يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ضمن تصعيد عدوانها في إطار جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
وفي تطور خطير، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 11:30، من يوم الأربعاء 19 مارس 2025، مقر إقامة موظفي مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) في مدينة دير البلح، ما أسفر عن مقتل أحدهم وهو مارين مارينوف وإصابة خمسة آخرين بجروح خطيرة، جميعهم من جنسيات أجنبية، من بينهم ثلاثة موظفين يعملون في دعم برنامج دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأرض الفلسطينية المحتلة، واثنان آخران يعملان ضمن آلية الأمم المتحدة 2720 الخاصة بغزة.
ووفق المعلومات التي توفرت لباحث المركز، فإن المقر تعرض الليلة السابقة لقصف إسرائيلي حيث سقطت قذيفة على سطح المبنى، وجرى عزلها من الفريق الأممي، قبل أن يجري استهدافه مجددًا صباح امس الأربعاء.
ووفق بيان صادر عن UNOPS، فإن الانفجار لم يكن نتيجة أي عملية لإزالة الذخائر غير المنفجرة في الموقع. وأن المعلومات تشير إلى أن “ذخيرة متفجرة تم إسقاطها أو إطلاقها على المبنى وانفجرت بداخله، لكننا لا نعلم بعد طبيعة السلاح المستخدم سواء كان قنبلة جوية، أو قذيفة مدفعية، أو صاروخًا.”1 كما قال المدير التنفيذي لمكتب UNOPS، خورخي مورييرا دا سيلفا: “ما يحدث في غزة أمر لا يمكن تصوره.
أنا مصدوم ومفجوع بهذا الخبر المأساوي. لقد رأيت الشهر الماضي التفاني المطلق لفريقنا في غزة.”2 كما أشار الناطق باسم الأمم المتحدة، إلى أن ما حدث نجم عن غارة جوية.3
إن هذا الاعتداء يأتي في سياق الجرائم الإسرائيلية المستمرة ضد المؤسسات المدنية، ولا سيما تلك التابعة للأمم المتحدة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني، التي تحظر استهداف الأعيان المدنية والمنشآت الدولية والإنسانية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات الاحتلال مقار وموظفين في الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، من أبرزها استهداف مركبــة لمنظمة “وورلد سينترال كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي) في 1 إبريل/نيسان 2024، وسط قطاع غزة، ما أدى في حينه إلى مقتل 7 من أعضائه، منهم 6 من جنسيات أجنبية.4
ويأتي هذا القصف، مع استمرار قوات الاحتلال في شن عشرات الغارات وقصف العديد من المنازل والخيام ومراكز الإيواء التي تأوي نازحين على رؤوس ساكنيها، ما أدى إلى مقتل عشرات المواطنين بما فيها أسر كاملة،، وأغلبهم من المدنيين.
واستأنفت قوات الاحتلال فجر أمس شن هجمات واسعة ودامية على قطاع غزة، بما في ذلك ارتكاب جرائم قتل جماعية، استهدفت مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وإصدار أوامر تهجير، في إمعان على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بتوسع، وهي الجريمة التي لم تتوقف فعليًا عن ارتكابها منذ 19 يناير الماضي، تاريخ بدء وقف إطلاق النار.
وأسفرت هجمات الاحتلال منذ فجر الثلاثاء حتى مساء الأربعاء عن مقتل 470 مواطنا بينهم عشرات الأطفال والنساء، وإصابة مئات آخرين، في حين لا يزال لعشرات الضحايا تحت الأنقاض لم تتمكن طواقم الإسعاف والإنقاذ من انتشالهم.
ويأتي قرار إسرائيل باستئناف هجومها العسكري الواسع على قطاع بعد 17 يومًا من إغلاقها معابر قطاع غزة، ومنع إدخال البضائع والمساعدات في إطار استخدام سياسة التجويع كأداة حرب، بعد تنصلها من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار.
يؤكد المركز أن استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في شن مثل هذه الهجمات المشينة هو نتيجة طبيعة لسياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها إسرائيل، ونتيجة لازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال التغاضي عن الجريمة الأخطر التي يرتكبها الاحتلال وهي الإبادة الجماعية.
وفي ضوء ذلك، يطالب المركز المجتمع الدولي بعدم الاكتفاء بالإدلاء بالبيانات وإدانة الهجمات العسكرية الإسرائيلية وما تفضي إليه من قتل لأعضاء الفرق الإنسانية، والمدنيين والمدنيات وتجويعهم، بل اللجوء إلى خطوات عملية فورية لإجبار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على وقف إطلاق النار، بل وضمان تحقيق المساءلة على جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة.