ديسمبر 24, 2024
بين فقد المعيل وأوجاع النزوح: إسراء أم تكافح للبقاء من أجل أطفالها
مشاركة
بين فقد المعيل وأوجاع النزوح: إسراء أم تكافح للبقاء من أجل أطفالها

إسراء أحمد خضر عبيد، 31 عاماً، سكان بيت حانون شمال قطاع غزة، أم لخمسة بنات وولدين، أرملة محمود عبد الفتاح إبراهيم عبيد.

تاريخ الإفادة: 20 نوفمبر 2024

في صباح السابع من أكتوبر 2023، استيقظنا على أصوات انفجارات مرعبة، “الدنيا كلها كانت حرب.” شعرت بالرعب على أطفالي، وقررنا الهرب في اليوم التالي إلى مدرسة الكويت في الشيخ زايد، ظانين أنها ستكون آمنة. وصلنا بلا أي شيء سوى أرواحنا. كنا ننام على الأرض وسط عشرات العائلات، وكانت الحياة لا تُطاق.

 حصار… جوع وخوف

في الرابع من ديسمبر 2023، حاصرت قوات الاحتلال المدرسة أربعة أيام. لم يكن لدينا طعام، ولا ماء، ولا حتى مكان للنوم. أطفالنا كانوا يبكون من الجوع والخوف. بعدها أجبرونا على المغادرة، فتوجهنا غرب غزة إلى مشفى الشفاء. حتى هناك، لم نجد مكانًا سوى الدرج ننام عليه في برد الشتاء القارس.

ذهب السند!

في الحادي عشر من ديسمبر 2023، قرر زوجي محمود مع مجموعة من الشباب الخروج لجلب الطعام لأطفالنا. كنت قلقة جدًا، لكنه قال لي: “ما إلنا غير نحاول، ما في شي نخسره.”  يبدو أن خوفي كان بمحله حيث إن محمود لم يعد. سمعت أن المنطقة التي ذهب إليها قُصفت، وكانت الصدمة عندما تأكدت أنه استشهد. حيث بقيت جثته في مكانها لمدة عشرين يومًا لعدم تمكنا من الوصول إلى المنطقة التي كانت تعتبر خطيرة. تمكنا من معرفته فقط من خلال أسنانه وملابسه، وتم دفنه في ساحة الكتيبة، حيث بقيت روحي معلقة.

“ياريتنا ما أكلنا ولا هو راح،” محمود كان سند العائلة جميعها، وليس فقط لي ولأبنائي، وعند ولادتي لطفلي السابع أسميته “محمود” لتبقى ذكراه حاضرة معنا جميعاً.

رحلة النزوح التي لا تنتهي!

رحلتي مع النزوح كباقي العائلات في غزة كانت وما زالت مؤلمة ومستمرة، فيها من التفاصيل ما يوجع القلب، حيث نقضي الليالي نعاني من البرد والجوع. تنقلنا عبر العديد من أماكن ومخيمات النزوح بداية من مشفى الشفاء إلى مدرسة الكرامة ثم إلى مدرسة الكويت. ورغم سوء الظرف، حاولنا التأقلم وإصلاح ما يمكن إصلاحه داخل الصفوف المدرسية لنتمكن من النوم فيها على الأقل! ورغم محاولاتنا للتأقلم بأقل الإمكانيات وبأقسى الظروف، أجبرنا على النزوح مجددا وهذه المرة إلى مدرسة الفوقا داخل مخيم جباليا. أيام صعبة وقاسية بكل تفاصيلها. فأنا وحدي أواجه وجع الفقد والترحال إلى جانب سبعة أطفال مرهقين، خائفين وجوعى.

اجتياح جديد وخوف لا ينتهي

في كل مرة كان ينفذ جيش الاجتلال عملية اجتياح لجباليا، كان يعني ذلك نزوحاً جديداً، وهذه المرة كان من مدرسة الكويت التي حوصرنا داخلها لمدة أسبوعين وكانوا كأنهما عامان، إلى المجهول حيث اضطررنا إلى الخروج مشياً على الأقدام نحمل آلامنا وأطفالنا. توجهنا إلى مدرسة غزة الجديدة بعد رحلة عذاب وخوف، مشينا خلالها بين الدبابات وقلبي يرتجف خوفاً وقلقاً من ضياع أحد أبنائي وسط الزحام والرعب الذي يحيط بنا.

اليوم، المسؤولية تقع بأكملها على عاتقي، حيث يبدأ نهاري بجمع الحطب والكرتون للطهي، للوقوف في الطوابير لساعات طويلة للحصول على القليل من الماء والخبز وإذا لم أستطع اللحاق يضيع عليّ نصيبي منها. أحاول أن أعيش مع أطفالي وسط ظروف لا تحتمل. كل مرة نعتقد أننا وجدنا مكانًا آمنًا، نجد أنفسنا مجبرين على الرحيل مجددًا. أحمل في قلبي خوفًا دائماً وذكريات أليمة. الحياة صعبة جداً، وأنا متعبة. لكن رغم الخوف والألم، أحاول أن أكون قوية لأجل أولادي، لأنهم يستحقون حياة أفضل مهما كان الثمن الذي أدفعه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *