المرجع: 137/2012
التاريخ: 21 نوفمبر 2012
التوقيت 13:30 توقيت جرينتش
صادف يوم أمس الثلاثاء، الموافق 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، اليوم العالمي للطفل، وهو اليوم الذي كرسته الأسرة البشرية الدولية باعتباره يوماً لتكريس تعزيز، احترام وحماية حقوق الطفل على النطاق العالمي، وفقاً لمبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة في العام 1989. تتزامن هذه المناسبة مع العدوان الحربي الإسرائيلي الذي تشنه قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على سكان قطاع غزة المدنيين منذ يوم الرابع عشر من نوفمبر 2012، والذي راح ضحيته 286 طفلاً وطفلة، من بينهم 28 طفلاً وطفلة قتلى و 258 طفلاً وطفلة جرحى. وتتدهور الأوضاع الإنسانية، بما فيها أوضاع الصحة النفسية لعشرات الآلاف من الأطفال، والذين أصبحوا يعيشون حالة غير مسبوقة من الخوف الشديد والترهيب الناجم عن الهجمات الحربية العشوائية والتي طالت كافة محافظات، مدن ومخيمات القطاع، وبسبب حالات الإخلاء الداخلي لآلاف العائلات من منازلها هرباً من تلك الهجمات.
تشن قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، منذ 14/11/2012، المئات من الهجمات العسكرية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي تستهدف المئات من المنازل السكنية، المنشآت والمرافق الحكومية، الممتلكات الزراعية والصناعية والبحرية في القطاع. وقد أعلنت سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أنها استهدفت ما يزيد عن 1460 هدفاً في مختلف مدن ومحافظات القطاع، وزعمت أنها استهدفت منشآت ومبان تابعة لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية. كما أعلنت أنها استهدفت رجال المقاومة المسلحة في عملياتها الحربية الجوية والبحرية. وتشير تحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى كذب الرواية الإسرائيلية، حيث تشير تلك التحقيقات إلى مقتل 136 فلسطينياً، من بينهم 91 مدنياً، أي بنسبة 66.9% من إجمالي عدد القتلى، وجرح 941 فلسطينياً، من بينهم 922 مدنياً. وتشير تحقيقات المركز أيضاً إلى مقتل 28 طفلاً، وإصابة 258 طفلاً خلال الهجمات الجوية التي شنتها القوات الحربية الإسرائيلية المحتلة. وقد أدت الهجمات الجوية ضد المئات من المرافق الحيوية ومنازل السكان إلى تدميرها كلياً أو جزئياً. وتسبب ذلك في تشريد المئات من الأطفال وأسرهم الذين فقدوا ممتلكاتهم وأصبحوا بلا مأوى، حيث لم يعد هناك أي مكان آمن في القطاع. ويصل عدد الأطفال في قطاع غزة إلى نحو ثمانمائة ألف طفل من إجمالي سكان القطاع البالغ نحو 1.7 مليون نسمة.
وقد استهدفت العديد من الغارات الجوية للقوات المحتلة عائلات بأكملها في منازلها، ما أدى إلى مقتل العشرات من أفراد تلك العائلات، وكان من بين الضحايا العديد من الأطفال الأشقاء وأفراد عائلاتهم. وبتاريخ 19/11/2012، قتل ثمانية أشخاص، من بينهم أم وأطفالها الأربعة، وذلك عندما استهدفت طائرة حربية إسرائيلية منزلاً لعائلة الدلو في مدينة غزة، بعد أن تم انتشالهم من تحت الأنقاض. وفي نفس اليوم تعرض منزل المواطن فؤاد خليل إبراهيم حجازي، 46 عاماً، والكائن في شمال جباليا إلى هجمة جوية أدت إلى تدمير المنزل ومقتل المواطن المذكور مع طفليه، محمد، 4 أعوام، وصهيب، عامان، وأصيب 28 آخرين بجراح، من بينهم سبعة من سكان المنزل، أحدهم زوجة المواطن حجازي، والتي أصيبت بجراح بالغة. وبتاريخ 14/11/2012 قتلت الطفلة رنان عرفات، 5 أعوام، بعد أن تعرض منزلها إلى قصف صاروخي جوي في مدينة غزة. وبتاريخ 15/11/2012 شنت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي نحو المئات من الغارات الجوية على القطاع أدت إلى مقتل الطفلين عدي جمال ناصر، 15 عاماً، وفارس احمد البسيوني، 8 أعوام، وهما داخل منزليهما وإصابة 16 طفلاً/ة آخراً بجراح في مدينة بيت حانون. كما توفيت الطفلة حنين خالد أحمد طافش، 10 أشهر متأثرة بإصابتها بشظية في الرأس، جراء قصف جوي لأرض بجوار منزل عائلتها الواقع في مدينة بغزة. وبتاريخ 17/11/2012 قتل الطفلان الشقيقان تامر سلامة ابراهيم اسعيفان، 4 أعوام، وشقيقته، جمانة، عامان، في مخيم جباليا، جراء قصف أرض زراعية مجاورة لمنزليهما، فيما أصيب 18 طفلاً/ة جراء الهجمات الجوية على شمال القطاع. وقتلت الطفلة تسنيم زهير محمد النحال، 10 أعوام، أثناء لعبها بجوار منزلها بعد استهدافه في أحد الهجمات في مخيم الشاطئ بغزة، وقتل الطفل إياد أبو خوصة وأصيب طفلان في هجمة مماثلة في محافظة الوسطى.
