مازن سعيد حسين علي، 50 عامًا، سكان حي الشجاعية في غزة، متزوج وأب لـ 6 أبناء.
أعمل سائق سيارة أجرة وأحصل على دخل محدود جدا من ورائها، وأنا مريض كلى وكنت أغسل كلى من مرة إلى مرتين في الأسبوع في الوقت الطبيعي وبصعوبة بالغة وشديدة.
صباح الحرب في يوم السبت السابع من أكتوبر 2023، كنت في بيتي في حي الشجاعية وعائلتي مسالمين هانئين حتى بدأ القصف يشتد علينا في ساعات مساء اليوم نفسه وخلال الايام التالية. وبدأ قصف البيوت والمنازل المحيطة بنا بشكل عنيف جدا وبشكل عشوائي وتم تدمير عدد كبير من المنازل، وهناك من استشهد من سكانها تحت الأنقاض ومنهم من هرب. أسرعت للخروج من بيتي مع أولادي وبناتي بعد 10 أيام من بداية الحرب. وكوني مريض كلى ولا أستطيع تحمل الركض وآثار القصف وغبار القذائف، نزحنا من بيتنا تحت قصف الصواريخ وحمم اللهب وذهبنا باتجاه مخيم الشاطئ إلى بيت أهل زوجتي بجوار المسجد الأبيض. ومكثنا في البيت المتواضع جدا والصغير والذي سقفه من الأسبستوس، والذي يعد غير آمن إطلاقا، حيث لم يكن يسلم أيضا مخيم الشاطئ من القصف والقذائف العشوائية. وقصف الاحتلال المسجد الأبيض الذي بجوارنا ودمره تدميرا كاملا وقصف البيوت والمحال التجارية، واستشهد العشرات من الناس والمارة في الشوارع.
وفي ظهر يوم 27/10/2023، قصف الاحتلال البيت المتواجدين به بشكل مباشر بصاروخين من الطائرات الحربية فدمر البيت بالكامل على رؤوسنا واستشهد من عائلة زوجتي 5 شهداء منهم ثلاثة أطفال من عائلة زوجتي: سراج بارود، 17عاماً، وسارة بارود، 13عاما، قُطعت أجسادهم الى أشلاء تماما رأيتهم بأم عيني منهم من قُطع رأسه عن جسده ومنهم من قُسم جسده الى نصفين، وطفلة لا يتجاوز عمرها السنتين من أقارب زوجتي الطفلة آلاء قاسم قُطع جسدها إلى نصفين. واستشهد من أخوة زوجتي أخوها مهند، 30 عاماً وأخوها رائد، 40 عاماً، حيث قُطع جسده الى نصفين. لا يمكنني أن أِصف هول وبشاعة المنظر الذي رأيناه وعشناه في ذلك اليوم، حيث أخرجونا من تحت أنقاض البيت الذي دمر على رؤوسنا ونجونا بمعية الله ولطفه.
إثر ذلك قررنا النزوح إلى مخيم النصيرات، عبر ما يعرف الممر الآمن، وتوجهنا الى منزل أختي الكائن بجوار شارع صلاح الدين.
ولأنني كما أسلفت مريض كلى، ومع استنشاق الغبار والاتربة ورائحة بارود الصواريخ، حدثت معي أزمة. ذهبت إلى مستشفى شهداء الأقصى فلم أجد من يعالجني ولم أجد أي نوع من أنواع الأدوية، وطلبت منهم أن أدخل إلى غسيل الكلى ولو مرة واحدة في الأسبوع، فأبلغوني أن القسم متوقف تماما عن العمل بسبب نفاد الوقود والكهرباء والاوكسجين، فلم أجد مكانا لعلاجي.
وانتقلت مع عائلتي إلى مدينة رفح ولجأنا إلى مدرسة اسمها القدس بالقرب من دوار العودة. ومكثنا في باحات المدرسة وسط وضع معيشي مأساوي حيث لا طعام ولا مياه صالحة للشرب. وأصبت بأزمة ثانية نتيجة عدم القدرة على غسيل الكلي، وذهبت إلى المستشفى الأوروبي فلم أجد أيضا مكانا لعلاجي وسط وضع سيء جدا، ولم يكن يعمل أيضا قسم الكلي نتيجة شح الأكسجين وأعطال أجهزة الكلي وعدم توفر الكهرباء بتاتاً. وأنا الآن أعاني من أزمة صحية جدية قد تودي بحياتي في أي وقت؛ نتيجة عدم قدرتي على الغسيل، ناهيك عن الوضع المعيشي الصعب الذي أعيشه وأولادي وزوجتي. ليس من السهل أن أصف معاناتي ومعاناة عائلتي الصعبة جدا. يتملكني الخوف من أن يتوفاني الله تاركا ورائي 8 من الأبناء حيث إنني بحاجة ماسة جدا الي جلسة واحدة من الغسيل في الأسبوع على الأقل.
نسخة تجريبية