يناير 24, 2024
خرج الدود من قدمي قبل بترها
مشاركة
خرج الدود من قدمي قبل بترها

منال طلعت جحا، متزوجة ولدي ٣ بنات و٣ أولاد، أسكن في حي التفاح بغزة.

منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، كانت منطقة سكني تنعم بهدوء نسبي مقارنة بالمناطق الأخرى فنزح إلى العمارة التي نسكنها والمكونة من 6 طوابق الكثير من الأقارب من منطقة الزيتون والمغراقة وغيرها، حيث كنا نعيش في العمارة 6 عائلات، ونزح إلينا 5 عائلات أخرى.

كنا نسمع أصوات القصف والانفجارات، كانت الأمور صعبة خاصة مع أزمة الكهرباء والمياه، ولكن كان باستطاعتنا توفير الطعام المناسب من المحلات التجارية المجاورة مع تقنين في المصاريف، إذ لا نعلم متى ستنتهي الحرب.

في حوالي الساعة العاشرة صباح 6/12/2023، وبدون سابق إنذار قصفت طائرات الاحتلال الحربية عمارتنا بأكملها بصاروخ ضمن حزام ناري لمنطقتنا، وعلى إثرها سويت العمارة بالأرض واستشهد حوالي 95 فردا من العائلة ونجا 12 شخصا، أنا منهم، بينما ما يقارب 40 شخصاً مازالوا تحت الأنقاض.

كنت حينها أقرأ قرآن وفجأة تعرض المنزل للقصف، ووجدت نفسي تحت الركام وقد وقع على ظهري ورأسي عامود باطون، بينما تأكل النار رجلي اليمنى وتحرقها، لم أتوقف عن الصراخ وطلب النجدة. بعد ربع ساعة بدأ الجيران يخرجوننا من تحت الركام فتعرضوا للقصف من طائرات الاحتلال المسيرة (الزنانة)، فابتعدوا قليلا، إلا أنهم عادوا لينقذونا مرة أخرى.

تمكنوا من إخراجي من تحت الأنقاض ونقلت إلى مستشفى المعمداني. ومن كثرة المصابين وقلة الأطباء لم تجر لرجلي المحترقة أي عملية لعدة أيام، فبدأ الدود يخرج منها مما أوجب إجراء العملية لي بعد أسبوع، وعلى إثرها بترت قدمي اليسرى.

لاحقًا بدأت الناس تتناقل تهديد الجيش الإسرائيلي باجتياح المنطقة المحيطة بمستشفى المعمداني برياً، فقررنا الهروب، ونقلت إلى مستشفى الشفاء بواسطة عربة يقودها حمار وقد تبرع لي الناس بتكلفة النقل إذ فقدنا كل ما نملك من الأموال في قصف منزلنا.

وصلت إلى مستشفى الشفاء ولا أستطيع تذكر التواريخ لأنني مازلت غير واعية من بعد قصف العمارة.

بالرغم من أنني أتلقى الرعاية في المستشفى إلا أنني أعاني من نواحي أخرى كثيرة فلا أستطيع مساعدة ابني المصاب ولا القيام باحتياجات أولادي ولكنني بحمدالله لدي زوج وابن كبير داعمين ومساعدين لي.

أشعر أنني بغيبوبة ومفصولة عن العالم وعن عائلتي التي أحبها، لا اشعر بأي شيء ولا أستطيع التركيز بشيء، أبكى وأصرخ فجأة. 

حاليًا أعيش داخل خيمة في مستشفى الشفاء تسكنها ٣ عائلات مجموعها 12 فردا، نعاني من البرد الشديد وعدم توفر مياه صالحة للشرب ولا للاستخدام اليومي.

أعاني أنا وعائلتي من الجوع الشديد يوميا؛ فبعد فقدان أموالنا في منزلنا أصبحنا ننتظر مساعدة أهل الخير لنا في وجبة الغذاء وهي الوجبة الوحيدة التي نتناولها باليوم والمكونة من الأرز فقط. إذ لا يتم دخول اي مساعدات إلى شمال القطاع، وعندما أدخلوا الطحين مؤخراً كان في منطقة خطيرة (دوار ال١٧) استشهد عندها العديد من الناس الذين ذهبوا للحصول على طحين، فرفضت المخاطرة بزوجي أو ابني مقابل هذه المساعدة.

شعور العجز يقتلني كل يوم وكل دقيقة.