مقدمــــة
لم تقتصر انتهاكات قوات الاحتلال الجسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين على أعمال القتل وإطلاق النار والقصف الصاروخي والمدفعي للمدن والقرى الفلسطينية التي راح ضحيتها حتى الآن 122 فلسطينياً بينهم 35 طفلاً وما يزيد عن 3400 مصاب، أكثر من ثلثهم من الأطفال أيضاً. المواجهات ما تزال مستمرة بين المدنيين الفلسطينيين وقوات الاحتلال منذ تاريخ 29/9/2000، حيث تقابل المسيرات السلمية بالقمع، والحجارة بالصواريخ والنيران الحية والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط والتي لا تقل خطورتها عن الأعيرة النارية في إيقاع الأذى بالمدنيين وإصابتهم إصابات مميتة. ولعل فظاعة هذه الأعمال والجرائم كانت سبباً لحجب الانتباه عن انتهاكات أخرى لا تقل خطورة عن أعمال القتل ما تزال تقترفها قوات الاحتلال ليل نهار ودون توقف. وبين هذه الأعمال ما تقوم به بلدوزرات قوات الاحتلال من تجريف واعتداء على الأراضي الزراعية والحرشية على نطاق واسع في أنحاء مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد تم ضم جزء من هذه الأراضي بالفعل لمستوطنات القطاع، وتم استخدام جزء آخر لإقامة مواقع عسكرية جديدة
يسلط هذا التقرير الضوء على أعمال التجريف التي نفذتها قوات الاحتلال وما تزال منذ بداية شهر أكتوبر الجاري في أنحاء مختلفة من قطاع غزة. وحسب ما وثقته وحدة البحث الميداني في المركز، بلغت مساحات الأراضي التي طالتها أعمال التجريف حتى تاريخ 25/10/2000 ما مجموعه 807 دونماً من الأرض الزراعية والحرشية، عدا عن الأضرار الأخرى التي لحقت بالمنشآت والمباني المدنية والطرق الزراعية جراء التجريف.
محيط مستوطنة نيتساريم (وسط القطاع)
بمحاذاة الشارع العام الذي يربط شمالي قطاع غزة بجنوبه (شارع صلاح الدين) هناك موقع عسكري لقوات الاحتلال يشرف مباشرة على الشارع المذكور وعلى الطريق الذي يقطعه ليصل مستوطنة نيتساريم في الغرب مع الشريط الحدودي لقطاع غزة في الشرق. وقد شكل مفترق الطرق هذا أحد المحاور الأساسية التي اندلعت فيها المظاهرات الاحتجاجية للمدنيين الفلسطينيين ضد قوات الاحتلال وشهد الأحداث الأكثر دموية جراء إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال ضد الشبان المتظاهرين. وكان هذا المفترق والطرق المتفرعة عنه هدفاً أولاً لقوات الاحتلال التي دمرت المنشآت والمباني القريبة من الموقع العسكرية في وقت مبكر من هذا الشهر، كما قامت بتجريف الأراضي الزراعية القريبة من المفترق وعلى الطريق المتجه شرقاً حتى الشريط الحدودي (ما يعرف بمعبر المنطار).
بتاريخ 7/10/2000، في ساعات المساء اجتاحت دبابات وجرافات إسرائيلية مفترق الطرق وقامت بنسف بنايتين سكنيتين تقعان بالقرب من الموقع العسكري لقوات الاحتلال. وتضم البنايتان 32 شقة سكنية، تسكنها عائلات فلسطينية لم تتمكن من إخلاء أثاثها، حيث تم تدمير الشقق بالكامل في تلك الليلة وفي اليوم التالي. كما دمرت قوات الاحتلال مصنعاً لسكب الحديد بما فيه من معدات ومواد تقدر قيمتها بنحو 2 مليون دولار
وفي ذات الوقت قامت قوات الاحتلال بتجريف الأرض الزراعية القريبة من المفترق من الناحيتين الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية، حيث طالت أعمال التجريف اكثر من عشرين دونماً مزروعة بالحمضيات. وأزالت قوات الاحتلال السور الذي ظهر على شاشات التلفزة في جميع أنحاء العالم أثناء إطلاق قوات الاحتلال النار على الطفل محمد الدرة بتاريخ 30/9/2000.
بتاريخ 23/10/2000، اجتاحت قوات الاحتلال المعززة بالدبابات والبلدوزرات الطريق الواصل بين مفترق نيتساريم ومعبر المنطار. وفي ساعات الليل بدأت بلدوزرات قوات الاحتلال بتجريف الأرض الزراعية والحرشية على جانبي الطريق. وذكر باحث المركز أن أعمال التجريف استمرت من الساعة الحادية عشر مساءً وحتى التاسعة من صباح اليوم التالي، حيث تم تجريف جانبي الطريق بعرض 40 متراً وبطول ثلاثة كيلومترات. وكانت الأضرار الناجمة عن أعمال التجريف كما يلي:
1- أرض مرزوعة بالزيتون وخطوط مياه ومخزن للأدوات الزراعية تعود ملكيتها للمواطن فؤاد إبراهيم الضبة.
2- أرض مزروعة بأشجار الزيتون يملكها المواطن محمود الحرازين.
3- أرض مزروعة بأشجار الزيتون يملكها المواطن فضل أبو دية.
4- أرض مزروعة بأشجار الزيتون يملكها المواطن باسم صيام.
5- أرض مزروعة بأشجار الزيتون وسور بستان وشبكة مياه يملكها المواطن فايز الحرازين.
6- أرض مزروعة بالزيتون يملكها المواطن أحمد الشوا.
7- تدمير الواجهة الأمامية لمصنع بلاط يملكه المواطن فارس الأشرم.
8- تجريف أراضٍ حرشية يملكها المواطن طلب عياد.
9- تجريف أرض حرشية وبئر مياه ومضخة مياه يملكها ورثة المواطن زهدي الإفرنجي.
10- تخريب دفيئات زراعية (عدد 2) يملكها المواطن عيسى حجي.
11- تدمير معمل للطوب يملكه المواطن يوسف ملكة.
خان يونس
منذ تاريخ 16/10/2000 وحتى الآن تواصل قوات الاحتلال أعمال تجريف في محيط مستوطنات غوش قطيف وعلى جانبي الطريق الواصل بين تلك المستوطنات من الغرب وحتى الشريط الحدودي شرقاً (ما يعرف بمعبر كيسوفيم).
بتاريخ 16/10، تم تجريف ما مساحته 80 دونما من الأرض التي تقع إلى الشمال من مستوطنة نفيه ديكاليم بمحاذاة الطريق التي تربط ما بين مدينة خان يونس ومواصيها. وبتاريخ 18/10، تم إحاطة هذه الأرض بالأسلاك الشائكة وضمها للمستوطنة المذكورة.
بتاريخ 18/10، وضعت قوات الاحتلال يدها على قطعة أرض مساحتها دونمين تملكها عائلة السميري، وجرفتها وأقامت عليها موقعاً عسكرياً جديداً وأحاطته بالسواتر الترابية. تقع الأرض بمحاذاة الطريق الواصل بين تجمع مستوطنات غوش قطيف غرباً وبين معبر كيسوفيم على الشريط الحدودي، قاطعاً الشارع الرئيس الواصل بين شمالي القطاع وجنوبه (شارع صلاح الدين). وتبعد قطعة الأرض التي استولت عليها قوات الاحتلال مسافة 800 متر إلى الشرق من تقاطع الطرق.
بتاريخ 19/10، ومنذ ساعات الفجر، فرضت قوات الاحتلال حصاراً عسكرياً مشدداً على مفترق الطرق المؤدي لتجمع مستوطنات غوش قطيف المذكور أعلاه وأوقفت حركة السير بين شمالي قطاع غزة وجنوبه على شارع صلاح الدين. وقامت قوات الاحتلال بأعمال تجريف واسعة طالت 66 دونماً من الأرض الزراعية، وتدمير طرق زراعية على النحو التالي:
1- تجريف قطعة أرض مساحتها 20 دونماً مزروعة بأكثر من 600 شجرة حمضيات مثمرة تقع شرق الطريق العام، وتعود ملكية الأرض للمواطن صائب مصطفى الفرا.
2- تجريف قطعة أرض مساحتها خمسة دونمات مزروعة باكثر من 200 شجرة حمضيات مثمرة تقع بمحاذاة الطريق العام من الجهة الغربية، وتعود ملكيتها للمواطن حسام الدين الفرا.
3- تجريف قطعة أرض مساحتها 19 دونماً مزروعة بأكثر من 250 شجرة زيتون تقع في الجهتين الغربية والجنوبية من الموقع العسكري لقوات الاحتلال على مفترق الطرق. تعود ملكية الأرض لورثة المرحوم جبارة إسماعيل الفرا.
4- تجريف وتخريب قطعة أرض مساحتها ثماني دونمات مزروعة بأشتال البطاطا تقع بمحاذاة الطريق المؤدي لمستوطنات غوش قطيف من الجهة الشمالية. تعود ملكية الأرض للمواطن جهاد محمد ماضي.
5- تجريف قطعة أرض بطول 200 متر وبعرض 7 أمتار مزروعة بأشجار الزيتون تقع بمحاذاة الطريق المؤدي لمستوطنات غوش قطيف من الجهة الشمالية. تعود ملكية الأرض للمواطن عبد القادر مطير أبو هولي.
6- تدمير أربع طرق طينية يستخدمها المزارعون لنقل المنتجات الزراعية وتربط مفرق المطاحن ومنطقتي البركة شمالي دير البلح ومواصي القرارة.
7- هدم السور الخارجي لمنزلين يملكهما المواطنان عاشور إبراهيم عابدين ونايف سالم عابدين. يقع المنزلان في الجهة الشرقية من مفترق المطاحن.
بتاريخ 23/10، استولت قوات الاحتلال على قطعة أرض مساحتها أربعة دونمات مزروعة بأشجار الزيتون وقامت بتجريفها وإنشاء موقع عسكري آخر. تعود ملكية الأرض للمواطنين حسن كوارع ومهدي زعرب، وتقع في ذات الشارع الواصل بين تجمع مستوطنات غوش قطيف ومعبر كيسوفيم على وتبعد 250 متراً إلى الشرق من مفترق الطرق.
رفــح
بتاريخ 10/10، جرفت قوات الاحتلال أراضٍ محاذية لمحيط مستوطنة موراج التي تقع إلى الشمال الشرقي من رفح، حيث طالت أعمال التجريف شريطاً طوله 500 متر وعرضه 20 متر من الأرض المزروعة بالأشجار الحرشية الواقعة إلى الشمال من المستوطنة.
بتاريخ 22/10، جرفت قوات الاحتلال قطعة أرض تبلغ مساحتها دونمين تقع جنوب مستوطنة موراج (شمال شرق رفح)، بمحاذاة بوابة المستوطنة.
بتاريخ 25/10، ومنذ حوالي السعة الخامسة صباحاً، تمركزت قوات الاحتلال المعززة بالمدرعات على مفترق الطرق الواقع على شارع صلاح الدين حيث يتفرع من الشارع المؤدي لمستوطنة موارج. وبدأت جرافتين لقوات الاحتلال بتجريف الأراضي الزراعية على جانبي الطريق الفرعي المؤدي للمستوطنة المذكورة. وشمل التجريف ما يلي:
1- قطعة أرض مساحتها 11 دونماً مزروعة بالفلفل تبعد مسافة 500 متر شرق المفترق، وتعود ملكيتها للمواطن محمد مسلم ظهير. كما دمرت قوات الاحتلال مضخة المياه وشبكة الري وبركة زراعية في الأرض المذكورة.
2- قطعة رض مساحتها 15 دونماً مزروعة بأشجار الزيتون والبطاطا تقع في الجهة المقابلة للأرض السابقة على الجانب الآخر من الشارع، وتعود ملكيتها للمواطن حامد عاشور ظهير.
3- وطالت أعمال التجريف أعمدة الكهرباء على الشارع مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة.
شمال قطاع غزة
بتاريخ 8/10، ومنذ ساعات الصباح الباكر بدأت قوات الاحتلال بالتعاون مع عشرات المستوطنين بتجريف الأراضي الزراعية بالقرب من مستوطنة دوغيت المقامة على أراضي بيت لاهيا. وقد طالت أعمال التجريف شريطاً من الأرض بطول 700 متر وعرض سبعة أمتار على كل من جانبي الطريق الذي يصل المستوطنة بشاطئ البحر. جميع الأراضي التي تم تجريفها هي أملاك خاصة للمزارعين الفلسطينيين.
بتاريخ 18/10، شقت قوات الاحتلال طريقاً طينياً يربط مستوطنة دوغيت بالموقع العسكري الإسرائيلي إلى الجنوب منها بطول 400 متر وبعرض 80 متراً.
وبتاريخ 18/10، أيضاً بدأت قوات الاحتلال في ساعات المساء أعمال تجريف على جانبي الطريق العام (شارع صلاح الدين) بالقرب من منطقة إيرز. وقد استكملت أعمال التجريف بتاريخ 19/10 حيث طالت ما مساحته 35 دونماً من الأرض المزروعة بالأشجار الحرشية، ووضعت فيها كتل إسمنتية على طول الطريق المذكور.
بتاريخ 23/10، بدأت قوات الاحتلال أعمال تجريف في المنطقة الجنوبية الغربية لمستوطنة نيتسانيت وما تزال أعمال التجريف مستمرة حتى إصدار هذا التقرير. وقد طالت أعمال التجريف حتى الآن أراضٍ حرشية بطول 2 كيلومتر وبعرض 200 متر تقريباً محاذية لحدود المستوطنة.
جدول يوضح مساحة ومكان الأراضي التي جرفتها قوات الاحتلال في قطاع غزة
1/10 – 25/10/2000
نوع الزراعة | المنطقة | نوع الأرض | المساحة بالدونم | التاريخ |
أشجار حمضيات | مفترق نيتساريم | زراعية | 20 | 7/10 |
خضار (بطاطا) | بيت لاهيا (مستوطنة دوغيت) | زراعية | 10 | 8/10 |
أشجار حرشية | رفح (مستوطنة موراج) | حرشية | 10 | 10/10 |
أشجار حرشية | خان يونس | حرشية | 80 | 16/10 |
أشجار زيتون | خان يونس | زراعية | 2 | 18/10 |
—- | بيت لاهيا (مستوطنة دوغيت) | رملية | 32 | 18/10 |
أشجار حرشية | منطقة إيرز | حرشية | 35 | 18/10 |
حمضيات وزيتون وخضار | خان يونس | زراعية | 66 | 19/10 |
—- | رفح | رملية | 2 | 22/10 |
أشجار زيتون | خان يونس | زراعية | 4 | 23/10 |
أشجار زيتون وأشجار حرشية | نيتساريم | زراعية وحرشية | 120 | 23/10 |
أشجار حرشية | شمال غزة (مستوطنة نيتسانيت) | حرشية | 400 | 23/10 |
أشجار زيتون وخضار | رفح (مستوطنة موراج) | زراعية | 26 | 25/10 |
807 | المجموع |
خلاصـة
لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية واسعة النطاق على الحقوق المدنية والسياسية للشعب الفلسطيني واعمال القتل التي تقترفها قوات الاحتلال في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد شكلت الظروف الراهنة، وعلى مدار الأسابيع الأربعة الماضية، فرصة لرفع وتيرة الاعتداء على الممتلكات المدنية الفلسطينية، هي في الواقع جزء من سياسة منهجية إسرائيلية هدفت لخلق وقائع جديدة على الأرض، وفرضها على السكان المدنيين المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. ومما يزيد جسامة الانتهاكات الواقعة هو حجم الخسائر وزيادة ضحايا تلك الاعتداءات، حيث شملت تدمير المباني السكنية والمنشآت الصناعية، في شكل خطير من أشكال التهجير القسري للسكان، وتشريدهم عن ممتلكاتهم. إن الاعتداءات المتكررة التي استمرت خلال الشهر الحالي، كانت غير مسبوقة، ولم يشهد القطاع مثيلاً لها، الأمر الذي ينذر بخطورة عواقبها على السكان المدنيين. كما أن الاستخدام المتعدد للآليات والدبابات والجرافات الاسرائيلية، ومئات الجنود الذين يشرفون على تلك العمليات، يعطي انطباعاً بشن قوات الاحتلال حرباً شاملة تهدف إلى التدمير الكامل لكافة الممتلكات الفلسطينية.
إن أعمال التجريف المستمرة في قطاع غزة، منذ بداية الشهر الجاري، قد طالت حتى الآن ثمانمائة وسبعة دونمات من الأراضي الزراعية والأشجار الحرشية، عدا الدمار الذي لحق بالمنشآت المدنية والزراعية، واقتلاع الآلاف من الأشجار المثمرة، وإتلاف المزروعات وشبكات الري الزراعي ومضخات المياه وغير ذلك. ومن غير المتوقع توقف هذه الأعمال على المدى المنظور، الأمر الذي يعني تكريس وقائع جديدة من قبل قوات الاحتلال العسكري، التي لا تزال تقوم بتكثيف وجودها وإقامة مواقع عسكرية جديدة في كافة أنحاء القطاع.
المركز الفلسطيني يجدد نداءه للمجتمع الدولي، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، لاتخاذ إجراءات عملية لردع سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، ويدعوها إلى إعمال نص المادة الأولى من الاتفاقية، لضمان احترامها، ولوقف الاعتداءات المتكررة على ممتلكات السكان المدنيين، ومنع تكرارها.
كما يدعو المركز المجتمع الدولي بتوفير الفورية للسكان المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كخطوة أساسية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أرواحهم وممتلكاتهم.
“انتهـي”