المرجع: 59/2017
التاريخ: 13 يوليو 2017
التوقيت: 12:00 بتوقيت جرينتش
يتابع المركز الفلسطيني بقلق بالغ الاجراءات التعسفية في الضفة الغربية وقطاع غزة لقمع الحريات الصحفية، ويستهجن تورط النيابة العامة في اعطاء غطاء قانوني لقمع الحريات.
ورصد المركز حالتين في الآونة الأخيرة، يرجح معهما تورط النيابة في سياسة القمع ضد الصحفيين من خلال عدم توخي الدقة في تحديد الحالات التي تستوجب تحريك دعوى وحبس المتهمين على ذمة التحقيق.
وتتمثل الحالة الأولى في اعتقال الصحفي جهاد بركات في الضفة الغربية لمجرد تصويره موكب رئيس الوزراء إثناء مروره بالقرب من “حاجز عنابة”، وبعدها قامت النيابة العامة بتحريك دعوى جزائية ضده بتهمة التواجد في ظروف تثير الشبهة، ليتم اطلاق سراحه بكفالة، بعد احتجاز دام ليومين، وما زال الصحفي بركات يخوض في دوامة الاجراءات القانونية التي عصفت بحياته لمجرد اقدامه على تصوير موكب رئيس الوزراء.
كما ورصد المركز اعتقال الصحفي عامر بعلوشة في قطاع غزة على خلفية تعبيره عن آرائه على مواقع التواصل الاجتماعي. وبالرغم من أن ما يقوم به عامر لا يتخطى حدود حرية الرأي والتعبير كما بينتها المعايير الدولية وحتى القوانين الوطنية، إلا أن النيابة العامة في غزة لم تتورع عن تحريك دعوى جنائية ضده بعدة تهم منها “اساءة استخدام التكنولوجيا”، والتحريض على الحكومة والتخطيط لخروج مظاهرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تم تمديد حجز بعلوشة 15 يوم على ذمة التحقيق، وفق ما افاد به محاميه، السيد يوسف سالم، لباحث المركز. وما زال بعلوشة معتقلا حتى اصدار هذا البيان.
وكان المركز قد رصد خلال السنوات الماضية، في تقاريره الدورية عن حرية التعبير، عدة حالات عملت فيها النيابة العامة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة على تحريك دعاوى ضد صحفيين واصحاب رأي بالرغم من عدم وجود اساس كاف لمباشرة الدعوى وفي بعض الأحيان بدون تقديم ادلة. وتهدف هذه الاجراءات إلى وضع الصحفي في دوامة الاجراءات القانونية وحبسه عدة أيام على ذمة التحقيق وذلك لتعزيز حالة الردع الذاتي التي تحاول أن توجدها السطات في الضفة الغربية وقطاع غزة لكتم الاصوات الناقدة.
يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان أن تحريك دعاوى بشكل تعسفي ضد صحفيين واصحاب رأي بهدف اعطاء غطاء قانوني لقمع الحريات عمل مدان، ويتعارض مع التزمات السلطة الفلسطينية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، سيما المادة (19).
ويعتبر التعدي على حرية التعبير مخالفة صريحة للقانون الاساسي الذي أكد على حرية التعبير في المادة (19) منه، كما أكد على حرية الصحافة في المادة (27).
كما يؤكد المركز أن تورط النيابة العامة في مسعى السلطات لقمع الحريات العامة يشكل نسف للفصل بين السلطات، وتغييب كامل لسيادة القانون، ويساهم في مزيد من تغول السلطة التنفيذية اعتدائها على الحريات العامة.
ينبه المركز أن غياب المجلس التشريعي والسيطرة على القضاء في الضفة الغربية وقطاع غزة يقوض أي فرصة لتعديل المسار والاصلاح والعودة على طريق بناء الديمقراطية.
وإذ يعبر المركز عن شجبه واسفه للحالة التي وصلت لها العلاقة بين السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل يمكن القول معه إنه لم يعد هناك الا سلطة تنفيذية مستبدة تتستر خلف رداء القانون والقضاء، فإنه يؤكد على إن الحرية حق انساني أصيل وجدت السلطة لحمايته ولا يجوز مصادرة الحريات بأي ذريعة.
ويطالب المركز المحكمة المختصة بإطلاق سراح الصحفي بعلوشة فورا، واعتماد المعايير الدولية لحرية التعبير في تفسير النصوص القانونية الوطنية باعتبار إنها الاطار الذي ارتضى به المشرع على المستوى الدولي.
ويطالب المركز السلطة القضائية بالعمل الجاد على استعادة هيبتها واستقلالها، وعدم الانصياع للسلطة التنفيذية، وتحري الدقة في اصدار الأوامر المتعلقة بمباشرة التحقيق أو الحبس على ذمة التحقيق، سيما في قضايا الرأي.
وأخيرا يطالب النائب العام بإصدار قرار يحظر الحجز على ذمة التحقيق في قضايا الرأي، وخاصة إنه بلا مبرر، حيث لا توجد أدلة يخشى من طمسها وغياب امكانية التأثير على مجرى التحقيق، وهي المبررات التي شرع بموجبها الحجز على ذمة التحقيق.