أكتوبر 10, 2024
شمال غزة يواجه أكبر عملية تطهير عرقي إسرائيلي ومطلوب تدخل عاجل لحماية المدنيين ومنع تهجيرهم
مشاركة
شمال غزة يواجه أكبر عملية تطهير عرقي إسرائيلي ومطلوب تدخل عاجل لحماية المدنيين ومنع تهجيرهم

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات، الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على شمال قطاع غزة، الذي أخذ أبعادًا خطيرة طوال الأيام الخمسة الماضية وحتى الآن على صعيد اتساع جرائم القتل والحصار والتهجير القسري الذي يستهدف مئات آلاف السكان، في إمعان لجريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في عموم قطاع غزة منذ أكثر من عام.

ويحذر المركز بأن دولة الاحتلال تنفذ أكبر عملية تطهير عرقي وتستخدم كل وسائل القتل والتدمير والتجويع في مواجهة مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين العزل شمال غزة على وجه الخصوص، ولا تخفي نيتها تهجيرهم بالكامل قسرًا عن كامل المنطقة وسط صمت دولي يطلق اليد للاحتلال ليفعل ما يشاء دون اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي جرى تعطيله بشكل فج في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ووفق المعلومات التي توفرت لباحثي المركز، فإن قوات الاحتلال، ومنذ عصر السبت الموافق 5 أكتوبر/تشرين أول، تشن عشرات الغارات العنيفة، بالتزامن مع قصف مدفعي وإطلاق قذائف دخانية وصوتية، على بلدتي جباليا وبيت لاهيا، شمال غزة. ومساء اليوم نفسه نفذت تلك القوات هجومًا بريًّا شرق مخيم جباليا وشمال غربي بيت لاهيا، شمال غزة، وسط قصف جوي على شكل أحزمة نارية وقصف مدفعي عنيف، وإطلاق نار من طائرات كواد كابتر إسرائيلية، ما اضطر مئات السكان إلى النزوح القسري.

وأصدرت قوات الاحتلال عند الساعة 12:02، يوم الاثنين 7 أكتوبر 2024، أوامر تهجير قسري إلى سكان بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا شمال غزة، وطالبتهم بالتوجه نحو المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي جنوب قطاع غزة. يأتي ذلك في وقت واصلت قوات الاحتلال تمركزها في بعض المحاور التي تفصل بين مخيم جباليا وجباليا البلد مع استمرار فرض السيطرة على أحياء واسعة عبر إطلاق النار من طائرات كواد كابتر الإسرائيلية.

كما ألقت طائرات الاحتلال منشورات تطالب السكان بالتوجه إلى جنوب قطاع غزة، ما يدلل على سعي الاحتلال لاستكمال مخطط تفريغ شمال غزة.

وأطلقت قوات الاحتلال عند الساعة 14:50، قنابل دخانية على بوابة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال غزة. أدى ذلك إلى اشتعال النيران قرب البوابة وإلحاق أضرار، فضلا عن التسبب ذلك ببث حالة من الهلع والقلق لدى المرضى والطواقم الطبية داخل المستشفى وسط مخاوف من إخراجه عن الخدمة مجددًا.

وفي اليوم التالي (الثلاثاء الموافق 8 أكتوبر/ تشرين أول) هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند الساعة 14:50، المنازل والبنايات في محيط مستشفى كمال عدوان، في مشروع بيت لاهيا، شمال غزة، ما أدى إلى أضرار كبيرة وعدد من الإصابات. كما أطلقت قوات الاحتلال عبر طائرات كواد كابتر النار تجاه أي شخص يتحرك ويتنقل من خلال الشوارع الرئيسية والفرعية في المنطقة، ما أعاق حركة الوصول ونقل الضحايا إلى المستشفى، وتسبب بحالة هلع في صفوف المرضى والطواقم الطبية.

وفي تطور لاحق، أقدمت قوات الاحتلال على طلب إخلاء المستشفى من المرضى والطواقم الطبية، ما يشير إلى سعي إسرائيل على تدمير كل مقومات الحياة في المنطقة.

وأفاد الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، أنه تلقى بشكل رسمي اتصالات من قوات الاحتلال يطالبه بإخلاء المستشفى في خلال 24 ساعة من جميع المرضى والجرحى ومن كل الكوادر الطبية على أن تكون المستشفى غدا فارغة بكل أقسامها.

كما اعتقلت قوات الاحتلال أحد المسعفين خلال مهمة منسقة لنقل أطفال من مستشفى كمال عدوان إلى المستشفى المعمداني.

وتؤشر سياسة الاحتلال ومنهجية قصفه، إلى سعيه إلى إخراج مستشفيات كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا ومستشفى العودة ومستشفى الإندونيسي في جباليا شمال غزة عن العمل كليا، لحرمان مئات آلاف السكان من أي خدمات صحية، علمًا أن هذه المستشفيات سبق أن خرجت كليا عن العمل في نوفمبر وديسمبر الماضي، خلال الهجوم البري الإسرائيلي الواسع في المنطقة حينها.

وفي إطار هذه السياسة قصفت طائرات الاحتلال أحد المخابز الذي كان يعمل في الآونة الأخيرة، ما يشير إلى تعمد دولة الاحتلال في تدمير جميع المنشآت التي تعين السكان على الصمود والبقاء.

وقصفت قوات الاحتلال بالعديد من القذائف، عند الساعة 15:00، مساء مجموعة من السكان أثناء تواجدهم أمام مخبز زين الدين بالقرب من محطة أبو قمر مخيم جباليا شمال غزة، ما أدى إلى استشهاد 13 منهم وإصابة 5 آخرين على الأقل.

وأجبرت قوات الاحتلال عند الساعة 18:30 عشرات السكان على الخروج من منازلهم في شارع مزايا في جباليا البلد، شمال غزة، ومن ثم طلبت النساء والأطفال مغادرة المنطقة حيث توجهوا باتجاه جباليا ومخيمها، واحتجزت الرجال ودققت في بطاقاتهم الشخصية وأفرجت عن غالبيتهم لاحقا، وطلبت منهم التوجه لجباليا.

خلال هذا اليوم، قتل ثلاثة مدنيين، منهم امرأة ورجل وابنه، خلال محاولتهم النزوح من المنطقة، بعد تعرضهم لإطلاق نار من قوات الاحتلال.

وقصفت طائرة إسرائيلية مسيرة، عند الساعة 12:00، يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين أول، مدرسة الرافعي التي تأوي مئات النازحين، في جباليا البلد، شمال غزة، ما أدى إلى استشهاد 3 منهم وإصابة 15 آخرين بجروح.

كما قصفت طائرات الاحتلال عند الساعة 12:30، منزلا لعائلة أبو زر في بئر النعجة غرب مخيم جباليا شمال غزة، ما أدى إلى استشهاد 6 منهم وإصابة آخرين، ولا يزال آخرون تحت الأنقاض يتعذر انتشالهم؛ لصعوبة وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني.

وأطلقت قوات الاحتلال عند الساعة 13:00، النار تجاه مجموعة من الأهالي الذين كانوا يحاولون النزوح والخروج من منازلهم في محيط دوار أبو شرخ غرب مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد 10 منهم وإصابة آخرين بجروح، ولم تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليهم لإخلائهم.

هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي، عند الساعة 14:00، خيام النازحين داخل مستشفى اليمن السعيد الذي يأوي آلاف النازحين في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد 17 منهم، بينهم نساء وأطفال، وإصابة آخرين بجراح.

واستهدفت طائرات الاحتلال عند الساعة 16:00، مجموعة من الصحفيين قرب دوار أبو شرخ غرب مخيم جباليا، شمال غزة، ما أدى إلى استشهاد الصحفي محمد الطناني مصور قناة الأقصى وإصابة مراسل القناة، تامر لبد. كما أصيب الصحفي فادي الوحيدي بعيار ناري في صدره وحالته خطيرة.

وتلقى باحثونا معلومات عن وجود أعداد من الشهداء والجرحى في العديد من الشوارع وتحت أنقاض المنازل يتعذر انتشالهم نتيجة صعوبة تحرك طواقم الإسعاف والدفاع المدني.

وعلى مدار الأيام الماضية، قصفت طائرات الاحتلال عددًا كبيرًا من المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس قاطنيها، ما أدى إلى عدد كبير من الشهداء والجرحى، في وقت تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات في التحرك نتيجة قطع الطرق جراء القصف الإسرائيلي أو إطلاق النار من طائرات كواد الكابتر الإسرائيلية.

ويشير باحثونا، إلى عشرات آلاف العائلات المحاصرة في جباليا ومخيم جباليا وبيت لاهيا، عاجزون عن التحرك بسبب إطلاق النار من قوات الاحتلال وباتوا غير قادرين على الحصول على المواد الغذائية والمياه، وبالتالي يواجه الكثير منهم شبح خطر الموت جوعً أو عطشًا.

وتواجه طواقمنا صعوبات في توثيق مجمل الأحداث والتطورات نتيجة القصف والهجوم البري الإسرائيلي.

وإزاء هذه التطورات، يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحرك عاجل لحماية المدنيين ووقف مخططات دولة الاحتلال الرامية لتفريغ شمال سكان غزة من سكانه.

ويؤكد أن استمرار إسرائيل في عدوانها وتجاهلها المطالبات بوقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة الحصانة التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية، والتي سمحت بتكريس سياسة الإفلات من العقاب، فضلاً عن التواطؤ والمشاركة في الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني من خلال مواصلة تزويد قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر واستمرار دعمها السياسي.

ونطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفعال لإجبار دولة الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ووقف ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.