تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري الواسع منذ 19 يومًا على شمال الضفة الغربية، وسط قصف جوي وارتكاب جرائم قتل وتدمير واعتقالات واسعة في محاكاة لجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في قطاع غزة على مدار أكثر من 15 شهرًا، مع تصعيد للاعتداءات وتدمير المنازل والمنشآت في عموم الضفة بما فيها القدس الشرقية.
وأسفرت اعتداءات الاحتلال خلال هذه المدة عن مقتل 44 فلسطينيّا، بينهم 18 مدنيًّا منهم 5 أطفال، في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. بين القتلى 30 بينهم 16 مدنيًّا، منهم 4 أطفال استهدفوا في جنين وطولكرم وطوباس، إلى جانب إصابة 117 واعتقال أكثر من 225 آخرين. كما تسبب العدوان بتهجير قرابة 30 ألف فلسطيني عن منازلهم قسرًا.
العدوان على جنين
ووفق المعلومات التي توفرت لباحثي المركز، تواصل قوات الاحتلال منذ 21 يناير 2025، هجومها البري على مدينة جنين ومخيمها غربي المدينة وفي البلدات المحيطة بها، وسط تحليق جوي كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي فوق سماء المنطقة. ولا تزال قوات الاحتلال تحاصر مدينة جنين ومخيمها، وتقوم آليات الاحتلال بالانتشار على جميع محاور المخيم من المدخل الشمالي والمدخل الغربي والشرقي والجنوبي. وتدفع قوات الاحتلال بين الحين والآخر بتعزيزات عسكرية من معبر الجلمة الاحتلالي شمال مدينة جنين على شكل أرتال عسكرية وجرافات. وتنفذ قوات الاحتلال عمليات تدمير واسعة داخل المخيم، سواء عن طريق التفجير أو الجرافات. كما تواصل قوات الاحتلال سياسة القتل المباشر سواء عبر الاستهداف بالطائرات المسيرة من الجو أو إطلاق النار المباشر تجاه كل جسم يتحرك في المدينة والمخيم وبعض بلداتها.
ووفق المعلومات الأولية التي تمكن باحثونا من رصدها، أسفرت اعتداءات الاحتلال عما يلي:
العدوان على طولكرم
تواصل قوات الاحتلال منذ ظهر 27 يناير 2025 هجومها العسكري على مدينة طولكرم ومخيميها طولكرم ونور شمس. وتدفع قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية من حاجز “تساناعوز” العسكري الواقع غرب المدينة تجاه المدينة والمخيمين، وتواصل عمليات الهدم والتفجير العديد من المنازل، وتدمير ما هو مدمر من البنية التحتية. كما تواصل تلك القوات إجبار سكان المخيمين على النزوح قسرًا للعائلات بأكملها باتجاه المدينة تحت تهديد السلاح.
ووفق المعلومات الأولية التي تمكن باحثونا من رصدها، أسفرت اعتداءات الاحتلال عما يلي:
وأفاد رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم، فيصل سلامة لباحثة المركز بما يلي:
“صورة المخيم الآن هي منازل مدمرة كليا أو جزئيا، وأخرى محترقة وبعضها تعرض للتفجير. ما يقارب 300 مبنى يضم منازل وشقق تسكن فيها عشرات الأسر قد دمرت واحترقت كليا، وما يقارب ألفي منزل لحقت بها أضرار جزئية. الوضع الإنساني في المخيم بمأساوي، والاحتلال لا يزال يحاصره ويمنع ويعيق مركبات الإسعاف وطواقمها، خاصة طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، من إيصال الخدمات الانسانية للسكان”.
العدوان على طوباس
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الواسع على بلدة طمون ومخيم الفارعة جنوب وجنوب شرقي مدينة طوباس منذ 2 فبراير 2025. ووفق المعلومات التي حصل عليها باحث المركز، فإن قوات الاحتلال تفرض حظر التجول وحصاراً جائراً منذ 7 أيام على بلدة طمون ومخيم الفارعة المتاخم للبلدة. وتعاني البلدة والمخيم من انقطاع للتيار الكهربائي والمياه ولاتصالات في بعض الأحياء بسبب تجريف آليات الاحتلال للبنية التحتية. كما يعاني السكان من نقص في المواد التموينية والأدوية ولا يسمح لهم بالخروج إلا للحالات الطارئة فقط وبعد تنسيق لساعات طويل. وأسفر إطلاق النار من قوات الاحتلال يوم الجمعة 7/2/2025 تجاه المواطنين الذين خرجوا للتزود باحتياجاتهم الأساسية بالحاجات الضرورية وإدخال مواد تموينية لهم، خرج عدد من المواطنين إلاّ أن قوات الاحتلال أطلقت النار تجاههم وأصابت اثنين منهم بجروح.
وأفاد رئيس بلدية طمون ناجح بني عودة لباحث المركز، بما يلي:
“في حوالي الساعة 2:00 فجر يوم 2/2/2025 اقتحمت قوات الاحتلال بلدة طمون تساندها من الجو طائرات مروحية ومسيّرة، وفرضت حظر التجوال قبل أن تقتحم ما يقارب 20 مبنى في البلدة وتطرد السكان منها، فيما حولت تلك القوات هذه المنازل إلى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة للقناصة. تعاني بعص الأحياء في البلدة من انقطاع للمياه والكهرباء والاتصالات بسبب عملية التجريف للبنية التحتية وتقطيع أوصالها. كما يعاني السكان من نقص في الأدوية والمواد التموينية. وتنفذ قوات الاحتلال مداهمات للمنازل واعتقلت العشرات من المواطنين، لا يزال 20 منهم رهن الاعتقال. جراء العدوان تعطلت العملية التعليمية، وتكبد المزارعون خسائر باهظة بسبب عدم قدرتهم على جني ثمار محاصيلهم الزراعية مثل الملفوف والخيار والبندورة والبطاطا”.
وأفاد نضال عودة مدير الهلال الأحمر في طوباس لباحث المركز بما يلي:
“منذ بداية العملية في بلدة طمون ومخيم الفارعة لا يسمح الاحتلال لطواقمنا بالدخول الى مخيم الفارعة وبلدة طمون إلاّ بتنسيق عالي الدقة وتحتاج عملية التنسيق لساعات طويله حتى يتم الموافقة عليها وللحالات الطارئة فقط وغير ذلك يعرض حياة طواقمنا للخطر الشديد”.
وخلال هذه المدة، صعدت قوات الاحتلال من سياسة هدم المنازل في باقي مناطق الضفة الغربية، فقد هدمت 31 منزلاً في أريحا والخليل وسلفيت وبيت لحم، ما أدى إلى تشريد 153 مواطنًا، بينهم 30 امرأة و91 طفلا.
يكرر المركز تحذيره بأن الهجوم الذي أطلقت عليه قوات الاحتلال اسم “السور الحديدي“1 بداية لتصعد كبير في الضفة الغربية بعد بدء وقف إطلاق النار قطاع غزة، ما ينذر بوقوع أعداد كبير من الضحايا والدمار وتكرار سيناريو الإبادة الجماعية الذي ارتكبته في القطاع.
ويحذر المركز من خطورة وتداعيات السياسة الإسرائيلية التصعيدية، بما فيها تصاعد سياسة القتل دون أي مبرر، والاستخدام المفرط للقوة التي تقترفها قوات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ويذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقرار محكمة العدل الدولية في أغسطس 2024 بعدم قانونية الاحتلال وكل ممارساته في الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن استمرار الاحتلال غير القانوني واستمرار التنكر للحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف هو جذر المشكلة الأساس لاستمرار التصعيد وتدهور الأوضاع. وبناء على ذلك يطالب المركز المجتمع الدولي بالعمل على التوصيات الصادرة عن المحكمة واتخاذ كل الإجراءات لإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني ووقف ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي.
ويحث المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على إصدار مزيد من أوامر الاعتقال بحق قادة الاحتلال ومسؤوليه المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الضفة الغربية خصوصا في ملف جرائم الاستيطان.
ويجدد المركز مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة.