سبتمبر 27, 2002
اغتيال الفلسطينيين … سياسة رسمية معلنة
مشاركة
اغتيال الفلسطينيين … سياسة رسمية معلنة

تقرير حول أعمال الإعدام خارج نطاق القانون التي اقترفتها قوات الاحتلال

بحق الفلسطينيين خلال الفترة بين 01/05/2002 – 28/09/2002

حقائـــق:-

           قوات الاحتلال تقترف 91 جريمة اغتيال سياسي منذ بدء الانتفاضة.

        استشهاد 166 مواطناً فلسطينياً، وإصابة 253 آخرين في تلك الجرائم.

        بين الضحايا 61 فلسطينياً ممن صادف وجودهم في مكان وقوع الجريمة.

        24 طفلاً في صفوف الضحايا، أحدهم يبلغ من العمر شهران.

مقدمــــة

هذا هو التقرير الرابع من نوعه، الذي يصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حول جرائم الاغتيال السياسي وأعمال القتل خارج نطاق القانون والتصفية الجسديـة التي تقترفها قوات الاحتلال بحق الناشطين الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى.  ويغطي هذا التقرير، الفترة بين 1/5 –28/9/2002.  وكان المركز قد أصدر، في وقت سابق، ثلاثة تقارير،[1] حول تلك الجرائم.  غطى التقرير الأول، الفترة بين 29/9/2000-28/4/2001، ووثّق خلالها 13 جريمة اغتيال سياسي، راح ضحيتها 19 فلسطينياً، بينهم 13 مستهدفاً من قبل قوات الاحتلال، إلى جانب 6 فلسطينيين غير مستهدفين، كانوا يتواجدون في مكان وقوع الجريمة.  وغطى التقرير الثاني، الفترة بين 29/4/2001 –28/9/2001، ووثق خلالها 26 جريمة اغتيال، طالت 34 فلسطينياً، بينهم 22 مستهدفاً، إلى جانب 12 فلسطينياً غير مستهدفين، بينهم أطفال كانوا يتواجدون في موقع الجريمة.  أما التقرير الثالث، فقد غطى الفترة بين 29/9/2001- 30/4/2002، وقد وثق المركز خلالها 30 جريمة اغتيال، طالت 58 فلسطينياً، بينهم 42 مستهدفاً، إلى جانب 16 آخرين غير مستهدفين، بينهم 8 أطفال، كانوا يتواجدون في مكان وقوع الجريمة.

وخلال الفترة قيد البحث، بين 1/5-28/9/2002، اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 20 جريمة اغتيال[2] بحق الناشطين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلـة، أدت إلى استشهاد 55 فلسطينياً، بينهم 28 مستهدفاً، إلى جانب 27 آخرين غير مستهدفين كانوا متواجدين مصادفة في لحظة وقوع الجريمة، منهم 14 طفلاً، أصغرهم رضيعة لم تتجاوز الشهر الثاني من عمرها.  ومن بين الـ 27 غير مستهدفين، استشهد كهلان تجاوز عمراهما السبعين، إلى جانب استشهاد 4 نساء.  كما أدت هذه الجرائم إلى إصابة 141 شخصاً،بينهم مستهدفان، إلى جانب 139 آخرين غير مستهدفين كانوا متواجدين مصادفة في المكان لحظة وقوع الجريمة، بينهم عدد من الأطفال والشيوخ والنساء، بعضهم أصيب بجراح بالغة، أدت أحياناً إلى إحداث إعاقات دائمة.[3] 

 ويتزامن هذا التقرير مع ذكرى مرور عامين على انطلاق انتفاضة الأقصى في الأراضي المحتلة.  وقد بلغ مجمل جرائم الاغتيال السياسي التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق قادة سياسيين وناشطين فلسطينيين، 91 جريمة منذ بدء الانتفاضة في 28/9/2000، وحتى 28/9/2002، راح ضحيتها 166 مواطناً فلسطينياً، بينهم 105 من المستهدفين.  وسقط في هذه الجرائم 61 مواطناً آخرين غير مستهدفين تواجدوا مصادفة في مكان الجريمة، بينهم 24 طفلاً، و7 نساء، و8 أشخاص من كبار السن.   كما بلغ عدد المصابين في تلك الجرائم 253 مواطناً، بينهم 19 مستهدفاً، إلى جانب 234 غير مستهدفين، تواجدوا مصادفة في مكان وقوع الجريمة، تراوحت إصاباتهم بين متوسطة وخطيرة.  وقد اقترفت قوات الاحتلال غالبية تلك الجرائم في الضفة الغربية، حيث بلغت حصيلتها 77 جريمة، أدت إلى استشهاد 121 فلسطينياً، بينهم 84 مستهدف، إلى جانب 37 آخرين ممن تواجدوا مصادفة في المكان لحظة وقوع الجريمة.  كما أصيب في تلك الجرائم 104 أشخاص.  أما في قطاع غزة، فقد اقترفت قوات الاحتلال 14 جريمة اغتيال، أدت إلى استشهاد 45 مواطناً فلسطينياً، بينهم 21 مستهدفاً، إلى جانب 24 آخرين ممن تواجدوا مصادفة لحظة وقوع الجريمة.  كما أصيب في تلك الجرائم 149 مواطناً، بينهم ثلاثة مستهدفين فقط.

ومن الواضح أن جرائم الاغتيالات التي تنتهجها قوات الاحتلال في تصاعد مستمر، فخلال العام الأول من عمر الانتفاضة، خلال الفترة بين 28/9/2000-28/9/2001، اقترفت تلك القوات 41 جريمة اغتيال، راح ضحيتها 53 شهيداً، بينهم 35 مستهدفاً، إلى جانب 18 آخرين ممن تواجدوا مصادفة في مكان وقوع الجريمة.  كما أصيب في تلك الجرائم، خلال نفس العام، 65 فلسطينياً، بينهم 13 مستهدفاً، إلى جانب 52 آخرين تواجدوا مصادفة في مكان وقوع الجريمة.  أما العام الثاني من 29/9/2001-28/9/2002، فقد شهد ارتفاعا ملحوظا في حجم العمليات ونتائجها.  فقد بلغ عدد الجرائم المرتكبة في العام الثاني، 50 جريمة اغتيال، راح ضحيتها 113 شهيداً، بينهم 70 مستهدف، إلى جانب 43 آخرين تواجدوا مصادفة في مكان وقوع الجريمة.  كما أصيب في تلك الجرائم، في نفس العام، 188 مواطناً، بينهم 6 مستهدفين، إلى جانب 182 أصيبوا أثناء تواجدهم لحظة وقوع الجريمة.

وقد شجع صمت المجتمع الدولي على ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي لمزيد من الجرائم خلال العام الثاني من الانتفاضة.  وقد بدا هذا واضحاً من خلال استهتارها بأرواح المدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال منهم، أثناء اقترافها لجرائم الاغتيال.  كما شهدت الفترة قيد البحث تطوراً نوعياً في جرائم الاغتيال التي تقترفها قوات الاحتلال بحق الناشطين الفلسطينيين.  وتمثل هذا التطور في استخدام أساليب جديدة في جرائم الاغتيال المرتكبة.  فقد استخدمت قوات الاحتلال للمرة الأولى طائرات (أف 16) المقاتلة في اغتيال المطلوبين الفلسطينيين وهم داخل بيوتهم، وسط الأماكن المكتظة بالسكان محدثة أكبر قدر من الخسائر في أرواح المدنيين وممتلكاتهم.  وكانت قوات الاحتلال قد استخدمت هذا النوع من الطائرات في قصف المنشآت الفلسطينية أكثر من مرة خلال انتفاضة الأقصى الأمر الذي أحدث أضرارا كبيرة في أرواح وممتلكات المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.[4] وقد اقترفت قوات الاحتلال خلال الفترة ذاتها، جريمتي اغتيال بحق ناشطين فلسطينيين في قطاع غزة.  الجريمة الأولى اقترفت بتاريخ 14/7/2002، عندما أطلقت طائرات حربية مقاتلة من نوع اف 16، قذائفها الصاروخية على منزل المواطن عبد الرحمن يوسف عبد الوهاب، الكائن في مدينة خان يونس، بهدف اغتيال ابنه يوسف، 24 عاما، المطلوب لقوات الاحتلال على خلفية اتهامه بمقاومة الاحتلال.  وقد كان في المنزل لحظة القصف يوسف وأربعة من رفاقه، غير أن الصاروخ الأول أخطأ الهدف، الأمر الذي مكنهم من الهرب.  وقد أدى القصف إلى تدمير المنزل بشكل كامل ومنزل آخر مجاور له.  كما أصيبت جراء الجريمة امرأة حامل بانهيار عصبي جراء سقوطها على الأرض، وأصيب طفلها البالغ من العمر عامين بجروح في كلتا يديه.  وقد استطاع عبد الوهاب وأربعة من رفاقه كانوا يتواجدوا قبيل القصف بلحظات مغادرة المنزل ولم يلحق بهم أذى.  وفي جريمة أخرى هي الأبشع من نوعها، أطلقت طائرات حربية من نوع أف 16، بتاريخ 22/7/2002، قذيفة صاروخية تزن 1000 كجم، على منزل الشيخ صلاح شحادة، الذي تتهمه قوات الاحتلال بقيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية –حماس، والذي تضعه إسرائيل على لائحة المطلوبين لها، مما أدى إلى تدمير المنزل كلياً وتسويته بالأرض، واستشهاد 16 مدنياً، بينهم 8 أطفال، وسيدتان وأطفالهما الخمسة، وكهلين، والشيخ صلاح شحادة وزوجته وابنته ومرافقه.  وأصيب في الجريمة 77 فلسطينياً، بين جراح متوسطة وخطيرة، أحدهم أصيب بإعاقة دائمة في عينه.  كما أدى القصف إلى إحداث دماراً هائلاً في المنازل السكنية المجاورة، حيث هدمت ثلاثة منازل بشكل كلي، و8 منازل أخرى، أصيبت بأضرار جسيمة، و32 منزل آخر أصيب بأضرار جزئية نتيجة تطاير شظايا القذيفة.  من ناحية أخرى، شهدت الفترة قيد البحث تطوراً نوعياً آخر، تمثل في إقدام قوات الاحتلال على هدم البيت الذي يتواجد بداخل المطلوب لقواتها، على من بداخله.  وفي هذا السياق، اقترفت قوات الاحتلال بتاريخ 14/8/2002، جريمة اغتيال بحق المواطن نصر جرار، 41 عاما، من جنين.  وكانت قوات معززة من قوات الاحتلال قد حاصرت البين الذي يختبئ بداخله في طوباس، قضاء جنين، واشتبكت معه، وعلى الفور قامت جرافات عسكرية بهدم البيت عليه، مما أدى إلى استشهاده.  الجدير بالذكر أن جرار كان يعاني من إعاقة جسدية[5] في يده وقدمه.

ووفقا لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن ما نسبته 38% من عدد الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا نتيجة جرائم الاغتيال التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي  منذ بداية الانتفاضة، هم ضحايا “هامش الخطأ” الذي ترتكبه تلك القوات أثناء اقترافها لجرائم الاغتيال، 38% منهم من الأطفال.  كما أن نسبة الأشخاص غير المستهدفين الذين أصيبوا أثناء اقتراف جرائم الاغتيال تصل إلى 93% من عدد المصابين الإجمالي، والذي يصل إلى 253 شخص.  وتفند هذه الحقائق الادعاءات الإسرائيلية حول دقة تنفيذ جرائم الاغتيال وتحديد الأهداف، عبر تقنيات متطورة، مع إمكانية المساس بعدد محدود من “المدنيين” الفلسطينيين.  إذ أن هذه النسب مرتفعة جداً بين الضحايا التي تسميهم قوات الاحتلال “المدنيين الأبرياء” من القتلى والجرحى على حد سواء، بل وتؤكد على عدم اكتراثها لوجود غير مستهدفين أثناء اقترافها لجرائم الاغتيال، وإن كان ذلك على حسابهم جميعاً، كما حدث في جريمة اغتيال صلاح شحادة.

وتؤكد جرائم الاغتيالات التي تقترفها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين رغبة قوية في ممارسة أشد العقوبات والتنكيل بالضحية، بعكس ما تزعمه هذه القـوات بأن ممارستها لهذه الجرائم يأتي في سياق الدفاع عن النفس.   فقد أقدمت قوات الاحتلال بتاريخ 18/6/2002، على إعدام الشاب يوسف بشارات، 21 عاماً، من طمون قضاء جنين، بعد اعتقاله على حاجز لقواتها العسكرية في الخليل، أمام أعين الناس.  كما قامت بتاريخ 12/8/2002، بتصفية الشاب غزال فريحات، 21 عاماً، من اليامون، بعد اقتحام منزله وإخراجه منه واعتقاله، ومن ثم أطلقت النار عليه من مسافة قصيرة مدعية أنه حاول الهرب. وفي جريمة مماثلة، أطلقت قوات الاحتلال بتاريخ 2/8/2002، النار على المواطن أمجد جبور، 35 عاماً، من سالم قضاء نابلس، بعد أن اعتقلته من منزله وسارت به مسافة قصيرة عن البيت.  وفي جريمة أخرى، وقعت بتاريخ 14/5/2002، ترك جنود الاحتلال جريح ينزف حتى الموت، بعد أن أطلقت النار عليه وعلى زميل له استشهد على الفور.  وكان أفراد من الوحدات الخاصة قد حاصرت موقع المخابرات في حلحول وأطلقت النار على المقدم خالد أبو الخيران، 38 عاماً، من مخيم الفوار، والملازم أحمد عبد العزيز زماعرة، 26 عاماً، من حلحول، المطلوبان لقوات الاحتلال، لدى محاولتهما الهرب بسيارتهما.[6] وقد كان بإمكان قوات الاحتلال تحويل المتهمين إلى التحقيق وتقديمهم للمحاكمة في حالة ثبوت التهم المنسوبة إليهم، لكنها ارتأت إعدامهم خارج نطاق القانون في تحدٍ سفر لمعايير القانون الدولي.

وفي جريمة أخرى تعكس روح الانتقام والوحشية لدى قوات الاحتلال، أقدم جنود الاحتلال على تصفية الشاب محمد طه غنام، 21 عاماً، من رام الله، بعد محاصرة منزله وإطلاق النار عليه.  ولم يكتفوا بذلك، بل صعدوا للطابق الذي تواجد فيه وقاموا بضربه بآلات حادة ومزقوا جسده، ومن ثم ألقوا به من الطابق الثاني.

وتتميز الفترة قيد البحث بالاستهتار الواضح لدى قوات الاحتلال بحياة المدنيين الفلسطينيين، من خلال استخدامهم كدروع بشرية في عمليات الاقتحام والاغتيال التي تقترفها بحق الناشطين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.  وتعمد قوات الاحتلال لإجبار أحد المواطنين للسير أمامها في عملية اقتحام مخبأ المطلوب، أو إجباره على التوجه بمفرده لمخبأ المطلوب والطلب منه بتسليم نفسه على الرغم من علم قوات الاحتلال المسبق بعدم وجود علاقة بين الدرع البشري والمطلوب، اللهم إلا كونه يقطن بالقرب من المخبأ، وعلمهم أيضاً بوجود خطر كبير على حياة المواطنين التي تستخدمهم كدروع بشرية.  وفي هذا السياق، فقد قامت قوات الاحتلال بانتهاج هذا الأسلوب في الآونة الأخيرة.  فبتاريخ 2/8/2002، أمر جنود الاحتلال المواطن رضا اشتية، من قرية سالم، بالدخول لمنزل يتواجد به المطلوب أمجد جبور، بعد محاصرته، وإجباره على الخروج رافعاً يديه وعارياً من فوق.  وبالفعل امتثل جبور للأمر، وقامت قوات الاحتلال باعتقاله، ومن ثم أطلقت النار عليه بعد مسافة قصيرة.  وفي جريمة مماثلة، أودت بحياة أحد الدروع البشرية، أجبرت قوات الاحتلال الشاب نضال أبو محسن، من لبس درع بشري وأتبعته بكلب بوليسي، بعد أن طوقت أحد المنازل في طوباس.  وأجبرت أبو محسن على السير باتجاه المنزل المستهدف وحث نصر جرار المطلوب لقوات الاحتلال بالخروج مستسلماً، غير أن اشتباكا وقع بين جنود الاحتلال وجرار، قامت على إثره جرافات الاحتلال بهدم المنزل على جرار.  وفي ساعات الليل سلمت قوات الاحتلال جثمان الشاب أبو محسن لذويه مدعيةً بأن جرار أطلق النار عليه لدى اقترابه من المنزل.

