المرجع: 100/2018
التاريخ: 18 سبتمبر 2018
التوقيت: 16:00 بتوقيت جرينتش
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أقل من 24 ساعة، 4 مدنيين فلسطينيين، أحدهم طفل، وأصابت 44 مواطنا منهم ٧ أطفال وامرأتان و٣ صحفيين ومسعفان، في جريمتين منفصلتين، الأولى جنوب قطاع غزة وقتلت خلاها مدنيين أحدهما طفل بصواريخ الطيران الحربي، دون أي مبرر أو وجود خطر على حياة الجنود، والثانية، شمال القطاع، عندما استخدمت القوة المفرطة ضد متظاهرين سلميين قرب معبر بيت حانون إيرز.
تؤكد تحقيقات المركز في الحالة الأولى أن القتيلين مدنيان كانا يتواجدان على مقربة من السياج الشائك اللولبي الذي يبعد حوالي 50 مترًا، من الشريط الحدودي الأساسي، ورغم أنه لم تتضح ملابسات سبب تواجدهما في المكان، إلا أنهما لم يشكلا أي تهديد على حياة الجنود، كونهما غير مسلحين، وأن استهدافهما يتنافى مع مبدأ الضرورة والتمييز، حيث استخدم الاحتلال القوة دون مبرر. كما أن التحقيقات في الحالة الثانية، تشير إلى أن الاحتلال استخدم القوة المميتة والمفرطة ضد المتظاهرين السلميين دون وجود أي خطر أو تهديد على حياة الجنود في منطقة التظاهرات.
واستناداً لتحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ففي حوالي الساعة 10:30 مساءً، يوم الاثنين الموافق 17/9/2018، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة داخل الشريط الحدودي مع إسرائيل، شرق مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه المنطقة القريبة من الشريط المذكور، شرق بلدة القرارة، شمال شرقي المدينة. وبعد حوالي 20 دقيقة أطلقت طائرة مسيرة للاحتلال، صاروخين تجاه المنطقة نفسها. وفي وقت لاحق، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي عبر صفحته على تويتر أن طائرة عسكرية “أغارت على مخربين اقتربوا بصورة مشبوهة باتجاه السياج الأمني جنوب قطاع غزة ووضعوا جسما مشبوها بالقرب منه”، وهو ما نفته تحقيقات المركز.
وفي حوالي الساعة 12:15 بعد منتصف ليل الثلاثاء، وصل طاقم إسعاف تابع لجمعية الهلال الأحمر، إلى محيط المنطقة وتوقفت سيارات الإسعاف نهاية شارع رقم 2 شرقا، وبدأت بالدخول للمنطقة الحدودية، بعد التنسيق مع الصليب الأحمر، وشرعت في البحث عن مصابين محتملين، وخلال ذلك جرى عبر الهاتف توجيه طواقم الإسعاف من الارتباط المدني الفلسطيني لمكان القتيلين، بناء على تواصل الأخير مع الارتباط الإسرائيلي.
وأفادت طواقم الهلال الاحمر الفلسطيني لباحث المركز، أنها في حوالي الساعة 12:50 عثرت قرب السياج الشائك اللولبي المقام داخل الأراضي الفلسطينية شرق القرارة، ويبعد حوالي 50 مترا عن الشريط الحدودي الأساسي، على جثتي شخصين، يرتديان ملابس مدنية، تحول أحدهما إلى أشلاء، فيما كان الثاني مصابا بجروح وشظايا في أنحاء الجسم وملامح وجهه غير ظاهرة نتيجة الاستهداف، وحملوهما وساروا بهما مسافة حوالي 300 متر وصولا لمكان توقف سيارات الإسعاف، ونقلا إلى مستشفى ناصر في خانيونس، ولم يلاحظ وجود أية أسلحة أو أجسام غريبة قرب الجثتين، بخلاف ما ادعى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي.
وفي ساعات مساء الثلاثاء الموافق 18/9/2018، تعرف الأهالي على هوية القتيلين، بعد نشر صور لهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين أنهما من سكان بني سهيلا، وأحدهما طفل، وهما: ناجي جميل حسن أبو عاصي، 17 عاما، وعلاء زياد جميل أبو عاصي، 20 عاما.
ورغم أنه لم تتضح ملابسات سبب تواجدهما في المكان، إلا أنهما لم يشكلا أي تهديد على حياة الجنود، كونهما مدنيين وغير مسلحين. علما أن المنطقة لا تشهد أية تظاهرات، وسبق أن سجلت منها عمليات تسلل بهدف العمل داخل إسرائيل.
وفي حوالي الساعة 5:00 مساء اليوم الثلاثاء الموافق 18/9/2018، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، المتمركزة داخل معبر بيت حانون “إيرز” شمال قطاع غزة، أعيرة نارية حية، وقنابل مسيلة للدموع، لتفريق مئات المواطنين الذين تظاهروا قرب المعبر تلبية لدعوة الهيئة العامة لمسيرة العودة وكسر الحصار للمشاركة في فعالية “معا من اجل حقوق اللاجئين وكسر الحصار”.
أسفر إطلاق النار من قوات الاحتلال عن مقتل مواطنين، أحدهما محمد أحمد محمد أبو ناجي، ٣٢ عاما من سكان مشروع بيت لاهيا، وأصيب بعيار ناري في الصدر، والثاني أحمد محمد محسن عمر، 24 عاما، سكان مخيم الشاطئ، وأصيب بعيار ناري في الصدر، ونقلا للمستشفى الاندونيسي بجباليا.
كما أصيب 44 مواطنا منهم ٧ أطفال وامرأتان و٣ صحفيين ومسعفان. سبعة من بين المصابين بأعيرة نارية، والبقية بقنابل الغاز المباشرة، فضلا عن إصابة العشرات بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقت قوات الاحتلال. وتسببت قنبلة غاز بتحطم زجاج سيارة اسعاف “جيب” لاند كروزر تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة هذه الجرائم التي تقدم دليلاً آخر على استمرار استخدام قوات الاحتلال للقوة المميتة ضد المدنيين الفلسطينيين، بهدف قتلهم حتى دون أن يكون هناك ما يهدد حياة الجنود بالخطر.
ويؤكد المركز أن استمرار إسرائيل في استهداف المدنيين الذين يمارسون حقهم في التظاهر السلمي، أو خلال عملهم الإنساني، هو انتهاك خطير لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومخالف لميثاق روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة. وعليه، يدعو المركز، المدعية العامة لـلمحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق رسمي في هذه الجرائم، وصولا إلى ملاحقة ومحاسبة كل من تورط في إصدار القرارات في جيش الاحتلال بالمستوى السياسي والأمني ومن نفذها.
ويدعو المركز مجدداً المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.