يدين، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات استمرار جرائم القتل التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه في شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن استشهاد 15 فلسطينيًّا، ثلاثة أطفال وسائق مركبة إسعاف في طولكرم ونابلس يومي الجمعة والسبت.
وتأتي هذه الجرائم في سياق شامل من التصعيد الإسرائيلي في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأخطر الإبادة الجماعية خاصة في قطاع غزة، حيث تواصل قوات الاحتلال هجومها العسكري منذ 198 يومًا على التوالي وسط عجز دولي بوقف أعمال الإبادة الجارية.
ووفقاً للمعلومات الأولية التي توفرت لباحثينا، حول استشهاد 14 فلسطينيا في مخيم نور شمس، في طولكرم، ففي حوالي الساعة 5:30 مساء الخميس الموافق 18-4-2024، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم نور شمس للاجئين شرقي مدينة طولكرم من عدة اتجاهات؛ حاجز تسناعوز، وحاجز عناب، وحاجز جبارة، ومستوطنة افني حيفتس، وبدأت تلك القوات بالانتشار وفرض طوق أمني كامل على المخيم، إضافة إلى انتشار القوات في طريق الأحراش الواقع على الجهة الشمالية والمقابلة للمخيم. وامتد توغلها وعدوانها ليشمل أحياء في مخيم طولكم والمدينة. واندلعت مواجهات تخللها اشتباكات مسلحة بين قوات الاحتلال مع مقاومين فلسطينيين، في وقت نفذت تلك القوات عمليات دهم واسعة وتدمير لعدد كبير من المنازل والبنى التحتية في المخيم على مدار ثلاثة أيام، كان يسمع خلالها إطلاق النار والقصف من قوات الاحتلال التي منعت سيارات الإسعاف من الدخول للمخيم لإخلاء الجرحى والشهداء الذين تواردت أنباء عن سقوطهم. ومساء يوم الجمعة 19/4/2024، وصل إلى مستشفى طولكرم الحكومي جثمان الطفل قيس فتحي نصر الله، 13 عاماً من مخيم طولكرم، بعد استشهاده جراء إصابته بعيار ناري في الصدر برصاص الاحتلال في المخيم.
وفي حوالي الساعة 10:00 مساء يوم السبت 20-4-2024، بدأت قوات الاحتلال بالانسحاب من مخيم نور شمس، لتتمكن طواقم الإسعاف من الدخول للمخيم وانتشال جثامين 9 شهداء، منهم مدنيان، والبقية من أفراد المقاومة وبينهم طفلان. كما أبلغت هيئة الشؤون المدنية وزارة الصحة الفلسطينية باحتجاز قوات الاحتلال 4 جثامين لشهداء فلسطينيين، لترتفع الحصيلة إلى 14 شهيدًا بينهم شقيقان. كما أصيب 8 مدنيين أحدهم مسعف نقلوا إلى مستشفى الدكتور ثابت ثابت الحكومي.
والشهداء هم: رجائي محمد سبع ابو سويلم، 39عاماً، وأصيب بأعيرة نارية بالظهر، وسليم فيصل عبد اللطيف غنام، 29عاماً، وأصيب بعيار ناري بالوجه، وشقيقه محمود فيصل عبد اللطيف غنام، أعيرة نارية في مناطق متفرقة من الجسد، وعلي محمد علي عبد الله، 17عاماً، شظايا قذائف وقنابل يدوية في الوجه من الأمام، وعمر صالح نايف ابو الرب، 24عاماً، شظايا وأعيرة نارية في أنحاء متفرقة من الجسم، ومجاهد مصطفى محمد سرحان،22عاماً، شظايا في أنحاء الجسم، وأحمد غالب محمود حسين الملقب ” ابو فهيم ” ، 19عاماً، وأصيب بعيار ناري في الرأس، وجهاد نياز نصر زنديق، 15عاماً، وأصيب بأعيرة نارية في أنحاء متفرقة، وعلاء يوسف صالح عبد الرحيم،34عاماً، شظايا في أنحاء الجسم، ونسيم محمد عبد الله مصبح، 21عاماً، محتجز جثمانه، وجعفر سليم خالد عمر، 19عاماً، محتجز جثمانه ، وأحمد حسام محمد شحادة، 19عاماً، محتجز جثمانه، ونسيم فيصل أحمد قزلي،21عاماً، محتجز جثمانه.
ويواصل باحثو المركز العمل على التحقيق في ظروف حالات القتل وتوثيق مجمل انتهاكات الاحتلال في المخيم الذي شهد عمليات تدمير واسعة طالت عشرات المنازل جراء التجريف أو الاستهداف بقذائف أو تفجيرها، إلى جانب التدمير الواسع في البنية التحتية للمخيم من شوارع وخطوط كهرباء وهاتف ومياه.
ووفق المعلومات الأولية، حول استشهاد سائق سيارة إسعاف برصاص مستوطنين في نابلس، ففي حوالي الساعة 4:30 مساء السبت 20-4-2024، هاجمت مجموعة من المستوطنين انطلاقاً من مستوطنة “علي” شمال قرية الساوية جنوب شرقي مدينة نابلس، منازل فلسطينية في الجهة الجنوبية للمستوطنة. تجمع عدد من الأهالي وتصدوا للمستوطنين بالحجارة، فأطلق حارس المستوطنة النار باتجاه الأهالي المدنيين، وأصاب اثنين منهم، أحدهما أصيب بعيار ناري في صدره والآخر بشظايا في وجهه وبطنه وأطرافه السفلية. تزامن ذلك مع مرور سيارة إسعاف قادمة من مدينة نابلس، فتوقفت ونقلت الجريحين بهدف نقلهم للمستشفى. وما إن تحركت المركبة وقطعت ما يقارب 50 متراً تعرضت لوابل من الرصاص أطلقه حارس المستوطنة. أسفر ذلك عن إصابة سائقها المسعف المتطوع محمد عوض الله محمد موسى 49عاماً، من سكان قرية قريوت، بعيار ناري في فخذيه وتسبب ببتر الشريان الرئيسي، وسقط رأسه فوق مقود السيارة وهو يقول: أصبت. على الفور تحرك زميله الذي يجلس بجانبه وأزاح وأكمل قيادة السيارة حتى مستوصف السراج في بلدة قبلان، وهناك تبين أن موسى كان فاقداً للعلامات الحيوية، ونقل إلى مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس وأعلن الأطباء استشهاده، وتم تحويل الجريحين الآخرين إلى مستشفى النجاح الطبي في نابلس، وتبين أن أحدهما جراحه بالغة الخطورة والآخر متوسطة.
ووفقًا لمتابعات مركزنا، فقد قتلت قوات الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس المحتلة (167) فلسطينيًّا، منهم (38) طفلاً و (3) نساء منذ بداية العام الجاري. وبين الشهداء 3 قتلوا برصاص مستوطنين، و(7) أسرى توفوا في سجون الاحتلال.
ويرى المركز أن هذه الجرائم ما كان لها أن تستمر وتتصاعد لولا تمتع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالحصانة وسياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها، مع عدم قيام الأطراف الثالثة بدورها بمحاسبة الجناة ووقف الجرائم. وعليه، يطالب المركز الأطراف الثالثة بتحمل مسؤولياتها القانونية، ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم وغيرها وفقًا للمادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع، والمادتين 146 و147 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وإذ يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استمرار عنف المستوطنين وجرائم القتل التي يقترفونها بحماية قوات الاحتلال فإنه يحذر من أن تصبح مثل هذه الجرائم معتادة خاصة مع عجز المجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل – الدولة القائمة بالاحتلال – بوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.
ويؤكد المركز أن قوات الاحتلال تتحمل المسؤولية عن هذا العنف الممنهج المسنود بقرار من أعلى المستويات السياسية في إسرائيل.
ويدعو المركز المجتمع الدولي والهيئات الأممية لتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لوقف جرائم قوات الاحتلال والمستوطنين ضد الفلسطينيين، والعمل على توفير الحماية لهم، مشددا على أن سياسة الإفلات من العقاب والصمت على جرائم الاحتلال يشجعه على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم.
كما يجد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان التأكيد أن التعامل مع الحالة في فلسطين لا يتأتى إلا بمعالجة جذورها، وأن هذه هي مسؤولية المجتمع الدولي ومؤسساته، وخلافًا لذلك فإن القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير يتم تصفيته من إسرائيل بمرافقة صمت دولي على جرائم الاحتلال.
نسخة تجريبية