نوفمبر 14, 2011
التقرير الثاني حول: الانتهاكات الفلسطينية للحق في تكوين الجمعيات في السلطة الوطنية
مشاركة
التقرير الثاني حول: الانتهاكات الفلسطينية للحق في تكوين الجمعيات في السلطة الوطنية

 يولي المركز أهمية خاصة لتنمية الحقوق المدنية والسياسية، ضمن اهتمامه بمجمل أوضاع حقوق الإنسان في  الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.  ومن بين أهم الحقوق التي حرص المركز على تنميتها كان الحق في تكوين الجمعيات.  وتحظى مكانة الحق في تكوين الجمعيات في عمل المركز على حيز خاص، لأهميةودور المجتمع المدني بشكل عام، وأهميته ودوره الوطني التاريخي في خدمة المجتمع الفلسطيني وقضيته الوطنية.  فمن ناحية، لعبت منظمات المجتمع المدني، بما فيها المنظمات الأهلية دورا أساسيا في الحفاظ على الهوية الفلسطينية منذ نشأتها في العهد العثماني  حتى الآن، من خلال تأسيس جمعيات ذات صبغة وطنية تهدف إلى مقاومة الاحتلال شعبياً وتعزيز صمود الفلسطينيين اجتماعيا واقتصادياً.  فقد ساهمت منظمات المجتمع المدني في تعزيز عملية التنمية المجتمعية من خلال تقديم خدماتها الأساسية في المجالات الصحية والزراعية والإغاثية، وغيرها. كما ساهم قطاع العمل الأهلي بشكل كبير في لعب دور حيوي وفعال في عملية التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية.

 ولذا، فإن الحرص على أهمية وجود مجتمع مدني فعال ومستقل، هو الضمانة لوجود مجتمع ديمقراطي ونظام حكم ديمقراطي.  وهذا يتطلب أن تكون هناك تشريعات عصرية تتواءم مع المعايير الدولية وتكفل الحق في تكوين الجمعيات، لا أن يكون الهدف من سن تلك التشريعات هو احتواؤها والهيمنة عليها. 

 ومن بين ما يقوم به المركز في دعم الحق في تكوين الجمعيات، مراقبة الانتهاكات التي يتعرض لها الحق في تكوين الجمعيات في أراضي السلطة الوطنية، على مستوى الإجراءات والقرارات والتشريعات التي من شأنها فرض المزيد من القيود على الحق المكفول وفقا للقوانين المحلية والمعايير الدولية ذات العلاقة. ويمتلك المركز القدرة على التمييز بين الانتهاكات الفعلية التي تتعرض لها المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية من قبل الأجهزة الرسمية خلافا للقانون، وما بين الادعاءات بوقوع انتهاكات وفقاً لما يتبناه مسئولو تلك الجمعيات والمؤسسات.  كما يقدم المركز استشارات قانونية للمؤسسات ونشطاء المجتمع المدني بخصوص القوانين واللوائح الناظمة لعمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية، والطرق القانونية التي يجب إتباعها في مواجهة، أو انتزاع حقوقها في حال تعرضها لانتهاكات من قبل الجهات الرسمية.   ويشكل النشر أيضاً احد أهم الأدوات التي يستخدمها المركز في مواجهة انتهاكات الحق في تكوين الجمعيات من خلال كشف النقاب عنها، وتتم عبر إصدار الدوريات، والنشرات والتقارير الخاصة بانتهاكات الحق في
تكوين الجمعيات.

 يأتي هذا التقرير (وهو الثاني من نوعه) في ظل مراقبة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لحجم الانتهاكات التي تتعرض لها الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية المحلية[1]من انتهاكات متنوعة بأيدٍ فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، استمراراً للانتهاكات واسعة النطاق التي شهدتها الفترة منذ الانقسام الفلسطيني الداخلي، ما بعد منتصف يونيو 2007.

 يغطي التقرير الفترة بين نوفمبر 2009، وأكتوبر 2011، حيث سبق وأن أصدر المركز تقريره الأول حول انتهاكات الحق في تكوين الجمعيات في نوفمبر من العام 2009 ، غطى الفترة ما بين منتصف يونيو 2007 وحتى نهاية أكتوبر 2009. وينقسم هذا التقرير إلى عدة أجزاء بالإضافة إلى المقدمة، يتناول الجزء الأول منه الحق في تكوين الجمعيات وفقاً للمعايير الدولية ذات العلاقة.  ويتطرق الجزء الثاني منه إلى التشريعات المحلية التي تنظم عمل الجمعيات في ظل السلطة الوطنية، بما في ذلك القرارات والمراسيم التي صدرت في فترة الانقسام في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.  ويتناول الجزء الثالث من التقرير انتهاكات الحق في تكوين الجمعيات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي الجزء الأخير  يخلص التقرير إلى جملة من النتائج و التوصيات للحكومتين في كل من غزة ورام الله.

 وفي خضم إعداد هذا التقرير، كانت الأطراف الفلسطينية قد وقعت اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة بتاريخ 4 مايو 2011.  وكان من المتوقع أن تنعكس أجواء المصالحة إيجابا على حالة حقوق الإنسان في السلطة الوطنية الفلسطينية، وأن تنتهي حقبة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني أثرت على مجمل مناحي الحياة وطالت كل مكوناته.  كما كان من المؤمل أن تشهد المرحلة اللاحقة خطوات ايجابية لإعادة الاعتبار للجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية، بما في ذلك التراجع عن كافة الإجراءات والخطوات غير القانونية التي اقترفت ضد الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية خلال فترة الانقسام، وأهمها إعادة فتح جميع المؤسسات التي أغلقت على أبعاد وانتماءات سياسية، خلافاً للقانون، وإعادة النظر في كافة التشريعات والقرارات الوزارية التي تفرض المزيد من القيود على عمل تلك الجمعيات.  غير أن الانتهاكات بحق الجمعيات تواصلت، بما في ذلك فرض المزيد من القيود القانونية والتشريعات التي من شأنها المس بمؤسسات المجتمع المدني وتقويض أسسه وتهديد استقلاليتهن وهو ما سيتم
التعرض له بنوع من التفصيل في سياق هذا التقرير.

 الحق في تكوين الجمعيات وفق المعايير الدولية

 إن الحق في تكوين الجمعيات والانتماء إليها هو حق أساسي يتعين أن يكفله القانون ويتمتعبه الأفراد من أجل تأسيس نظام حكم ديمقراطي. وهذا الحق يعني قدرة مجموعة من الأفراد على تكوين جمعيات بأشكالها المختلفة، والقدرة على الانضمام إليها، من أجل تحقيق وحماية مصالح عامة أو خاصة.  

 وقد أولت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان اهتماماً كبيراً بالحق في تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات بصفته جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان. فقد نصت المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[2] على:

  1: لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.”

2: لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلي جمعية ما.

 وبين ما تنص عليه المادة (23-4) من الإعلان نفسه، أن:”لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.”


[1] لا يندرج في إطار هذا التقرير الانتهاكات التي تواجه المنظمات
والمؤسسات الدولية في الأراضي المحتلة، بما فيها الإجراءات الإدارية التي اتخذتها
وزارة الداخلية في غزة مؤخراً تجاه تلك المنظمات.
وهي بحاجة إلى تقرير منفصل يتناول ابرز تلك الانتهاكات.

[2]  اعتمد وصدر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة
في 10 كانون أول/ ديسمبر 1948.