واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة خلال شهر مايو/ أيار 2024، بما في ذلك جرائم القتل، والاعتقالات، والتهديد، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، فضلاً عن تكريس الاستيطان وفرض إجراءات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية على خلفية اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين.
فيما يلي أبرز الانتهاكات التي وثقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:
جرائم القتل وانتهاك الحق في السلامة البدنية:
أسفرت اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين خلال هذا الشهر عن استشهاد (29) فلسطينيًّا، بينهم (23) مدنيًّا، منهم (6) أطفال، والبقية من أفراد المقاومة، منهم (5) قتلوا في جرائم القتل خارج إطار القانون (الاغتيال) في منزل بعد محاصرته في بلدة دير الغصون بمحافظة طولكرم وآخر استشهد بقصف جوي على منزل في مخيم جنين. كما توفي معتقل من غزه في سجون الاحتلال.
وبهذا يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ بداية العام 2024 إلى (210) فلسطينيين بينهم (46) طفلاً و(4) نساء، فيما يرتفع عدد المعتقلين المتوفين المعلن عنهم رسميا· في سجون الاحتلال إلى (12) ، بينهم سبعة من قطاع غزة.
ووفق رصد باحثينا، تنوعت أدوات وأسلحة القتل الإسرائيلية، سواء عبر إطلاق النار خلال احتجاجات أو مواجهات أو مداهمات وهجومات عسكرية، أو من خلال القصف من طائرات مسيرة، أو عبر إعدامات نفذتها الوحدات الإسرائيلية الخاصة.
ومن أبرز عمليات القتل:
في 16/5/2024: قتل ثلاثة مدنيين وأصيب خمسة آخرون، أحدهم طفل، خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم طولكرم وتدميرها مكتب بيت المقدس للصرافة.
في 22/5/2024، استشهد 12 مواطناً، منهم اربعة أطفال وطبيب، خلال الهجوم البري على مدينة جنين ومخيمها لمدة تزيد عن 50 ساعة وتدمير 32منزلاً . (التفاصيل في هذا البيان).
بالإضافة لجرائم القتل، أسفرت اعتداءات الاحتلال عن إصابة (104) فلسطينيين، بينهم (26) طفلا وامرأتان. بين الجرحى (15) بينهم (6) أطفال في حال الخطر الشديد.
وبذلك يرتفع عدد المصابين منذ بداية العام إلى )610) فلسطينيين، بينهم (122) طفلا و(7) نساء ومسعف وصحفي، جراء اعتداءات قوات الاحتلال.
إجراءات عقاب جماعي ضد السلطة الفلسطينية
في إعقاب إعلان دول النرويج وإسبانيا وإيرلندا، في 22/5/2024، الاعتراف بدولة فلسطينية، وفي اليوم نفسه أقر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش، 6 إجراءات عقابية بحق الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، شملت الآتي:
1. المصادقة على بناء 10 آلاف وحدة استيطانية ضمن مخطط E1 وهو مُخطَّط استيطاني إسرائيلي يهدف إلى ربط القدس بعدد من المُستوطنات الإسرائيليّة الواقعة شرقها في الضفة الغربيّة.
2. المصادقة على إعادة بناء 3 بؤر استيطانية شمال الضفة الغربية أُخليت عام 2005.
3. إلغاء «المخطط النرويجي» الذي أقره مجلس الوزراء قبل عدة أشهر، والتوقف عن تحويل أموال المقاصة إلى البلد الأوروبي، ومطالبته بإعادة جميع الأموال المحولة.
4. تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وتوفير الموارد المالية اللازمة لذلك.
5. إلغاء جميع تصاريح كبار مسئولي السلطة الفلسطينية بشكل دائم في المراحل الانتقالية كافة، وفرض عقوبات مالية إضافية على كبار مسئولي السلطة الفلسطينية وعائلاتهم.
