أكتوبر 21, 2024
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يحذر من انهيار ما تبقى من خدمات صحية في شمال غزة بالكامل
مشاركة
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يحذر من انهيار ما تبقى من خدمات صحية في شمال غزة بالكامل

يحذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان من انهيار كامل لمستشفيات شمال قطاع غزة وخروجها عن الخدمة خلال أشد وأقسى أوقات الطوارئ صعوبةً مع استمرار وتكثيف الهجوم العسكري الإسرائيلي لليوم السابع عشر على التوالي.  وقد تعمدت القوات المحتلة فجر يوم السبت، 19 أكتوبر2024، قصف واستهداف الطوابق العليا لمستشفيات العودة والإندونيسي ومحاصرة المرضى والأطقم الطبية فيها، في الوقت الذي صعدت عمليات قصفها ووتيرة استهدافها للأحياء السكنية ومنازل المدنيين فوق رؤوس ساكنيها.

ويحذر المركز من تكرار الاستهداف المتعمد للمستشفيات في قطاع غزة وقصفها وقتل من فيها من مرضى وطواقم طبية ونازحين وحصارها واخلائها بالقوة،.  وعلى الرغم من محاولات إعادة التأهيل الجزئية لبعض تلك المستشفيات، تصر قوات الاحتلال على استهدافها المرة تلو الأخرى، وترك المدنيين بلا مستشفيات تعالجهم وهو ما يشكل جزءأ من جريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ووفق متابعات المركز، أفاد الدكتور مروان السلطان مدير عام المستشفى الإندونيسي، لباحث المركز 1، بما يلي: “كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند منتصف ليل السبت 19 أكتوبر، قصفها وإطلاق النار تجاه المستشفى الإندونيسي ببلدة بيت لاهيا، حتى وصلت آليات قوات الاحتلال الاسرائيلي عند حوالي الساعة 4:30 إلى محيط المستشفى، وأطلقت النار بكثافة، وعدة قذائف تجاه بوابته والطوابق العليا من المستشفى الذي يتواجد به نحو 40 مريضاً وجريحاً بالإضافة إلى 15 من الطواقم الطبية، بقذائف مدفعية، ما تسبب بانقطاع الكهرباء عن المستشفى وحالة ذعر كبيرة بين المرضى والطاقم الطبي.  كان الاستهداف بقرابة 5 قذائف تجاه الطابقين الثاني والثالث، دون إصابات، كون الطابقين قيد الترميم، غير أن استمرار انقطاع التيار الكهربائي أدى لوفاة اثنين من المرضى في قسم العناية المكثفة”. وبالتزامن مع ذلك، قصفت القوات المحتلة الطوابق العلوية لمستشفى العودة في تل الزعتر بمدينة جباليا، ما أدى إلى إصابة عدد من أفراد الطواقم الطبية أحدهم حالته بالغة الخطورة، وفق ما أفادت به جمعية العودة الصحية والمجتمعية.

وتفرض القوات الإسرائيلية المحتلة حصاراً صارماً تحرم فيه السكان المدنيين في شمال قطاع غزة من أي إمدادات أساسية تنقذ حياتهم، وتؤكد عبر أوامر الإخلاء القسري سعيها لإفراغ ما تبقى منهم باستخدام الجوع والحرمان من العلاج سلاحاً لتحقيق أهدافها العسكرية، ما يعكس إمعانها واستمرارها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

وبعد مضي أكثر من أسبوعين على الهجوم العسكري المكثف، ورفض السكان مغادرة بعض الأحياء السكنية المحاصرة في مدينة جباليا ومخيمها وباقي مناطق محافظة شمال قطاع غزة التي باتت معزولة تماماً عن مدينة غزة، أصبح عشرات الآلاف من المدنيين عالقين في منازلهم بين الموت والجوع، بدون أبسط مقومات الحياة الأساسية، بعد تقييد وصولهم للغذاء والمياه، وقطع الاتصالات والانترنت عنهم، واستهداف وتهديد المستشفيات بالإخلاء قسراً ووقف خدماتها العلاجية رغم تدفق أعداد كبيرة من الاصابات الحرجة إليها، وتكدس عشرات الجثث للقتلى المدنيين فيها.

وبسبب الحصار المطبق واستمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية يخشى من خروج المستشفيات الثلاث، كمال عدوان، والعودة، والإندونيسي، عن العمل وتعرضها لظروف تشابه اخلائها في نوفمبر وديسمبر2023، فهي الآن تعمل بأقل من الحد الأدنى من قدراتها، وبإمكانيات منهكة، جراء الاستهداف سابقاً، والنقص الحاد في الأطقم الطبية، وإمدادات الوقود، والأدوية، والغذاء، وهو ما يهدد حياة جرحى العدوان وما يزيد عن 285 مريضاً يرقدون في هذه المستشفيات، بينهم ثمانية أطفال حديثي الولادة وخمسة بالغين في أقسام العناية المركزة، ونحو 161 مريضًا موجودون في أقسام الطوارئ، الكثير منهم بحاجة عاجلة

لإجراء عمليات جراحية متقدمة، من قبيل جراحة الأعصاب وجراحة الأوعية الدموية وجراحة العيون والطب التجميل، وهي خدمات غير متوفرة في هذه المستشفيات، وفق مجموعة الصحة في فلسطين.2

وقد أفاد الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان لباحث المركز 3بما يلي ” خلال الأيام الماضية كان المستشفى يستقبل ما لا يقل عن 50 إلى 70 مصاباً جديداً بشكلٍ يومي، ويبدو أننا أمام تصاعد للعمليات العسكرية واحتمالية تزايد أعداد المصابين، وذلك بالرغم من نفاذ إمكانيات جميع مستشفيات شمال قطاع غزة، فلا أدوية ولا مستلزمات طبية بالقدر الكافي، ولا وقود لتشغيل مولداتها الكهربائية، وحتى المرضى والطواقم الطبية باتوا منهكين بعد أسبوعين من الحصار الصارم وبدء نفاذ مخزون الطعام.   كل ذلك يحول دون استمرار الخدمات المنقذة للحياة، ويشكل كارثة حقيقية تُهدد المصابين والمرضى في أقسام العناية المركزة وأطفال حديثي الولادة في قسم الحضانة الوحيد في مناطق شمال قطاع غزة، وذلك في حال توقفت أجهزة التنفس الصناعي عن ست أطفال حالتهم غاية في الخطورة ويحتاجون للعناية الفائقة، مع افتقار المستشفى للخدمات الصحية المتقدمة وأهمها جراحة العظام والأعصاب، وجراحة التجميل والحروق، وهذا الواقع ينسحب على جميع المستشفيات في شمال قطاع غزة حتى أصبح الأطباء أمام خيار صعب في المفاضلة بين الحالات الواردة للمستشفيات وتقديم الرعاية لمن يمكن إنقاذ حياته. كذلك يضطر الأطباء لبتر أطراف بعض المصابين نتيجة عدم القدرة على تحويلهم إلى مستشفيات مدينة غزة لإجراء عمليات جراحية معقدة، فهنالك حاجة كبيرة لتحويل عشرات الإصابات لإجراء عمليات متخصصة في العيون والأوعية الدموية والمخ والأعصاب، جراء ذلك يفقد الجرحى والمرضى حياتهم، ما يستدعي ذلك تحركاً عاجلاً من المنظمات الدولية للضغط على قوات الاحتلال من أجل توفير ممر آمن لنقل المرضى والمصابين قبل فوات الأوان.”

وبحسب ما أفاد به فارس عفانة، مسؤول الإسعاف والطوارئ في الخدمات الطبية، لباحث المركز، فإن سيارات الإسعاف تتحرك بصعوبة شديدة مع شح الوقود، واستهدافها من القوات المحتلة بشكل متعمد، واعاقة عملها من خلال قطع الطرق المؤدية للمناطق المستهدفة، كذلك قطعت ليلة أمس الاتصالات والانترنت عن كامل مناطق شمال قطاع غزة، وهو ما يصعب مهام الإسعاف والدفاع المدني في التحرك والاستجابة لنداءات الاستغاثة التي تطلق بشكل يومي وتحتاج إلى التدخل العاجل.

ومع تصاعد عمليات القصف في اليومين الماضيين وإعلان القوات المحتلة توسيع عمليتها العسكرية، تتأثر خدمات صحية مهمة في أقسام الولادة التي ما تزال تقدم خدماتها في مستشفيي كمال عدوان والعودة ضمن أسوأ حالات الطوارئ، ما يجعل حياة المواليد الجدد في الحاضنات والنساء اللواتي يعانين من مضاعفات الحمل على المحك، مع الخشية الكبيرة على حياة أكثر من 9 آلاف سيدة حامل في المناطق المحاصرة وذلك مع توقف العمل في مراكز الرعاية الصحية الأولية البالغ عددها 25 مركزاً في محافظة شمال غزة.4

يرى المركز أن ترك المنظومة الصحية في مناطق شمال قطاع غزة تواجه خطر الانهيار الكامل، وحصار منشآتها واستهدافها من قبل القوات المحتلة يعتبر بمثابة حكم بالإعدام على آلاف الجرحى والمرضى، يخالف الوانين الدولية والإنسانية، لذا فإن المركز:

  • يدعو المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، إلى اجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية، وارغامها على وقف هجومها العسكري، واتخاذ التدابير الواجبة لحماية المدنيين والمدنيات والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك التوقف عن استهداف المنشآت الطبية بشكل فوري.
  • يؤكد على ضرورة الضغط على قوات الاحتلال من أجل فتح مسارات متعددة لإخلاء المرضى والجرحى من ذوي الحالات الحرجة وإدخال الإمدادات بالغة الأهمية لسكان محافظة شمال قطاع غزة، وتأمين الاستجابة الإنسانية الآمنة لهم.
  • يدعو المنظمات الدولية العاملة في المجال الصحي وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية للتحلي بمسؤولياتها والضغط من أجل حماية المستشفيات واستمرار عملها في تقديم الخدمات الصحية في مناطق شمال قطاع غزة، وتقديم المساعدة والدعم الكامل لها.

  1. افادة حصل عليها باحث المركز عبر الهاتف بتاريخ19/10/2024م ↩︎
  2. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، آخر مستجدّات الحالة الإنسانية رقم 229، رابط إلكتروني:
    https://www.ochaopt.org/ar/content/humanitarian-situation-update-229-gaza-strip ↩︎
  3. افادة حصل عليها باحث المركز عبر الهاتف بتاريخ 17/10/2024م ↩︎
  4. وكالة الأمم المتحدة للصحة الإنجابية (UNFPA) ، تغريدة عبر منصة إكس، رابط إلكتروني: https://x.com/UNFPA/status/1844839922881982900 ↩︎