مريم عماد محمود عبد الغفور، 19 عامًا، طالبة جامعية، سكان خانيونس.
من بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، كنا نعيش معاناة شديدة وحالة خوف جراء القصف الإسرائيلي العنيف وقطع الكهرباء وما تسبب منه من أزمة مياه، وكذلك توقفنا عن الدراسة، حيث كنت أدرس لغة إنجليزية في جامعة الأقصى. كنت أسكن مع أسرتي المكونة من والديّ، وإخواني سلامة، 18 عاما، ومحمود، 13 عاما، في شقة ضمن بناية لجدي وسط خانيونس.
في 23 أكتوبر2023، قصفت قوات الاحتلال منزل خالي الدكتور محمد أحمد عبد الغفور في منطقة السطر الغربي بخانيونس، وكان شقيقي سلامة في زيارة عندهم، وأصيب بحروق في أنحاء جسده وبتر في ساقه، بينما استشهد خالي وزوجته عايشة الأسطل، وأبناؤهم: براء، 19 عاما، وجنى، 14 عاما، وحذيفة، 12 عاما، وندا، 7 سنوات، ونجا أيضًا ابنهم عبد الرحمن، 17 عامًا، وأصيب بحروق وكسور في الرجلين. مكث شقيقي وابن خالي حوالي أسبوعين في المستشفى، اضطررنا بعدها للعيش في منزل جدي لوالدتي، في منطقة الربوات الغربية، حتى تاريخ 2/12/2023، عندما أصدرت قوات الاحتلال أوامر تهجير للمنطقة التي يوجد بها منزل جدي. قرر جدي والعائلة مغادرة المنزل وتوجهوا إلى منزل أحد الأقارب في منطقة البلد، أما أنا وأسرتي فتوجهنا إلى منزل عمي سمير في منطقة السطر الغربي شارع البداو. ولأن منطقة منزل عمي سمير أيضًا ألقى الاحتلال عليها منشورات تطالب بإخلائها خرجت أنا وبعض من بنات أعمامي وبقي البقية في المنطقة، ومن ضمنهم والديّ وشقيقي سلامة ومحمود، وجدي وأعمامي، أما أنا فتوجهت إلى خالتي في منزل أحد الأقارب في منطقة وسط خانيونس.
في تاريخ 7 ديسمبر 2023، فقدت الاتصال مع أهلي في السطر الغربي، وسمعت أن أحد سكان تلك المنطقة يقول إن عمي سمير استشهد وأن هناك قصف في المنطقة، ولم نعرف مصير أسرتي ومن في بيت عمي سمير وأعمامي الاخرين في المنطقة، وعددهم يزيد عن 40 شخصا.
في 9 ديسمبر، اتصل الاحتلال على المنطقة التي نزحنا إليها وأصدر أوامر تهجير لسكانها، وبالتالي اضطررنا للإخلاء إلى منطقة المواصي، غرب خانيونس، حيث عشنا ولا نزال في ظروف صعبة وقاسية داخل مزرعة دواجن، وسط البرد الشديد والقصف المستمر.
أنا طوال الوقت كنت أشعر بالقلق والخوف على مصير أسرتي ومن معهم، وكان لدينا أمل بأنهم على قيد الحياة، حيث كنا نعتقد أنهم محاصرون. ولكن في 17 يناير 2024، تفاجأنا بخروج عمتي إيمان محمود عبد الغفور، وزوجة عمي إيمان هشام عبد الغفور، مع عدد من أبنائهم، من منزلهم المجاور لمنزل عمي سمير، ووصلوا إلى منطقة المواصي، غرب خانيونس. وكان الخبر المفجع المؤلم، لقد ارتكب الاحتلال مجزرة وقصف منزل عمي سمير، ومنزل عمي عبد الرؤوف، وكان حصيلة هذه المجزرة 36 شهيدًا منهم والدي ووالدتي وشقيقي المصاب سلامة والطفل محمود، إضافة إلى جدي وعدد من أعمامي وزوجاتهم وأبنائهم، وآخرين من العائلة كانوا نازحين عندهم، ولا تزال جثامينهم تحت الأنقاض. كان وقع الخبر شديدًا عليّ كيف سأعيش وحيدة دون أسرتي وعزوتي. أملي أن نتمكن من انتشال جثامينهم لندفنهم بشكل لائق، وأن تتوقف الحرب الدامية، فنحن نعيش في حالة خوف ورعب دائم فإلى متى يستمر ذلك.
نسخة تجريبية