فبراير 8, 2024
تزايد أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل متسارع في ظل العدوان الإسرائيلي مما يفاقم معاناتهم ويقلل فرص نجاتهم
مشاركة
تزايد أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل متسارع في ظل العدوان الإسرائيلي مما يفاقم معاناتهم ويقلل فرص نجاتهم

تحذر مؤسسات حقوق الانسان الفلسطينية، من تفاقم معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 125 على التوالي. وتذكر مؤسساتنا بالحماية الممنوحة للأشخاص ذوي الإعاقة في أوقات النزاع المسلح، والتي أبرزها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2475، وأكد على مسؤولية الدول لضمانها.

يتعرض نحو 58 ألف فرد من الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، لانتهاكات جسيمة خلال العدوان العسكري الإسرائيلي الواسع والمستمر، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة المئات منهم. ووفق التقديرات الأولية؛ فمن المتوقع أن يخلف العدوان العسكري نحو 12 ألف حالة إعاقة جديدة، من بين أكثر من 67 ألف إصابة نجمت عن الغارات والقصف الإسرائيلي.

ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبات هائلة أثناء عمليات النزوح القسري، كما لم تستثنيهم قوات الاحتلال من عمليات الاعتقال والتنكيل التي طالت عشرات الآلاف من المدنيين/ات.

ووفق إفادة الكفيف خميس رائد خميس أبو عرب، 24 عاماً، من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزة لطواقمنا:

“بتاريخ 28 ديسمبر/ كانون الأول 2023، هاجمت الدبابات الاسرائيلية مركز الإيواء (مدرسة أبو حلو) الذي نزحنا إليه في مخيم البريج، وبدأت بإطلاق النار على الجدران، وطلب جنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت خروج جميع الرجال من سن 16 – 60 عامًا إلى ساحة المدرسة بدون ملابس. أمسك أحد الشباب بيدي وأخرجني إلى ساحة المدرسة، ومن ثم نقلنا جنود الاحتلال إلى موقع شرق المغازي، وبدأوا بالتحقيق معي وأنا عاري، واعتدوا عليً بالضرب دون الاكتراث لإعاقتي، وعندما أخبرت الجنود أنني كفيف، أجابني أحدهم بالقول يمكنني قتلك هنا دون أن يعلم عنك أحد. ثم نقلنا الجنود إلى مكان علمت لاحقاً أنه موقع في منطقة زيكيم، وكنت أتعرض للضرب والاهانة يومياً، حتى عرض عليً الجنود أن يقوموا بعلاجي مقابل اعطائهم معلومات، وعندما أخبرتهم أنني لا أعرف أي معلومات، اعتدوا علي بوحشية. وعندما طلبت منهم قطرة تعالج ارتفاع ضغط العين، أحضروا لي مسكن الأكامول فقط. وكنت أتعرض للضرب بشكل دائم وكان الجندي يضع قدمه فوق رقبتي أحياناً.  كنا في مكان مفتوح ونقف تحت المطر لمدة تتراوح من 5-6 ساعات يومياً. أطلق سراحي بتاريخ 10 يناير/ كانون الثاني 2024، من خلال معبر كرم أبو سالم وهددوني بعدم التحدث لوسائل الاعلام حتى لا يعيدوا اعتقالي”.

وخلال العدوان، استهدفت قوات الاحتلال عددًا كبيرًا من المنشآت الطبية والإنسانية التي تقدم خدمات تأهيلية وطبية للأشخاص ذوي الإعاقة. فقد دمرت مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية، ومستشفى الوفاء للتأهيل الطبي، ومركز الأدوات المساعدة التابع للإغاثة الطبية، ومقر الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة في محافظة الشمال، ومدينة الأمل لبناء القدرات التابع للهلال الأحمر في غزة. كما لحقت أضرار فادحة بعدد كبير من الجمعيات الخاصة بتأهيل المعاقين، واستراحة الشاطئ الموائمة للأشخاص ذوي الإعاقة.

وقد كشف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، جيمس إلدر، عن بتر سيقان أكثر من ألف طفل في قطاع غزة، مبينًا أن عملية البتر تمت إما لساق واحدة أو لكلتا الساقين.

وأفاد الطبيب ناهض أبو طعيمة، مدير مجمع ناصر الطبي في خانيونس، أن ارتفاع إصابات بتر الأطراف بشكل كبير يعود لاستخدام قوات الاحتلال أنواعاً جديدة من الأسلحة تؤدي إلى هذه الإصابات الخطيرة. وقد ضاعف تدفق أعداد كبيرة من المصابين يومياً إلى المستشفيات من احتمالات حدوث إعاقات دائمة للجرحى. كما أثر تأخر نقل بعض الجرحى إلى المستشفيات بمضاعفة أوضاعهم الصحية وصعوبة تعامل الطواقم الطبية معهم.

ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة على اختلاف إعاقاتهم – حركية، سمعية، بصرية، ذهنية – صعوبات هائلة في عمليات النزوح القسري المتكررة؛ لصعوبة حركتهم وحاجتهم لمساعدة الآخرين، في وقت يحاول الجميع أن ينجو بنفسه. كما تتفاقم معاناتهم خلال الفرار من القصف، بسبب الدمار الهائل في الشوارع والبنى التحتية، والذي شكل عائقاً أمام محاولة الهروب باستخدام الكراسي المتحركة وغيرها من الأجهزة المساعدة، خاصة في ظل غياب تحذيرات مسبقة في معظم الأحيان.

وقد عانى الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة من صعوبة العثور على مأوى ملائم، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعدة مثل الكراسي المتحركة والمشايات وأجهزة السمع والفرشات الطبية الهوائية للمقعدين حركياً التي يحتاجون إليها بشدة. كما أدى انقطاع الكهرباء إلى صعوبات كبيرة في إجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة من المباني المرتفعة.

أفاد أ.م، من سكان مدينة خانيونس لباحثينا بما يلي:

 “يعاني ابني الذي يبلغ من العمر 15 سنة، وابنة أخي، 17 سنة، من إعاقة حركية منذ الصغر، ويستخدمان الكراسي المتحركة، إضافة إلى الكرسي الكهربائي، ومنزلنا موائم بشكل كلي لتلبية احتياجاتهم الحركية. مع اشتداد القصف الإسرائيلي على الحي الذي نسكن فيه، اضطررنا لمغادرة منزلنا والنزوح إلى خيمة في المناطق الغربية للمدينة، ولم نتمكن من أخذ الأدوات المساعدة، ونقلنا أطفالنا بمساعدة أفراد العائلة إلى مكان النزوح. وبعد عدة أيام، وبسبب التهديدات الاسرائيلية، نزحنا مرة أخرى إلى مدينة رفح، ووصلنا إلى مكان غير موائم أيضاً لطبيعة احتياجاتهم الحركية. إننا نفتقد الآن كافة وسائل المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، كما نفتقد لأدوات النظافة الشخصية وخاصة بامبرز حجم كبير لابنة أخي”.

وقد أدى الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ 17 عاماً إلى نقص دائم في الأجهزة المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، وهو ما حد من قدرتهم على الفرار أثناء الهجمات الإسرائيلية.

وأفاد د.ك، وهو والد أحد الأطفال الذين لديهم توحد لطواقمنا ما يلي:

“ابني لديه توحد، ولا يمكن التنبؤ بردة فعله، خاصة عند حدوث الهجمات العسكرية الإسرائيلية. طالبتنا قوات الاحتلال الإسرائيلي بالنزوح من خانيونس إلى مدينة رفح عبر حاجز أقامته بين المدينتين. وبسبب خوفي من أن يبدي ابني ردة فعل غريبة أمام قوات الاحتلال على الحاجز العسكري، تدفعهم لإطلاق النار عليه، لم أتمكن من النزوح ولجأت إلى أحد مستشفيات خانيونس للحفاظ على حياة إبني”.

يكفل كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في النزاعات المسلحة. وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها إسرائيل في عام 2012، على أن الدول الأعضاء، وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بحاجة إلى اتخاذ “جميع التدابير اللازمة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الخطر، بما في ذلك حالات النزاع المسلح”.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، يجب على الأطراف المتنازعة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين/ات، حيث ينص “إعلان حماية المدنيين من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان”، التي وقعت عليه 83 دولة، على الالتزام بالامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثيرات واسعة النطاق، بما في ذلك المدفعية الثقيلة والقنابل الجوية، في المناطق المكتظة بالسكان بسبب احتمالية قتلها أو إصابتها المدنيين/ات دون تمييز.  

وفي ضوء ما سبق، تجدد مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، ومؤسسة الحق، ومركز الميزان، مطلبها بضرورة وقف إطلاق النار الفوري، ووقف جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين/ات في قطاع غزة. ونطالب المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالضغط على إسرائيل من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2475، الذي يدعو جميع أطراف النزاع المسلح على اتخاذ تدابير لحماية المدنيين/ات ذوي الإعاقة، والسماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، ودعم تقديم مساعدة مستدامة، مناسبة، شاملة ويمكن الوصول إليها للمدنيين/ات من ذوي الإعاقة.

كما نطالب المقررة الخاص المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة، السيدة هبة هجرس، بضرورة الايعاز إلى لجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة.

ونحث المنظمات الإنسانية الدولية على التدخل الفوري للحد من المخاطر التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي باتت تهدد حياتهم. ونطالب بسرعة تقديم الأجهزة الطبية والأدوية اللازمة للتخفيف من آلام الأشخاص الذين تعرضوا لعمليات البتر حديثاَ، وكذلك الأجهزة المساعدة، مثل الكراسي المتحركة والمشايات وأجهزة السمع وأدوات النظافة الشخصية لكلا الجنسين، وكل ما يلزم الأشخاص ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء.