و.و، 29 عاماً، سيدة من سكان شمال غزة .
بعد أحداث 7 أكتوبر وما تلاها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة، بدأ النازحون يتوافدون علينا، حيث حضرت إحدى شقيقاتي المتزوجات وعدد أسرتها 4 أفراد، وعائلة عمي 9 أفراد، وعمتي 10 أفراد، وبقينا جميعاً بالمنزل، في الطابق الأرضي من البناية التي نقطن بها.
في 10/12/2023، علمنا أن قوات الاحتلال وصلت بدخولها البري إلى المنطقة التي نقطن بها. كنا نسمع إطلاق النار والقصف، لكن لأن والدي مقعد ويعاني من زيادة مفرطة بالوزن ولعددنا الكبير، فضلنا البقاء في المنزل، منذ أن ألقى الاحتلال منشورات يطلب من أهل الشمال وغزة التوجه إلى جنوب القطاع.
في حوالي الساعة 4:00 مساء 13/12/2023، تفاجأنا بقوات الاحتلال تطرق علينا الباب، حيث كان عدد كبير من الجنود ومعهم كلاب، ففتح أخي الباب بعد رفع قطعة بيضاء، وأخبرهم أننا مدنيون، وأغلب الموجودين نساء وأطفال. دخل الجنود المنزل، حيث هجم الكلب على شقيقي الأكبر وعضه من يده، فحاولت أمي نزع الكلب عنه، فقام الكلب بعض أمي. بعد ذلك طلب جنود الاحتلال من جميع الرجال الموجودين الخروج من المنزل والمكوث على الأرض بالشارع ووضعوا القيود بأيديهم إلى الخلف وعصبوا عيونهم. ونحن النساء طلبوا منا المكوث على الأرض داخل المنزل، ورفع أيدينا إلى الأعلى، وانتشروا بالمنزل وفتشوه وكسروا أثاث المنزل وعبثوا بالكثير من الأغراض وسرقوا العديد من الأشياء، منها أجهزة اللاب توب.
أخذوني إلى إحدى الغرف وطلب مني الجنود نزع ملابسي ولكني رفضت، فأحضروا 3 مجندات، قمن بتفتيشي والكشف عن بطني. وسألني أحد الجنود عن الانفاق الموجودة بالمنطقة، وعن “المخربين” الموجودين في المنطقة، فأخبرته أنني لا أعرف شيئا، فقال لي: ستدفعين الثمن. ثم سألني لماذا لم أتزوج حتى اليوم فأخبرته نصيب. ثم قال: هل أنت عذراء؟ ثم ضحك، وقال: ممكن نتأكد من ذلك من خلال الجنود. كان التحقيق معي وأنا محاطة بالجنود والأسلحة مصوبة تجاهي. كنت خائفة جدا وأرتجف ولكنني حاولت جاهدة أن أبقى متماسكة، لأنني أعلم جيدا أن صراخي ودموعي لا تجدي نفعا معهم. ثم طلبوا مني العودة إلى المكان الذي تمكث به النساء. وبعد ثوانٍ، نادوا علي مرة ثانية، وسحبني أحد الجنود إلى خارج المنزل ووضع الغطاء على عيوني والقيود بيديّ إلى الخلف، وكان معي 6 من شباب العائلة منهم ثلاثة من أشقائي، وسرنا معهم مشيا على الأقدام، وأدخلونا بناية خالية. وهناك انهالوا على الشباب بالضرب المبرح، وانا حاولوا لمسي ووضع أيديهم على أماكن حساسة بجسمي، كنت أحاول التحرك لإبعادهم عني. بعد ذلك تم نقلنا بدبابة سارت بنا مسافة، ومن ثم توقفت وتم وضعنا بناقلة جنود وتوجهت بنا الى موقع زكيم. وهناك أجبروا الشباب على نزع ملابسهم والبقاء بالملابس الداخلية، وأنا بقيت مقيدة اليدين بالقيود البلاستيكية إلى الخلف والغطاء على عيوني، وأجلسوني على الأرض. وبقيت حتى ساعات الصباح من تاريخ 14/12/2023، وتفاجأت بحضور جندي وجندية انهالا عليّ بالضرب بحذائهما (بوسطار) التي يرتدانها. كان الضرب على رأسي. نزعوا الحجاب عن رأسي وضربوني بالهراوات والأسلحة التي بحوزتهم، ثم ألقوا شيئا على رأسي غالبا كرسي مصنوع من الخشب، وبقيت على هذا الحال مدة تزيد على ساعتين، فضلا عن الشتائم والالفاظ السيئة التي وجهوها لي.
بعد ذلك أحضروا سيارة وتم وضعي بالحقيبة الخلفية، وسارت السيارة مدة تزيد عن 3 ساعات، حيث وصلت إلى موقع اعتقال (سجن). وطلبوا مني المكوث على الأرض، وطلبوا اسمي ورقم الهوية، ولم أكن أحفظ الرقم، فنزع أحد الجنود الغطاء عن وجهي والتقط لي صورة وظهر عنده رقم الهوية. وأحضروا مجندات أخذنني إلى غرفة وأجبرنني على نزع ملابسي وفتشوني، وسلموني بيجاما رمادية اللون ارتديتها دون الملابس الداخلية. وطلبت منهم إعادة حجابي لي، ورفضوا بالبداية، وبعد ذلك ألقته لي إحدى المجندات وقالت: خذي يا إرهابية. وكان معي سنسالين من الذهب وحلق و150 شيكل تم أخذهم مني.
بعد ذلك أعادوني إلى المعتقل وهو عبارة مكان أرضه من الباطون وسقفه وأسواره أسلاك شائكة، وكان محاطاً بأبراج مراقبة عليها جنود يصوبون الأسلحة تجاهنا خلال احتجازنا لاحقا.
سلموني فرشهة رقيقة جداً وبطانية خفيفة للنوم، حيث كنت أول يومين لوحدي بالمعتقل، وبعد ذلك بدأوا بإحضار معتقلات من غزة. بقيت في المعتقل مقيدة اليدين إلى الأمام وغطاء على عيوني. حتى عند إحضار الأكل كنت آكل والقيود في يدي. وعند الذهاب إلى دورة المياه كانوا يرفضون فك القيود ويطلبون منا أن نتصرف، فكنا نساعد بعضنا البعض نحن الأسيرات الموجودات في المعتقل، حيث وصل عددنا ما يقارب 70 أسيرة. وكان الطعام في المعتقل عبارة عن خبز توست وعلبة لبنة صغيرة جدا ومعها خيارة
او بندورة أو تفاحة.
في تاريخ 19/12/2023، تم أخذي إلى التحقيق ونزعت المجندة ملابسي عني وفتشتني، ثم ارتديت الملابس، وأعادوا القيود ليديّ وتم وضع عصبة على عيوني. بدأ التحقيق بأخذ البيانات الشخصية وبيانات جميع أفراد عائلاتي بالتفصيل، ومن ثم السؤال عن 7 أكتوبر، وأسماء أشخاص شاركوا فيه والأنفاق الموجودة بالمنطقة التي أقطن بها، وإذا كنت بعرف “مخربين”. خلال التحقيق، حاول المحقق وضع يده على جسدي، وعندما صرخت، صرخ في وجهي، واستمر التحقيق ما يزيد عن 3 ساعات، ثم أعدت إلى المعتقل. يذكر أن الشتائم والألفاظ السيئة التي توجه لنا هي يوميا.
بعد 7 أيام بالمعتقل، وطول المدة القيود بقيت في يديّ للأمام والغطاء على عيني، قرر جنود الاحتلال نقلي ومعي 7 صبايا من غزة إلى سجن الدامون. وضعوا القيود بقدمي والأخرى بقدم أسيرة ثانية، وصعدنا بحافلة وتوجهوا بنا إلى الدامون. ومجرد وصولنا تم وضعي بغرفة ونزع ملابسي وتفتيشي، بعدها سمح لي بارتداء الملابس وبعدها التقطوا الصور لي. ومن ثم أخذوني إلى عيادة السجن، وسألوني إن كنت أعاني من امراض أو مشاكل صحية، ووقعت على ورقة أنني لم أعاني من أمراض. وبعد ذلك دخلت غرفة التحقيق وتم أخذ بياناتي الشخصية، وبيانات أفراد العائلة، وبعد ذلك دخلت السجن، حيث تفاجأت بعدد من الأسيرات من الضفة الغربية، وكان يقدر عددهن 75 أسيرة. والسجن عبارة عن غرف، كل غرفة بها 6 أسرة وحمام داخل الغرفة، لكن العدد يكون أكبر حيث كنا بالغرفة 11 أسيرة، ونخرج ساعة باليوم (الفورة)، ثم العودة إلى السجن، وهناك يتم تقديم 3 وجبات طعام يوميا لكنها رديئة جدا، فالخبز أو الأرز يابس والبيض محروق.
بعد أسبوع من وجودي في هذا السجن، تم التحقيق معي، وكانت الأسئلة عن 7 أكتوبر وأسماء أشخاص شاركوا بالدخول إلى إسرائيل، وعن أماكن الأنفاق بغزة، وهل أنا مؤيدة لحماس ولأفعالها، وذكر أسماء أشخاص وإذا كنت أعرفهم أم لا. وبعد الانتهاء من التحقيق طلب مني التوقيع على الورقة فسألته ما المكتوب، لأن الورقة مكتوبة باللغة العبرية، فأخبرني أن بها ما أجبت عليه بالتحقيق معهم.
وفي حوالي الساعة 12:00 مساءً، من 31/01/2024، تم أخذي من المجندات وخضعت للتفتيش الكامل، ووضعوا القيود في يديّ إلى الخلف والغطاء على عيوني وصعدت في حافلة، وسارت بنا مدة 3 ساعات، حيث وصلنا إلى مكان وهو عبارة براكس السقف من الزينكو والأرض حصمة، والأسوار من الأسلاك الشائكة وطلبوا منا المكوث على الأرض. بقينا لمدة ساعة، وأحضروا علبتي لبن ومظروف خبز توست للجميع وكان عددنا 13 أسيرة .
وفي حوالي الساعة 1:00 فجر من يوم الخميس 01/02/2024، حضروا ووضعوا الأمانات في أيدينا المقيدة من الخلف، وتم نقلنا بواسطة باص، ووضعوا القيود برجلي وبرجل أسيرة أخرى. ومع بداية بزوغ النهار، وصلنا الى مكان كان غريبا بالنسبة لنا، وأخبرونا أننا وصلنا إلى معبر كرم أبو سالم. قبل أن نترجل من الباص فكوا عنا القيود والتقطوا لنا الصور، وقالوا ستجدون صحافيين بانتظاركم ممنوع إخبارهم أنكم تعرضتم للضرب. وترجلنا من الباص وسرنا مدة تزيد عن الساعة حتى شاهدنا مقر لموظفي الوكالة (الأمم المتحدة)، استقبلونا وتم توصيلنا إلى مدرسة ذكور الطائف الإعدادية برفح.
من الجدير ذكره، ان عائلتي لا تزال بالشمال، والموجودين معي من العائلة هم الأشخاص الذين اعتقلوهم معي ولا يزال لي شقيق وهو طفل معتقل.
نسخة تجريبية