدولية أو المحلية أية نصوص تتعلق بجواز الاستخدام المؤقت للملكية الخاصة. والصلاحية السابقة قياسا على المادة 21 من القانون الاساسي والقواعد العامة)
- القيود على الصلاحيات:
- أن تكون المنشأة غير مستعملة للسكن.
- أن يكون الاستخدام بالاتفاق مع صاحب العقار أو المنشأة قدر الإمكان.
- أن يكون الاستخدام مقابل تعويض عادل.
- ألا يكون الاستعمال بهدف الإضرار بالمالك.
- أن تكون الحكومة مسؤولة عن تعويض المالك عن أية اضرار تصيب المنشأة.
- أن يتم تعقيم المنشأة بشكل كامل قبل إعادة تسليمها لمالكها.