6. التوقف عن تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية بمن الآن وحتى إشعار آخر، إضافة إلى التوقف عن تجديد إعفاءات البنوك.
وفي 30/5/2024، توعد الوزير المتطرف سموتريتش بتدمير مدن وأحياء ومخيمات فلسطينية، شمال الضفة الغربية المحتلة، على شاكلة ما ارتكبه الجيش في قطاع غزة. وقال سموتريتش (زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف) في تدوينة عبر منصة “إكس”: “رسالتنا إلى سكان (مدينة) طولكرم وحي الشويكة (بالمدينة ذاتها) و(مخيمها) نور الشمس (للاجئين) ومدينة قلقيلية، سنحولكم إلى مدن مدمرة كما حصل في قطاع غزة،” إذا استمر ما زعم أنه “إرهاب” يمارسونه على المستوطنات.
مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني:
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيها خلال الفترة التي يغطيها التقرير سياسة التوسع الاستيطاني المتمثلة في مصادرة الأراضي الفلسطينية وتجريفها وإقامة البؤر الاستيطانية وتوسيع المستوطنات.
وجرفت قوات الاحتلال أراضي زراعية في منطقة ب شرقي بلدة عصيرة القبلية لتوسيع مستوطنته “يتسهار” المقامة جنوب شرقي مدينة نابلس، وتجريف أراضي في منطقة رأس النخيل جنوب شرقي بلدة قصرة لتوسعة البؤرة الاستيطانية “ايش كردش” المقامة جنوب شرقي نابلس ووضعت بيتاً متنقلاً في منطقة التجريف.
وفي 27/5/2024، شق مستوطنون من مستوطنة “بيتار عيليت”، طريقاً استيطانياً بطول 3 كم في منطقة خلة قديس التابعة لقرية حوسان والواقعة وسط المستوطنة، لتصل إلى منطقة عين الطاقة، بهدف ربط الوحدات الاستيطانية ببعضها البعض.
الاعتداء على الطواقم الطبية:
رصد باحثونا خلال الفترة التي يغطيها التقرير (4) اعتداءات نفذتها قوات الاحتلال في الضفة الغربية على الطواقم الطبية والمستشفيات الفلسطينية وسيارات الإسعاف وضباط الإسعاف في الهلال الأحمر الفلسطيني ومراكز الإسعاف الخاص.
ففي 2/5/2024، اعتدت مجموعة من المستوطنين في بلدة قصرة على سيارة إسعاف عقربا الفلسطينية الذي يعمل تحت إدارة الهلال الأحمر الفلسطيني كانت تنقل طفلاً جريحا في بلدة قصرة جنوب شرقي محافظة نابلس وأحدثت أضرار في هيكلها.
وفي 6/5/2024، حاصرت قوات الاحتلال النقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في مخيم طولكرم ودمرتها وأتلفت المعدات الطبية الموجودة داخلها وأخرجتها عن الخدمة واحتجزت طاقم ومتطوعي الهلال الأحمر ومنعتهم من التحرك والقيام بعملهم وتقديم المساعدة للمصابين ونقلهم الى مستشفيات المدينة.
وفي 21/5/2024، استهدفت قوات الاحتلال مركبات إسعاف فلسطينية للهلال الأحمر الفلسطيني بالرصاص ومنعتها من التقدم في مخيم جنين، حيث كانت تلك القوات تنفذ توغلا في المخيم.
في 28/5/2024، احتجزت قوات الاحتلال مركبة إسعاف تابعة لمشفى طولكرم الحكومي، على حاجز دير شرف، غرب مدينة نابلس، واعتقلت طبيب التخدير في المستشفى من داخلها.