وفي تطور خطير أخلت آلاف العائلات الفلسطينية منازلها يوم أمس، الثلاثاء، الموافق 20/11/2012، وذلك بعد أن ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية آلاف المنشورات التي طالبت سكان المناطق الحدودية في القطاع بإخلاء منازلهم، والتوجه إلى مناطق أخرى داخل مدن ومحافظات القطاع. وقد اضطرت تلك العائلات إلى الهرب من منازلها وتوجهت إلى مدارس الأنروا، والتي فتحت 13 مدرسة من مدارسها، من بينها 4 مدارس في محافظة شمال غزة، 8 مدارس في مدينة غزة ومدرسة واحدة في مخيم البريج للاجئين لاستقبال الآلاف من العائلات التي أخلت منازلها في مناطق العطاطرة، التوام ومنطقة السلاطين في شمال غزة. ويقدر عدد العائلات التي أخلت منازلها من مناطق محافظة شمال غزة إلى مدارس الأنروا بنحو 20000 شخص، نصفهم من الأطفال. وقد قام طاقم من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان صباح اليوم بزيارة ميدانية إلى مدرسة ذكور غزة الجديدة الإعدادية ” أ ” للاجئين، والتقى مدير المدرسة وعدد من العائلات التي أخلت منازلها من محافظة شمال غزة. وقد بلغ عدد العائلات التي وصلت إلى المدرسة نحو 350 عائلة، قوامها 1800 شخص، أكثر من 50% منهم من الأطفال. وقد توزعوا على فصول المدرسة البالغة 34 فصلاً، وبمتوسط 8 عائلات، قوامها 60-70 شخص في كل فصل دراسي. وأفاد عدد من المواطنين أنهم افترشوا الأرض واليسير من الأغطية التي تمكنوا من الحصول عليها لإيواء أطفالهم.
وقد تدهورت الأوضاع الصحية في قطاع غزة والمتدهورة أصلاً قبل بدء العدوان بسبب الأزمة المستدامة الناجمة عن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية في كافة المرافق الصحية الحكومية في القطاع، فضلاً عن وصول نحو 1000 قتيل وجريح إلى مستشفيات القطاع منذ بدء العدوان. كما تعرض الوضع النفسي لمئات آلاف الأطفال إلى مخاطر حقيقية نجمت عن عمليات الترويع والترهيب الذي تسببه عمليات القصف العشوائي والانفجارات الضخمة الناجمة عن استخدام القنابل والصواريخ التي باتت تهز أرجاء كل منطقة يتم استهدافها. وتتركز معظم الهجمات الجوية والبحرية للقوات المحتلة في مناطق الكثافة السكانية لكافة مدن، قرى ومخيمات القطاع في وقت لا يتوفر فيه أي ملاذ آمن للسكان المدنيين، بمن فيهم الأطفال. وبات الآلاف من الأطفال يعانون من قلة النوم والاضطراب النفسي الشديد الناجم عن الصدمات التي تسببها عمليات القصف اليومي، والتي تزداد حدتها في أوقات الليل. ويعتبر قطاع غزة من أعلى نسب الكثافة السكانية في العالم، حيث تبلغ مساحته 365 كم2، ويتكدس سكانه في مدن ومخيمات القطاع التي تكتظ بآلاف المنازل السكنية، وتصل الكثافة السكانية في بعض مناطقه إلى نحو 4800 شخص/كم2.
وقد اضطرت كل من الحكومة بغزة والأنروا إلى إغلاق كافة المؤسسات التعليمية في القطاع منذ بدء العدوان الحربي الشامل على قطاع غزة، ما يحرم أكثر من نصف مليون طفل وطفلة من الالتحاق بمرافقهم التعليمية والانتظام في مدارسهم ورياض أطفالهم. وقد لحقت أضرار بالغة في العديد من المنشآت التعليمية جراء الهجمات الجوية لقوات الاحتلال، وخاصة في المدارس الحكومية ومدارس الأنروا في كل من محافظتي غزة وشمال غزة.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
• يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، وكذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 والمادة 147 من الاتفاقية، بشأن العقوبات الجزائية والمخالفات الجسيمة لأحكامها، وكذلك وفقاً للمادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تصنف الانتهاكات الجسيمة على أنها جرائم حرب، وذلك بما يكفل حماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وخاصة الأطفال.
• يدعو الأمين العام للأمم المتحدة، وممثله الخاص المعني بالأطفال والنزاع المسلح إلى القيام بكافة التدابير الضرورية اللازمة من أجل وقف العدوان الحربي الإسرائيلي على أطفال قطاع غزة فوراً، وضمان عدم تكرارها، والتحقيق في كافة تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الأطفال منذ بدء العدوان.
• يحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة في ظل استمرار التصعيد العسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد بتوسيع تلك العمليات وما يرافقها من إجراءات حصار خانق يمس بكل مناحي الحياة للمدنيين الفلسطينيين.
• يدعو المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في قطاع غزة إلى توفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للعائلات التي أخلت منازلها بعد إنذارها من قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، وتوفير كافة احتياجاتهم من الأغطية والأدوية والخدمات الضرورية، بما فيها خدمات الصحة البيئية وإمدادات مياه الشرب.