مع دخول الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، شهره العاشر على التوالي، كثفت قوات الاحتلال قصفها عبر الجو والبر والبحر، وأصدرت أوامر تهجير جديدة، وعادت لتنفذ هجمات برية في مدينة غزة، مع استمرارها في قصف المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها دون إنذار مسبق وقتل وإصابة من فيها، وتدمير مقومات الحياة، في إمعان على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وتمكن باحثونا من توثيق عدد من الجرائم والانتهاكات الخطيرة خلال المدة من 4 – 8 يوليو/تموز الجاري، على النحو الآتي:
الاثنين 8 يوليو/تموز 2024
نفذت قوات الاحتلال فجر اليوم، أحزمة نارية وقصفًا عنيفًا تجاه أحياء متفرقة من مدينة غزة، وخلال ذلك نفذت هجومًا بريًّا تقدمت خلاله آليات الاحتلال قرب مقر الصناعة ومحيط الجامعات وسط حركة نزوح كبيرة للسكان والنازحين غرب مدينة غزة. وجاء هذه الهجوم البري، بعد ساعات من نزوح الآلاف من منطقة حي الدرج والتفاح والبلدة القديمة إلى غرب المدينة بعد إصدار قوات الاحتلال أوامر تهجير لهم. وخرج السكان والنازحون إلى الشوارع في ساعات الفجر للفرار دون أن يعرفوا إلى أين يتوجهون مع انعدام البدائل بسبب تكرار النزوح، في وقت حلقت فيه طائرات كواد كابتر إسرائيلية وأطلقت النار عشوائيا، فيما حوصر الآلاف بالمنازل ومراكز الإيواء وسط القصف العنيف.
الأحد 7 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 4:20 فجرًا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة أبو حصيرة غرب مدينة غزة. أسفر ذلك عن استشهاد 3 من سكانه إلى جانب إصابة وفقدان آخرين تحت الأنقاض.
وفي حوالي الساعة 7:00 مساءً، قصفت قوات الاحتلال مدرسة تأوي نازحين في ساحة الشوا في منطقة الدرج في مدينة غزة. أسفر ذلك عن استشهاد عدد من النازحين فيها، وإصابة آخرين بجروح. وكان من بين المصابين الباحثة المتطوعة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحامية زينب الخالدي، والتي أصيبت بشظايا في القدمين.
وبعد ظهر اليوم، أصدر الاحتلال أوامر تهجير جديدة، استهدفت السكان والنازحين المتواجدين في أحياء التفاح، البلدة القديمة، والدرج، شرق مدينة غزة، وطلب منهم التوجه بشكل فوري إلى مراكز الإيواء غرب المدينة. ونجم عن ذلك حركة نزوح كبيرة باتجاه غرب غزة، بما في ذلك إخلاء المستشفى المعمداني وخروجه عن الخدمة، وبذلك لم يعد هناك أي خدمات صحية في مدينة غزة.
وفي حوالي الساعة 2:10 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال مدرسة “العائلة المقدسة” التي تأوي نازحين غرب مدينة غزة، أسفر ذلك عن خمسة شهداء، وعدد من الإصابات. عرف من الشهداء، إيهاب الغصين، وكيل وزارة العمل في غزة.
في حوالي الساعة 10:40 ليلاً، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة الهجين في جباليا النزلة شمال غزة، على رؤوس ساكنيه، ما أدى إلى استشهاد 10 منهم وإصابة وفقدان آخرين تحت الأنقاض.
السبت 6 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 11:00 صباحا، قصفت طائرة إسرائيلية مسيرة دورية راجلة للشرطة قرب شارع المحررات شمال غرب مدينة رفح، ما أدي إلى استشهاد 4 منهم، وإصابة 16 آخرين، بينهم 8 من المدنيين.
وفي صباح اليوم نفسه، أطلقت طائرة مسيرة للاحتلال صاروخاً تجاه مجموعة من العمال أثناء الإفراج عنهم، وذلك بعد أربعة أيام من احتجازهم، وتعريضهم للتعذيب. أسفر ذلك عن استشهاد عدد منهم، وتمكن جزء آخر منهم من الفرار والإبلاغ بما حدث. وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلتهم يوم الخميس الماضي الموافق 4 يوليو/ تموز، من شرق رفح، بينما كانوا يعملون على تأمين شاحنات البضائع القادمة من معبر كرم أبو سالم.
وأفاد أحد المفرج عنهم بعد وصوله إلى مستشفى ناصر في خانيونس، أن الجيش الإسرائيلي اعتقله قبل عدة أيام مع حوالي 15 شخصًا من العاملين في تأمين الشاحنات القادمة من معبر كرم أبو سالم شرق رفح، وذلك بعد ملاحقتهم في منطقة المطار شرق رفح، وجرى اقتيادهم إلى أحد مواقع جيش الاحتلال والتحقيق معهم وتعريضهم للتعذيب والتنكيل، وفي هذا اليوم جرى الإفراج عنهم من شرق رفح. وبعد مشيهم مئات الأمتار أطلقت طائرة مسيرة صاروخاً تجاههم، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم، وتمكن هو من الفرار والوصول للمستشفى لإجراء الفحوص.
وفي حوالي الساعة 10:00 صباح اليوم التالي، وصل إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس 3 شهداء وهم: كامل إيهاب مجدي غباين، ومحمد عوض رمضان عوض، وشقيقه رمضان وشوهدت بقايا قيود بلاستيكية في يدي أحدهم. وذكرت المصادر الطبية أن الفحص الطبي للضحايا أظهر وجود آثار شظايا في أنحاء أجسادهم. وفي مقابلة مصورة أجراها صحفيون في مجمع ناصر الطبي مع عبد الهادي مجدي غباين من بيت لاهيا، ذكر أنه توجه عبر شاحنة إلى قرب معبر كرم أبو سالم في بلدة الشوكة شرق رفح لانتشال ابن شقيقه كامل إيهاب غباين بعد وصول معلومات له أنه ملقى في المكان المذكور، وذلك بعد اعتقاله من قوات الاحتلال مع عمال نقل آخرين يعملون في تأمين شاحنات البضائع ونقلها، مساء يوم الخميس، 4 يوليو/تموز 2024. وذكر أنه عندما وصل شاهد 3 عمال أحدهم ابن شقيقه، وأثناء قيامه بنقلهم إلى الشاحنة تعرض للقصف وإطلاق النار من قوات الاحتلال، وبالرغم من ذلك تمكن من نقلهم الى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس ولاحظ أن أيديهم مقيدة بقيود بلاستيكية وشاهد آثار تعرضهم لإطلاق النار والقصف من قوات الاحتلال.
في حوالي الساعة 6:50 مساء يوم السبت، قصفت طائرات الاحتلال بركساً وغرفة متنقلة “كونتينر” وغرفة مقصف ومصلى في الناحية الشمالية الشرقية من مدرسة بنات النصيرات الاعدادية “أ” في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، التي تأوي نازحين/ات. أسفر ذلك عن استشهاد 19 شخصًا، بينهم 5 أطفال وسيدة. وصل 16 منهم لمستشفى العودة و3 وصلوا لمستشفى شهداء الأقصى. كما أصيب حوالي 81 غالبيتهم من النساء والأطفال.
يذكر أن المدرسة تعد من أهم مراكز الإيواء بالمخيم وتقع في منطقة مكتظة جداً بالمواطنين، وتأوي آلاف النازحين/ات. كما أن المنطقة التي تقع فيها المدرسة هي منطقة السوق المركزي للمخيم.
في حوالي الساعة 10:45 ليلاً، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة “سحويل” في منطقة الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة على رؤوس ساكنيه. أسفر ذلك عن استشهاد ثلاثة منهم وإصابة 15 آخرين بجروح.
في حوالي الساعة 11:45 ليلاً، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة جوادة في بلدة الزوايدة بالمحافظة الوسطى، على رؤوس ساكنيه، ما أدى إلى تدمير المنزل واستشهاد 7 من سكانه، بينهم سيدتان و3 أطفال.
الجمعة 5 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 3:50 فجرًا، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة رضوان في بني سهيلا شرقي خان يونس، ما أدى إلى استشهاد أحد سكان المنزل وإصابة زوجته.
في حوالي الساعة 5:00 مساءً، قصفت طائرة مسيرة للاحتلال محل بقالة في منزل لعائلة أبو مصطفى بمنطقة معن شرقي مدينة خان يونس. أسفر ذلك عن استشهاد 6 من السكان، بينهم 3 أطفال، نقلوا لمستشفى ناصر في خانيونس.
في حوالي الساعة 9:00 مساءً، قصف الطيران الحربي الاسرائيلي منزل موسى الخطيب في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، ما أدى لتدمير المنزل المكون من طابقين، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق، واستشهاد 6 منهم 5 أطفال، هم أب وأربعة من أطفاله وابن عمهم.
في حوالي الساعة 9:30 مساءً، قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية محيط مخازن الأونروا الواقعة على شارع صلاح الدين قرب مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى، ما أدى إلى استشهاد 3 أشخاص، من ضمنهم عاملان على بند البطالة في الأونروا.
في التوقيت نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة أبو شعر في منطقة النفق وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد طفلين.
الخميس 4 يوليو/تموز 2024
في حوالي الساعة 11:50 صباحًا، قصفت طائرات الاحتلال شوارع ومرافق عامة ومنازل سكنية بالقرب من مدرسة الزهراء وسوق الذهب وحمام السمرة، في أحياء غزة القديمة. أسفر القصف عن استشهاد امرأة وطفل وإصابة العديد من المدنيين، وإلحاق دمار واسع في المنطقة.
في حوالي الساعة 12:30 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال مدرسة “موسى بن نصير” في منطقة الدرج في مدينة غزة، التي تأوي نازحين/ات. أسفر ذلك عن استشهاد 5 من السكان وإصابة 15 آخرين بجروح. وأظهر مقطع فيديو عددًا من جثامين الشهداء والمصابين داخل وقرب بوابة المدرسة.
في حوالي الساعة 6:40 مساءً، قصفت طائرة مسيرة للاحتلال مجموعة من السكان في منطقة الشيخ ناصر في خانيونس. أسفر ذلك عن استشهاد اثنين منهم بعد تحولهما لأشلاء، وإصابة ثالث بجروح.
في حوالي الساعة 11:30 ليلاً، قصفت طائرات الاحتلال الاسرائيلي منزلا لعائلة خضر في جباليا البلد، شمال غزة، على رؤوس ساكنيه، ما أدى إلى استشهاد خمسة من سكانه هم أسرة واحدة، تضم زوجين، وثلاثة من أبنائهما منهم طفلة. كما أصيب 10 آخرون بجروح.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات جراء النزوح المتكرر وانعدام مقومات الحياة والتوقف شبه التام لإدخال المساعدات وانهيار النظام الصحي. وتشتد وتيرة المجاعة في شمال قطاع غزة، حيث يعاني عشرات الآلاف من السكان والنازحين من الجوع نتيجة عدم توزيع أي مساعدات وعدم توفر أي بضائع وكذلك عدم وجود مياه صحية.
وترى مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، أن استمرار إسرائيل في عدوانها وتجاهلها المطالبات بوقف الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب ونتيجة الحصانة التي توفرها بعض دول العالم الغربي المتواطئة في الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر إلى جانب الدعم السياسي.
نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وندعو المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في تحقيقاتها وإصدار مذكرات اعتقال بحق الضالعين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأخطر جريمة الإبادة الجماعية.
كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
نسخة تجريبية