الهدم والتجريف:
هدمت قوات الاحتلال والمستوطنون (100) منشأة، بينها (27) منزلا، منها (26) منزلا هدمت بحجة عدم الترخيص، منها (3) منازل هدمت ذاتيا في بلدة العيسوية بمحافظة القدس تفاديا لدفع غرامات، ومنزل ضمن سياسة العقاب الجماعي، ومنزل دمر جراء قصفه من الطيران الحربي في مخيم جنين، و(38) منزلا هدمت خلال الهجوم البري الذي نفذته قوات الاحتلال في مخيمي طولكرم وجنين وبلدة دير الغصون في طولكرم. أما بقية المنشآت المهدومة وعددها (33) فهي منشآت عامة وخاصة وتشمل مخبز ومطبعة مزارع حيوانات، ومنشآت تجارية، وروضة أطفال، وآبار مياه، و(9) محال تجارية.
كما أحدثت قوات الاحتلال خلال هجماتها البرية التي نفذتها في مدن ومخيمات الضفة الغربية تدميرًا واسعًا بالجرافات للبنى التحتية من تمديدات مياه وخطوط هواتف وكهرباء في مخيم طولكرم شرقي محافظه طولكرم ومخيم بلاطه شرقي مدينه نابلس.
عنف المستوطنين:
نفذ المستوطنون خلال هذا الشهر (42) اعتداء على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، كان أعنفها في محيط محافظة نابلس ومفارق الطرقات زعترة وقرب مستوطنة “عليه”. وأسفرت اعتداءات المستوطنين إصابة (8) مواطنين بالرصاص منهم طفلان جراح اثنين منهم حرجه بالصدر. كما أحرقوا (3 ) منازل ومنشأه تجارية و(3) بركسات ومزرعة، وخطوا شعارات معادية للعرب والمسلمين على المنازل المحترقة تحمل توقيع شباب التلال. كما سلبوا) 15) رأس غنم و(5) خيم للمزارعين ومركبة فورد ترنزيت و15 طن حبوب. كما أضرم مستوطنون وسط ضحكات ساخرة النار في محيط مقر الأونروا بالقدس واشتعلت النيران حول المبنى وفي جدرانه. واقتلعوا مئات الأشتال في أرجاء متفرقة من الضفة الغربية.
المداهمات والاعتقالات:
نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي (1063) مداهمة لمدن الضفة الغربية ومخيماتها وبلداتها وقراها بما فيها القدس الشرقية المحتلة، حيث دهم أفرادها العديد من المنازل السكنية وعبثوا بمحتوياتها ودمروا العديد من المحتويات ونكلوا بالسكان، واعتقلوا (623) فلسطينيا¨، منهم (25) طفلا، و(8) نساء. كما صادرت تلك القوات (3) مركبات خاصة و4 آليات وجرارات زراعية وصهريج مياه عادمة ومضختي باطون وشاحنة وحطموا شركة سامسونج في حي رفيديا وصادروا محتوياتها بعد تفجير باب الحديد وتطايره على الشارع والدخول اليها.
وخلال المداهمات وفي 30/5/2024 اقتحمت قوات الاحتلال، مدينة البيرة من محورها الشرقي وداهمت محل “العجولي” للصرافة الواقع في شارع رام الله -القدس، ومحل “بيت نبالا للصرافة” وفتشت المصرفين وعبثت بمحتوياتهما، واستولت تلك القوات على مبالغ مالية منهما، وقبل انسحابها من المحلين علقت قوات الاحتلال لوائح تحذيرية داخلهما وعلى مدخليهما تدعي بأن هذه المصارف تغذي الإرهاب فتم إغلاقهما.
كما ألقت قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت داخل سوق الخضار المركزي أسفل مجمع بلدية رام الله ما أدى إلى اشتعال النيران في السوق التجاري ومجمع البلدية نجم عنه أضرار مادية وخسائر جسيمة.
يذكر أنه في 16/5/2024، نفذت قوات الاحتلال حملة مماثلة اعتقلت خلالها عددا من المدراء والعاملين في مصارف الخليج للصرافة في الضفة الغربية واقتحمت عددا من المصارف وفتشتها وصادرت الأموال من داخلها.
