تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات، استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية على المستشفيات والأحياء المعلنة كمناطق آمنة في قطاع غزة، مع دخول العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 170 على التوالي، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي ضد الفلسطينيين والفلسطينيات.
ووفق متابعة باحثينا، ففي فجر اليوم الأحد 24 مارس/آذار، وتحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي المكثف عادت قوات الاحتلال الإسرائيلي لتنفذ هجومًا بريًّا في مخيم خانيونس وحي الأمل، وحاصرت مستشفى ناصر ومستشفى الأمل وشرعت بأعمال تجريف في المنطقة.
وجراء إطلاق النار من قوات الاحتلال استشهد أمير صبحي أبو عيشة، أحد العاملين في غرفة عمليات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني أثناء عمله في مستشفى الأمل في خانيونس، وأصيب موظف آخر بعيار ناري في رأسه. كما استشهد أحد النازحين داخل المستشفى، في حين استشهد الطفل يزن أحمد الصوفي (عامان) جراء إطلاق النار العشوائي من قوات الاحتلال، وذلك أثناء تواجده في خيام النازحين في منطقة المواصي غربي خانيونس.
يذكر أن قوات الاحتلال سبق أن اقتحمت مستشفى ناصر ومستشفى الأمل، وأعلنت في 25 فبراير/شباط الماضي، انتهاء هجومها العسكري في مستشفى ناصر، بعد استمراره 15 يومًا، حيث أخلت آلاف النازحين والنازحات والمرضى والمصابين واعتقلت العشرات منهم ومن الطواقم الطبية، ودمرت العديد من منشآت المستشفى وأخرجته عن الخدمة. وفي الأيام القليلة الماضية كانت تجري عمليات تنظيف وتجهيز للمستشفى لاستئناف عودته للخدمة الجزئية بعد انسحاب قوات الاحتلال من محيطه.
كما سبق أن تعرض مستشفى الأمل ومبنى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في حي الأمل للمداهمة من قوات الاحتلال وجرى إخلاء النازحين منهما، قبل أن تنسحب قوات الاحتلال من حي الأمل، وقد عادت أعداد من المواطنين إلى المستشفى.
وفي تطور لاحق، مساء اليوم، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إخلاء جميع النازحين والمرضى الذين يستطيعون التحرك باتجاه منطقة المواصي غرب خانيونس، وتبقى حاليا الطواقم الخاصة بالمستشفى إضافة إلى 9 مرضى و10 من مرافقيهم، وأسرة نازحة لديهم أطفال ذوو حالات خاصة.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال هجومها العسكري الواسع على مجمع الشفاء الطبي لليوم السابع على التوالي (منذ فجر الاثنين 18 مارس/آذار).
ولا تزال طواقمنا تواجه صعوبة في التوثيق الشامل لما يجري في المنطقة نتيجة استمرار تمركز قوات الاحتلال فيها، في وقت أعلنت فيه تلك القوات أنها قتلت 170 فلسطينًّا/ة واعتقلت 800 آخرين. وتؤكد المعلومات الأولية التي جمعتها طواقمنا أن بين الشهداء والمعتقلين مدنيين، ومنهم أطباء. كما أجبرت قوات الاحتلال الآلاف على النزوح القسري باتجاه جنوب وادي غزة، في حين أخلى آخرون منازلهم والأماكن التي كانوا ينزحون إليها إلى مناطق أخرى شرق مدينة غزة وشمالها. وتشير المعلومات التي أدلى بها سكان أجبروا على النزوح من المنطقة باتجاه جنوب وادي غزة، أن قوات الاحتلال دمرت عددًا كبيرًا من المنازل وأحرقت أخرى، واعتقلت المئات وأجبرتهم على التعري ونكلت بهم.
ويأتي استهداف المستشفيات في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال في استهداف المنازل السكنية على رؤوس ساكنيها، وتنفيذ هجمات عسكرية في رفح والمواصي وهي من المناطق التي سبق أن أعلنتها كمناطق آمنة.
ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، ففي حوالي الساعة 11:30 صباح اليوم الأحد 24 مارس/آذار، قصفت طائرات الاحتلال منزل علي أبو حميدة (السطري) في مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه دون سابق إنذار ما أدى إلى استشهاد 4 من سكانه، بينهم امرأة وطفلان، وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وفي حوالي الساعة 10:42 صباح اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزل عبد الرحيم بركات في حي السلام جنوب مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه دون سابق إنذار؛ ما أدى إلى استشهاد حفيده أحمد محمد عبد الرحيم بركات، 26 عاماً، وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وفي حوالي الساعة 01:13 فجر اليوم، قصفت طائرات الاحتلال منزل تيسير فروانة في حي الجنينة في رفح فوق رؤوس ساكنيه دون سابق إنذار؛ ما أدى إلى استشهاد 10 من سكانه، جميعهم من عائلة واحدة، بينهم 3 نساء و4 أطفال، وإصابة آخرين بجروح مختلفة، وتواصل فرق الإنقاذ البحث عن طفلة تحت الأنقاض.
وفجر السبت 23 مارس/آذار، نفذت قوات الاحتلال هجومًا بريًّا في منطقة المواصي الشمالية غرب خانيونس، وسط قصف جوي ومدفعي عنيف، ما أدى إلى استشهاد مدنيين وإصابة آخرين بجروح. وتسبب الهجوم بدفع المئات إلى إخلاء خيامهم والهرب باتجاه الساحل ودير البلح.
وقد أسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى صباح 24 مارس/آذار، عن استشهاد 32,226 شهيدًا/ة، وإصابة 74,518 آخرين بجروح. ويوجد بينهم الشهداء 14,280 طفلا و9,340 سيدة، و364 من الطواقم الطبية و48 من الدفاع المدني و136 من الصحفيين، وفق معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. هذا وما زال هناك الآف في قيد المفقودين أو تحت الأنقاض.
تدلل هذه التطورات أن قوات الاحتلال لا زالت مستمرة في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بما في ذلك استهداف وقصف المستشفيات وتعريض حياة المرضى للخطر واستهداف المدنيين والمدنيات والأطقم الطبية، والاستمرار في تهجير السكان وتفريغ مدينة غزة، دون أي اعتبار للتدابير الطارئة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني الماضي؛ لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وتشير مؤسساتنا إلى أنه منذ بدء العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة تعمدت قوات الاحتلال استهداف المنظومة الصحية في القطاع، وعلى مدار الأشهر الماضية مارست التدمير والاستهداف المنظم للمستشفيات والمراكز الصحية، وما يجري يؤكد أنها تسعى لإفشال أي محاولة لاستئناف العمل الجزئي فيها في إصرار على حرمان السكان من الرعاية الصحية.
وفي ضوء ذلك، تُجدد مؤسساتنا مطالبة المجتمع الدولي للعمل على وقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق 2.3 مليون فلسطيني وفلسطينية في قطاع غزة، من خلال سياسة العقاب الجماعي المتمثلة بالتجويع والتعطيش ودفعهم إلى النزوح بعيداً عن أماكن سكناهم في ظروف تفتقر لأبسط حقوق الانسان ومن ثم استهدافهم في مكان نزوحهم وقتلهم. وعليه فإننا:
· نطالب المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لإجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على وقف العدوان، والعمل بقرارات محكمة العدل الدولة الملزمة بمنع ارتكاب إبادة جماعية، ودفعها إلى اتخاذ تدابير عملية تحفظ أرواح المدنيين والمدنيات في قطاع غزة، والاقلاع عن استخدام سياسة العقاب الجماعي التي تجرمه جميع القوانين الدولية والإنسانية.
· ندعو الأطراف السامية المتعاقدة على إجبار اسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالوفاء بكامل التزاماتها وفق المواد 55، 56 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويشمل ذلك وضع آليات مناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية بما يضمن حماية المدنيين والمدنيات والحفاظ على كرامتهم، والضغط من أجل توفير المزيد من الممرات الإنسانية لتسهيل عمل المؤسسات الإنسانية الدولية في إيصال الكميات المطلوبة من الأغذية والأدوية للسكان في شمال قطاع غزة.
· نطالب المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة كافة إلى بذل المزيد من الجهد في توفير المساعدات الغذائية والدوائية، وكذلك المياه الصالحة للشرب في ظل تعطل أنظمة الخدمات الحكومية والبلدية.
نسخة تجريبية