سياسة رسمية معلنة من قبل الحكومة

تنفذ قوات الاحتلال جرائم الاغتيال بحق الناشطين الميدانيين من كافة التنظيمات، ممن تتهمهم بالضلوع في التخطيط أو التنفيذ لعمليات معادية لها في الأراضي المحتلة، وداخل إسرائيل.  وفي تطور نوعي، طالت هذه الجرائم المستوى السياسي في هذه التنظيمات، وأحياناً وصلت إلى قمة الهرم السياسي في بعض التنظيمات.  وفي جميع الأحيان، لا تقدم قوات الاحتلال دليل إدانة لهؤلاء الضحايا، حيث ينفذ حكم الإعدام ميدانياً.  وفي كثير من الأحيان، كان بإمكان قوات الاحتلال اعتقال الشخص المطلوب وتقديمه إلى محاكمة عادلة في حالة ثبوت التهم المنسوبة إليه.

وتحظى جرائم الاغتيالات بحق الفلسطينيين بمباركة أعلى المستويات السياسية الإسرائيلية، على مستوى رئيس الحكومة، وبتغطية قضائية من أعلى هيئة قضائية إسرائيلية، وهي محكمة العدل العليا.   ففي تعقيبه على جريمة اغتيال صلاح شحادة، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي ، أريئيل، في افتتاح جلسة الحكومة الأسبوعية ” ضربنا أكبر ناشط في حركة حماس، الشخص الذي أعاد تنظيم حركة حماس في الضفة الغربية من جديد، إضافة إلى النشاطات التي نفذها في قطاع غزة. لم ننو المس بالمدنيين إطلاقاً ونأسف…”[7] واعتبر الوزير في الحكومة الإسرائيلية، روبي ريبلين، أن العملية كانت مبررة، حتى لو لوم يكن من الواضح تماماً وجود مدنيين إلى جانب شحادة.

وقد اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائم الاغتيال بحق الكوادر من مختلف التنظيمات الفلسطينية المقاومة خلال الفترة قيد البحث، مستخدمة الأساليب المعتادة في تنفيذها لهذه الجرائم، مضيفة لها أسلوب جديد وهو قصف أماكن المطلوبين بطائرات حربية من نوع أف 16. وقد انحصرت هذه الأساليب في:

1)         إطلاق النار على الضحية من قبل الوحدات الخاصة لقوات الاحتلال، أو من داخل المواقع العسكرية، أو على الحواجز العسكرية.

2)         إطلاق القذائف المدفعية على الضحية من خلال دبابة.

3)         إطلاق القذائف الصاروخية على المنزل أو السيارة التي يتواجد بها الضحية من خلال طائرات مروحية (أباتشي).

4)         إطلاق القذائف الصاروخية على المنزل الذي يتواجد به الضحية من خلال طائرات حربية من نوع أف 16.

5)         وضع العبوات الناسفة في سيارة المستهدف وتفجيرها بتحكم عن بعد.

6)         هدم البيت الذي يتواجد بداخله المستهدف. 

أعمال غير قانونيـــة

تشكل عمليات التصفية والإعدام خارج نطاق القانون التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي، انتهاكا صارخا لمعايير القانون الدولي الإنساني التي تؤكد على الحق في الحياة كأحد الحقوق الأساسية للإنسان.   فقد نصت المادة (3) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب على أنه “تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين (المحميين) وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن: 1 (أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية والتعذيب.” كما تؤكد المادة (27 ) من الاتفاقية أن “للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم.  ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير….” وتحظر المادة (32) من ذات الاتفاقية ” صراحة جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها.  ولا يقتصر هذا الحظر على القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه والتجارب الطبية والعلمية التي لا تقتضيها المعالجة الطبية للشخص المحمي وحسب، ولكنه يشمل أيضاً أي أعمال وحشية أخرى، سواء قام بها وكلاء مدنيون أو وكلاء عسكريون.  وتؤكد المادة (146) من الاتفاقية على أنه “لكل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو الأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة، أياً كانت جنسيتهم.  وله أيضاً، إذا فضل ذلك، وطبقا لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلى طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم ما دامت تتوفر لدى الطرف المذكور أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص.”  وتوضح المادة (147) من الاتفاقية ماهية المخالفات الجسيمة التي أشارت إليها المادة السابقة، بأنها تتضمن “أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، ….”.

وتنص المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.”  وتؤكد المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان.  وعلى القانون أن يحمي هذا الحق.  ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.” ونصت المادة الرابعة من العهد ذاته على أنه “لا يجوز الانتقاص من حق الحياة حتى “في أوقات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة.”

ويعتبر ميثاق روما هذه الأعمال بمثابة جريمة حرب.  ويعرف النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، “جرائم الحرب” ب (أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/ أغسطس 1949، أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة: (1) القتل العمد….(ب-4) تعمد شن هجوم مع العالم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية….(6) قتل أو جرح مقاتل استسلم مختاراً، يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع… (ج-4) إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلاً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً بأنه لا غنى عنها…(ه-و) قتل أحد المقاتلين من العدو أو إصابته غدراً…”[8] ويعتبر خبراء القانون الدولي بأن ميثاق روما ملزم لجميع الأطراف بالرغم من عدم المصادقة عليه.  ولذا، فإنه في هذه الحالة ينطبق على دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وتحظر مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالوقاية الفعالة عمليات الإعدام خارج نطاق القانون تحت أي ظروف، حتى زمن الحرب.  وحسب المبدأ الأول ” يجب على الحكومات أن تحظر قانونيا جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والتعسفية بإجراءات موجزة، وأن تضمن اعتبار أي عمليات إعدام كهذه جرائم حرب بموجب قوانينها الجنائية، وأن يعاقب عليها بالعقوبات المناسبة التي تأخذ بعين الاعتبار مدى خطورة هذه الجرائم.  ولا يجوز التذرع بالظروف الاستثنائية، بما فيها حالة الحرب أو التهديد بها أو الاضطرابات السياسية الداخلية أو أي حالة طوارئ أخرى كمبرر لتنفيذ عمليات الإعدام هذه.”

وفي تقريره حول أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة على أن عمليات الاغتيال الانتقائية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق المدنيين تشكل “انتهاكا فاضحا للمادتين 27، 32 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد على حماية المدنيين وقت الحرب.”[9] كما أكد على انتهاكهم لقواعد حقوق الإنسان التي تؤكد على الحق في الحياة وتحرم إعدام مدنيين دون محاكمة عادلة.  من ناحية أخرى، أشار إلى عدم وجود أي أساس قانوني لقتل أشخاص محميين بموجب الاتفاقية استنادا على شكوك بأنهم سوف يشاركوا أو شاركوا في نشاطات إرهابية.  إضافة لذلك هنالك العديد من المدنيين الغير مشكوك بقيامهم بأية نشاطات غير قانونية قتلوا في عمليات الاغتيال أو التفجير في المدن والقرى أو في تبادل إطلاق نار في ظروف تشير إلى الاستخدام العشوائي والغير متناسب للقوة.