اعتداءات الاحتلال في مدينة القدس
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ومحاولة تهويد المدينة، من خلال المصادقة على مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة من جهة، والاستمرار في سياسة تدمير المنازل الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة.
في 4\5\2024، كثفت قوات الاحتلال من تواجدها في محيط البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة وفي أزقتها، وأغلقت بعض أبوابها بالحواجز الحديدية، لاسيما باب الجديد القريب من كنيسة القيامة التي حولتها القوات الى منطقة عسكرية مغلقة، عبر حواجز اتخذت شكل أطواق عسكرية مركزها الكنيسة، كما نصبت الحواجز في كافة الحارات والأزقة المؤدية اليها، محددة أعداد من يسمح لهم بالدخول الى الكنيسة وساحاتها.
في 22/5/2024، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى لأول مرة منذ نحو 8 أشهر. ونفذ بن غفير اقتحامه غير المعلن عنه مسبقا وسط مرافقة أمنية وشرطية شديدة، فيما أظهر مقطع فيديو متداول أحد مرافقيه يؤدي طقوسا دينية في المسجد الأقصى.
في 30/5/2024، طلبت سلطات الاحتلال من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، إخلاء مقرها الرئيس في حي الشيخ جراح شرقي القدس في غضون شهر بداعي “استخدام الأرض بدون موافقة دائرة أراضي إسرائيل”.
وذكر موقع “واينت” الإخباري الإسرائيلي أن المستشار القانوني لدائرة أراضي إسرائيل المحامي نيتسا تيتلباوم كتب في رسالة إلى الأونروا: “وفقا لتحقيقنا والمعلومات الحالية المتوفرة لدينا، فإنكم تحتجزون 36 دونما من ممتلكات دائرة أراضي إسرائيل في القدس، بدون موافقتنا”.
وأضاف تيتلباوم في رسالته: “دولة إسرائيل صادرت الأرض في عام 2006، وقد أقامت الأونروا مباني عليها بدون تصريح (…) أنتم مطالبون بالتوقف عن أي استخدام الأرض، وهدم ما بني عليها بشكل غير قانوني”.
كما طالبت سلطة الأراضي الإسرائيلية بمبلغ 27 مليونا و125 ألفا و280 شيكلا (7.2 ملايين دولار أميركي) كإيجار متأخر، إضافة إلى دفع رسوم استخدام سنوية حتى يتوقف الاستخدام الفعلي.
الحريات الإعلامية
في 5/5/2024 أغلقت شرطة الاحتلال في مدينة القدس مكتب قناة الجزيرة في فندق أمبسادور في حي الشيخ جراح، شمالي البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة، وصادرت معدات القناة الموجودة داخل المكتب ثم أغلقته بصفة نهائية، وذلك عقب ساعات من تصويت الحكومة الإسرائيلية على إغلاق مكاتب القناة داخل إسرائيل والقدس المحتلة ومنع بثها.
تقييد حرية الحركة والحواجز:
كثفت قوات الاحتلال من أعداد الحواجز ونقاط التفتيش في الضفة، وشددت القيود على حرية الحركة والتنقل بين مدن وقرى الضفة الغربية، وعزلت مدن وقرى الضفة الغربية عن بعضها البعض. ونصبت قوات الاحتلال خلال هذا الشهر (456) حاجزاً فجائياً على شوارع الضفة الغربية وبين بلداتها، إلى جانب عشرات الحواجز الثابتة، ووظفتها لتقييد حرية حركة وتنقل الفلسطينيين، من خلال تفتيشهم واعتقلت تلك القوات (17) فلسطينياً /ة على هذه الحواجز بينهم ( 3) أطفال ومهندسة.
· يدور الحديث وفق ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود أعداد أخرى من الشهداء من معتقلي غزة في سجون الاحتلال نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، ولكن السلطات الإسرائيلية لم تفصح عنهم رسميا.
¨ تستند هذه الإحصائية على متابعة الباحثين وما توثقه هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني.